مع أقل من 11 أسبوعاً على موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والعامة الأميركية، تصاعدت «حرب التأييد» بين حملتي المرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، والمرشحة الديمقراطية، نائب الرئيس كمالا هاريس. وبدا أن المعسكرين يعملان على تكثيف الوصول إلى الشخصيات السياسية المؤثرة و«الغاضبة» من أداء الحزبين، رغم أن بعض تلك الشخصيات لا تحتاج أصلاً إلى التحريض للابتعاد عن حزبها.
تأييد هاريس
وقد حذرت رسالة مفتوحة من أكثر من 200 جمهوري، عملوا مع الرئيس السابق جورج دبليو بوش، والسيناتور ميت رومني، والسيناتور الراحل جون ماكين، من أن رئاسة ترمب الثانية «ستؤذي الناس الحقيقيين وتضعف مؤسساتنا المقدسة»، معلنين تأييدهم لهاريس.
ونشرت صحف أميركية كثيرة الرسالة المفتوحة مع التأييد، يومي الاثنين والثلاثاء، مع 238 توقيعاً للمجموعة نفسها، التي أصدرت رسالة مماثلة تدعم جو بايدن عندما ترشح ضد ترمب عام 2020، مع انضمام شخصيات جديدة إليها.
وقال الجمهوريون في رسالتهم إنهم يصوتون لهاريس ونائبها، حاكم ولاية مينيسوتا، تيم فالز، على الرغم من الاختلافات السياسية. وكتبوا: «بالطبع، لدينا كثير من الخلافات الآيديولوجية الصادقة مع نائب الرئيس هاريس والحاكم والز. هذا أمر متوقع. لكن البديل ببساطة لا يمكن الدفاع عنه».
ومن بين الذين وقعوا على الرسالة، جان بيكر، رئيس أركان إدارة بوش، ومارك سالتر وكريس كوخ، رئيسا الأركان السابقين لماكين، وديفيد نيرنبرغ، رئيس تمويل حملة رومني لعام 2012، وديفيد جارمان، وكيل وزارة الطاقة في عهد بوش.
يخضع للديكتاتوريين
ولم تكتف الرسالة بدعم هاريس فحسب، بل انتقدت ترمب، قائلة إنه يمثل تهديداً للولايات المتحدة والدول في جميع أنحاء العالم، وإنه و«مساعده»، المرشح لمنصب نائب الرئيس السيناتور جي دي فانس: «يخضعان للديكتاتوريين مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما يديران ظهريهما لحلفائنا. لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك».
وكتبت المجموعة أيضاً أن «الجمهوريين المعتدلين والمستقلين المحافظين في الولايات المتأرجحة الرئيسية» كانوا أساسيين في ضمان فوز بايدن عام 2020 لأنهم «يضعون البلاد قبل الحزب بكثير»، وأنه يجب عليهم مرة أخرى «اتخاذ موقف شجاع» في هذه الانتخابات ودعم هاريس ضد ترمب.
ورداً على الرسالة، قال المتحدث باسم حملة ترمب، ستيفن تشيونغ، إن المجموعة «تفضل رؤية البلاد تحترق بدلاً من رؤية الرئيس ترمب يعود بنجاح إلى البيت الأبيض».
وتسلط الرسالة الضوء على الانقسامات المستمرة بين الجمهوريين بشأن احتضان الحزب لترمب، حيث خرج كثير منهم لدعم هاريس في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الأسبوع الماضي. ووصفت ستيفاني غريشام، التي شغلت منصب السكرتيرة الصحافية لترمب ورئيسة موظفي السيدة الأولى ميلانيا ترمب، تطورها من «مؤمنة حقيقية» إلى منتقدة للرئيس السابق، قائلة إن تمرد 6 يناير (كانون الثاني) 2021 كان آخر الأحداث التي أبعدتها عنه. كما زعمت غريشام في كلمتها أن ترمب سخر خلف الأبواب المغلقة من أنصاره، ووصفهم بـ«سكان الطابق السفلي». وهو ما ردت عليه حملة ترمب واصفة إياها بأنها «فاشلة تماماً». ومن بين الجمهوريين الآخرين الذين تحدثوا في المؤتمر جون غايلز، عمدة مدينة ميسا بولاية أريزونا، وعضو الكونغرس السابق آدم كينزينغر، وهو واحد من 10 جمهوريين صوتوا لصالح عزل ترمب.
ترمب أضر بالسياسة الخارجية
إلى ذلك، صدر اليوم كتاب ثانٍ لمستشار الأمن القومي السابق لترمب، الجنرال هيربرت ريموند ماكماستر، بعنوان «في حرب مع أنفسنا»، ذكر فيه أن «نقاط الضعف» و«انعدام الأمن» لدى الرئيس السابق، أضرت بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة. وتحدث ماكماستر عن علاقته بالصين والحرب التجارية معها وعلاقاته مع قادة العالم «المستبدين»، قائلا إنه «يمكن في بعض الأحيان إبقاء الرئيس في موقف مستقيم وضيق مع جرعة ذكية من علم النفس العكسي». وأضاف ماكماستر أن ترمب «كان شخصاً لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، وأنه قوض نفسه لصالح منافسيه على المسرح العالمي».
وذكر ماكماستر أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 زار ترمب الصين، المحطة الثالثة من جولته التي استغرقت 13 يوماً في آسيا، حيث كانت وجهته «الأكثر أهمية». ويوضح ماكماستر، أنه بينما كانوا في الطائرة إلى بكين، حذر ترمب من أن شي سيحاول خداعه لحمله على قول شيء جيد للصين، لكنه سيئ للولايات المتحدة وحلفائها. ويتذكر أنه قال لرئيسه في وقت ما إن «العبارة المفضلة لدى الحزب الشيوعي الصيني، الفوز للجانبين، تعني في الواقع أن الصين فازت مرتين».
وبدا أن ترمب يسمعه، ولكن في قاعة الشعب الكبرى، انحرف الرئيس عن نقاط حديثه. واتفق مع شي جينبينغ على أن التدريبات العسكرية في كوريا الجنوبية كانت «استفزازية»، و«مضيعة للمال»، وأشار إلى أن الصين ربما يكون لها حق مشروع في جزر سينكاكو اليابانية. ويذكر ماكماستر، أنه مرر وهو يشعر بالغثيان، رسالة إلى رئيس الأركان الجنرال جون كيلي، جاء فيها أن شي «تناول غداءنا». ويوضح ماكماستر كيف أنه، على الرغم من بذل قصارى جهده لمساعدة الرئيس، تم التعامل مع سيد «فن الصفقة» المفترض كأنه «أحمق» من قبل قائمة من كبار المستبدين في العالم.
وفي عام 2018 وجد ماكماستر ترمب في المكتب البيضاوي وهو يخط رسالة مبهجة لبوتين، بعد مقالة له نشرتها صحيفة «نيويورك بوست» تفيد بأن الرئيس الروسي شوه سمعة النظام السياسي الأميركي، لكنه وصف ترمب بأنه مستمع جيد. وأضاف ماكماستر قائلاً: «مثل طفل لديه قائمة أمنياته في عيد الميلاد، طلب زعيم العالم الحر منه إرسالها إلى الكرملين». لكن التوقيت كان سيئاً بشكل خاص، فقد ظهرت أدلة تشير إلى أن بوتين أمر بتنفيذ عملية اغتيال على الأراضي البريطانية. ولم يرسل ماكماستر المذكرة، وأوضح لاحقاً لترمب الغاضب أن رسالته «ستعزز السرد القائل بأنك بطريقة ما في جيب الكرملين».