برلمان العراق أمام 3 اختبارات صعبة

دخل عامه الأخير بلا رئيس... ويتجه لتشريع قوانين إشكالية

عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون قد يسمح بتزويج القاصرات (إ.ب.أ)
عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون قد يسمح بتزويج القاصرات (إ.ب.أ)
TT

برلمان العراق أمام 3 اختبارات صعبة

عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون قد يسمح بتزويج القاصرات (إ.ب.أ)
عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون قد يسمح بتزويج القاصرات (إ.ب.أ)

دخل البرلمان العراقي السنة الأخيرة من دورته الحالية التي بدأت أواخر 2021 بعد انتخابات ماراثونية فاز فيها التيار الصدري بأعلى المقاعد قبيل انسحابه المدوي.

ويواجه البرلمان اليوم 3 ملفات شائكة، تتمثل في انتخاب رئيس جديد خلفاً للمقال محمد الحلبوسي، وتشريع تعديل قانون «الأحوال الشخصية»، إلى جانب إقرار قانون «العفو العام» الذي تطالب به القوى السنية.

ويلمح نواب من القوى الشيعية في تحالف «الإطار التنسيقي» إلى إمكانية مقايضة التصويت على «الأحوال الشخصية» بتمرير قانون «العفو العام» لصالح أحزاب سنية.

ويثير تعديل «الأحوال الشخصية» غضب المجتمع المدني بسبب سماحه بزواج القاصرات وحرمان الزوجة من حقوق النفقة والحضانة، إلى جانب اعتماد النصوص الدينية لكل طائفة ومذهب في العراق كمرجع للأحكام بدلاً من القوانين السارية.

البرلمان العراقي بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)

كرسي الرئيس الشاغر

بعد اجتماع تشاوري عُقد الأسبوع الماضي، اتفقت القوى السياسية على تعديل النظام الداخلي لإعادة فتح باب الترشيح للمنصب، والتنازل عن حصص وزارية مقابل الحصول عليه.

وقالت مصادر سياسية، إن هذا الاتفاق شجع «الإطار التنسيقي» على الدعوة لعقد جلسة لانتخاب الرئيس، الخميس، وهو ما لم يحدث بعد أن تراجعت قوى سنية عن اتفاقها.

وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، إن «طرفاً سياسياً متنفذاً ضغط على أحزاب (السيادة) و(العزم) و(العقد) بالتراجع عن الاتفاق، وكان من المفترض أن يعقدوا اجتماعاً ثانياً في منزل المالكي لإنضاج الاتفاق وتحديد آلياته».

ويبدو أن الطرف السياسي المتنفذ، حسب المصادر، نجح في إقناع الأحزاب الثلاثة على نقض الاتفاق.

وفي بيان صدر الأربعاء الماضي، حذرت أحزاب «السيادة»، و«العزم»، و«العقد»، وجميعها سنية، من «فرض رؤية أحادية لآلية اختيار رئيس جديد للبرلمان بعد مضي نحو 9 أشهر على شغور المنصب بعد إنهاء عضوية رئيسه السابق محمد الحلبوسي من عضوية البرلمان».

وقال عقيل الفتلاوي، المتحدث باسم ائتلاف «دولة القانون»، في تصريح متلفز، إن القوى السنية التي كانت حاضرة في الاتفاق، انقلبت عليه بعد أن غادرت الاجتماع.

وشدد الفتلاوي على أن ائتلاف المالكي «لا يرغب في عقد جلسة انتخاب لرئيس البرلمان، في حين أن هناك انقساماً حاداً داخل المكون السني».

عراقية تحمل لافتة: «لا لتعديل قانون الأحوال الشخصية» خلال احتجاج وسط بغداد (إ.ب.أ)

أزمة «الأحوال الشخصية»

يتعقد مشهد البرلمان أكثر مع محاولات تمرير تعديلات على قانون «الأحوال الشخصية»، التي تثير سجالاً غير مسبوق بين شرائح اجتماعية وثقافية، وسط تحذيرات من تشريع يكرس الانقسام المذهبي.

وشن مثقفون عراقيون هجوماً حاداً على القانون الذي يصر التحالف الشيعي الحاكم على تمريره، بسبب مخاوف من تقليل سن الزواج للإناث إلى نحو 9 سنوات، وتسجيل عقد الزواج خارج المحاكم، وتغييرات تثير شكوكاً حول حقوق المرأة المطلقة وحضانة الأطفال.

وتظاهرت ناشطات في محافظة النجف ضد القانون، وتعرض عدد منهن إلى هجوم من رجال دين وشخصيات عشائرية طالبوا بمنع «احتجاج النساء في المدينة»، وقبل أن يتفاقم الاحتكاك بينهما تدخلت الشرطة للفصل بين المتظاهرات والرجال.

ويُعتقد أن القوى الشيعية ستعمل على تمرير القانون ضمن صفقة مقايضة مع قوى سنية من أجل تمرير قانون «العفو العام».

ومع ذلك، فإن الغضب الشعبي قد يجبر المشرعين العراقيين على التراجع، كما يتوقع مراقبون وناشطون.

ويسري قانون الأحوال الشخصية، الذي أُقرّ عام 1959 على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي حتى الآن، في حين تقترح التعديلات الجديدة أنه «يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية».

وسبق لقوى شيعية أن تقدمت بطلب تشريع قانون جديد يتيح للمواطنين اللجوء إلى رجال الدين الشيعة والسنة للتقاضي في شؤون الزواج والطلاق والميراث، لكن معارضة مجتمعية أحبطت تلك المحاولات.

وكان رئيس «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» الراحل عبد العزيز الحكيم، ألغى قانون الأحوال المدنية لسنة 1957، حين تسلم رئاسة «مجلس الحكم» نهاية عام 2003، قبل أن يعيد الحاكم الأميركي المدني بول بريمر العمل به سنة 2004.


مقالات ذات صلة

أنقرة وبغداد إلى «اجتماع أمني رابع» لتعزيز التعاون

شؤون إقليمية جندي تركي مشارك في عملية «المخلب - القفل» شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

أنقرة وبغداد إلى «اجتماع أمني رابع» لتعزيز التعاون

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن الاجتماع الرابع للآلية الأمنية المشتركة بين تركيا والعراق سيعقد في أنقرة الأسبوع المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أرشيفية لتدريب في قاعدة «عين الأسد» الجوية غربي العراق (الجيش الأميركي)

الأمن العراقي يعتقل «متورطين» بقصف «عين الأسد»

أعلن العراق، الخميس، اعتقال 5 من المتورطين بقصف قاعدة «عين الأسد» التي تستضيف قوات أميركية غربي البلاد.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها الجيش العراقي لرتل عسكري خلال مطاردة سابقة لخلايا «داعش» في الأنبار

قوات عراقية تستنفر على الحدود السورية ضد «داعش»

نفذت قوات عراقية عمليات وصفتها بـ«الاستباقية» شمال البلاد، على الحدود مع سوريا، فيما نفت تسلل «إرهابيين» إلى منطقة الجزيرة بمحافظة نينوى.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (د.ب.أ)

منشور «غاضب» لصحافي عراقي يقوده إلى المحاكمة

تفاعل عشرات الناشطين والمدونين العراقيين مع صحافي وكاتب، قاده منشور ضد رؤساء الحكومة، بعد 2003، إلى المحكمة.

المشرق العربي مبنى الحكومة المحلية في محافظة ديالى العراقية (أرشيفية - إعلام حكومي)

قبيلة «تميم» تغلق مراكز شرطة ودوائر شرق العراق

أغلق أفراد من قبيلة «تميم» دوائر حكومية شرق العراق؛ احتجاجاً على عدم تعيين أحد أفرادها محافظاً لديالى.

فاضل النشمي (بغداد)

تلويح إسرائيلي باغتيال السنوار مع «اقتراب» قواتها من مخبئه في خان يونس

فلسطينيون ينزحون من خان يونس التي تعتقد إسرائيل أن يحيى السنوار يختبئ فيها (رويترز)
فلسطينيون ينزحون من خان يونس التي تعتقد إسرائيل أن يحيى السنوار يختبئ فيها (رويترز)
TT

تلويح إسرائيلي باغتيال السنوار مع «اقتراب» قواتها من مخبئه في خان يونس

فلسطينيون ينزحون من خان يونس التي تعتقد إسرائيل أن يحيى السنوار يختبئ فيها (رويترز)
فلسطينيون ينزحون من خان يونس التي تعتقد إسرائيل أن يحيى السنوار يختبئ فيها (رويترز)

تزامن إعلان إسرائيل مشاركتها في اجتماع مرتقب الخميس المقبل في الدوحة أو القاهرة لسدّ «الفجوات المتبقية» أمام اتفاق للتهدئة في غزة، مع تصعيد الحملة ضد القيادة الجديدة لحركة «حماس» التي تولاها يحيي السنوار خلفاً لإسماعيل هنية، الذي اغتيل في طهران يوم 31 يوليو (تموز) الماضي. وفُسّرت الحملة بأنها تمهد لمحاولة اغتيال السنوار أيضاً، وسط معلومات عن اقتراب القوات الإسرائيلية من مخبئه المفترض في خان يونس بجنوب قطاع غزة.

وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه استجاب لدعوة أطلقها قادة الولايات المتحدة ومصر وقطر لاستئناف المفاوضات، وقرر إرسال وفد إسرائيلي للمشاركة فيها، لغرض وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، وذلك يوم الخميس المقبل. وقالت الدول الثلاث الوسيطة إنها مستعدة لتقديم اقتراح نهائي للجانبين، ولم يتبق سوى تفاصيل التنفيذ التي يتعين العمل عليها.

وجاء في بيان وزّعه البيت الأبيض باسم الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: «لقد آن الأوان لتقديم الإغاثة الفورية للناس في غزة الذين طالت معاناتهم، وكذلك للرهائن وعائلاتهم الذين طالت معاناتهم. لقد حان الوقت لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمعتقلين». وتابع البيان: «لقد عملنا نحن الثلاثة وفِرقنا بلا كلل على مدار أشهر عديدة لصياغة اتفاق إطاري أصبح الآن على الطاولة ولم يتبق سوى تفاصيل التنفيذ. ويستند هذا الاتفاق إلى المبادئ التي حددها الرئيس بايدن في 31 مايو (أيار) 2024، والتي أقرها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735. لم يعد هناك متسع من الوقت نضيعه ولا أعذار من أي طرف لمزيد من التأخير.  لقد حان الوقت لإطلاق سراح الرهائن وبدء وقف إطلاق النار وتنفيذ هذا الاتفاق».

صورتان لإسماعيل هنية ويحيى السنوار في أحد شوارع بيروت (رويترز)

وتابع البيان: «بصفتنا وسطاء، فنحن مستعدون، إذا لزم الأمر، لتقديم مقترح نهائي يُجسّر هوة الخلاف لحلّ ما تبقى من قضايا التنفيذ بطريقة تلبي توقعات كلا الطرفين. لقد دعونا كلا الجانبين (أي إسرائيل وحماس) إلى استئناف المناقشات العاجلة يوم الخميس 15 أغسطس في الدوحة أو القاهرة لسدّ جميع الفجوات المتبقية والبدء في تنفيذ الاتفاق دون مزيد من التأخير».

وفيما أعلنت دولة الإمارات، الجمعة، انضمامها إلى الدعوة الثلاثية، رحّب منتدى عائلات الرهائن والمفقودين بالمبادرة، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى «إظهار روح قيادية لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق».

ولا يزال ما يقدّر بـ111 من بين 251 رهينة، اختطفتهم «حماس» خلال هجوم 7 أكتوبر، محتجزين في غزة. وهذا الرقم يشمل الأحياء والأموات، علماً أن الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مقتل 39 من الرهائن في القطاع. وتحتجز «حماس» أيضاً مدنيين إسرائيليين دخلا غزة في عامي 2014 و2015، بالإضافة إلى جثتي جنديين قُتلا في عام 2014.

وجاءت الدعوة إلى استئناف المفاوضات في ظل تلويح إسرائيلي باغتيال يحيى السنوار، بعد انتخابه رئيساً لحركة «حماس». وأمر وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، السفراء في الدول التي لم تعلن عن «حماس» تنظيماً إرهابياً، بأن يكرّسوا نشاطاتهم لمطالبة هذه الدول بتغيير موقفها ووضع خطة عمل لتكثيف عزلة هذا التنظيم وعدم التعامل معه على الإطلاق.

وقال ناطق باسم الخارجية الإسرائيلية إن التعليمات التي أصدرها كاتس للسفراء والطواقم الدبلوماسية تطلب أيضاً من الدول التي تعدّ «حماس» تنظيماً إرهابياً أن تتخذ إجراءات عقابية ضد السنوار شخصياً وتصدر أوامر منع دخول عناصر «حماس» إلى أراضيها وفرض قيود على أموالهم ومصادرتها باعتبارها أموال دعم للإرهاب. كما طلب دعم إسرائيل في حربها على «حماس».

صورة أرشيفية ليحيى السنوار زعيم «حماس» الجديد (أ.ف.ب)

وقال كاتس إن السنوار معروف في العالم كمسؤول أول عن المذبحة التي نفّذتها «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضد البلدات الإسرائيلية في غلاف غزة، وهو الذي خطط ودرّب الكوادر على ذلك الهجوم بكل تفاصيله، وانتخابه رئيساً للحركة يعني أن جميع قادتها يتبنون سياسته. وأضاف، وفقاً لمصدر سياسي في تل أبيب، أن «اختيار السنوار رئيساً هو كنز لإسرائيل يجب استغلاله حتى النهاية».

واعتُبرت هذه الحملة جزءاً من حملة تحريض تديرها إسرائيل تمهيداً لاغتيال السنوار. وقد جاءت في وقت أعلن فيه مصدر عسكري في تل أبيب أن قواته تقترب كثيراً من موقع اختباء السنوار. وكشف أن تكثيف العمليات الحربية في خان يونس بجنوب قطاع غزة جاء لأن الاعتقاد السائد أنه موجود هناك مع عدد غير قليل من الأسرى الإسرائيليين «الذين يستخدمهم دروعاً بشرية لحمايته».

وكان الوزير كاتس قد صرح فور الكشف عن انتخاب «حماس» السنوار رئيساً لها عقب اغتيال إسماعيل هنية في طهران، بأن «السنوار هو ابن موت أصلاً، لكن انتخابه هو سبب آخر للقضاء عليه وفرصة لمحو الحركة برمتها عن الأرض».

يذكر أن مصادر في تل أبيب أكدت أن السنوار تواصل مع جهات مصرية بعد انتخابه، وأكد أن حركته ملتزمة بشروط صفقة تبادل أسرى، ولكنها تصر على أن تتضمن وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وطالب أيضاً بأن يكون مروان البرغوثي، القيادي البارز في حركة «فتح»، أحد أوائل الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم. وقال إن حركته ترى في البرغوثي شخصية مقبولة لدى «حماس» وبقية فصائل المقاومة لتولي قيادة السلطة التي ستحكم غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب. وأشارت مصادر إلى أن «مطلب (حماس) لقي قبولاً ودعماً من الوسطاء والجانب الأميركي الداعي إلى فكرة السلطة الفلسطينية المتجددة كون مروان البرغوثي يمثّل تياراً وطنياً ويلقى قبولاً شعبياً في الضفة الغربية وقطاع غزة». وزعمت المصادر أن مطلب «حماس» إطلاق سراح البرغوثي جاء نتيجة اقتناعها بعدم قدرتها على العودة للحكم في غزة، وهي تعتبر أنه إنسان أمين ويتمتع بمصداقية، الأمر الذي يؤهله ليكون مقبولاً لتسلم الحكم في القطاع. وعلى إثر ذلك، صرّح مسؤول سياسي إسرائيلي كبير بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قرر إضافة شرط جديد للصفقة هو الإصرار على إبعاد 150 أسيراً فلسطينياً ممن حُكموا بالمؤبد إلى خارج البلاد. وقد فُهم هذا التصريح على أنه إعلان رفض قاطع لمنح البرغوثي دوراً في غزة.