بدأت الحكومة المصرية تطبيق زيادة تعريفة الكهرباء بدءاً من الشهر الحالي للمرة الثانية في غضون عام بعد الزيادات التي طبقت مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، وفق ما أوردت تقارير إعلامية محلية نقلاً عن مصادر بوزارة الكهرباء.
ولم تصدر الحكومة عبر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء نفياً للتقارير الإعلامية المتطابقة التي نشرها الإعلام المحلي، وسجلت الزيادات نسباً تتراوح بين 33 و42 في المائة، بحسب الشريحة.
وتطبق الحكومة المصرية نظام الشرائح في المحاسبة على فواتير الكهرباء منذ سنوات، وهو نظام يتضمن زيادة سعرية متدرجة في المحاسبة بحسب الاستهلاك.
وتعمق الزيادات الجديدة مخاوف الغلاء في مصر، بعدما زادت خلال الآونة الأخيرة أسعار المحروقات، وتعريفة القطارات، ومترو الأنفاق، وحافلات النقل العام، بالإضافة إلى الخبز المدعم، ضمن سلسلة من الزيادات التي أعلن رئيس الحكومة مصطفى مدبولي استمرارها بشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة من أجل معالجة «التشوهات الاقتصادية» المتراكمة؛ وفق تعبيره.
ويقول الشاب الثلاثيني محمود خالد، الذي يقيم في منطقة حدائق أكتوبر (غرب القاهرة) داخل إحدى الشقق التي حصل عليها من الحكومة قبل سنوات، إنه لم يعد يعرف كيفية حساب استهلاكه للكهرباء مع اضطراره إلى تكرار شحن عداد الكهرباء بأكثر من 600 جنيه شهرياً، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المبالغ التي يدفعها تزداد رغم ثبات الاستهلاك».
ويتابع خالد الموظف في إحدى شركات القطاع الخاص: «لم أعد أفهم بنود الخصومات الكثيرة التي أجدها عند شحن الكارت مع وجود رسوم إضافية تمت زيادتها بالفعل على الفاتورة، من بينها النظافة خلال الشهور الماضية».
في الصيف الماضي، كان خالد يدفع نحو 400 جنيه شهرياً، لكن في الصيف الحالي زادت فاتورته إلى 600 جنيه رغم عدم وجود أجهزة إضافية في منزله، فيما يتساءل عن المبلغ الذي يُفترض أن يدفعه بعد الزيادات الجديدة.
زيادة الكهرباء ومن قبلها زيادة أسعار المحروقات، من الأمور التي سيكون لها انعكاسات سلبية على معدلات التضخم، وستؤدي لزيادته مع وجود زيادات سعرية في السلع، وفق عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، محمد أنيس الذي يضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «من المرجح عودة ارتفاع مؤشرات التضخم خلال الشهرين المقبلين؛ تأثراً بالزيادات الأخيرة في أسعار الطاقة».
وأضاف أن «زيادات الكهرباء لن يكون تأثيرها فقط على ميزانيات الأسر، ولكن أيضاً على الأنشطة التجارية».
وتظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تباطأ إلى 25.7 في المائة في يوليو (تموز) من 27.5 في المائة في يونيو (حزيران)، مسجلاً تباطؤاً أسرع من توقعات المحللين.
وعبّر مصريون عن مخاوفهم من رفع أسعار الخدمات والطاقة، وقالوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنها «سوف تعمق أزمة الغلاء التي يعانون منها خلال الأعوام الأخيرة، لا سيما مع ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه واللحوم والسلع الرئيسية، وارتفاع أسعار المواصلات والنقل».
«خطوة زيادة سعر الكهرباء للمستهلكين كانت متوقعة»، وفق رئيس مرفق الكهرباء المصري السابق حافظ سلماوي الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تغير سعر الصرف منذ عام 2022 وحتى اليوم فرض تحديات وأعباء مالية إضافية على تكلفة توليد الكهرباء»، مشيراً إلى أن «فارق سعر الصرف بمفرده تسبب في تحمل قطاع الكهرباء نحو 3 أضعاف التكلفة».
وأضاف أن «ثمة عوامل أدت إلى زيادات في تكلفة الإنتاج، منها القروض التي جرى الحصول عليها بالدولار لبناء المحطات وتراجع قيمة الجنيه، الأمر الذي أدى لزيادة قيمة الأقساط عند حسابها بالعملة المحلية»، مشيراً إلى أن «الأسعار المعلنة حتى الآن تعني وجود احتمالية بزيادات سعرية جديدة في محاولة لتعويض الفارق».
وأتاحت الحكومة المصرية بشكل عاجل 1.2 مليار دولار لتلبية احتياجات محطات الكهرباء من الوقود بعد زيادة فترات انقطاع التيار الكهربائي خلال الفترة الماضية، فيما قدرت الموازنة التي أعدتها وزارة المالية للعام المالي توقع عجز بنحو 2.5 مليار جنيه في دعم الكهرباء.
لكن رئيس مرفق الكهرباء السابق يشير إلى «عدة إجراءات يمكن اتخاذها لخفض تكلفة توليد الكهرباء، من بينها التوسع في محطات الكهرباء بالطاقة المتجددة، وتقليل الفاقد بين الإنتاج والاستهلاك، وهي أمور تستلزم جهداً مشتركاً بين عدة جهات».