الدفاع المدني اللبناني… ضحية الحرب الإسرائيلية

مديره العام لـ«الشرق الأوسط»: لا مبرر لاستهداف مركز مخصص لإنقاذ الناس ومساعدتهم

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT
20

الدفاع المدني اللبناني… ضحية الحرب الإسرائيلية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تركت المجزرة التي اقترفتها إسرائيل، ليل الخميس، باستهدافها في مدينة بعلبك، شرق لبنان، مركز الدفاع المدني، وهو جهاز رسمي تابع لوزارة الداخلية، والتي ذهب ضحيتها 13 عنصراً على الأقل، علامات استفهام حول خلفية هذا الاستهداف الذي هو الثاني من نوعه بعد غارة طالت مركز دردغيا في قضاء صور، جنوباً، وقد أدى وقتها إلى مقتل 5 عناصر.

وإذا كان إصرار الجيش الإسرائيلي، خلال الشهر الماضي، على استهداف المستشفيات والطواقم الطبية كما عمّال الإغاثة وسيارات الإسعاف في جنوب لبنان، خصوصاً في القرى الحدودية، مرتبطاً بسعيه لإنهاء كل مظاهر الحياة والاستمرارية، خصوصاً في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، فإن انتقال هذه العمليات إلى شرق لبنان يثير كثيراً من التساؤلات.

برسم المجتمع الدولي

لا يرى المدير العام للدفاع المدني، العميد ريمون خطار، أي سبب أو مبرر لاستهداف «مركز مخصص لإنقاذ الناس ومساعدتهم»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «استهداف إسرائيل، وللمرة الثانية على التوالي، مراكز الدفاع المدني اللبناني، خلافاً للاتفاقات الدولية، هو برسم المجتمع الدولي والمعنيين بحقوق الإنسان، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق، ولن يزيدنا إلا عزيمة وإصراراً على القيام بالواجب».

ومن المرجح أن يرتفع عدد قتلى الدفاع المدني في بعلبك، على أساس أنه لا يزال هناك 4 مفقودين وأشلاء تخضع لفحوص الحمض النووي.

عنف متمادٍ

وأدانت وزارة الصحة العامة ما سمته «الاعتداء الهمجي» على مركز صحي تابع للدولة اللبنانية، علماً أنه الاعتداء الإسرائيلي الثاني على منشأة إسعافية صحية في أقل من ساعتين، وشددت على أن «أدنى واجبات المجتمع الدولي وضعُ حد لهذه الانتهاكات الخطرة التي تهدد القيم الإنسانية بالزوال أمام العنف المتمادي من دون أي رادع».

وكان وزير الصحة فراس الأبيض، اتهم، الشهر الماضي، إسرائيل باستهداف الطواقم الطبية «بشكل مباشر وممنهج»، كاشفاً في حينه عن «خروج 13 مستشفى عن العمل، واستشهاد أكثر من 150 شخصاً من العاملين في المجال الصحي، بالإضافة إلى استهداف 100 مركز طبي و130 سيارة إسعاف»، وكل هذه الأرقام ارتفعت منذ حينه.

وتتذرع إسرائيل بأن المراكز الطبية وسيارات الإسعاف التي تستهدفها تخفي أسلحة ومسلحين.

وظهر أحد عناصر الدفاع المدني في بعلبك في أحد الفيديوهات وهو يبكي زملاءه في المركز، مؤكداً أن كل ما فيه هو خراطيم مياه وعدة إسعاف.

سيناريو غزة في لبنان

ويرى وزير الداخلية السابق مروان شربل أن رسالة إسرائيل من استهداف الدفاع المدني واضحة ومفادها: «من نقتلهم لا يجب نقلهم أو إسعافهم»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما يحدث في لبنان اليوم هو نفسه ما حدث في غزة، حيث إنه من أصل 53 مستشفى هناك لم يعد يعمل إلا 3 مستشفيات في القطاع». ويضيف شربل: «وعدنا نتنياهو بتحويل لبنان لغزة، وها هو يحوّل مناطق عدة في لبنان لغزة، وهو يدرك أن لديه مهلة حتى آخر السنة؛ لذلك سيعمد لتصعيد إضافي».

ويستغرب شربل «الصمت الدولي المريب إزاء ما يحدث».

إعاقة عمليات الإنقاذ

من جهته، يرجح الاختصاصي في إدارة وطب الكوارث الدكتور جبران قرنعوني، أن يكون استهداف مراكز الدفاع المدني يندرج في إطار «إعاقة عمليات الإنقاذ والإسعاف، كما لتوجيه رسالة للدولة اللبنانية على أساس أنه يتم التعرض لمراكز وأجهزة تابعة مباشرة لها».

ويشدد قرنعوني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «ما يحدث في هذا المجال خرق للقوانين الدولية ولاتفاقية جنيف التي تفرض على كل الأطراف المسلحة خلال النزاعات والحروب عدم قصف الأجهزة الصحية والطبية وسيارات الإسعاف».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يواجه جهود سحب سلاحه بحملة إعلانية وتصعيد سياسي

المشرق العربي مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا متحدثاً إلى الإعلام في وقت سابق... من موقع اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

«حزب الله» يواجه جهود سحب سلاحه بحملة إعلانية وتصعيد سياسي

في خضم الجهود التي تُبذل لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وتطبيق القرار «1701»، تأتي المواقف والحملات التي يطلقها مسؤولو «حزب الله» لتشوّش على هذا المسار.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعاينون موقع غارة إسرائيلية في عيترون (متداولة) play-circle

قتيل في ضربة إسرائيلية على جنوب لبنان

قُتل شخصٌ جراء غارة إسرائيلية في جنوب لبنان، اليوم (الخميس)، وفق ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رجل يسير أمام مبنى ممتلئ بثقوب الرصاص في بيروت (أ.ب) play-circle

الأمم المتحدة: إسرائيل قتلت 71 مدنياً منذ وقف إطلاق النار في لبنان

قتلت القوات الإسرائيلية عشرات المدنيين في لبنان منذ دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، أواخر العام الماضي، بينهم نساء وأطفال، حسبما أفادت الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارات إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل قيادي في «حزب الله» بجنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل قياديا في «حزب الله» في غارة لسلاح الجو على جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني: لا دولة حقيقية إلا في احتكار القوات المسلحة للسلاح

رئيس الوزراء اللبناني: لا دولة حقيقية إلا في احتكار القوات المسلحة للسلاح

قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الأحد، إنه «لا دولة حقيقية إلا في احتكار قواتها المسلحة للسلاح».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لبنان والأردن يتبادلان المعلومات حول الخليّة الإرهابية

الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني خلال إعلان تفاصيل القبض على خلايا إرهابية في عمّان الثلاثاء (بترا)
الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني خلال إعلان تفاصيل القبض على خلايا إرهابية في عمّان الثلاثاء (بترا)
TT
20

لبنان والأردن يتبادلان المعلومات حول الخليّة الإرهابية

الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني خلال إعلان تفاصيل القبض على خلايا إرهابية في عمّان الثلاثاء (بترا)
الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني خلال إعلان تفاصيل القبض على خلايا إرهابية في عمّان الثلاثاء (بترا)

تتصدّر عملية قبض السلطات الأردنية على شبكة أمنية كانت تُخطط للقيام بأعمال إرهابية في المملكة، اهتمام السلطات السياسية والقضائية والأمنية في لبنان.

وعلمت «الشرق الأوسط»، أن «مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي تلقَّى في الساعات القليلة الماضية اتصالاً من نظيره الأردني، أطلعه على آخر تطورات التحقيق في هذا الملف».

وأفادت المعلومات بأن «المسؤول الأردني أبلغ العميد قهوجي بأنه سيُرسل إلى لبنان ملفاً يتضمّن المعلومات المرتبطة بهذا الأمر لإجراء المطلوب»، مشيرة إلى أن «المعلومات الأردنية يفترض أن تصل إلى بيروت خلال يومين أو ثلاثة أيام على أبعد تقدير، إما عبر البريد الأمني وإما عبر الحقيبة الدبلوماسية».

وبثّت السلطات الأردنية، الثلاثاء، اعترافات مصورة للمتهمين بقضايا تصنيع صواريخ والطائرات المسيّرة في الأردن، والتجنيد والتدريب على استخدامها، وأقرّوا من خلالها بأنشطتهم غير المشروعة ومخططاتهم التي كانت تستهدف الأمن الوطني، مؤكدين انتماءهم لجماعة الإخوان.

ويتهيّأ القضاء اللبناني لفتح تحقيق موسّع بالتعاون مع الأجهزة الأمنية كافة، بما فيها مخابرات الجيش. وكشف النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بحث مع مدير المخابرات في الجيش اللبناني ومسؤولين أمنيين هذا التطور الخطير». وأكد أنه «طلب من مدير المخابرات إبلاغه فور وصول الوثائق المتعلقة بالتحقيق الأردني، وأن لبنان سيفتح على الفور تحقيقاً موسعاً وشاملاً».

وقال: «نحتاج إلى معطيات لتحديد المكان الذي تدربت فيه الشبكة على الأراضي اللبنانية، ومن هي الجهة التي تولّت عملية التدريب وكلفت بتنفيذ المهمّة في الأردن، ومعرفة ما إذا كانت متورطة في التخطيط لأعمال تخريبية في الأردن وحتى في لبنان».

وفيما انشغلت الأوساط اللبنانية بالمعلومات عن توقيف 4 فلسطينيين ينتمون إلى حركة «حماس» على علاقة بهذه الخليّة، نفى القاضي الحجار توقيف أي شخص بالملفّ الأردني.

ولفت إلى أنه أعطى إشارة للأشخاص المشار إليهم «بتوقيفهم بشبهة التورّط بإطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه شمال فلسطين المحتلّة، التي ردَّت عليها إسرائيل بعمليات قصف أسفرت عن سقوط ضحايا لبنانيين».

وشملت الاعترافات التي بثتها المخابرات الأردنية، 8 متهمين رئيسيين، بينهم 3 متورطين في قضية تصنيع الصواريخ، وآخر في عملية التجنيد الأولى، إضافة إلى متهمين اثنين في قضية التجنيد الثانية، واثنين آخرين في قضية تصنيع الطائرات المسيرة. واعترف أحد الموقوفين بأنه خضع مع أحد رفاقه لفحص أمني عند زيارتهما بيروت (فحص الكذب)، كما تلقيا تدريبات على المخرطة اليدوية الفنيّة، قبل أن يُطلب منهما بعد ذلك العودة إلى الأردن».

وأوضح المتهم المذكور أنه «كان يتم استقباله في بيروت، ويتم نقله مع رفيقه إلى داخل مخرطة تقع داخل مرأب بناية بداخلها مخارط يدوية وفنيون وأخضعوهما لدورة، إذ كانوا يعلمانهما الشغل على الماكينات، بالإضافة إلى إنتاج أشياء تشبه ما سيقومون بإنتاجه بالأردن، لافتاً إلى أنه بعد انتهاء التدريبات عادا إلى الأردن».

وأفاد بأن «المسؤول التنظيمي في بيروت طلب منهما معدات وإقامة مشغل في الأردن لغايات البدء بالعمل هناك».

من جهته، قال وزير العدل اللبناني عادل نصّار «لا توجد معلومات دقيقة بعد حول هوية المتورطين بشأن خلية إرهابية مرتبطة بالأردن». وأعلن في حديث لوكالة «سبوتنيك» استعداد لبنان للتعاون الكامل مع الأردن لكشف وتفكيك أي شبكة إرهابية، مشيراً إلى أن «التحقيقات لا تزال جارية»، مشدداً على أهمية التنسيق القضائي بين لبنان والأردن. وأضاف «لا يوجد بعد معلومات متوفرة ودقيقة تؤكد تورط لبنانيين في هذه الخلية، وكيفية دخولهم إلى لبنان لتلقّي التدريبات».

وتحدّث وزير العدل اللبناني عن «توافق مع الأردن على متابعة هذا الموضوع مع النيابة العامة اللبنانية عند توفر أيّ معلومات لاتخاذ الإجراءات المناسبة». وحول أهمية هذا التعاون بين كلّ من لبنان والأردن، شدّد الوزير نصّار على أن «هذا الموضوع يدخل في صلب سياسة الدولة اللبنانية وهي لا تتهاون به مطلقاً، لكنها تنظر إلى أن يتم التعاون معها بكل الملفات التي ممكن أن يكون لها عناصر داخلية وخارجية تتعلق بأي شبكة إرهابية». وأوضح نصّار أنه «لا معلومات حتى الساعة مرتبطة بالتوقيفات التي جرت في بعض المخيمات في لبنان مع الخلية الإرهابية في الأردن».