«نوبل الطب» لأميركيين اكتشفا طريقة تنظيم نشاط الجينات

فيكتور أمبروس وغاري رافكن عكفا على تطوير مشروعهما منذ عام 1993

العالم الأميركي غاري رافكن (أ.ب)
العالم الأميركي غاري رافكن (أ.ب)
TT

«نوبل الطب» لأميركيين اكتشفا طريقة تنظيم نشاط الجينات

العالم الأميركي غاري رافكن (أ.ب)
العالم الأميركي غاري رافكن (أ.ب)

أعلنت جمعية «نوبل» في معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد، الاثنين، فوز العالمين الأميركيين، فيكتور أمبروس، الأستاذ في كلية الطب بجامعة ماساتشوستس الأميركية، وغاري رافكن، أستاذ علم الوراثة في كلية الطب بجامعة هارفارد الأميركية في بوسطن، بجائزة «نوبل للفسيولوجيا والطب» لعام 2024، لاكتشافهما «آلية تنظيمية حيوية للغاية تستخدم في الخلايا للتحكم في نشاط الجينات».

وأشادت لجنة «نوبل» في مؤتمر الإعلان عن الجائزة، الاثنين، بـ«الاكتشاف الرائد»، واصفة إياه بأنه «كَشف عن بُعدٍ جديدٍ تماماً لتنظيم الجينات».

وكان فيكتور أمبروس وغاري رافكن مهتمَين بكيفية تطوّر أنواع الخلايا المتخصصة داخل أجسام الكائنات الحية، عندما اكتشفا جزيء «آر إن إيه الميكروي» (microRNA)، وهو فئة جديدة من جزيئات «RNA» الصغيرة التي تؤدي دوراً حاسماً في تنظيم الجينات. إذ أثبتت جزئيات «آر إن إيه الميكروي» أنها مهمة بشكل أساسي لكيفية تطوّر أجسام الكائنات الحية وكيفية القيام بوظائفها.

وقد قُوبل هذا الاكتشاف الذي جرى التوصل إليه عام 1993 بـ«صمت مطبق»، واعتقد بعضهم في البداية، أنه غير ذي صلة بالبشر.

ووفق أولي كامبي، أستاذ الغدد الصّماء في معهد كارولينسكا ونائب رئيس لجنة نوبل للطب، فإن «هذا المجال انفجر بعد اكتشاف أهمية الإنجاز العلمي. والآن، تم التعرف على أكثر من عشرات الآلاف من جزيئات (ميكرو آر إن إيه) في كائنات حية مختلفة».

وأوضح: «غالباً ما يتم تنظيم كل جزيئات الرنا الرسول بواسطة العديد من microRNAs المتميزة، مما يخلق نظاماً قوياً لتنظيم الجينات».

فيكتور أمبروس الحائز على نوبل للطب 2024 (أ.ب)

وأضاف ديفيد بيندلبري، رئيس تحليل الأبحاث في معهد كلاريفيت للمعلومات العلمية، أن كثيرين كانوا يتوقعون منذ سنوات حصول أمبروس ورافكن على جائزة نوبل.

ويساعد تنظيم الجينات بواسطة «microRNA» في تطوّر الكائنات الحية المعقدة بشكل متزايد. وإذا حدث خطأ في تنظيم الجينات، فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى موجودة لدى البشر والحيوانات الأخرى، مثل فقدان السّمع واضطرابات الهيكل العظمي.

ومن المعروف الآن أن الجينوم البشري يُشفّر أكثر من ألف جزيء «آر إن إيه ميكروي» للقيام بالعديد من المهام داخل الجسم البشري. إذ تتدفق المعلومات الجينية من الحمض النووي إلى الحمض النووي الريبي الرسول (mRNA)، عبر عملية تسمى النّسخ، ومن ثَمّ إلى الآلية الخلوية لإنتاج البروتينات. وهناك، تتم ترجمة الحمض النووي الريبي الرسول بحيث تُصنّع البروتينات وفقاً للتعليمات الجينية المخزنة في الحمض النووي.

ويمكن تشبيه المعلومات المخزنة داخل كروموسوماتنا بـ«دليل التعليمات» لجميع الخلايا داخل أجسامنا. إذ تحتوي كل خلية على الكروموسومات الحاملة للجينات نفسها، وبالتالي على مجموعة الجينات نفسها، ومجموعة التعليمات ذاتها بالضبط. ومع ذلك، فإن أنواعاً مختلفة من الخلايا مثل خلايا العضلات والأعصاب لها دائماً خصائص مميزة للغاية.

لقطة من الإعلان عن أسماء الفائزين بنوبل في الطب (أ.ب)

تكمن الإجابة في تنظيم الجينات بأنه يسمح لكل خليّة باختيار التعليمات ذات الصلة به فقط. وهذا يضمن نشاط المجموعة الصحيحة فقط من الجينات في كل نوع من الخلايا. وتعبر هذه الخلايا المختلفة عن مجموعات فريدة من البروتينات عن التنظيم الدقيق لنشاط الجينات، بحيث تكون المجموعة الصحيحة فقط من الجينات نشطة في كل نوعٍ معيّن من الخلايا. وهذا يمكن، على سبيل المثال، في خلايا العضلات، وخلايا الأمعاء، وأنواع مختلفة من الخلايا العصبية عبر أداء وظائفها المتخصصة.

وكان يُعتقد لفترة طويلة أن المبادئ الرئيسية لتنظيم الجينات قد حُلّت. ومع ذلك، في عام 1993، نشر العالمان نتائج بحثية غير متوقعة تصف مستوى جديداً من تنظيم الجينات، الذي تبيّن أنه مهم للغاية ومحفوظ في أجسامنا.

أثناء الاتصال بغاري رافكن (أ.ب)

لم يكن أمبروس ورافكن غريبين أحدهما عن الآخر؛ فقد أجرى الثنائي في أواخر ثمانينات القرن العشرين أبحاث ما بعد الدكتوراه في الوقت نفسه في مختبر روبرت هورفيتز، الذي تقاسم جائزة «نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب» في عام 2002.

في مختبر هورفيتز، درسا دودة أسطوانية صغيرة الحجم يبلغ طولها 1 مم، وهي «سي إليجانس». ورغم صغر حجمها، تمتلك كثيراً من أنواع الخلايا المتخصصة مثل الخلايا العصبية والعضلية الموجودة أيضاً في الحيوانات الأكبر حجماً والأكثر تعقيداً، مما يجعلها نموذجاً مفيداً للتحقيق في كيفية تطوّر الأنسجة ونضجها في الكائنات متعددة الخلايا.

لقد نجح الحائزان على الجائزة في تحديد الجينات المتحوّلة وفهم وظيفتها، وتوصلا إلى مبدأ جديد لتنظيم الجينات، بواسطة نوعٍ غير معروف سابقاً من جزيئات «آر إن إيه RNA». ونشرت النتائج في عام 1993 في مقالين في دورية «سيل» (Cell) الشهيرة.

فيكتور أمبروس (أ.ب)

وقد رحب البروفسور فينكي راماكريشنان، الذي تقاسم جائزة نوبل في الكيمياء عام 2009 لعمله في توضيح بنية جهاز صُنع البروتين في الخلية، كثيراً بالخبر. وقال: «هذه جائزة مُستحقّة للغاية وطال انتظارها، إذ تُظهر أن الحمض النووي الريبوزي الصغير يمكنه تنظيم الجينات التي يُعبّر عنها في أنواع مختلفة من الخلايا. لقد فتحت مجالاً جديداً تماماً في علم الأحياء أصبحت له آثار واسعة النطاق».

وقال توماس بيرلمان، الأمين العام لجمعية نوبل، إن «هذا الاكتشاف الرائد قدّم آلية جديدة وغير متوقعة لتنظيم الجينات»، مضيفاً أن «(الميكرو آر إن إيه) مهم لفهمنا للتّطور الجنيني وعلم وظائف الخلايا والأمراض مثل السرطان».

وقالت جونيلا كارلسون هيديستام، أستاذة علم الأحياء في معهد كارولينسكا، للصحافيين: «هناك الكثير من التجارب الجارية، ليس فقط ضد السرطان ولكن أيضاً ضد أمراض أخرى، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والكلى».

في تصريح لـ«إذاعة السويد العامة»، قال رافكن (72 عاماً)، إنه شعر بالصّدمة عندما تلقى اتصالاً من لجنة الجائزة في الساعات الأولى من صباح الاثنين. وتابع: «إنه أمر عظيم. إنه أمر عظيم. إنه زلزال».

وعلق ضاحكاً: «الكلب مرتبكٌ بسبب الظلام في الخارج، في حين نحن نركض مسرعين في أنحاء المنزل».

وأضاف أنه يتطلع إلى مأدبة نوبل في 10 ديسمبر (كانون الأول) في ستوكهولم، حيث سيتسلّم الفائزون جوائزهم من يد ملك السويد كارل السادس عشر غوستاف.

ولكن لجنة نوبل فشلت في الوصول إلى أمبروس، الذي علم بالخبر من مراسل «إذاعة السويد العامة»، الذي اتصل وأطلعه على الخبر.


مقالات ذات صلة

دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

صحتك الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)

دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

أشارت دراسة علمية حديثة إلى إمكانية عكس مسار مرض ألزهايمر عبر استعادة التوازن الطاقي داخل الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

نهاية كل عام، نستعرض أهم الإنجازات والأحداث الطبية التي يُتوقع أن تنعكس بالإيجاب على صحة ملايين من المرضى حول العالم؛ خصوصاً مع التقدم الكبير في التكنولوجيا،

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الزواج السعيد يُساهم في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية «تلعب العلاقات الأسرية، ولا سيما جودة العلاقة الزوجية الحميمة،

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك ذكاء اصطناعي يتنبأ بالنوبة القلبية قبل ظهور الأعراض

5 قفزات في الذكاء الاصطناعي الطبي

في الشهر الأخير من عام 2025، لم يعد الذكاء الاصطناعي الطبي فكرة تُناقَش في المؤتمرات، ولا وعداً تُسوّقه الشركات الناشئة، فقد أصبح شريكاً صامتاً في العيادة،

د. عميد خالد عبد الحميد ( لندن)
علوم الإفصاح... أساس الثقة بين الطبيب والمريض

بين عدالة الخوارزمية وضمير الطبيب

لم يعد الذكاء الاصطناعي في الطب ضيفاً تجريبياً، ولا فكرةً مستقبلية تُناقَش في مؤتمرات النخبة. لقد دخل العيادة بهدوء، وجلس إلى جوار الطبيب دون معطف أبيض، وبدأ…

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)

مدن العالم تستقبل 2026 (صور)

الألعاب النارية أضاءت سماء منتصف الليل فوق نهر تشاو فرايا خلال احتفالات رأس السنة الجديدة لعام 2026 في بانكوك (أ.ف.ب)
الألعاب النارية أضاءت سماء منتصف الليل فوق نهر تشاو فرايا خلال احتفالات رأس السنة الجديدة لعام 2026 في بانكوك (أ.ف.ب)
TT

مدن العالم تستقبل 2026 (صور)

الألعاب النارية أضاءت سماء منتصف الليل فوق نهر تشاو فرايا خلال احتفالات رأس السنة الجديدة لعام 2026 في بانكوك (أ.ف.ب)
الألعاب النارية أضاءت سماء منتصف الليل فوق نهر تشاو فرايا خلال احتفالات رأس السنة الجديدة لعام 2026 في بانكوك (أ.ف.ب)

يدخل العالم تباعاً عام 2026، مع اختلاف الجغرافيا والتوقيت. وكانت دول المحيط الهادئ أول من ودّع عام 2025، قبل أن تنتقل أجواء الاحتفال شرقاً عبر آسيا، ثم إلى أوروبا، وصولاً إلى الأميركتين، في ليلة عالمية توحّدت فيها الترقبات وتنوّعت أشكال الاحتفال بين الألعاب النارية، والتجمعات الشعبية، والاحتياطات الأمنية المشددة في بعض العواصم.

ينتظر المحتفلون العد التنازلي لمنتصف الليل خلال احتفالات رأس السنة الجديدة في هونغ كونغ (أ.ف.ب)

وكانت مدينة سيدني الأسترالية من أوائل المدن الكبرى التي أعلنت دخول العام الجديد، إذ أضاءت الألعاب النارية سماء الميناء الشهير وجسر هاربور، وسط حضور جماهيري واسع ومتابعة عالمية، لتؤكد مكانتها بوصفها أحد أبرز رموز الاحتفال برأس السنة عالمياً.

ألعاب نارية تنطلق فوق جسر ميناء سيدني احتفالاً بالعام الجديد (رويترز)

ومع تقدم عقارب الساعة غرباً، دخلت طوكيو عام 2026.

راقصون يؤدون عرضاً خلال فعالية العد التنازلي أمام مبنى حكومة طوكيو الكبرى ليلة رأس السنة (رويترز)

وفي تايوان، دخل عام 2026 وسط عروض ضوئية وألعاب نارية حول برج تايبيه الذي يعد من أبرز معالم المدينة، في احتفالات حاشدة.

ضاءت الألعاب النارية من مبنى تايبيه 101 سماء منتصف الليل وسط الأمطار الغزيرة خلال احتفالات رأس السنة (أ.ف.ب)

وفي الصين دخول العام الجديد كان وسط الاحتفالات العامة.

راقصون يؤدون عرضاً على المسرح بينما يحتفل الناس بالعام الجديد 2026 في سور الصين العظيم (أ.ف.ب)

ومع حلول منتصف الليل بتوقيت شبه القارة الهندية، استقبلت المدن الهندية العام الجديد وسط احتفالات شعبية.

يحتفل الناس بليلة رأس السنة الجديدة على ممشى في مومباي بالهند (أ.ب)

وهكذا يستقبل العالم عام 2026 بإيقاعات متباينة، لكن بروح واحدة تتقاطع عند الأمل بالتجدد والسعي إلى طيّ صفحة عام مضى، كلٌّ وفق ثقافته وتقاليده.


هل تحد «مقاطعة» الإعلام التقليدي أخبار مشاهير «السوشيال ميديا» من انتشارهم؟

«ماسبيرو» يحظر «البلوغرز» (الهيئة الوطنية للإعلام)
«ماسبيرو» يحظر «البلوغرز» (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

هل تحد «مقاطعة» الإعلام التقليدي أخبار مشاهير «السوشيال ميديا» من انتشارهم؟

«ماسبيرو» يحظر «البلوغرز» (الهيئة الوطنية للإعلام)
«ماسبيرو» يحظر «البلوغرز» (الهيئة الوطنية للإعلام)

أثار قرار «الهيئة الوطنية للإعلام» و«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» بالامتناع عن تغطية أنشطة مشاهير «السوشيال ميديا» وأخبارهم على خلفية كثرة المشاكل التي يثيرونها، تساؤلات حول مدى تأثير قرار وسائل الإعلام التقليدية على الحد من انتشارهم.

وتعدّ «الهيئة الوطنية للإعلام» الجهة المالكة والمسؤولة عن القنوات التلفزيونية وشبكات الراديو الحكومية، بينما تمتلك «المتحدة للخدمات الإعلامية» غالبية القنوات المصرية الخاصة، وعدداً من وسائل الإعلام الإلكترونية والمطبوعة في مصر.

واتُخِذ القرار بعد الضجة التي شهدها حفل خطوبة «التيك توكر كروان مشاكل» في القاهرة والتي شهدت خلافات وزحاماً ووقائع تحرش تدخلت فيها قوات الشرطة، وتم توقيف مجموعة من الأشخاص على خلفية ما حصل من تجاوزات وأحيلت الوقائع الخاصة بها إلى النيابة، مع تأكيدات الداخلية وجود معلومات جنائية لصاحب الحفل وعدد من الموقوفين.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تجاوزات لعدد من «التيك توكرز» و«البلوغرر»، وتم إيقاف بعضهم من قِبل الشرطة وتوجيه اتهامات لهم بخدش الحياء العام، بينما جرى توقيف آخرين على خلفية اتهامهم بغسل الأموال والتربح بشكل غير مشروع في توقيفات أحيلت للقضاء وصدر في حق بعضهم أحكام بالحبس.

وأرجعت «المتحدة» قرارها الصادر مساء الثلاثاء إلى أنه انطلاقاً من الإيمان بأن «رسالة الصحافة أسمى من ملاحقة محاولات صناعة الضجيج وجذب الانتباه دون مضمون أو قيمة حقيقية»، في حين دعمت «الوطنية للإعلام» المبادرة، مؤكدة في بيان «رفضها محاولات البعض التطفل على المشهد الإعلامي بأساليب تتسم بالإسفاف والابتذال، بما يضر منظومة القيم، ويصدّر لفئات من المجتمع صورة سلبية حول رسالة الإعلام و(السوشيال ميديا) بوصفها مجالاً مفتوحاً لوهم الشهرة الزائفة».

تدير «المتحدة» غالبية القنوات التلفزيونية الخاصة في مصر (حساب الشركة على فيسبوك)

ودعم وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو مبادرة «الشركة المتحدة»، وقال في بيان، الأربعاء، إن «الثقافة والإعلام شريكان أساسيان في دعم الوعي العام والحفاظ على منظومة القيم الأصيلة للمجتمع المصري».

خطوة المقاطعة من وسائل الإعلام التقليدية لمجتمع «التيك توكر» تراها العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة الدكتورة ليلى عبد المجيد «غير كافية» للحد من انتشار مثل هذه الشخصيات، مؤكدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المبادرة طيبة من وسائل الإعلام، لكن في النهاية لا بد أن يكون هناك ضوابط من الدولة لتجنب التأثير السلبي للمؤثرين على الأجيال الناشئة التي أصبحت (السوشيال ميديا) مصدرهم الأول للمعلومات».

وأضافت أن «وجود برامج للتوعية بجانب الإجراءات الحكومية التي يفترض أن تكون موجودة لضبط المشهد عبر (السوشيال ميديا) ستكون ناجحة لكون المشهد في حاجة إلى تكامل بين الجهات المختلفة وليس فقط وسائل الإعلام التقليدية التي ترى أن تأثيرها لا يزال موجوداً وإن اختلفت درجة تأثيره».

وهنا يشير المدرب والمتخصص في الإعلام الرقمي معتز نادي لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة الارتقاء بالمحتوى المقدم للمتابعين لضمان وجود الجمهور الذي يمكن الارتقاء بذائقته عبر متابعة النماذج الإيجابية»، مشيراً إلى أن «الجمهور في حاجة إلى الاطلاع على المحتوى الذي يستحق المتابعة، وبالتالي سيتجاهل المحتوى المثير للجدل».

ويلفت نادي إلى إشكالية عدد متابعي مشاهير هذا العالم، ويقول: «ربما يستفيد بعضهم من قاعدة الممنوع مرغوب في تكوين شهرة، وبالتالي يمكن قياس الأثر بمرور الأيام بشأن حساباتهم وعدد متابعيهم، بجانب مدى الالتزام بتنفيذ القرار، خاصة مع طبيعة العمل الإخباري وتحديثاته مع وجود قصة تصعد لصدارة (الترند).

وهنا تؤكد ليلى عبد المجيد أن جزءاً من المتابعين يكون منتقداً ورافضاً لما يتم تقديمه، لكن في النهاية يتفاعل مع ما يقوم به هؤلاء المشاهير بالرفض، عادَّةً أن عدم الانخراط في التفاعل معهم بأي شكل من الأشكال سيكون هو الرهان الناجح لإبعادهم بما يقدمونه من محتوى غير هادف عن المشهد.

وضجت «السوشيال ميديا» بتفاصيل ما حدث في خطوبة «التيك توكر» كروان مشاكل وياسمين سيد، حفيدة المطرب الشعبي الراحل شعبان عبد الرحيم، مع رصد اعتداءات طالت العروس وعائلتها، بالإضافة إلى اتهامات متبادلة بين الجانبين بالمسؤولية عما حدث، ومنها إحراق سيارة يمتلكها شقيق العريس وهي السيارة التي أكدت «الداخلية» أن النيران اشتعلت فيها بسبب ألعاب نارية من داخلها.

وحررت ياسمين سيد محضراً ضد خطيبها تتهمه فيه بسرقة هاتفها المحمول والشبكة الذهبية الخاصة بها، وقالت في بلاغها إن «واقعة السرقة جرت قبل أيام من حفل الخطوبة»، مشيرة إلى أن «خطيبها سعى لتحقيق أرباح من خلاله على حساب سمعته». على حد تعبيرها.

وحظيت مبادرة «الشركة المتحدة» بالإشادة من شخصيات عدة على مواقع التواصل، من بينهم نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي، والمحامي طارق العوضي الذي وصف المبادرة عبر حسابه على «فيسبوك» بأنها «خطوة شجاعة ومسؤولة تعيد الاعتبار لدور الصحافة ورسالتها السامية»، عادَّاً أنها «لا تُعادي حرية التعبير، بل تُنقذها من الابتذال؛ ولا تُخاصم الواقع الرقمي، بل تُنظّم علاقتها به على أسس مهنية وأخلاقية».


أفلام مصرية وسعودية للعرض بموسم «رأس السنة» بعد جولتها بالمهرجانات

أحمد مالك وكامل الباشا في فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
أحمد مالك وكامل الباشا في فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
TT

أفلام مصرية وسعودية للعرض بموسم «رأس السنة» بعد جولتها بالمهرجانات

أحمد مالك وكامل الباشا في فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
أحمد مالك وكامل الباشا في فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)

يشهد موسم رأس السنة انتعاشة في دور العرض السينمائية، من خلال طرح أفلام مصرية وسعودية للجمهور بعد مشاركات متعددة لهذه الأفلام في مهرجانات دولية، وحصول بعضها على جوائز مهمة، ومن بينها الفيلمان المصريان «كولونيا» و«جوازة ولا جنازة» اللذان ينطلق عرضهما التجاري 7 يناير (كانون الثاني) 2026، ويعرضان عربياً في 14 يناير، والفيلم السعودي «هجرة» الذي يبدأ عرضه في السينمات السعودية 8 يناير، والفيلم البريطاني «العملاق» من بطولة أمير المصري، ويبدأ عرضه عربياً في 14 من الشهر نفسه.

فيلم «كولونيا» أو «My Father’s Scent» من بطولة أحمد مالك والفنان الفلسطيني كامل الباشا ومايان السيد، ومن إخراج محمد صيام. وتدور أحداثه خلال ليلة واحدة تشهد مواجهات حادة بين أب وابنه، يستعيدان فيها خلافاتهما وذكرياتهما السيئة وحالة الكراهية التي تظلل علاقتهما. ويتواصل الحوار بينهما في حدة تكشف عن سوء فهم لمواقف بينهما، فتتراجع حالة الجفاء إلى صداقة في مشاهد إنسانية تستعيد العلاقة بين الأب وابنه.

وحاز الفيلم عدة جوائز، من بينها الجائزة الكبرى لمهرجان «سينيماميد» ببروكسل، وجائزة «سينيوروبا» من المهرجان نفسه، وجائزة الجمهور من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، وأفضل تصميم إنتاج من مهرجان «قرطاج»، وجائزة أفضل ممثل لأحمد مالك بـ«الجونة السينمائي»، وكان قد حاز مشروع الفيلم 5 جوائز من ورشة «فاينال كت» في مهرجان «فينيسيا» خلال دورته قبل الماضية، و4 جوائز من مهرجان «القاهرة السينمائي» 2024 لمرحلة ما بعد الإنتاج.

الفنان نواف الظفيري في فيلم «هجرة» (الشركة المنتجة)

أما الفيلم السعودي «هجرة» للمخرجة شهد أمين، فقد شهد عرضه العالمي الأول بمهرجان «فينيسيا السينمائي» خلال دورته الماضية، وفاز بجائزة «NETPAC» بوصفه أفضل فيلم آسيوي.

كما حاز جائزتين في الدورة الخامسة لمهرجان «البحر الأحمر»، وهما جائزة «اليسر الذهبية» من لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة وجائزة «فيلم العُلا» لأفضل فيلم سعودي بتصويت الجمهور، كما توّج بجائزتي أفضل صورة لمدير التصوير «Miguel LOANN Littin»، وأفضل ممثل لنواف الظفيري في ختام الدورة الـ36 لمهرجان قرطاج.

تدور أحداث فيلم هجرة من خلال جدة وحفيدتيها، تسافرن من الطائف إلى مكة، وعندما تختفي الحفيدة الكبرى تسافر الجدة وحفيدتها الصغرى شمالاً للبحث عنها، وتسلط رحلتهما الضوء على الروابط الثقافية والعمرية العميقة بين النساء السعوديات على خلفية موسم الحج، حيث تعكس رحلتهن ثقل تراث بأكمله، وتقدم نظرة عاطفية قوية وثاقبة حول الهوية عبر الغوص العميق في التراث الثقافي للأمة، وصُوِّر الفيلم في 8 مدن سعودية. وهو من بطولة خيرية نظمي، ولمار قادن، ونواف الظفيري، ورغد بخاري، وعبد السلام الحويطي. ومن إخراج وكتابة شهد أمين، وإنتاج كل من السعودية والعراق ومصر وبريطانيا.

وشارك فيلم «جوازة ولا جنازة» في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» خلال دورته الخامسة ضمن قسم «روائع عربية»، وهو من بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، ولبلبة، والفنان اللبناني عادل كرم، وهو أول أفلام المخرجة الفلسطينية أميرة دياب التي كتبت الفيلم مع دينا ماهر، ويعرض لفكرة التفاوت الطبقي. وتدور أحداثه في إطار اجتماعي كوميدي من خلال عائلتين لا يجمع بينهما سوى صلة نسب، تُجبران على قضاء 7 أيام معاً استعداداً لحفل زواج فخم يجمع نجليهما.

نيللي كريم وشريف سلامة بالملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

ويرى محمد صيام، مخرج فيلم «كولونيا» أن العرض بالمهرجانات قد جعله يشعر أن الفيلم لامس الناس بالفعل، ليس أعضاء لجان التحكيم والنقاد فقط، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أرى في لحظة واحدة صمتاً في القاعة، ثم التنفس الجماعي أو البكاء بعد نهاية الفيلم، وهناك من يضحك في مشاهد، ويصمت فجأة في مشاهد أخرى».

ويلفت صيام إلى أن جائزة الجمهور التي حازها الفيلم في مهرجان «البحر الأحمر» كانت تأكيداً على أن الحكاية قريبة من الناس، وأن المشاعر التي عكسها الفيلم مفهومة ولا تحتاج لشرح أو خلفية ثقافية معينة، رافضاً مصطلح «أفلام مهرجانات» لأنه يضع الفيلم في خانة ضيقة، كما لو كان موجّهاً لفئة معينة، وليس للناس كلها، مشيراً إلى أن «الجوائز والمهرجانات قد تكون بوابة، لكنها ليست بديلاً عن الجمهور»، واصفاً فيلمه «كولونيا» بأنه «عمل قريب من الناس وقصة تحدث في كل بيت، وكل منا مرّ بها في لحظة ما».

وكان فيلم العملاق «Giant» قد افتتح الدورة الفائتة لمهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، وهو من إنتاج بريطانيا، وإخراج روان أثالي، ومن بطولة بيرس بروسنان، وأمير المصري، وكاثرين داو، وعلي وغيث صالح، ويروي الفيلم القصة الملهمة لسيرة الملاكم الأسطوري اليمني البريطاني نسيم نازحميد وعلاقته بمدربه الآيرلندي بريندان إنغل، وكيف صعد نسيم من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش وصولاً إلى تتويجه بطلاً للعالم.

وحاز الفيلم اهتماماً لافتاً في «البحر الأحمر»، وتُوّج الفنان أمير المصري خلال فعاليات المهرجان بجائزة «فارايتي» الدولية للممثل الرائد لعام 2025، وذكر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه يتطلع للعرض الجماهيري بعدما قوبل الفيلم بحفاوة كبيرة في عرضه الشرق أوسطي الأول بالمملكة.

ويرى الناقد السعودي أحمد العياد أن «المهرجانات لا تمنح ضماناً جماهيرياً ولا تكتب شهادة نجاح مسبقة لأي فيلم، لكنها تمنح فرصة للمشاهدة، للاختبار الأول والاحتكاك النقدي ولخلق سمعة أولية»، قائلاً في تعليق لـ«الشرق الأوسط»: «يظل دائماً لشباك التذاكر منطقه الخاص، فالجمهور لا يشتري تذكرة لأنه قرأ أن الفيلم شارك في مهرجان، بل لأنه شعر أن الفيلم يعنيه، فقد تمهّد المهرجانات طريق الفيلم وقد لا تفعل ذلك».

ويرى العياد أن مصطلح «أفلام المهرجانات» ليس مصطلحاً سلبياً، لأن هناك أفلاماً تهتم بالتجريب واللغة السينمائية والمخاطرة الجمالية، وهذه الأفلام تجد في المهرجانات بيئتها الطبيعية الأولى، ليس لأنها «نخبوية»، بل «لأنها تحتاج سياق مشاهدة ومناقشة مختلفاً عن سياق العرض الجماهيري».

عاجل إعلام سوري: سماع دوي انفجار في حلب وجار التحقق من مصدره