العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

غروندبرغ حض على حوار لخفض التصعيد على نطاق أوسع

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)
TT

العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)

وسط مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ لتحقيق اختراق في الأزمة اليمنية، أبلغه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بأن الحوثيين ليسوا شريكاً موثوقاً به من أجل تحقيق السلام.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس الحكم اليمني، خلال استقباله في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، المبعوث الأممي الذي حض على «حوار بنّاء» بين الحكومة اليمنية والحوثيين يقود إلى خفض التصعيد على نطاق أوسع.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي استمع إلى إحاطة حول نتائج اتصالات غروندبرغ الأخيرة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، وأولوياته المقبلة لخفض التصعيد، وإحياء العملية السياسية التي انقلبت عليها «الميليشيات الحوثية الإرهابية بدعم من النظام الإيراني».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني اتهم الحوثيين بتنفيذ أجندة إيران على حساب مصلحة اليمن (سبأ)

خريطة الطريق السعودية

ونقلت وكالة «سبأ» أن المبعوث أعرب عن تقديره وشكره العميق لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة على جهودهم المبذولة من أجل خفض التصعيد على كافة المسارات والتعاطي المسؤول مع كافة المبادرات لمنع عودة البلاد إلى مربع الحرب الشاملة.

وطبقاً للوكالة الحكومية، جدد العليمي الدعم الكامل لجهود الأمم المتحدة من أجل إطلاق عملية سياسية شاملة بموجب خريطة الطريق المطروحة من السعودية، ومساعيها الحميدة للتخفيف من وطأة الأوضاع المعيشية التي فاقمتها الهجمات الإرهابية للميليشيات الحوثية على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية بدعم من النظام الإيراني.

وأكد رئيس مجلس الحكم اليمني أهمية إبقاء الانتباه المحلي والإقليمي والدولي مركزاً على ممارسات الجماعة الحوثية، بما في ذلك انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، واستمرار إجراءاتها التعسفية بحق شركة الخطوط الجوية اليمنية التي من شأنها مفاقمة المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، والإضرار بأصول الشركة وسمعتها الملاحية.

إحدى طائرات الخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

ولا تزال الجماعة الموالية لإيران تحتجز أربع طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية في صنعاء، وتمنع الشركة من الوصول إلى أموالها المقدرة بنحو 120 مليون دولار في المصارف الخاضعة للجماعة الحوثية.

وتطرق العليمي إلى محاولة الحوثيين الفاشلة لقصف منشأة «صافر» النفطية في مأرب قبل أيام، قائلاً إنها «أحدث دليل على أن هذه الميليشيات ليست شريكاً موثوقاً للسلام، بل مشروع للخراب والدمار وتغليب مصالح داعميها على مصلحة الشعب اليمني».

وأكد رئيس مجلس القيادة اليمني أهمية استمرار وحدة المجتمع الدولي بشأن القضية اليمنية، والاستماع إلى تطلعات الشعب اليمني في الاستقرار والسلام، بموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، خصوصاً القرار 2216.

مع عدم إعلان المبعوث الأممي هانس غروندبرغ عن أي نتائج لمساعيه بخصوص الاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين على حلول للصراع الاقتصادي، بما في ذلك ما يتعلق بالقطاع المصرفي والعملة وإعادة تصدير النفط والخطوط الجوية اليمنية، دعا خلال لقائه العليمي إلى حوار بناء لخفض التصعيد.

وأورد مكتب غروندبرغ على حسابه في منصة «إكس» أنه تبادل مع العليمي الآراء «حول الحاجة الملحة إلى حوار بنّاء يهدف إلى خفض التصعيد على نطاق أوسع في جميع أنحاء اليمن».

المبعوث الأممي إلى اليمن متخوف من عودة القتال بين الحكومة اليمنية والحوثيين (الأمم المتحدة)

المحتجزون في السجون الحوثية

وأعرب المبعوث عن قلقه حيال وضع موظفي الأمم المتحدة المحتجزين في سجون الجماعة الحوثية، مجدداً دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للإفراج عنهم بشكل فوري. وكان اختتم زيارة إلى مسقط، حيث عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين العمانيين، وكبير مفاوضي الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، وأكّد الحاجة الملحة إلى خفض التصعيد في جميع أنحاء اليمن، وحض الحوثيين على أهمية «وضع مصالح اليمنيين في المقدمة».

وخلال جميع لقاءاته، كرر المبعوث الأممي الدعوة العاجلة للأمين العام للأمم المتحدة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لدى الجماعة الحوثية. كما عقد المبعوث قبل زيارته إلى مسقط محادثات في الرياض مع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، تركّزت حول جهود خفض التصعيد في اليمن في ظل التوترات الإقليمية.

إلى ذلك، التقى غروندبرغ في الرياض سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وأكّد الحاجة الملحّة إلى نهج موحد لدعم الجهود نحو عملية سياسية، ووقف إطلاق النار في اليمن. وشدد على أهمية الاستمرار في الدعوة إلى الإفراج عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين.

صورة وزعها الحوثيون للحظة تفجيرهم سطح ناقلة نفط يونانية في جنوب البحر الأحمر (رويترز)

توحيد العملة اليمنية

وفي أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن، أكد غروندبرغ أهمية العمل على توحيد العملة اليمنية، وإنشاء بنك مركزي موحد، وضمان استقلالية القطاع المصرفي عن التدخل السياسي.

وقال إن مكتبه أعد خيارات، وقدم مقترحاً ومساراً واضحين لتحقيق هذه الأهداف، استندت جميعها إلى مدخلات الأطراف أنفسهم، مبدياً الاستعداد لدعم الأطراف للوصول إلى حلول مقبولة للجميع من خلال الحوار، بما يعود بالنفع على جميع اليمنيين.

وكان اليمنيون يتطلعون في آخر العام الماضي إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة اليمنية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عُمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.


مقالات ذات صلة

مخاوف يمنية من اتساع رقعة «الهزال الشديد» بين الأطفال

المشرق العربي يمنية تحمل طفلتها المريضة بمستشفى «السبعين» في صنعاء (أ.ف.ب)

مخاوف يمنية من اتساع رقعة «الهزال الشديد» بين الأطفال

أبدت مصادر طبية يمنية مخاوفها من تصاعد تفشي «الهزال الشديد» في أوساط الأطفال دون سن الخامسة في المناطق الخاضعة للحوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

وافق الحوثيون على قطر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد ضوء أخضر إيراني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

تهدد الأمطار الموسمية طلبة المدارس في اليمن؛ بسبب قيام الحوثيين بتغيير التقويم الدراسي إلى السنة الهجرية بدلاً عن الميلادية، بينما تسببت السيول في خسائر كبيرة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يشدّدون أعمال الرقابة والتجسس على السكان

شدّدت الجماعة الحوثية قبضتها الأمنية لتوسيع نفوذها وسطوتها على سكان مناطق سيطرتها، حيث تتجه لإنشاء أنظمة استخبارية جديدة؛ مع تعزيز رقابتها على السكان

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية ناقلة النفط اليونانية (رويترز)

الحوثيون يوافقون على قطر الناقلة «سونيون»

قالت جماعة الحوثي إنها وافقت على قطر ناقلة النفط «سونيون» بعد تواصل عدة أطراف دولية مع الجماعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أسلحة الفلسطينيين في الضفة من إيران وإسرائيل

سيارة محترقة عقب غارة إسرائيلية استهدفتها في قرية بجوار جنين في الضفة الغربية الجمعة (أ.ف.ب)
سيارة محترقة عقب غارة إسرائيلية استهدفتها في قرية بجوار جنين في الضفة الغربية الجمعة (أ.ف.ب)
TT

أسلحة الفلسطينيين في الضفة من إيران وإسرائيل

سيارة محترقة عقب غارة إسرائيلية استهدفتها في قرية بجوار جنين في الضفة الغربية الجمعة (أ.ف.ب)
سيارة محترقة عقب غارة إسرائيلية استهدفتها في قرية بجوار جنين في الضفة الغربية الجمعة (أ.ف.ب)

العنوان الأساسي لحملة التصعيد الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية، التي تُوصف بأنها توازي الاجتياح الذي حصل عام 2002، هو تفكيك شبكة التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي تزداد قوة والمؤلفة من نحو 40 كتيبة، والعثور على العبوات الناسفة الثقيلة، والصواريخ النوعية التي هُرّبت من إيران وأذرعها المختلفة في المنطقة إلى الضفة الغربية، لا سيما عبر الأردن، حسب ما تشير تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وكانت السلطات الأردنية أعلنت في السابق كشف عمليات تهريب عدة للأسلحة القادمة إلى أراضيها من سوريا.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه قتل ثلاثة مقاتلين فلسطينيين من حركة «حماس» في غارة جوية في منطقة جنين، في اليوم الثالث من عملياته في الضفة.

وقال شهود عيان في الموقع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «القوات الإسرائيلية نفّذت هجوماً على سيارة في بلدة الزبابدة جنوب شرقي جنين».

وأشاروا إلى أن الجنود الإسرائيليين فتشوا السيارة بعد الغارة. ورأى مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان أشلاء أخرجها مسعفون من السيارة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، من جانبه، أن وسام الخازم، الذي يُعدّ قائد «حماس» في جنين، قُتل داخل السيارة التي كانت تحتوي على أسلحة وذخيرة وكميات كبيرة من النقود، وفق البيان الإسرائيلي.

وسبق لإسرائيل أن شنّت عمليات عسكرية واسعة على البلدات في شمال الضفة الغربية، على الرغم من أن العملية الحالية تُعدّ الأكبر منذ سنوات طويلة. وقد سُئل مسؤول إسرائيلي عن الاجتياحات والاعتقالات الواسعة التي يقومون بها في الضفة، فأجاب قائلاً: «هذه العملية لا تستهدف القضاء على الإرهاب تماماً. فالإرهاب كان وسيستمر، وهو موجود في جنوب الضفة أيضاً، ولم نقرر حملة هناك. لكن في الشمال توجد شبكة منظمة، ولديها أسلحة مختلفة وعبوات ناسفة جُهزّت في إيران وصواريخ (آر بي جي) جديدة وفتاكة. هذه أسلحة تكسر التوازن. نحن نعاني اليوم من العبوات البدائية التي تُصنّع في الضفة الغربية، لكن كل عبوة تقنية يمكن أن تحدث أضراراً كارثية. كل هذا يشير إلى أن إيران قررت فتح جبهة الضفة الغربية ونحن نريد استباقها؛ لذلك جاءت هذه العملية».

جنود إسرائيليون خلال العمليات العسكرية في منطقة جنين بالضفة الغربية الجمعة (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

وسُئل هذا المسؤول: هل توجد أدلة على أن هذه الأسلحة هي من صنع إيراني؟ هل توجد كتابة باللغة الفارسية أو أي علامات أخرى؟ وهل اُستخدمت؟ فأجاب: «لم تُستخدم بعد، لكن لدينا معلومات استخبارية تدل على أنها موجودة، ونحن نفتش عنها من بيت إلى بيت. ونحن نعرف أن إيران تدرّب هؤلاء الشبان وتدفع لهم النقود».

وسُئل: هل تعتقد أن هذه العملية ستنجح في مكافحة الإرهاب فعلاً؟ ما رأيك في القول إنها تخلق جيشاً جديداً من الكارهين الحاقدين الذين يكرهون إسرائيل أكثر من الجيل الحالي، ولديهم قدرات تكنولوجية أقوى، وبالتالي يُلحقون ضرراً أكبر. لماذا لا تفتشون عن وسائل أخرى سياسية مثلاً؟ فأجاب: «نحن جيش. نمتلك قوة عسكرية جبارة. ونتعامل بالقوة. وليس من شأننا أن نتدخل في السياسة. ما نقوم به هو عملية جارفة ستستغرق وقتاً طويلاً لاجتثاث الإرهاب».

وسُئل عن تصريحات وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، عن تحويل الضفة الغربية إلى غزة وترحيل المواطنين منها، فرد قائلاً: «هذه عملية للضفة الغربية، ولا علاقة لها بساحات أخرى. ولا توجد لدينا مخططات للترحيل، لكن في حال قرر السكان المغادرة لن نمنعهم. والمواطنون الذين يعيشون في مناطق لا ننشط بها، أيضاً في الشمال، هناك الحياة تسير كالمعتاد.

ونعود إلى الأسلحة، فهي عنوان أساسي وهي موضوع لافت. إذ إن من يعرف قوة الجيش ومكانته وبقية أجهزة الأمن في إسرائيل يستصعب التصديق أن الأسلحة المتوفرة في الضفة الغربية جاءت من إيران فعلاً وبكميات تستدعي حرباً لأجل جمعها وقتل من يستحوذ عليها. صحيح أن الحدود بين إسرائيل والأردن طويلة جداً (600 كيلومتر) ومخترقة، إذ إنها في غالبية المواقع تقتصر على سياج عادي بسيط ولا يحمي من التهريب. وليس هناك شك في أن عمليات تهريب أسلحة تمت، مثلما أُحبطت عمليات مثل هذه أيضاً. والأردن نفسه نشر عدة بيانات في الماضي دلّت على وجود عمليات تهريب أسلحة من الحدود مع سوريا.

وكان يُحسب في البداية أنها موجهة لدعم قوى (التطرف الإسلامي) في رغبتها بالمساس بالنظام، لكن اُكتشف أن قسماً منها موجه إلى فلسطين للتنظيمات المسلحة، وقسماً منها إلى تجار أسلحة من العرب واليهود في إسرائيل، الذين يبيعونها لكل مشترٍ».

وتصل كميات غير قليلة من هذه الأسلحة إلى منظمات الجريمة، التي تستخدمها في حروبها الداخلية بين العصابات أو في عمليات ثأر أو في عمليات ابتزاز وتحصيل «الخاوة» (الإتاوات). وما دامت هذه الأسلحة يُقتل بها عرب، فإن سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية تتراخى، خصوصاً من الشرطة. ومنذ أن تولّى إيتمار بن غفير وزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن الشرطة، بات رجال الأمن يهملون أكثر مكافحة الاتجار وتهريب هذه الأسلحة.

فلسطينيون خلال تشييع رجل قتلته إسرائيل في مخيم نور شمس قرب طولكرم الجمعة (إ.ب.أ)

السلاح إسرائيلي أيضاً

بيد أن ما لا يتطرق إليه الجيش هو أن هناك أسلحة إسرائيلية متوافرة بكميات ضخمة في أيدي الناس. وخلال الحرب على غزة، اعترف الجيش بأن كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والعتاد التي اكتشفوها في أنفاق «حماس» ومخازن أخرى، كانت صناعة إسرائيلية. والأمر نفسه يحدث اليوم في الضفة الغربية.

في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2023، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، عن قدوم شاحنات عسكرية من غزة إلى منشأة تقع قرب قرية جولس العربية في الشمال، تُستخدم لتدمير الأسلحة. حملت الشاحنات 150 بندقية «إم 16»، ونحو 100 صاروخ «لاو»، وعشرات صواريخ الـ«آر بي جي»، وعشرات الآلاف من الرصاصات، وكميات من العبوات الناسفة ذات التقنية العالية، وعبوات ناسفة قسم منها جرى إعداده من الصواريخ والقذائف التي ألقتها الطائرات والدبابات والمدافع الإسرائيلية ولم تنفجر، فانقض عليها الفلسطينيون وأعادوا استخدامها. وقالت الصحيفة إن هذه الكمية لا تزيد على خُمس الأسلحة التي صُودرت من غزة. وقالت أيضاً إن غالبية الأسلحة التي استخدمتها عناصر «حماس» في هجومها على إسرائيل في يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كانت من صنع إسرائيلي، غالبيتها سُرقت من معسكرات الجيش وبِيعت في السوق السوداء، وقسم منها باعه جنود.

وفي الفترة نفسها، وبدلاً من التحقيق في كيفية وصول الأسلحة إلى منظمات فلسطينية، والحد من الظاهرة، بادر وزير الأمن القومي بن غفير، إلى توزيع أسلحة على المواطنين الراغبين بذلك حتى يدافعوا عن أنفسهم في وجه هجمات «حماس». وقد حصل على هذه الأسلحة، حسب إحصائيات الشرطة نفسها، 240 ألف شخص. وقد وُزعت بطرق فوضوية، كما يبدو، مما أتاح لتجار الأسلحة الحصول على نسبة كبيرة منها بالتحايل.

وخلال الحرب في غزة كشفت الشرطة العسكرية أن ظاهرة سرقة السلاح والذخيرة من معسكرات الجيش تضاعفت عدة مرات، وقد اُعتقل عدد من الجنود المتورطين بذلك. وأكدت أنه ليس لديها شك في أن قسماً غير قليل من هذه الأسلحة بِيع إلى التنظيمات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع لصحيفة أميركية، إن «الأسلحة التي أنتجها الجيش واستخدمها في حصاره على غزة، وصلت إلى أيدي التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي استخدمتها بدورها لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وبينها صواريخ ورشاشات ثقيلة». وأكد ضابط برتبة رائد، أُطلق عليه «ج»، أن أحداً لم يُفاجأ بهذه الظاهرة، «لكننا صُدمنا من نوعيتها ومن كمياتها الضخمة».

وفي 21 الجاري، اُعتقل جندي يهودي من إحدى المستوطنات في الضفة الغربية شرق رام الله، وصُودرت كمية غير كبيرة من الأسلحة في بيته. وقد اعترف بأنه سرقها من مخازن الجيش المؤقتة في قطاع غزة حيث كان يؤدي خدمته العسكرية في جيش الاحتياط. ومن بين هذه المواد: عشر عبوات، و26 قنبلة، ومناظير ليلية، ودروع فولاذية، وخوذ وغيرها.

وكانت الشرطة اعتقلت ثلاثة شبان من عرب النقب، اتهموا بأنهم في 21 يناير (كانون الثاني) سرقوا أسلحة وذخيرة من شاحنة عسكرية، قرب تجمع بدوي.

وتؤكد هذه المعطيات أن إيران ليست وحدها مصدر الأسلحة للتنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، بل إن جزءاً منها مصدره إسرائيل نفسها.

كتائب «حركة الجهاد»... واختراقات إسرائيلية

محمد جابر الملقب بـ«أبو شجاع» قائد «كتيبة طولكرم» التابعة لـ«سرايا القدس» في «حركة الجهاد» قتلته إسرائيل في غارة على مخيم نور شمس بطولكرم يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

تقول مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» في لندن إن حركة «الجهاد الإسلامي» انطلقت في عملية تشكيل كتائب مسلحة تابعة لها من مخيم جنين، ثم امتدت تدريجياً إلى القرى المحيطة بالمخيم، وبعد ذلك إلى المخيمات الأخرى في شمال الضفة الغربية. وأضافت أن تمويل هذه الكتائب يأتي إلى حد كبير عبر أموال تُهرّب من لبنان غالباً، حيث يجري نقلها بوساطة فلسطينيين يحملون الهوية الإسرائيلية. ويجري نقل الأموال عبر شبكات معقدة، مما يجعل من الصعب على السلطات الإسرائيلية والفلسطينية تتبعها وتجفيف منابعها.

وتابعت أن السلاح يصل إما عبر التهريب من الحدود الأردنية في منطقة الأغوار، وإما من خلال شراء السلاح مباشرة من المافيا الإسرائيلية.

ويقول مصدر أمني فلسطيني إن السلطة الفلسطينية لا تسيطر على المواطنين الذين يحملون الهوية الإسرائيلية في الداخل، والذين ينقلون الأموال إلى عناصر الكتائب.

وتستغل إسرائيل الهيكلية غير المركزية للكتائب الناشطة في الضفة، وتحاول اختراقها من خلال عملاء يتظاهرون بأنهم مصدر للسلاح أو التمويل، من بين أساليب عدة للتجنيد. وفي 26 أغسطس (آب) 2024 قتل الجيش الإسرائيلي شابين فلسطينيين من جنين عند مدخل مستوطنة أرائيل. كان الشابان يتبعان لكتيبة «الجهاد الإسلامي» في جنين، ويظهر من تسجيل صوتي لهما في أثناء مطاردتهما من قِبل الجيش أنهما تعرضا لخديعة من قبل «إسرائيلي». ووفقاً للروايات المتداولة، كان الشخص ذاته قد سلمهما في مرتين سابقتين السلاح، لكن تبيّن في المرة الثالثة أنه عنصر في «الشاباك» الإسرائيلي.