«حزب الله» يواجه جهود سحب سلاحه بحملة إعلانية وتصعيد سياسي

مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا متحدثاً إلى الإعلام في وقت سابق... من موقع اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)
مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا متحدثاً إلى الإعلام في وقت سابق... من موقع اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله» يواجه جهود سحب سلاحه بحملة إعلانية وتصعيد سياسي

مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا متحدثاً إلى الإعلام في وقت سابق... من موقع اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)
مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا متحدثاً إلى الإعلام في وقت سابق... من موقع اغتيال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

في خضم الجهود اللبنانية والدولية التي تُبذل لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وتطبيق القرار «1701»، تأتي المواقف والحملات التي يطلقها مسؤولو «حزب الله» لتشوّش على هذا المسار الذي كان واضحاً بشأنه كل من رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، اللذين يتمسكان في الوقت عينه بالحوار للتوصل إلى تفاهم داخلي بعيداً عن أي صدامات داخلية.

وكان لافتاً في الأيام الأخيرة المواقف الصادرة عن مسؤولي الحزب، والتي أتت بعدما أعلن رئيس الجمهورية أنه يسعى ليكون عام 2025 عام حصر السلاح بيد الدولة، مع تأكيده أن «التواصل قائم بين الرئاسة والحزب، والترجمة ظاهرة على الأرض، وأنه متّفق مع رئيس البرلمان نبيه برّي على كل المواضيع، وخصوصاً حصر السلاح بيد الدولة».

رئيس الجمهورية جوزيف عون مجتمعاً مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في أحد لقاءاتهما (الرئاسة اللبنانية)

وبعدما هدد نائب رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله»، محمود قماطي، بقطع كل يد تمتد إلى «سلاح المقاومة»، ليعود بعدها ويوضح أن «المستهدف بكلامه هم من يشنون عليه الحملات ويطالبون بنزع سلاحه»، خرج مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «الحزب»، وفيق صفا، في حديث لإذاعة «النور» (التابعة لـ«حزب الله») ليقول إن «كلمة نزع السلاح ليست موجودة إلا على وسائل التواصل الاجتماعي... والمحرضين»، معتبراً أن «الحديث فقط عن الاستراتيجية الدفاعية يكون بعد انسحاب إسرائيل ووقف اعتداءاتها، والاستراتيجية تبدأ بتسليح الجيش».

وتوجّه إلى جمهور «المقاومة» قائلاً: «كل ما تسمعونه (هوبرات) لا تتأثروا بها. لا يوجد قوة تستطيع نزع السلاح»، مضيفاً: «ثقوا بـ(حزب الله) وقيادته كما كنتم تثقون بسماحة السيد الشهيد (الأمين العام السابق حسن نصر الله)».

كذلك كان النائب حسن فضل الله، شنّ الخميس هجوماً على الدولة اللبنانية، معتبراً أن «العدو يستفيد من ضعف الدولة وعجزها وعدم قيامها بمسؤولياتها الكاملة في مواجهة الاعتداءات».

وربط فضل الله الحوار بشأن «الاستراتيجية الدفاعية» بـ«وقف الاعتداءات وتحرير الأرض وتحرير الأسرى وإعادة الإعمار، وعندما تنجز هذه الملفات، وعندما تقوم الدولة بمسؤولياتها كاملة في هذه الملفات، وعندما لا يعود دم شعبنا مستباحاً ولا أرضنا محتلة ولا بيوتنا مهدمة؛ نأتي لمناقشة القضايا الأخرى، بما فيها الاستراتيجية الدفاعية».

وفيما تحدث النائب فضل الله عن «حرب نفسية على المقاومة وبيئتها عبر بث أخبار لا أساس لها»، كان لافتاً الحملة الإعلانية التي قام بها «حزب الله» عبر نشر ملصقات تحمل شعار: «سلاحك حصانك... إذا صنته صانك»، في إشارة واضحة إلى تمسكه بسلاحه، كما رفع ملصقاً أيضاً لصورة المسؤول الإعلامي السابق في «حزب الله» محمد عفيف كُتب عليها: «(حزب الله) أمة، والأمم لا تموت».

حملة إعلانية لـ«حزب الله» تحمل شعار: «سلاحك حصانك... إذا صنته صانك» (متداولة على وسائل التواصل)

لكن هذه الرسائل التي يبعث بها مسؤولو الحزب عبر الإعلام، وتدور جميعها في فلك سحب سلاح الحزب والاستراتيجية الدفاعية، ترى مصادر وزارية لبنانية أنها «موجّهة إلى بيئة الحزب أكثر منها إلى الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي بعدما بات الجميع مقتنعاً بأن القرار قد اتُّخذ، ومسار حصر السلاح بيد الدولة قد بدأ»، واضعة ما يحصل في خانة «الاستهلاك المحلي تمهيداً لاستيعاب بيئة الحزب التبدلات التي تحصل، ورسائل للداخل بأننا موجودون»، واصفة المواقف بأنها «غير واقعية». وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم يقل أي مسؤول لبناني إنه سيتم نزع السلاح بالقوة، بل إن رئيس الجمهورية كما الحكومة ورئيسها يؤكدون على الحوار لحصرية السلاح والاستراتيجية الدفاعية، مع التشديد على المحافظة على السلم الأهلي بعيداً عن أي صدام ذي طابع طائفي، وهو ما تركز عليه أيضاً الاتصالات الدولية».

وتذكّر المصادر بما تعتبر أنها باتت من «الثوابت التي كانت واضحة في خطاب قسم رئيس الجمهورية، وفي البيان الوزاري الذي وافق عليه (حزب الله) وكتلته النيابية ووزراؤه في الحكومة التي أخذت ثقة البرلمان على أساسه»، مضيفة: «واتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه (حزب الله) ورئيس البرلمان تم التوصل إليه أيضاً في الحكومة السابقة التي كان (حزب الله) مشاركاً بها أيضاً».

وفي الإطار نفسه، يتحدث المحلل السياسي علي الأمين، معتبراً أن «مواقف بعض مسؤولي (حزب الله) بشأن مسألة تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، تعكس حالاً من الإرباك داخل بنية الحزب القيادية من جهة، ومحاولة لرفع السقف التفاوضي سواء من جهة إيران مع واشنطن، أو من جهة (حزب الله) مع السلطة اللبنانية الرسمية». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تأتي بعض الحملات الإعلامية والمواقف الصادرة عن بعض مسؤولي الحزب، لتعكس هذه الصورة أكثر مما تعبر عن موقف حاسم تجاه مسألة حصرية السلاح في يد الدولة»، موضحاً: «الحزب في قيادته اللبنانية ومرجعيته الإيرانية يدرك أن تفادي حل مسألة السلاح غير الشرعي غير ممكن بعد كل النتائج والتداعيات التي سببتها (حرب الإسناد)، بالإضافة إلى سقوط نظام الأسد في سوريا، مع شبه إجماع لبناني على مطلب حصرية السلاح في يد الدولة. وإذا أضفنا استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان من دون أي رد من (حزب الله) أو أي قدرة للرد، يتأكد أن الحزب في وضع لا يسمح له بالمراهنة على مواجهة كل هذه المستجدات التي لم تكن قائمة قبل الحرب».

من هنا يقول الأمين: «يبقى أن الوظيفة الوحيدة التي تتيح بقاء السلاح غير المهدد لإسرائيل هي الوظيفة الداخلية؛ أي الانخراط في حرب داخلية، وهو ما لا تتوفر ظروف حصوله، ما دامت الرعاية الإقليمية والدولية للبنان قائمة، والتي ساهمت بقوة في إعادة ترتيب المؤسسات الدستورية، والدفع نحو الإصلاحات المالية والملحّة»؛ لذا يعتبر أن «الإرباك وعدم استيعاب التحولات الجارية هما التعبيران المرجحان لما يجري من مواقف وحملات صادرة عن الحزب، وهي في جوهرها حالة حزبية داخلية أكثر منها صراعاً بين الحزب ومَن خارجه».


مقالات ذات صلة

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

وصفت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة النبطية في مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

حسمت إسرائيل الخميس التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» جراء المفاوضات المدنية مع لبنان، أو عزلها عن المسار العسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.


مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
TT

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

قُتل فلسطيني، الجمعة، إثر إطلاق قوات إسرائيلية النار اتجاهه خلال اقتحامها قرية أودلا، جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية، في وقت تصاعدت فيه هجمات المستوطنين بمناطق متفرقة من الضفة، ووسط تحذيرات رسمية من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بمقتل الشاب بهاء عبد الرحمن راشد (38 عاماً) برصاص الاحتلال في بلدة أودلا، بينما ذكرت طواقم الهلال الأحمر أن راشد أُصيب برصاصة في رأسه بشكل مباشر، وجرت محاولات لإنعاشه وإنقاذ حياته في عيادة طوارئ بلدة بيتا، إلا أنه فارق الحياة فيها.

وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن قوات الاحتلال اقتحمت وسط القرية ومحيط المسجد القديم في أودلا، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز السام والصوت تزامناً مع خروج المصلين من المسجد؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهات، وإصابة شاب بالرصاص الحي بالرأس أُعلن مقتله لاحقاً.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

وشنَّت القوات الإسرائيلية، فجر وصباح الجمعة، حملة اعتقالات طالت ما لا يقل عن 6 فلسطينيين، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، داهمت خلالها عشرات المنازل، وأخضعت سكانها لتحقيق ميداني، كما عاثت في المنازل خراباً.

وأضرم مستوطنون، فجر الجمعة، النار في مركبتين، وكتبوا شعارات عنصرية، خلال هجومهم على قرية الطيبة شرق رام الله، التي داهموها وسط حماية من جيش الاحتلال، قبل أن ينسحبوا منها بعد تصدي السكان لهم.

وهذه المرة السادسة التي تتعرَّض فيها البلدة لهجمات، يتخللها إحراق مركبات وخط شعارات عنصرية، منذ بداية العام الحالي، حيث تَزَامَنَ هذا الاعتداء مع بدء استعدادات البلدة لاستقبال عيد الميلاد المجيد، حيث جرى، أمس، افتتاح سوق «ميلادي» بحضور عدد من الدبلوماسيين وأهالي البلدة التي تقطنها غالبية مسيحية.

في حين قطع مستوطنون خطوطاً ناقلة للمياه في خربة الدير بالأغوار الشمالية، بينما شرع آخرون - بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي - في حراثة أرض وزراعتها بعد السيطرة عليها من فلسطينيين، في منطقة خلايل اللوز جنوب شرق بيت لحم، بينما اعتدى آخرون على المزارعين في خربة يرزا شرق طوباس، ومنع آخرين من فلاحة أراضيهم ورعي مواشيهم في قرية الزويدين ببادية يطا جنوب الخليل.

فلسطيني يمر قرب جنود إسرائيليين خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (أ.ف.ب)

وأخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بإزالة المئات من أشجار الزيتون على جانب الشارع الرئيسي بمسافة كيلومتر واحد، من أراضي بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم، بعد أن علّقت إخطارات على الأشجار وواجهات المنازل.

البرغوثي

يأتي هذا التصعيد الميداني، في وقت ذكرت فيه هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن اتصالاً هاتفياً من رقم إسرائيلي، ورد لعائلة القيادي الفلسطيني، الأسير مروان البرغوثي، ادَّعى فيه المتصل أنه أسيرٌ مُحرَّرٌ أُفرج عنه فجر الجمعة من سجون الاحتلال، أثار حالةً من الهلع والقلق في أوساط عائلة البرغوثي بعد أن أبلغهم المتصل بأن حالته صعبة وخطيرة جداً.

وأوضحت الهيئة أنه وبعد المتابعة والتواصل، تبيَّن أن المعلومات التي نُقلت للعائلة تتحدث عن اعتداء وحشي تعرَّض له البرغوثي على يد السجانين الإسرائيليين، حيث ادعى المتصل أن «جزءاً من أذنه قد قُطع، وتعرَّضت أضلاعه وأصابع يده وأسنانه للكسر، وذلك خلال جولات متكررة من التعذيب والتنكيل».

مروان البرغوثي يحضر جلسة مداولات بمحكمة الصلح في القدس (أرشيفية - رويترز)

وأشارت الهيئة إلى أن هذا الاتصال شكَّل حالةً من الذعر لدى أسرة البرغوثي ولدى الشعب الفلسطيني بأكمله، وقد جرت محاولة الاتصال بالرقم ذاته دون جدوى، مؤكدةً أن هناك حالات سابقة تم تسجيلها تتضمَّن تهديداً وتخويفاً ومضايقات لعائلات الأسرى، مشددةً على استمرار عملها المشترك والمكثف مع القيادة الفلسطينية والأصدقاء والمتضامنين الدوليِّين للوقوف على حقيقة حالة البرغوثي، مع تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عمّا يتعرَّض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.

وفي أعقاب ذلك، حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من خطورة ما يتعرَّض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمس كرامتهم الإنسانية، وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة، وفي مقدمتها اتفاقات جنيف الـ4.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية، بشكل خاص، ما يتعرَّض له البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملةً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجونها. مؤكدةً أن «استمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى يُشكِّل جريمة حرب مكتملة الأركان، تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، في محاولة لكسر إرادتهم ومعاقبتهم جماعياً». وفق نصِّ بيانها.

وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي، ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتحرك الفوري والعاجل لتحمُّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ لوقف هذه الانتهاكات فوراً، وضمان الحماية الدولية للأسرى، وتمكينهم من حقوقهم التي كفلتها الشرائع الدولية، مؤكدةً العمل الدؤوب على إطلاق سراحهم جميعاً، وعلى رأسهم البرغوثي.