استرجاع أسير آخر من أنفاق غزة يزيد نتنياهو تشدداً

مسؤول إسرائيلي: لا تُتعبوا أنفسكم... حتى لو اتفق على بند فيلادلفيا فسيخترع رئيس الوزراء بنداً آخر لعرقلة الصفقة

الرهينة المحرر مع جنود خلال نقله إلى مركز طبي اليوم (الجيش الإسرائيلي- أ.ف.ب)
الرهينة المحرر مع جنود خلال نقله إلى مركز طبي اليوم (الجيش الإسرائيلي- أ.ف.ب)
TT

استرجاع أسير آخر من أنفاق غزة يزيد نتنياهو تشدداً

الرهينة المحرر مع جنود خلال نقله إلى مركز طبي اليوم (الجيش الإسرائيلي- أ.ف.ب)
الرهينة المحرر مع جنود خلال نقله إلى مركز طبي اليوم (الجيش الإسرائيلي- أ.ف.ب)

مع إعلان الجيش الإسرائيلي وجهاز المخابرات (الشاباك)، اليوم (الثلاثاء)، أنه تم استعادة رهينة أخرى من الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس»، وهو مواطن عربي يدعى فرحان القاضي، أعربت عائلات الأسرى عن فرحتها وقلقها في آن. فقالت في بيان إنها سعيدة بإطلاق سراحه، كما في كل عملية ناجحة كهذه؛ لكن هناك 108 مخطوفين آخرين، ويُخشى أن يستغل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزراؤه المتطرفون، هذه العملية، للتشدد أكثر في مفاوضات الهدنة في غزة، وإجهاضها بشكل نهائي.

وقد رفض الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إعطاء تفاصيل عن ظروف تحرير الأسير؛ لكنه وافق على القول إنه تمكن من الهرب من الأسر في نفق لـ«حماس»، وتم تخليصه بقوة كبيرة من «الكوماندوس». والقاضي هو واحد من 8 مواطنين عرب من «فلسطينيي 48» تم خطفهم خلال هجوم «حماس» سوية مع 250 إسرائيلياً. وكان يعيش في قرية غير معترف بها قرب راهط في النقب، ويعمل حارساً في مصنع بإحدى بلدات غلاف غزة. وبدا أنه يتمتع بصحة جيدة لدى عودته من الأَسر.

وقد سارع نتنياهو للاتصال به، وأصدر بياناً يتباهى فيه بنجاح هذه العملية، ويؤكد فيه أن الجيش تمكن حتى الآن من تحرير 9 رهائن من أسر «حماس» بعمليات عسكرية. وقال إن حكومته تعمل على تحرير الرهائن بالمفاوضات وبالعمل العسكري على السواء.

لكن هذه التصريحات بدت مخيفة في صفوف عائلات الأسرى؛ إذ إنها تخشى أن كل عملية كهذه ستشجع نتنياهو على عرقلة الصفقة، بأمل أن يستطيع إقناع الجمهور بأن الجيش قادر على إطلاق سراح الأسرى؛ لكنه يحتاج فقط إلى الوقت. بيد أن الغالبية الساحقة في القيادة العسكرية الإسرائيلية لا تبدو مقتنعة بإمكانية ذلك؛ إذ يُنقل عن قادة عسكريين قولهم إن هذه المهمة شبه مستحيلة، وإن نتنياهو يعرف ذلك جيداً؛ لكنه يماطل في المفاوضات حتى يبقى في الحكم أطول فترة ممكنة.

فرحان القاضي يتحدث مع شقيقه في مركز بئر السبع الطبي اليوم (مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي- أ.ف.ب)

وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» اليوم (الثلاثاء) بأن مسؤولين أمنيين إسرائيليين رفيعي المستوى، قالا إن نتنياهو «يهدر الوقت بشكل عبثي في المفاوضات». وكشفا عن أن رئيس الوزراء كلّف فريق المفاوضات، هذا الأسبوع، بأن يقدم خلال لقاء القاهرة مقترحاً يستحيل قبوله، بخصوص محور نتساريم الذي يقطع قطاع غزة إلى نصفين، علماً بأن المقترح نفسه كان قد عُرض في السابق ورفضته «حماس»، وحتى الوسطاء، باعتباره اقتراحاً تعجيزياً. ويقضي هذا المقترح بحفر قنوات عرضية على طول محور «نتساريم» بشكل يمنع عبور مركبات، وتوجيه المركبات القادمة من جنوب قطاع غزة ومتجهة إلى شماله نحو الشرق، باتجاه شريط أمني إسرائيلي عازل داخل القطاع ويمتد إلى السياج المحيط بالقطاع، تطلق عليه تسمية «محيط»، وهناك يتم تفتيشها قبل دخولها إلى شمال القطاع. وتم إزالة هذا المقترح من جدول أعمال المفاوضات لعدة أسباب، بينها أن تطبيقه يستغرق وقتاً طويلاً، وسيدمر المنطقة التي بسببها أقيم «المحيط»، وسيؤدي إلى ازدحام كبير في حركة الفلسطينيين، إضافة إلى أن «حماس» والوسطاء يرفضونه كلياً، حسبما ذكرت الصحيفة. وأضافت أن فريق المفاوضات أبلغ نتنياهو بأنه يعارض بشدة هذا المقترح؛ لكن نتنياهو أصرَّ على نقله إلى الوسطاء الذين يُتوقع أن يرفضوه.

وتابعت الصحيفة بأن الجيش الإسرائيلي هو صاحب هذا الاقتراح في الأصل، وكان يصر عليه حتى غيَّر موقفه في مارس (آذار) الماضي؛ إذ كان الهدف منع الفلسطينيين من نقل أسلحة إلى شمال القطاع؛ لكن يبدو أن الإسرائيليين تراجعوا عن هذا المقترح بعدما تبيّن أن منطقة شمال غزة مليئة بأسلحة مخبأة تحت الأرض. وبالتالي أصبح الجيش يؤيد انسحاب قواته من محور نتساريم، من دون وضع شروط خاصة. وفي حينه، وافق نتنياهو، بعد ضغوط شديدة عليه، على شطب المقترح في النسخة النهائية التي قدمها الرئيس جو بايدن، باسم إسرائيل، في 27 مايو (أيار)، ولم يعد هناك حديث عن تفتيش المركبات، أو إبقاء قوات في شكل يدفع «حماس» إلى رفض المقترح، على أن تكتفي الحركة بالإعلان عن أن الذين سينتقلون إلى شمال القطاع سيكونون غير مسلحين. لكن نتنياهو عاد لتقديم هذا الطرح في المفاوضات الحالية.

وقال مسؤولون أمنيون إسرائيليون رفيعو المستوى، إن مكتب نتنياهو قرر العودة إلى موضوع حفر القنوات على طول محور «نتساريم»، والتفتيش في «المحيط»، الأمر الذي سيؤدي إلى استمرار المفاوضات بلا هدف لأشهر طويلة، حسبما نقلت عنهم الصحيفة.

جانب من تظاهرات أهالي الأسرى الإسرائيليين في تل أبيب اليوم الثلاثاء (رويترز)

وأضاف المسؤولون: «لا تتعبوا أنفسكم. حتى لو اتفق على بند فيلادلفيا (حدود غزة مع مصر) فسيخترع (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنداً آخر لعرقلة الصفقة. فقد أصبحت هذه عادة، عندما يتم التوصل إلى حل لهذا البند، فسيضع نتنياهو عقبة أخرى على الفور، وعندما تُحل سيضع عقبة أخرى، وهكذا سيستمر حال المفاوضات. وهذا مثلما حدث عندما قدمت (حماس) ردها على مقترح 27 مايو، واعتقدنا أن ردها جيد ويسمح بالتقدم نحو اتفاق، وعندها جاءت (رسالة الإيضاحات) التي فرضها نتنياهو علينا، كي نقدمها في اجتماع روما، والتي أدخلت المفاوضات في دوامة عميقة».

وقال مسؤول أمني إسرائيلي للصحيفة: «إنني لا أعرف ماذا يريد (زعيم «حماس» يحيى) السنوار. وهناك وزراء يعتقدون أنه يريد حرباً إقليمية وحسب، والصفقة ليست جيدة بالنسبة له. وأنا لست متأكداً على ماذا يستند هذا الاعتقاد؛ لكني متأكد من أن السنوار كان متفائلاً عندما تم التوصل إلى الصفقة (تبادل الأسرى) في نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما اعتقد أن إسرائيل لن تستأنف القتال، وامتلأ حزناً عندما سمع أن إسرائيل استأنفت القتال. وكان واضحاً حينها أن وقف إطلاق نار دائم هو مصلحته الأولى. وبرأيي أن هذا هو الوضع الآن أيضاً». ويعني كلامه -كما يبدو- أن شروط نتنياهو هي التي تُفشل المفاوضات اليوم.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي ينقذ رهينة في قطاع غزة وسط القصف وأوامر الإخلاء

المشرق العربي فتاة تجر كرسيا بعجلات فيه طفلان وسط الدمار في قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي ينقذ رهينة في قطاع غزة وسط القصف وأوامر الإخلاء

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنقاذ رهينة عربي إسرائيلي في جنوب قطاع غزة، بينما يواصل قصف مناطق وإصدار أوامر إخلاء جديدة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمّعون في موقع غارة إسرائيلية دمّرت عدة مبانٍ وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» بخان يونس جنوب قطاع غزة في 27 أغسطس 2024 (رويترز)

مسؤول أميركي: محادثات هدنة غزة مستمرة في الدوحة

أكد مسؤول أميركي، الثلاثاء، أن المحادثات مستمرة في الدوحة بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة، علماً أنها بدأت قبل أيام في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق باسم يوسف (حسابه على «فيسبوك»)

باسم يوسف يوضّح سبب تعليق حسابه على «إكس»

أوضح باسم يوسف من خلال جميع حساباته على منصات التواصل الاجتماعي السبب وراء تعليقه حسابه على منصة «إكس» قبل عدة أيام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون في وقفة احتجاجية في مدينة رام الله بالضفة الغربية الثلاثاء طالبوا بالإفراج عن جثامين أسراهم في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)

جثامين 552 فلسطينياً محتجزة في ثلاجات إسرائيل ومقابر الأرقام

طالب أهالي الفلسطينيين، الذين تحتجز إسرائيل جثامينهم منذ سنوات طويلة، باسترداد أبنائهم من الثلاجات والمقابر، في وقفات جرت في مدن في الضفة الغربية، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي رد فعل فلسطينية خلال جنازة قتلى سقطوا في غارات إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: «تفاصيل دقيقة» تهدد مفاوضات القاهرة

جهود مكثفة للوسطاء لتجاوز نقاط الخلاف المتبقية والوصول إلى هدنة تنهي الحرب في قطاع غزة، وسط حديث أميركي عن انتقال المناقشات لمرحلة «التفاصيل الدقيقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش الإسرائيلي ينقذ رهينة في قطاع غزة وسط القصف وأوامر الإخلاء

فتاة تجر كرسيا بعجلات فيه طفلان وسط الدمار في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فتاة تجر كرسيا بعجلات فيه طفلان وسط الدمار في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي ينقذ رهينة في قطاع غزة وسط القصف وأوامر الإخلاء

فتاة تجر كرسيا بعجلات فيه طفلان وسط الدمار في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فتاة تجر كرسيا بعجلات فيه طفلان وسط الدمار في قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، إنقاذ رهينة عربي إسرائيلي في جنوب قطاع غزة، بينما يواصل قصف مناطق عدة وإصدار أوامر إخلاء جديدة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة في القطاع المحاصر.

وقال الجيش، في بيان، إنه وجهاز الأمن العام «شين بيت»، وإثر «عملية دقيقة... أنقذا الرهينة البدوي الإسرائيلي كايد القاضي (52 عاماً) الذي خطفه مسلحون فلسطينيون» خلال هجوم شنّته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، واندلعت على إثره الحرب المستمرة، على الرغم من محاولة الوسطاء الأميركيين والمصريين والقطريين التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

وقال الجيش إنه عثر على القاضي في نفق.

فلسطينيون ينتظرزن تلقي طعام من جمعيات خيرية في دير البلح (د.ب.أ)

في غضون ذلك، تواصلت العمليات العسكرية في قطاع غزة الذي تحول إلى أكوام من الدمار، ونزح القسم الأعظم من سكانه، البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة عدة مرات في ظروف كارثية.

وقتل الثلاثاء ما لا يقل عن 11 فلسطينياً في قطاع غزة، بينهم 3 أطفال، في قصف إسرائيلي على مخيمين للاجئين في الوسط، وفي خان يونس في الجنوب، حسبما أفاد الدفاع المدني وخدمات الطوارئ.

وفي مخيم المغازي، أكد محمد يوسف، الذي شهد إحدى الغارات: «استيقظنا على صوت الانفجار، والشظايا تطايرت علينا».

وتابع: «آتينا إلى هنا ووجدنا أطفالاً ونساء موتى ومقطعين. لا علاقة لهم بالمقاومة، والناس تموت هباء. ليست هناك منطقة آمنة في غزة. أين نذهب؟».

كما أعلن الدفاع المدني «انتشال 4 شهداء، 3 أطفال وأمهم» في قصف استهدف منطقة تل الهوا، غرب مدينة غزة، مشيراً إلى أن طواقمه «تبحث عن مفقودين تحت الأنقاض».

نتنياهو

وتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع كايد القاضي، وهنّأه وقال له: «إن كل إسرائيل سعيدة بإطلاق سراحه»، وإنه «سيواصل بذل كل ما في وسعه لإعادة جميع رهائننا إلى ديارهم».

وفي مقطع فيديو، نشره بعد حديثه مع القاضي، أكد أن «الوجود العسكري على الأرض والضغط العسكري المستمر على (حماس)» مطلوبان لتأمين إطلاق الأسرى.

ووصف منتدى عائلات الرهائن إنقاذ القاضي بأنه «معجزة». لكنه قال: «علينا أن نتذكر أن العمليات العسكرية وحدها لا يمكن أن تحرر الرهائن» المحتجزين منذ 326 يوماً.

كايد القاضي وسط جنود إسرائيليين بعد إخراجه من الاحتجاز في غزة (إ.ب.أ)

وأكد المنتدى أن «الاتفاق عن طريق التفاوض هو السبيل الوحيد للمضي قدماً. ندعو المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى مواصلة الضغط على (حماس) لقبول الصفقة المقترحة، وإطلاق سراح جميع الرهائن».

ويضغط أقارب الرهائن ومؤيدوهم على الحكومة الإسرائيلية عبر تنظيم احتجاجات أسبوعية للمطالبة بإعادتهم.

المحادثات

وفي ما يتعلق بمحادثات وقف إطلاق النار واستعادة الرهائن، أكد مسؤول أميركي، الثلاثاء، أن المحادثات مستمرة في الدوحة. وأضاف المسؤول، الذي اشترط عدم كشف اسمه، أن بريت ماكغورك، مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، موجود في العاصمة القطرية.

ولا تشارك حركة «حماس» في هذه المحادثات، لكن وفداً منها التقى وسطاء مصريين وقطريين في القاهرة الأحد، وفق مسؤول كبير في «حماس».

وتتمثل نقطة الخلاف الرئيسية في المحادثات في إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بالسيطرة على ممر فيلادلفيا على طول الحدود بين غزة ومصر، لمنع «حماس» من إعادة التسلح، وهو الأمر الذي رفضته الحركة.