منها «باركنسون» وأمراض الكلى... عدد مرات التبرّز مؤشر على أمراض مزمنة

الإسهال والإمساك مؤشر على عدم صحة الأمعاء (رويترز)
الإسهال والإمساك مؤشر على عدم صحة الأمعاء (رويترز)
TT

منها «باركنسون» وأمراض الكلى... عدد مرات التبرّز مؤشر على أمراض مزمنة

الإسهال والإمساك مؤشر على عدم صحة الأمعاء (رويترز)
الإسهال والإمساك مؤشر على عدم صحة الأمعاء (رويترز)

قد يؤثر عدد المرات التي يتبرز بها الشخص على صحة أمعائه أكثر من الشعور بالانتفاخ، إذ وجدت دراسة جديدة أن التبرز المتكرر في اليوم الواحد قد يؤثر أيضاً على ميكروبيوم الأمعاء، ويشكل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن».

ووفقاً للدراسة التي نشرت الاثنين في مجلة «Cell Reports Medicine»، يبدو أن بكتيريا الأمعاء التي تهضم الألياف تزدهر لدى المشاركين في الدراسة، الذين يتبرزون مرة أو مرتين في اليوم، لكن البكتيريا المرتبطة بالجهاز الهضمي العلوي أو تخمر البروتين كانت غنية لدى المصابين بالإسهال أو الإمساك، على التوالي.

ووجد الباحثون أيضاً أن الأشخاص الأصغر سناً والنساء والمشاركين الذين لديهم مؤشر كتلة جسم (تستخدم كمؤشر للسمنة ونقص الوزن) أقل كان عدد تبرزهم في اليوم الواحد أقل.

وقال كبير مؤلفي الدراسة، الدكتور شون جيبونز، الذي فقد أفراداً من عائلته بسبب مرض باركنسون للشبكة: «إن كثيراً من الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، بما في ذلك مرض باركنسون وأمراض الكلى المزمنة، أفادوا بأنهم أصيبوا بالإمساك لسنوات قبل التشخيص».

لكن جيبونز، الأستاذ المشارك في معهد بيولوجيا الأنظمة في سياتل، أضاف أنه «مع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كان تكرار التبرز أم عدمه... دوافع للمرض، أو مجرد نتيجة للمرض».

هذا المأزق هو ما دفع الباحثين إلى دراسة الارتباطات بين تواتر حركة الأمعاء وعلم الوراثة، وميكروبيوم الأمعاء، وكيمياء بلازما الدم، ومستقلبات الدم (وهي جزيئات صغيرة تشارك في عملية التمثيل الغذائي ومنتجاتها) لتقييم ما إذا كان نمط التبرز قد يؤثر سلباً على الجسم قبل تشخيص المرض، بحسب جيبونز.

وقام الباحثون بفحص البيانات الصحية ونمط الحياة لأكثر من 1400 من البالغين الأصحاء الذين شاركوا في برنامج العافية العلمي في «Arivale»، وهي شركة صحة المستهلك التي عملت من عام 2015 إلى عام 2019 في سياتل. أجاب المشاركون، على الاستبيانات، ووافقوا على أخذ عينات من الدم والبراز.

وتم تقسيم تكرار التبرز المبلغ عنه إلى 4 مجموعات: الإمساك (تبرز لمرة واحدة أو اثنتين في الأسبوع)، ومتوسط ​​منخفض (3 إلى 6 مرات أسبوعياً)، ومتوسط ​​مرتفع (واحد إلى 3 مرات من التبرز يومياً) والإسهال.

ووجد الباحثون أيضاً أن كثيراً من مستقلبات الدم وكيمياء بلازما الدم كانت مرتبطة بترددات مختلفة.

وكانت المنتجات الثانوية لتخمر البروتين مثل كبريتات p-Cresol وكبريتات الإندوكسيل، المعروفة بأنها تسبب تلف الكلى، كانت أكثر لدى المشاركين المصابين بالإمساك. وارتبطت مستويات كبريتات الإندوكسيل في الدم أيضاً بانخفاض وظائف الكلى. وكانت المواد الكيميائية المرتبطة بتلف الكبد أعلى لدى الأشخاص الذين يعانون من الإسهال، والذين لديهم مزيد من الالتهابات أيضاً.

يعتقد المؤلفون أن النتائج التي توصلوا إليها هي «دعم أولي للعلاقة السببية بين تكرار التبرز، والتمثيل الغذائي الميكروبي للأمعاء، وتلف الأعضاء»، وفقاً لبيان صحافي.

وقال الدكتور مدير مختبر حركية الجهاز الهضمي في جامعة ماساتشوستس العامة وأستاذ الطب المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد، كايل ستالر، لـ«سي إن إن»: «الأمر المثير بالنسبة لي في هذه الدراسة هو أننا عرفنا منذ فترة طويلة بوجود صلة بين الإمساك وأمراض الكلى المزمنة، ولكن الآليات المحتملة لم يتم فهمها جيداً على الإطلاق».

وأضاف ستالر، الذي لم يشارك في الدراسة: «توفر هذه الدراسة مساراً واحداً يمكن من خلاله للدراسات المستقبلية التحقق من هذا الارتباط بمرور الوقت... لمعرفة ما إذا كان الأشخاص الذين يعانون من انخفاض وتيرة التبرز ينتجون مستقلبات أكثر سمية، وبالتالي يصابون بأمراض الكلى».

كيف نفهم صحة الأمعاء؟

قال ستالر: «الدراسة لا تثبت وجود علاقة بين السبب والنتيجة. تأتي البيانات من المشاركين الذين تمت دراستهم في وقت واحد، لذلك يمكن أن تكون هناك عوامل أخرى تلعب دوراً. ومن الممكن أيضاً أن يؤثر الميكروبيوم المعوي لدى الشخص على وتيرة حركة الأمعاء».

وأشار إلى أن عدد مرات التبرز ليس المقياس الأمثل لوظيفة الأمعاء.

وأضاف ستالر: «نحن نعلم أن وتيرة التبرز الطبيعية تتراوح من 3 مرات أسبوعياً إلى 3 مرات يومياً، ولكن أفضل مقياس لمدى سرعة تحرك الأشياء عبر أمعائنا هو شكل البراز، أي أنه عندما يكون البراز أكثر صلابة، فإنه يبقى في القولون لفترة أطول، وهو ما نسميه وقت عبور أطول، وعندما يكون البراز أكثر ليونة، فإن العكس هو الصحيح. وبالتالي، فإن المقياس الأكثر مثالية لوظيفة الأمعاء هو شكل البراز بدلاً من تكراره».

بالإضافة إلى ذلك، قال الخبراء إن كثيراً من النتائج تعتمد على المجموعة ذات التردد المنخفض إلى الطبيعي للتبرز (3 إلى 6 مرات في الأسبوع)، وقليل منها مستمد من أولئك الذين يعانون من الإمساك أو الإسهال.

فمن الناحية المثالية، يمكننا أن نرى نوعاً من العلاقة بين الجرعة والاستجابة، حيث كلما كان الإمساك أسوأ، كلما كانت وظائف الكلى أسوأ، وكان عدد هذه المستقلبات الضارة المحتملة في الدم مؤشراً أكبر.


مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

تكنولوجيا يمكن أن يسهّل التعرف المبكر على المرضى الذين من المرجح أن يتقدموا بسرعة العلاج في الوقت المناسب والمراقبة الدقيقة (شاترستوك)

الذكاء الاصطناعي أكثر دقة بـ3 مرات في التنبؤ بتقدم مرض ألزهايمر

ابتكر باحثون بجامعة كمبردج نموذجاً للتعلم الآلي يمكنه التنبؤ بتطور مشاكل الذاكرة والتفكير الخفيفة إلى مرض ألزهايمر بدقة أكبر من الأدوات السريرية.

نسيم رمضان (لندن)
صحتك صورة تعبيرية من بيكسباي

دراسة تقلب المعايير... اختلافات بين الجنسين في الصحة العقلية

اكتشف فريق من علماء الأعصاب اختلافات بين هيكل الدماغ لدى الذكور والإناث، في المناطق المرتبطة باتخاذ القرارات ومعالجة الذاكرة والتعامل مع المشاعر.

كوثر وكيل (لندن)
يوميات الشرق الطريقة الجديدة تستخدم صبغة يمكنها اختراق الفيروسات (جامعة برمنغهام)

اختبار سريع لكشف الفيروسات المُعدية

توصل باحثون من جامعة برمنغهام البريطانية إلى طريقة جديدة يمكنها تحديد ما إذا كان الفيروس معدياً أم لا، بسرعة كبيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك صورة تعبيرية للدماغ من بيكسباي

6 نصائح للحفاظ على صحة دماغك في فترة شبابك 

يتحكم الدماغ في التفكير والحركة والمشاعر، اتبع النصائح التالية للحفاظ على صحة الدماغ وحمايته من الخرف.

كوثر وكيل (لندن)
صحتك ما هي بالضبط حروق الشمس وكيف تؤثر على الجلد؟

حروق الشمس... كيف تقي نفسك منها وتعالجها؟

في فصل الصيف، غالباً ما نُصاب بحروق الشمس المؤلمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة تقلب المعايير... اختلافات بين الجنسين في الصحة العقلية

صورة تعبيرية من بيكسباي
صورة تعبيرية من بيكسباي
TT

دراسة تقلب المعايير... اختلافات بين الجنسين في الصحة العقلية

صورة تعبيرية من بيكسباي
صورة تعبيرية من بيكسباي

لا يزال العلماء في حالة جدل حول حقيقة الفروق بين الجنسين على صعيد الصحة العقلية، والإصابة بالمرض العقلي، وأظهرت دراسات عديدة لكبار العلماء انحيازات لصالح تفوق الذكور نفسياً وعقلياً عبر التاريخ، دون أدلة علمية ملموسة، قبل أن تشهد الأوساط العلمية قفزة كبيرة عبر الأبحاث لكشف حقيقة الفروق بين الجنسين.

اكتشف فريق من علماء الأعصاب والمتخصصين في السلوك، المرتبطين بعدة مؤسسات علمية في الولايات المتحدة الأميركية، وبالتعاون مع خبراء من نيوزيلندا وكندا، اختلافات بين هيكل الدماغ لدى الذكور والإناث، في المناطق المرتبطة باتخاذ القرارات ومعالجة الذاكرة والتعامل مع المشاعر.

ففي دراستهم المنشورة في «Proceedings of the National Academy of Sciences» قارن فريق الباحثين بين أكثر من 1000 تصوير دماغي لفهم أفضل لسبب تعرض الرجال والنساء لأنواع مختلفة من الأمراض الدماغية.

وأظهرت الأبحاث السابقة أن الأطفال الذكور يكونون أكثر عُرضة بـ3 مرات للتشخيص بالتوحد مع تقدّمهم في العمر مقارنةً بالأطفال الإناث، وهم أيضاً أكثر عرضة مرتين للتشخيص باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط «ADHD».

من ناحية أخرى، فإن الأطفال الإناث يكونون تقريباً أكثر عُرضة مرتين للتشخيص باضطرابات القلق أو المزاج في وقت لاحق من الحياة مقارنةً بالأولاد.

الفروقات الفيزيائية بين الجنسين

تساءل أطباء الصحة العقلية لسنوات عديدة عن سبب وجود هذه الفروقات، ويشتبه الكثيرون في أنها تعود إلى الفروقات الفيزيائية في الدماغ بين الجنسين.

ويعتقد فريق البحث أنهم قد يكونون قد وجدوا دليلاً على وجود مثل هذه الفروقات. ولتحديد الفروقات المحتملة بين الجنسين في الدماغ ركّز الباحثون انتباههم على مناطق المادة الرمادية تحت القشرية، التي ربطها باحثون سابقون بالصحة العقلية، بما في ذلك اللوزة الدماغية (Amygdala)، وهي منطقة في الدماغ تلعب دوراً هاماً في تنظيم العواطف والمشاعر واتخاذ القرارات، والمِهاد أو الثلاموس (Thalamus)، وهو كتلة كبيرة في المادة الرمادية في الجزء الظّهري للدماغ البيني، وهو جزء من الدماغ. وظائفه تتمثّل في إعادة بثّ الإشارات الحسية، على غرار نقل الإشارات الحركية إلى القشرة المخية، وتنظيم الوعي والنوم واليقظة، وقام العلماء بتحليل صور الرنين المغناطيسي لحوالي 1065 دماغاً من الذكور والإناث، باحثين عن فروقات في البنية الدقيقة للدماغ، مثل كيفية تركيز الخلايا، ترتيبها، أو حتى خصائصها الفيزيائية.

ووجد فريق البحث ما وصفوه بـ«فروقات كبيرة مرتبطة بالجنس في البنى الدقيقة»، وأشاروا إلى أن هذه التغيرات كانت واضحة حتى بعد تعديلها حسب العمر وحجم الدماغ نسبياً، كما وجد فريق البحث مقاييس انتشار في اللوزة الدماغية والمِهاد، ويعتقدون أنها قد تكون مرتبطة باضطرابات عقلية مثل القلق، والاكتئاب، ومشاكل متعلقة بالعلاقات الاجتماعية.

وأشار البحث إلى أن دراسة إضافية لصور الرنين المغناطيسي الانتشاري وفّرت رؤى أعمق حول الاضطرابات الدماغية المبنية على الجنس.