​مخاوف لبنانية من تقدم الحرب على الحل الدبلوماسي في غزة

إسرائيل تستدرج «حزب الله» بقاعياً بحثاً عن ذرائع لتوسعتها

النيران تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً في البقاع بشرق لبنان (متداول)
النيران تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً في البقاع بشرق لبنان (متداول)
TT

​مخاوف لبنانية من تقدم الحرب على الحل الدبلوماسي في غزة

النيران تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً في البقاع بشرق لبنان (متداول)
النيران تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً في البقاع بشرق لبنان (متداول)

تتخوف الأوساط السياسية اللبنانية، في مواكبتها الدقيقة للأجواء التي سادت لقاءات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع كبار المسؤولين في إسرائيل، وأولهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من أن يتقدم الحل العسكري على نحو ينذر بتوسعة الحرب على الجهود الدبلوماسية للتوصل لوقف النار في غزة بوصفه أساساً لنزع فتيل التفجير الذي يهدد المنطقة بأسرها.

وتكشف مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع في جنوب لبنان يمكن أن يتدحرج بسرعة يصعب السيطرة عليه ومنعه من التفلُّت، إلا في حال أن المباحثات التي تستضيفها القاهرة في الساعات المقبلة أدت لإحداث خرق لإخراج وقف النار من التأزم، وهذا يتوقف على معاودة بلينكن تواصله مع نتنياهو لتليين موقفه بخفض شروطه، في مقابل تولي مصر وقطر الضغط على «حماس» للغرض نفسه.

وتلفت الأوساط السياسية إلى أن شروط نتنياهو لا تعبّد الطريق أمام التوصل لوقف النار في غزة، وتقول إن بلينكن لم يضغط عليه كما يجب بما يسمح بترجيح كفة الحل الدبلوماسي على اشتعال الحرب التي أخذت تشق طريقها على الجبهة الجنوبية والتي لن يوقفها إلا التوصل، في اللحظة الأخيرة، إلى صيغة لوقف النار في غزة، ومن شروطها استعداد «حماس» وإسرائيل، التي تقع عليها المسؤولية الكبرى، لتقديم التنازلات المطلوبة لإيصال المباحثات التي تستضيفها القاهرة إلى النتائج المرجوة منها.

ألسنة اللهب تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت البقاع في شرق لبنان (متداول)

محاولة استدراج إسرائيلية للحرب

وتؤكد أن «حزب الله» لا يزال يمارس سياسة ضبط النفس، ويضطر للرد على إسرائيل في توسعتها لدائرة المواجهة العسكرية، وتنقل عن مصدر قيادي في الثنائي الشيعي قوله إن إسرائيل تهدف، من خلال شنها سلسلة غارات على بلدات بقاعية، ليل الاثنين، إلى استدراج الحزب لعله يوفر لها الذرائع لتوسعة الحرب التي تسمح له بالالتفاف مسبقاً على مباحثات القاهرة لوقف النار في القطاع.

وترى الأوساط نفسها أن الحزب اضطر للرد باستهدافه مواقع عسكرية إسرائيلية في هضبة الجولان السورية المحتلة تحت سقف التزامه بعدم السماح لتل أبيب باستدراجه للخروج عن مساندته لغزة، وتقول إن الحزب يريدها، لكنه استجاب لرغبات دولية وإقليمية بضرورة التمهُّل في رده على إسرائيل لاغتيالها أحد أبرز قادته العسكريين فؤاد شكر، رغبة منه بإعطاء فرصة لاستئناف مباحثات وقف النار لئلا يُتهم بأنه أطاح بالجهود الرامية لإنهاء الحرب في القطاع.

وتنقل عن المصدر في الثنائي الشيعي قوله إن تريث الحزب في الرد على إسرائيل سرعان ما انسحب على إيران التي قررت التمهُّل في ردها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، وهذا ما حصل، لأن القيادة الإيرانية الجديدة تحرص على ضبط إيقاع المواجهة لئلا تمتد إلى الإقليم.

وتكشف أن الحزب لم يسجل اعتراضه على زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكستين لبيروت، بتكليف من الرئيس جو بايدن، وتؤكد أنه كان طرفاً، وإنما بالواسطة، في المباحثات التي أجراها، ولم يتردد في إعلام الجانب اللبناني الرسمي بأنه لا يعترض على إعطاء مهلة للمباحثات التي بدأت في الدوحة، وتُستأنف في القاهرة للتوصل لوقف النار في القطاع.

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقائه مع المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين (إ.ب.أ)

الحزب لن يبدأ الحرب

ويضيف المصدر في الثنائي الشيعي أن الحزب توقف أمام التوقيت الذي اختارته إسرائيل باستهدافها لعدد من البلدات البقاعية، قبيل ساعات من وصول بلينكن إلى القاهرة قادماً من تل أبيب، ورأت أن هدفها من إدراج هذه البلدات في بنك أهدافها يكمن في استدراج الحزب للرد على نطاق أوسع بانتقاله من مساندته لـ«حماس» إلى شن حرب يسعى لها نتنياهو للتفلُّت من الضغوط التي تمارس عليه لوقف النار في غزة.

وتؤكد أن الحزب لم يُستدرج إلى الفخ الذي نصبه نتنياهو، ولن يكون البادئ بتوسعة الحرب التي يخطط لها نتنياهو لتحميله مسؤولية إفشال مباحثات وقف النار، رغم أن الحزب يحمّل بلينكن مسؤولية عدم ممارسته الضغط المطلوب على فريق الحرب في إسرائيل لإجباره على الانخراط في الجهود المدعومة من أكبر حشد أوروبي وعربي وإسلامي لإنهاء الحرب في القطاع، ويسأله ما الغرض من الضغط بخجل عليه والتسليم بمعظم شروطه، وهو يعلم جيداً «أننا لن نكون مبادرين للانجرار للحرب».

وتلفت الأوساط نفسها إلى أن الحزب لم يتردد ولو للحظة، منذ اغتيال إسرائيل لشكر، برفع جهوزيته العسكرية واللوجيستية إلى أعلى درجات الاستعداد، بالتلازم مع إعلانه حالة الاستنفار العام في صفوف مقاتليه، ويتصرف كأن الحرب حاصلة لا محالة، وأن تل أبيب تستعد لها لما لديه من معلومات استقاها من استطلاعات ميدانية واستخباراتية يقوم بها ساعة بساعة، وإن كانت تراهن على توفيره الذرائع والمبررات تاركة له بأن يطلق الرصاصة الأولى إيذاناً باندلاعها وإلحاق طهران بها، وهذا ما يخطط له نتنياهو باستدراج واشنطن للصدام معها لقطع الطريق على تواصلها مع الإدارة الأميركية التي لم تنقطع مع وصول الإصلاحيين إلى سدة الرئاسة الأولى.

توازن الردع

لكن الحزب، وفق المصدر نفسه، لا يسعى للحرب ولا يريدها، وينأى بنفسه بأن يُستدرج إليها، وإن كان يستعد لها في حال قررت إسرائيل خوضها لفرض شروطها على لبنان بتعديل القرار 1701 لتجويفه من مضامينه، وهو توخى، أي الحزب، من نشره لشريط الفيديو المتعلق بمخزونه من الصواريخ الدقيقة والذكية الموجودة في الأنفاق تحت الأرض، تمرير رسالة إلى إسرائيل وعبرها إلى المجتمع الدولي، وفيها أن الحرب ستكون محكومة بتوازن الرعب وبمعادلة ردعية ولن تكون عابرة، ويفترض بتل أبيب أن تعيد النظر في حساباتها، إضافة إلى أنه يراهن على استقدام المداخلات الدولية في الوقت المناسب لنزع صاعق التفجير الذي يمكن أن يمتد إلى خارج الحدود ما يهدد الاستقرار في المنطقة، لذلك يحرص الحزب على ممارسة أعلى درجات الحيطة وضبط النفس، ولن ينجر إلى الفخ الذي تنصبه إسرائيل بإقحامه في حرب لا يتوخاها؛ تقديراً منه للظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان، وتستدعي منه التحسب لكل الاحتمالات، خصوصاً أن أحداً لا يتكهن متى وكيف ستنتهي وإلى أين ستمتد.

لذلك تقف مباحثات القاهرة أمام سباق بين الحل الدبلوماسي أو الجنوح نحو الحرب، ويبقى على المشاركين فيها استخدام كل ثقلهم السياسي لتسهيل التوصل لإنهاء الحرب في القطاع، وهذا يتطلب من واشنطن الضغط على نتنياهو لثنيه عن شروطه لإنجاح المباحثات التي يمكن أن تشكل الفرصة الأخيرة لدرء الأخطار التي تهدد المنطقة. فالحزب سيبقى على جهوزيته آخذاً في الاعتبار ما تعد له تل أبيب لتوسعة الحرب، وإن كان يتريث في تحديد موقفه النهائي إلى حين التواصل مع قيادة «حماس» للوقوف على موقفها النهائي، ليكون في وسعه تحديد طبيعة تحركه في اليوم التالي إذا ما تقدم الحل العسكري على الحل الدبلوماسي.


مقالات ذات صلة

القضاء اللبناني يضع يده على أزمة الكهرباء... ويلوّح بتوقيفات

المشرق العربي معمل الجية الحراري لإنتاج الكهرباء المتوقف عن العمل منذ سنتين (إ.ب.أ)

القضاء اللبناني يضع يده على أزمة الكهرباء... ويلوّح بتوقيفات

وضع القضاء اللبناني يده على أزمة الكهرباء، وإغراق البلاد في الظلام الشامل قبل 3 أيام.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي صورة عامة لمعمل الجية الحراري المتوقف عن العمل (إ.ب.أ)

​مخرج سياسي لبناني لاستئناف إنتاج الكهرباء بالحد الأدنى

أثمرت الاتصالات بين المؤسسات العامة في لبنان مخرجاً لإعادة التغذية الكهربائية بالحد الأدنى لتشغيل المرافق الحيوية بعد يومين من العتمة الشاملة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر وصواريخ في نفق كشف عنه «حزب الله» بمقطع فيديو (د.ب.أ)

صواريخ أنفاق «حزب الله» تشغل سفراء في لبنان

تجلى الاهتمام الدبلوماسي الأجنبي بطرح أسئلة تتعلق بالظروف التي أملت على «حزب الله» نشر الفيديو، مع أن الضرورات العسكرية تستدعي إبقاءها قيد الكتمان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الوكالة الوطنية)

وزير الخارجية المصري في بيروت بعد هوكستين وسيجورنيه

دعا سمير جعجع إلى «تطبيق القرار 1701 كاملاً بمراحل متعددة بدءاً من انسحاب (حزب الله) لمسافة 8 أو 10 كيلومترات وتسلّم الجيش اللبناني لهذه النقطة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه لدى وصوله للقاء بري في بيروت (إ.ب.أ)

لبنان لم يتلق «رسائل تهديد» إسرائيلية… و«حزب الله» يقلل من نتائج زيارة هوكستين

أكد الدعم الفرنسي لعمل قوات «اليونيفل» وتجديد ولايتها لمدة الـ12 شهراً المقبلة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقترح أميركي يسمح ببقاء قوات إسرائيلية «مخفضة» على الحدود بين غزة ومصر

معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)
معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)
TT

مقترح أميركي يسمح ببقاء قوات إسرائيلية «مخفضة» على الحدود بين غزة ومصر

معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)
معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين مطلعين على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة أن «الاقتراح الأميركي الجديد» للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» من شأنه أن يسمح للقوات الإسرائيلية بمواصلة دورياتها في جزء من ممر فيلادلفيا على طول الحدود بين غزة ومصر.

ووفقاً للصحيفة، فإن الاقتراح الأميركي يسمح لعدد أقل من القوات الإسرائيلية بالبقاء على طول طريق الحدود. ومع ذلك، يقول المسؤولون إن الاقتراح من المرجح أن ترفضه «حماس» التي قالت إنها لن تتسامح مع أي وجود إسرائيلي في المنطقة على الإطلاق.

وأضاف المسؤولون أن مصر أعربت أيضاً عن استيائها، وحذر المسؤولون المصريون من أن الوجود المطول للقوات الإسرائيلية من شأنه أن يشكل مخاوف أمنية وطنية.

وأصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن إسرائيل لن تنسحب من ممر فيلادلفيا أو ممر نتساريم، وأن القوات يجب أن تتمركز هناك لأسباب استراتيجية وأمنية.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قيل إن المفاوضين الإسرائيليين أبلغوا رئيس الوزراء أن إصراره على هذه المطالب من شأنه أن يؤدي إلى إفشال الاتفاق.

ويقول المسؤولون إن أحد مطالب نتنياهو الأخرى «غير القابلة للتفاوض» أثار أيضاً مشكلة في محادثات الدوحة خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن طلبت الولايات المتحدة تأجيل المحادثات المعمقة بشأن مطلب إسرائيل بتفتيش الفلسطينيين النازحين العائدين إلى الجزء الشمالي من القطاع، للتأكد من أنهم لا يحملون أسلحة.