إجراءات حكومية مصرية لمواجهة «الغلاء» بعد زيادة أسعار الوقود

«الداخلية» بدأت حملة تموينية كبرى لضبط الأسواق

رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)
TT

إجراءات حكومية مصرية لمواجهة «الغلاء» بعد زيادة أسعار الوقود

رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)

اتخذت الحكومة المصرية إجراءات تستهدف ضمان «توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين»، بمختلف المحافظات، بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود.

ورفعت الحكومة، الجمعة الماضي، أسعار الوقود (للمرة الثالثة هذا العام)، بنسبة زيادة تصل إلى 17 في المائة، على أسعار المشتقات البترولية (البنزين والسولار)، ما انعكس على أسعار السلع والخدمات، بسبب زيادة تكاليف الإنتاج بمختلف القطاعات، خصوصاً الزراعة والصناعة والإنشاءات.

وناقش وزراء التنمية المحلية والتموين والزراعة في اجتماع افتراضي مع المحافظين، الخميس، «إجراءات لضبط حركة الأسواق وأسعار السلع وتوفيرها بكميات وأسعار مناسبة للمواطنين»، منها «صياغة آلية ثابتة ومستدامة لتحقيق التوازن بالأسواق، والتعامل مع الوسطاء في توصيل السلع الأساسية للمواطنين»، حسب بيان لوزارة التنمية المحلية.

وحسب البيان، بحث الاجتماع الحكومي إجراءات جديدة تشمل «التوسع في إقامة المنافذ والمعارض الثابتة والمتحركة لبيع السلع، من المؤسسات الحكومية، واتحاد الغرف التجارية»، إلى جانب «ضخ كميات كافية من السلع الغذائية للمواطنين، وتوحيد أسعار السلع في جميع المنافذ».

وشدد الاجتماع على ضرورة «عدم التفاوت في سعر السلعة الواحدة»، مع «تكثيف حملات الرقابة؛ لمتابعة أي ارتفاعات غير مبررة في الأسعار، والتصدي لأي محاولات احتكارية».

بالتوازي، أعلنت الداخلية المصرية عن «حملات كبرى لضبط الجرائم التموينية، وإحكام الرقابة على الأسواق، والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز، والبيع بأسعار أعلى من المقررة، وعدم الإعلان عن أسعار السلع».

«الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود بمصر، صاحبها انفلات في أسعار السلع بالأسواق»، وفقاً لتقدير وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ياسر عمر، الذي أشار إلى «زيادات مبالغ فيها ببعض السلع كالخضراوات والفاكهة، في مقابل انخفاض في أسعار الحبوب»، وأرجع ذلك التفاوت إلى ما أسماه «التسعير الفردي للسلع من التجار، وغياب منظومة حكومية واضحة لضبط الأسعار بالأسواق».

وشدد عمر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على ضرورة «اتخاذ الجهات الحكومية المعنية، إجراءات تنفيذية على الأرض؛ لضبط حركة السلع والأسعار بالأسواق، يشعر بها الناس، وعدم الاكتفاء فقط بما يصدر من توصيات عن اجتماعاتها»، مشيراً إلى «صعوبات يواجهها المواطنون من متوسطي ومحدودي الدخل، بسبب الغلاء».

وأكد رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، خلال اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع، مساء الأربعاء، «أهمية الرقابة المستمرة بمختلف الأسواق، والتعامل بحسم مع أي محاولات لإخفاء السلع واحتكارها»، إلى جانب «التوسع في منافذ ومعارض بيع السلع بمختلف المحافظات؛ ضماناً لضبط حركة الأسواق».

في الوقت نفسه، توقف البرلماني المصري أمام ارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة الأخيرة، وقال إنها «انعكاس طبيعي للحالة الاقتصادية والوضع بالأسواق»، مشيراً إلى «فاتورة الأوضاع الإقليمية، بسبب الحرب على غزة ولبنان، وتوترات البحر الأحمر، على الموارد الاقتصادية وإيرادات قناة السويس».

وسجلت معدلات التضخم في مصر ارتفاعاً خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بنسبة 26.4 في المائة، في مقابل 25.7 في المائة خلال يوليو (تموز) الماضي، وأعلن رئيس الوزراء المصري، في وقت سابق، استهداف خفض التضخم لنحو 20 في المائة مع نهاية العام الحالي.

وتراجعت إيرادات قناة السويس المصرية نحو 62 في المائة، هذا العام، بسبب التوترات في البحر الأحمر، حسب تقدير لرئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

ويرى رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» في مصر (مؤسسة مدنية)، محمود العسقلاني، أن «زيادة منافذ بيع السلع الأساسية للمواطنين ليست حلاً كافياً، لتوافر السلع وخفض أسعارها بالأسواق»، مشيراً إلى أن «الإشكالية في غياب الرقابة الكافية، والتكلفة العالية لتأجير تلك المنافذ، ما يدفع التجار لزيادة الأسعار على المستهلك، لتعويض أعباء توفير السلع».

واقترح العسقلاني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن يتم «إنشاء جهاز حكومي لإدارة جميع منافذ السلع الحكومية والأهلية، لضمان توحيد الأسعار وضغط هامش الأرباح، تخفيفاً على المواطنين»، وأشار إلى «ضعف أدوات الرقابة الحكومية على الأسواق، بسبب قلة عدد العاملين في الأجهزة الرقابية، وصعوبة المتابعة الكاملة الأسواق»، ودعا إلى «الاستعانة بخريجي الجامعات في عمليات الرقابة؛ ضماناً لفاعليتها».

وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية «مراجعة مستهدفات برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، على خلفية الأوضاع التي تشهدها المنطقة، بسبب الحرب على غزة ولبنان، والتوترات بالبحر الأحمر»، بما يضمن «تقليل الآثار الاجتماعية على المواطن المصري».


مقالات ذات صلة

مصر لتغيير جذريّ في منظومة «دعم» المواطنين

الاقتصاد المنظومة التموينية في مصر تتضمّن توزيع السلع الأساسية بأسعار مدعمة (محافظة المنيا)

مصر لتغيير جذريّ في منظومة «دعم» المواطنين

تعتزم الحكومة المصرية إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي متوسطاً رشاد وكامل بعد اداء رئيس المخابرات الجديد اليمين (الرئاسة المصرية)

تعيين رشاد رئيساً جديداً للمخابرات العامة في مصر

أعلنت الرئاسة المصرية، أمس، تعيين حسن محمود رشاد، رئيساً جديداً لجهاز المخابرات العامة، خلفاً للواء عباس كامل الذي تولى رئاسته منذ 2018. وأدى رشاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال لقائه مفكرين بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء)

مصر: حديث حكومي عن تعديل قوانين «الوافدين»... ودعوات لوقف «الإساءات»

تعمل الحكومة المصرية على تعديل قوانين تخص الوافدين وسط انتقاد لـ«الحملات غير الرشيدة» ضد «ضيوف مصر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال اجتماع للحكومة (مجلس الوزراء)

مصر تجدّد تحذيرها من «حرب إقليمية شاملة» تعصف بالمنطقة

جددت مصر التحذير من مخاطر اندلاع «حرب إقليمية شاملة»، فيما طمأن رئيس الحكومة الداخل بأن بلاده تعمل على «تأمين مخزون استراتيجي من الاحتياجات الأساسية للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني بمصر لمناقشة ترتيبات مناقشات منظومة الدعم الحكومي (الحوار الوطني)

مصر: التحول لـ«الدعم النقدي» توجُّه حكومي ينتظر إقرار «الحوار الوطني»

تترقّب الحكومة المصرية مناقشات «الحوار الوطني» لمنظومة الدعم الحكومي المقدَّم للمواطنين، أملاً في الحصول على توافُق الآراء من المتخصصين والسياسيين والاقتصاديين.

أحمد إمبابي (القاهرة)

السودان: 124 قتيلاً في مجزرة «السريحة» بولاية الجزيرة

منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
TT

السودان: 124 قتيلاً في مجزرة «السريحة» بولاية الجزيرة

منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)
منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)

صعّدت «قوات الدعم السريع» من هجماتها الوحشية ضد المدنيين في مناطق شرق ولاية الجزيرة (وسط السودان)، حيث ارتكبت الجمعة، مجزرة مروعة في بلدة السريحة، سقط خلالها أكثر من 124 قتيلاً ونحو 200 جريح، وفقاً لهيئات حقوقية ومدنية، في غياب إحصاءات رسمية.

وتأتي هذه العملية الانتقامية فيما يبدو في أعقاب انشقاق قائد «الدعم السريع» في ولاية الجزيرة، أبو عاقلة كيكل، وانضمامه للجيش، حيث يحمّله بعض الجهات مسؤولية تصاعد الانتهاكات ضد المواطنين في مسقط رأسه بشرق الجزيرة.

البرهان: لا تسامح مع «الميليشيا»

وفي تدوينة على منصة «إكس»، قال رئيس «مجلس السيادة»، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، إنه «كلما تمادت ميليشيا آل دقلو الإرهابية في سفك دماء المواطنين الأبرياء، ازدادت عزيمة الشعب السوداني على مقاومتهم». وكتب قائلاً: «إن انتهاك القانون الدولي الإنساني والجرائم ضد الإنسانية لن يمر دون عقاب، ويجعل من غير الممكن التسامح مع هذه الميليشيا الإرهابية».

وكانت «الخارجية» السودانية أشارت في بيان ليل الجمعة - السبت، إلى تعرض قرى وبلدات شرق الجزيرة والبطانة إلى «حملات انتقامية من ميليشيا الجنجويد (قوات الدعم السريع)، مستهدفة المدنيين على أسس قبلية وجهوية، ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي».

«الخارجية» تطالب المجتمع الدولي بالإدانة

وذكرت «الخارجية» أن أعداد ضحايا هذه الحملات تقدر بالمئات من القتلى والمصابين، بالإضافة إلى تشريد الآلاف من مناطقهم، وأن الحكومة السودانية تطالب المجتمع الدولي بإدانة هذه الحملات بشكل «فوري وقوي، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة مرتكبيها وقادة ورعاة الميليشيا الإرهابية، ووقف تدفقات الأسلحة والمرتزقة». ولم يصدر تعليق فوري من «قوات الدعم السريع» تعليقاً على المجزرة المروعة.

أرشيفية لدورية لـ«قوات الدعم السريع» في إحدى المناطق القتالية في السودان (رويترز)

من جهة ثانية، قالت «محامو الطوارئ» (هيئة حقوقية) ترصد انتهاكات الحرب، إن «قوات الدعم السريع» ارتكبت مجزرة أسفرت عن مقتل 124 مدنياً وإصابة مئات آخرين، وحملات اعتقال وانتهاكات واسعة بحق المواطنين الأبرياء.

وأضافت أن «قوات الدعم السريع» عطلت شبكات الاتصالات والإنترنت لمنع توثيق الانتهاكات للتغطية على هذه الجرائم.

دعوات لإدانة «الدعم السريع»

وقال البيان: «تواصل (قوات الدعم السريع) استهداف المدنيين العزل في هجمات انتقامية عشوائية تمارس فيها أقسى أشكال العنف، واستهدفت كثيراً من البلدات شرق الجزيرة، وخلفت مئات القتلى والمصابين، بالإضافة إلى تشريد العائلات، وتقدر أعدادهم بأكثر من 100 ألف شخص».

ووفقاً للهيئة، يقوم الجيش السوداني في المقابل بتحشيد وتسليح بعض المجتمعات المحلية بدعوى مقاومة «قوات الدعم السريع»، ما يعرض المدنيين لخطر الاستهداف المباشر، ويزيد من حدة الانقسامات المحلية، ويضاعف وتيرة العنف وتوظيف المدنيين في النزاع المسلح الذي يمثل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.

بدوره، ذكر «مؤتمر الجزيرة» (كيان مدني) أن عدد ضحايا مجزرة بلدة السريحة في محلية الكاملين بالولاية، ارتفع إلى 124 قتيلاً وأكثر من 200 جريح.

وبحسب مصادر محلية، هاجمت «قوات الدعم السريع» البلدة بأعداد كبيرة، وسط قصف واستهداف مباشر لمنازل المواطنين.

حالة من الغضب الشديد

وتأتي المجزرة بعد أيام قليلة من معارك ضارية دارت بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في مدينة تمبول شرق الجزيرة، قتل فيها نحو 300 من العسكريين والمدنيين.

وأثارت تسجيلات مصورة نشرها أفراد من «قوات الدعم السريع»، تظهر اعتقال العشرات من السكان، ومن بينهم رجال كبار في السن، حالة من الغضب الشديد في الأوساط السودانية، جراء تلك الممارسات اللاإنسانية التي تنتهجها تلك القوات ضد المدنيين العزل. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأهالي البلدة وهم يشيعون جثامين قتلاهم.

وأفادت مصادر محلية بأن «قوات الدعم السريع» اقتحمت بلدات أخرى في المنطقة، كانت عشرات الأسر قد لجأت إليها من المناطق المجاورة.

وناشدت كيانات مجتمعية في الجزيرة، قادة الجيش السوداني، التدخل العاجل، أو تسليح أبنائهم للدفاع عن أنفسهم وأهاليهم وحماية مناطقهم من «الدعم السريع».

وكان قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وعد مكونات اجتماعية في ولاية الجزيرة بمدها بالسلاح والعتاد العسكري لمواجهة «قوات الدعم السريع».

وأدانت القوى السياسية والمدنية بشدة، الانتهاكات التي ارتكبتها «قوات الدعم السريع» في منطقة شرق الجزيرة، والتي تسببت بمقتل وإصابة المئات من المواطنين.