«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

«غرينبيس» والسوداني أمجد النور لـ«الشرق الأوسط»: الأمل شجاعة

تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)
تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)
TT

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)
تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

مؤلمة أشكال التمييز على البشر؛ تتكثّف آلامها على الأطفال، إنهم جواهر مرمية في النار، فيُباغتها الرماد مُعانداً صقْلَها وتحوُّلها إلى ما يرتفع ثمنه. يدرك صانع الأفلام السوداني أمجد النور هذا العبث، يأتي من بلاد يلتهمه أبناؤها يومياً مع الوجبات، حين كتب أغنية «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، شاء للرسالة تجاوُز النطاق الضيّق، يتعاون مع منظّمة «غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» لإعلاء صوت العدالة، والدفع قُدماً بقضية المناخ، وردّ المكانة لفقراء العالم الثالث.

القضية مُلحَّة، تتعلّق بأحلام الطفولة المُصادَرة في هذه الجغرافيا المُعمَّدة بالوجع. يُضاعف الإلحاحَ على طرحها نداءٌ يتّخذ مساحة عريضة بفعل التغيُّر المناخي، نسمع أصواتاً طريّة تتصدّى لعالم منحاز، يُفضِّل طفولةً على أخرى، «الأطفال هم المستقبل»، يقول الفنان السوداني لـ«الشرق الأوسط».

نسأله عن الصرخة المُرسَلة بالفنّ، أتُلاقي جدوى، فيجيب: «بُحَّت أصوات سياسيين وناشطين وأصحاب قرار، وهم يتحدّثون عن التغيير وما ينبغي فعله حيال أزمات تُكبِّل هذه البقعة الموبوءة من العالم، ولا حياة لمَن تنادي، ربما وَجَبَ علينا إعطاء الميكروفون لأجيال المستقبل، فنسمع على لسانهم ما يودّون أن يروه من تغيير، سماعُنا هذه المطالب بحناجر أولادنا قد يحضُّ على التصرُّف».

الأصوات الطريّة تتصدّى لعالم منحاز (غرينبيس)

تستوقفه إشكاليات التعليم والصحة، والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، جمع و«غرينبيس» أولاداً من جنسيات عربية تتشارك تراجُع معدّلات التعليم في دول النزاع، والتردّي الاستشفائي، وتضاؤل حقوق البشر، وتستوقفه أيضاً «محاولة إعادة اللغة العربية السليمة لتتصدَّر أعمالنا»، فيقول: «قبل الحديث عن الهدف، وربما يكون جليّاً؛ ثمة آخر خفيٌّ وضمني، ينبغي ترسيخ فكرة أنه بمستطاع لغتنا أن تكون (كوول)، أولاد اجتمعوا على ما يوحّدهم؛ اللغة العربية الفصحى».

يعود إلى القصد الواضح، المُتمثّل بطرح القضايا بشكل جاذب، فالفيديو كليب المُصوَّر بمدينة مَلاهٍ مزدانة بالأضواء وطافحة بألعاب الطفولة، يجعل المُشاهد يقف عند هذه القضايا المُلحَّة، تُدرك «غرينبيس» ومعها أمجد النور أنّ طَرْح القضايا بذاته مهم، وإنما ينبغي عدم إغفال أهمية الأسلوب المُستخدَم.

تستوقف أمجد النور إشكالياتُ التعليم والصحة والعدالة (غرينبيس)

يأتي من السودان؛ الأرض المُعذَّبة. هناك يتمسّك الفنّ بتجسيد الواقع المُنهَك، ويُعبِّر «الراب» عمّن تجمعهم المعاناة، يفسِّر الفنان ما يراه «ضبابيةً وغموضاً كبيرَين» حول قضية بلده بالنسبة إلى المُشاهد العربي: «ذلك يعود لأسباب؛ أهمّها صعوبة، وربما استحالة، نقل الأخبار؛ لتَفاقُم ظروف الحرب، وشقاء التغطية الإعلامية. بكوني صانع محتوى سودانياً يمتلك القدرة على التعبير باستخدام (الراب) باللغتين العربية والإنجليزية، تتملّكني مسؤولية نقل ويلات شعبي إلى الجمهورَيْن العربي والعالمي، هذا نهج لم أخترعه، وُجِد منذ عقود، فلطالما شكَّل فنّ (الراب) صوت الفئات المقموعة، أرجو أنني بحجم المسؤولية الكبيرة».

هذا العمل الفنّي هو التعاون الثاني لـ«غرينبيس» مع أمجد النور، بعد الفيديو الغنائي الأول خلال قمة المناخ «كوب 28» في دبي العام الماضي، حينها تناولا إشكالية العدالة المناخية بأسلوب يصل. شكَّلا إضاءةً جاذبة على أزمة المناخ ووَقْعها على المجتمعات المحلّية في المنطقة، المتورّطة بالعبء الأكبر من آثار التغيُّر المناخي، بينما تجني شركات النفط العالمية بدول الشمال مليارات الدولارات. تقول مديرة التسويق والاتصال في «غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، اللبنانية دانيا شري، لـ«الشرق الأوسط»: «حقّق الفيديو نسبة مشاهدة عالية بين الشباب العربي، وهو جمهورنا المُستهدف، وصلتنا رسائل دعم ورغبة في الانضمام إلى الحركة المُطالِبة بالعدالة المناخية، أدركنا أهمية الأعمال الفنّية وقدرة رسالتها القوية على الجذب نحو القضايا، فتعاونّا مجدداً مع أمجد النور، مهارته وقدرته العالية في استخدام مفردات عربية بسيطة، وتحويلها أغنياتٍ عصريةً، أسهما في إيصال قضايا المناخ بشكل فعّال إلى الشباب».

سماعُ المطالب بحناجر الأولاد قد يحضُّ على التصرُّف (غرينبيس)

تشاء «غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» إيصال أصوات الأطفال العرب. وتُتابع دانيا شري: «تنادي هذه الأصوات بالعيش الكريم بسلام في بيئة نظيفة ومجتمع عادل، دعوتنا ألا تكون الأرباح المادية المعيار الوحيد للنمو، وأن نضع الإنسان والبيئة في صميم اهتماماتنا، مع إعلان الحاجة المُلحَّة لنموذج تنموي قوامه العدالة الاجتماعية واحترام البيئة». ترى أنها «رؤية ترتكز على تحقيق رفاهية الفرد بشكل مستدام، فتُعزّز المجتمعات قدرتها على التعايش بسلام ضمن نظام بيئي يحمي حقوق الأجيال القادمة، ويضمن للجميع حياة كريمة»، لا يفوتها تأكيد أنّ ما يُطالب به الأطفال «بسيط جداً، ركيزته احترام حقوقهم ليكبروا ويحقّقوا أحلامهم».

يصرخون عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية، مُطالبين بمجتمعات تمنحهم الأمل والفرص للنمو بحرّية وإبداع، بعيداً عن استغلال الموارد.

هل ثمة حقاً أمل في هذا العالم الوحش؟ تجيب: «بالطبع! في (غرينبيس) نؤمن بأنّ الأمل أحد أشكال الجرأة، والملايين من الأفعال الشجاعة كفيلة بإحداث التغيير المنشود لمستقبل أكثر إشراقاً، يمكن إحداث تأثير إيجابي دائم، وبدأنا نشهد بالفعل تغييرات مُشجِّعة تتحقّق. إيماننا بمستقبل أفضل يدفعنا إلى اتّخاذ إجراءات عاجلة لحماية البيئة، ومواجهة تغيُّر المناخ لضمان عالم يليق بأطفالنا، نؤمن بإمكان تحقيق التقدُّم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، من دون التأثير على الطبيعة، عبر تعزيز الممارسات المستدامة والقدرة على التكيُّف مع تغيّر المناخ».

تسعى المنظّمة اليوم إلى نشر هذه الفيديوهات المُلهمة بطرق حديثة تصل إلى جمهور عالمي واسع، تُترجِم الأغنيات إلى لغات، منها: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وتُحمِّلها على منصات موسيقية، منها: «أنغامي» و«سبوتيفاي»، وتتطلَّع ربما إلى حفل موسيقي يتيح للشباب التفاعل مع هذه الأغنيات، فتُحفَظ كلماتها وتُردَّد بأعلى الأصوات.


مقالات ذات صلة

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الشيف بوراك في أحد المقاطع الدعائية  (صفحته على فيسبوك)

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

جددت أسعار فواتير «باهظة» لمطعم تركي افتُتح حديثاً بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية نادي باريس سان جيرمان (الشرق الأوسط)

سان جيرمان يحتكم إلى الاتحاد الفرنسي في نزاعه مع مبابي

قدّم نادي باريس سان جيرمان طلبا لمناقشة نزاعه المالي مع مهاجمه السابق كيليان مبابي أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد القرارات المؤيدة للاعب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الطبيبة المصرية التي نشرت مقطع فيديو أثار جدلاً (جزء من المقطع على يوتيوب)

توقيف طبيبة لـ«إفشاء أسرار المرضى» يثير انقساماً «سوشيالياً» بمصر

أثار توقيف طبيبة مصرية بتهمة «إفشاء أسرار المرضى»، تبايناً وانقساماً «سوشيالياً» في مصر، بعد أن تصدرت «التريند» على «غوغل» و«إكس»، الثلاثاء.

محمد الكفراوي (القاهرة)
الاقتصاد أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)

نزاع المساهمين يعمّق خسائر «هرفي» السعودية

تواجه شركة «هرفي» السعودية نزاعات بين كبار المساهمين وصلتْ إلى مطالبات بعزل رئيس مجلس الإدارة بسبب تراجع الأداء المالي للشركة.

عبير حمدي (الرياض)

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

عند إجراء مقابلة عمل، سواء كانت وجهاً لوجه أو مقابلة افتراضية، يجب أن تتبع آداب السلوك المناسبة.

تقول إميلي ليفين، نائبة الرئيس التنفيذي في شركة «كارير غروب كامبانيز»: «تأكد من أنك تتواصل بعينك بشكل جيد، وإنك تعرف متى يكون من المناسب التحدث، ومتى يكون الوقت مناسباً لطرح الأسئلة».

أجرت ليفين، وفقاً لموقع «سي إن بي سي»، آلاف المقابلات خلال مسيرتها المهنية، غالباً من أجل مشاهير من الدرجة الأولى يبحثون عن مساعدين شخصيين أو رؤساء للموظفين.

هذه مجموعة من أفضل نصائح ليفين لتجنب إثارة علامات تحذير خلال مقابلة العمل.

لا تصل مبكراً جداً

من المهم أن تتأكد من الوصول إلى المقابلة في الوقت المناسب، خصوصاً إذا كانت مقابلة شخصية وليست افتراضية.

وتتابع ليفين: «إذا وصلت متأخراً جداً، فإنك تخاطر بفقدان جزء من مقابلتك، مما يضيع وقت المحاورين ويجعل الانطباع سيئاً. ولكن إذا وصلت مبكراً جداً، فهذا سيجعلك تبدو متحمساً جداً، وقد يجعل المحاور يشعر بالضغط».

وتؤكد ليفين: «الوصول قبل موعدك بعشر دقائق هو الوقت المثالي للدخول إلى مكتب المحاور».

قدم نفسك بأكثر طريقة احترافية ممكنة

تشدد لفين على أنه سواء كانت المقابلة عبر الإنترنت أو شخصية: «لا تمضغ العلكة، ولا ترتدي نظارات شمسية» أثناء المقابلة، مضيفة: «هذه الأمور غير رسمية وغير مهنية».

وتشير: «إذا كانت المقابلة وجهاً لوجه، فتأكد أن رائحة دخان السجائر لا تفوح منك ولا تضع عطراً فواحاً»، موضحة: «الكثير من الناس حساسين للروائح النفاذة».

لا تكشف عن معلومات سرية

تشدد ليفين على ضرورة تجنب التحدث بسوء عن أصحاب العمل السابقين، أو «الكشف عن الكثير من المعلومات السرية أو الخاصة بأماكن العمل السابقة».

تؤكد ليفين أن بعض عملائها يجعلون موظفيهم يوقعون اتفاقيات عدم الإفشاء، وعندما يخبرها أحد المرشحين أنه وقَّع على هذه الاتفاقية ومع ذلك يكشف عن معلومات سرية حول صاحب عمل سابق، فإنها تعد علامة مقلقة.