نوبات الهلع لدى الأطفال والمراهقين... الأسباب والأعراض

خطوات للتعامل معها

نوبات الهلع لدى الأطفال والمراهقين... الأسباب والأعراض
TT

نوبات الهلع لدى الأطفال والمراهقين... الأسباب والأعراض

نوبات الهلع لدى الأطفال والمراهقين... الأسباب والأعراض

لا شك في أن حدوث نوبات الهلع panic attacks يسبب مخاوف شديدة بالنسبة للمراهق والآباء على حد سواء، خصوصاً عندما تحدث للمرة الأولى . وكما هو واضح من اسم هذه النوبات فإنها حالة من الإحساس المفاجئ بالخوف الشديد غير المبرر. وتحدث في الأغلب في فترة المراهقة، ولكن يمكن أن تحدث في الطفولة المتأخرة أو حتى المتوسطة. وعلى وجه التقريب، هناك نسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الأطفال يعانون منها، ويمكن أن تحدث مبكراً جداً بداية من عمر 5 سنوات.

أسباب النوبات

في الأغلب، تكون نوبات الهلع نتيجة مرض نفسي مزمن آخر مثل الاكتئاب أو القلق، خصوصاً إذا لم يتم علاجه بالشكل المناسب أو تجاهله من قبل المراهق. ولكنها يمكن أن تحدث في بعض الأحيان دون سبب على الإطلاق خصوصاً للأطفال الذين يعانون من الحساسية المفرطة والخجل، حينما يتعرضون لمواقف معينة يمكن أن تسبب توترهم وشعورهم بعدم الأمان، مثل إلقاء خطبة في مواجهة جموع كبيرة من الطلبة، والتعرض للتنمر، وأيضاً بسبب المواقف المأساوية، مثل انفصال الوالدين، أو موت شخص عزيز عليهم.

الأعراض

بجانب الخوف الشديد والتوتر، ترافق نوباتِ الهلع أعراضٌ عضوية مصاحبة لها تكون انعكاساً لحالة الخوف، مثل الإحساس بالبرودة الشديدة أو السخونة، وسرعة ضربات القلب، وسرعة التنفس وصعوبته، والإحساس بالاختناق، وأيضاً الإحساس بضيق الصدر بجانب ظهور العَرق، والإحساس بالصداع والتنميل في الساقين tingling.

وهذه الأعراض يمكن أن تستمر دقائق قليلة، أو يمكن أن تصل إلى 30 دقيقة. ويشعر الطفل كما لو كان محبوساً في غرفة على وشك أن تنهار، أو أنه يتعرض لنوبة قلبية. وفي بعض الأحيان، يظن بعض المراهقين أنهم سوف يموتون من شدة الأعراض وحدوثها بشكل مفاجئ.

أعراض عضوية وقلق

يمكن أن تحدث نوبات الهلع نتيجة دخول الطفل في حلقة مفرغة من الأعراض العضوية والقلق. فمثلاً، عندما تتسارع ضربات القلب يظن المراهق أنه يعاني من اعتلال بالقلب، ويتملكه القلق ويسيطر عليه، نتيجة خوفه من المرض؛ ما يتسبب في حدوث النوبات مجدداً.

ولذلك يجب على الآباء أن يحاولوا تهدئة المراهق وطمأنته، وإخباره بأن هذه الأعراض نفسية، ولا توجد مشكلات في القلب، وذلك بعد التأكد من استبعاد الجانب العضوي بالطبع. وهذا ما يسهم في توقف هذه الدائرة.

التعامل بهدوء مع النوبات

في حالة حدوث النوبات يجب أن تتم مواجهتها بهدوء ودون خوف من تفاقم الأعراض العضوية، بمعنى أن سرعة التنفس لن تسبب أي مشكلات عضوية على الجهاز التنفسي على المدى القصير؛ لأنها ليست ناتجة من ضيق في الشعب الهوائية أو القصيبات. وبمجرد الانتظار تعود مستويات التنفس وضربات القلب إلى المستويات الطبيعية. ويجب أن يعرف الأطفال خصوصاً الصغار منهم أن هذه الأعراض مؤقتة، وليست خطيرة، ولا توجد مشكلة في حدوثها مرة أخرى؛ لذلك يجب شرح الحالة لهم. وهناك بعض الأطفال الذين تحدث لهم النوبات بالفعل مرات عدة نتيجة خوفهم الشديد من تكرار هذه النوبات.

صرف انتباه المراهق

يجب صرف انتباه المراهق أو الطفل عن التفكير في النوبات، فعلى سبيل المثال، عندما يخبر الطفل أمه بأنه يشعر بقرب حدوث النوبة، تقول الأم هذه الأعراض نفسية المنشأ، ولا تشكل خطورة، ثم تبدأ في حديث آخر مباشرة؛ ما يُشعر الطفل بعدم أهمية هذه النوبات، والتركيز على موضوع الحديث. ويمكن أيضاً أن تقوم الأم بسؤال الطفل عن أي شيء آخر، مثل فريقه المفضل أو الخطط لقضاء إجازة نهاية الأسبوع وهكذا، وفي حالة تكرار هذه النوبات يجب أن يتم عرض الطفل على طبيب نفسي لتقييم الحالة، وتحديد طريقة العلاج.


مقالات ذات صلة

صحتك الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة ربما يؤدي إلى السكتة الدماغية

انعدام التوافر العاطفي وتجاهل المشاعر في مرحلة الطفولة يتسببان في معاناة ومشكلات صحية عضوية خطيرة لاحقاً في البلوغ.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك هل يُمكن أن يساعد الكافيين أثناء الحمل في منع الشلل الدماغي للمواليد الجدد؟

هل يُمكن أن يساعد الكافيين أثناء الحمل في منع الشلل الدماغي للمواليد الجدد؟

يقلل خطر نقص الأكسجين لدى الأطفال

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

توصيات حديثة لوصف الأدوية الأفيونية للأطفال

إعطاء أقل جرعة كافية لتسكين الألم لأقصر وقت ممكن لتجنب الإدمان

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
العالم العربي بدء الجولة الثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

بدء جولة ثانية من التلقيح ضد شلل الأطفال في قطاع غزة

بدأت جولة ثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال رسمياً اليوم الاثنين في وسط قطاع غزة فيما يواصل الجيش الإسرائيلي ضرباته وعملياته.

«الشرق الأوسط» (دير البلح)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

«لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة على مستوى الحمض النووي، التي قد يكون لها آثار صحية مدى الحياة»، وفقاً لنتائج دراسة دولية رائدة قادها باحثون من جامعة «ساري» الإنجليزية.

الدراسة التي تعد الأولى من نوعها، جرى نشرها، الأربعاء، في مجلة «الجمعية الطبية الأميركية للطب النفسي» (جاما سايكتري).

وقال البروفسور مايكل بلوس، المؤلف الرئيسي للدراسة من كلية علم النفس بجامعة ساري: «في حين أنه من المعروف أن الحرب لها تأثير سلبي على الصحة العقلية للأطفال، فقد وجدت دراستنا أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير. وجدنا أيضاً أن الحرب مرتبطة بما يعرف بالشيخوخة الوراثية - مما قد يعني أن الحرب قد تؤثر على نمو الأطفال».

وأوضح في بيان صادر الأربعاء: «بشكل عام، ترسم دراستنا صورة أوضح للتكلفة المأساوية للحرب، بما يتجاوز الإجهاد العقلي للملايين من الأطفال المحاصرين في وسطها».

وكان فريق البحث في جامعة ساري - بالتعاون مع جامعة كوليدج لندن البريطانية، ومعهد التنمية والبحث والدعوة والرعاية التطبيقية، وجامعة القديس جورج في لبنان، ومنظمة غير حكومية دولية رائدة - قد جمع عينات لعاب من 1507 أطفال لاجئين سوريين، تتراوح أعمارهم بين 6 و19 عاماً، يعيشون في مستوطنات غير رسمية في لبنان.

تم استخدام الاستبيانات، التي أكملها كل من الأطفال ومقدمي الرعاية لهم، لقياس التعرض للأحداث المرتبطة بالحرب التي مر بها الطفل.

كما قام الباحثون بتحليل مثيلة الحمض النووي (DNAm)، وهي عملية وراثية تتم فيها إضافة مركبات كيميائية صغيرة، تسمى مجموعات الميثيل، إلى شريط الحمض النووي في مواقع مختلفة في الجينوم (المجموعة الكاملة من الجينات). وتعمل هذه المجموعات مثل المفاتيح الكهربائية، حيث تقوم بتشغيل الجينات أو إيقاف تشغيلها أو تعديل مدى قوة التعبير عنها، دون أن تغير في تسلسل الحمض النووي الفعلي نفسه.

وتلعب مثيلة الحمض النووي دوراً رئيسياً في عمليات التطور الطبيعي للجسم ويمكن أن تتأثر بأشياء مثل النظام الغذائي والإجهاد والتعرض للصدمات. فعندما يمر شخص ما بأحداث متطرفة، مثل الحرب، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تغييرات تؤثر على صحته البدنية والعقلية على المدى الطويل.

آثار بيولوجية دائمة

يدرس العلماء هذه التغييرات لفهم كيف يمكن للتجارب المجهدة أن تترك آثاراً بيولوجية دائمة على الجسم. وقد وجدوا أن الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب أظهروا تغيرات في عدة مواقع ومناطق في الجينوم. وقد ارتبطت بعض هذه التغيرات بالجينات المشاركة في وظائف بالغة الأهمية مثل النقل العصبي (كيف تتواصل الخلايا العصبية) والنقل داخل الخلايا (كيف تتحرك المواد داخل الخلايا).

ووفق الدراسة فإنه من غير المعروف أن هذه التغيرات الجينية موجودة في أشكال أخرى من الصدمات الناتجة عن الفقر أو التنمر مثلاً، مما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى استجابات بيولوجية فريدة من نوعها في الجسم.

الفتيات الأكثر تأثراً

ووفق الباحثين فإن هذه الورقة البحثية هي جزء من دراسة أكبر بدأت في عام 2017، التي تعد أول دراسة واسعة النطاق من نوعها بين الأطفال اللاجئين، مما يمهد الطريق لفهم أعمق لكيفية تأثير الصدمات على نمو الصحة العقلية لهؤلاء الأطفال.

ونظر باحثو الدراسة أيضاً في كيفية اختلاف التأثيرات البيولوجية للحرب بين الأولاد والبنات. ووجدوا أن الفتيات اللاتي تعرضن لأحداث الحرب أظهرن تغييرات أكثر تأثيراً في الجينوم الخاصة بهم مقارنة بالأولاد، وخاصة في الجينات المرتبطة بـالاستجابة للإجهاد وتطور الدماغ.

وبينما تأثر كل من الأولاد والبنات، أظهرت الفتيات استجابة بيولوجية أقوى للتعرض للحرب، مما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة للتأثيرات طويلة المدى للصدمة على المستوى الجزيئي.