الموريتانيون يختارون رئيساً وسط هواجس الأمن وضعف الإقبال

ناخبة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)
ناخبة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)
TT

الموريتانيون يختارون رئيساً وسط هواجس الأمن وضعف الإقبال

ناخبة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)
ناخبة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)

توجه الناخبون الموريتانيون، اليوم (السبت)، إلى صناديق الاقتراع للتصويت على من سيحكم البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، ولكن الطابع الأبرز كان ضعف الإقبال على مراكز الاقتراع، خاصة في مدن البلاد الداخلية، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 14 في المائة بعد سبع ساعات من بداية التصويت وبقاء خمس ساعات فقط على إغلاق مكاتب الاقتراع.

وتتزامن هذه الانتخابات مع فصل الصيف في موريتانيا، ذات المناخ الصحراوي والجاف، حيث تصل درجات الحرارة في بعض مناطق البلاد إلى أكثر من أربعين درجة مئوية، فيما يتوقع أن تنخفض درجات الحرارة مع حلول المساء، ما يزيد من احتمال ارتفاع نسبة المشاركة.

ناخبات خارج مركز اقتراع في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)

وقالت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في نقطة صحافية عند منتصف النهار: «إنها لم تسجل أي خروق بعد مضي خمس ساعات من التصويت»، مؤكدة أنها «مرتاحة بشكل تام لسير عملية الاقتراع لرئاسيات 2024، ومكاتب التصويت افتتحت في موعدها المحدد وشرع الناخبون في الإدلاء بأصواتهم بأريحية وانسيابية، ولم نسجل حتى الساعة أي ملاحظات أو خروقات».

إجراءات أمنية

قبل ساعات من فتح مكاتب الاقتراع، بدأت السلطات الموريتانية تنفيذ خطة أمنية في العاصمة نواكشوط وعدد من المدن الكبرى، بهدف تأمين الاقتراع، وخشية وقوع أعمال شغب، على غرار ما حدث قبل أيام في مدينة نواذيبو، العاصمة الاقتصادية للبلاد.

ناخب يتوجه إلى مركز اقتراع في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)

وشوهدت وحدات من شرطة مكافحة الشغب ترابط عند ملتقيات الطرق الرئيسية، وبالقرب من مكاتب التصويت، كما جابت دوريات من الدرك الوطني شوارع العاصمة نواكشوط، واتخذت إجراءات شبيهة في مدن أخرى منها نواذيبو وروصو وكيفة وأزويرات.

وأصدرت وزارة الداخلية بياناً صحافياً عشية توجه الناخبين الموريتانيين إلى مكاتب التصويت، قالت فيه: «تم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، ونشر الأجهزة العسكرية والأمنية على امتداد التراب الوطني، حيث وُجد مكتب تصويت لتمكين المواطنين من تأدية واجبهم الانتخابي بكل حرية وطمأنينة على أمنهم وأمن ممتلكاتهم».

وأكدت الوزارة أن «عملية الاقتراع ستجري في ظروف طبيعية، وستكون عمليات التنقل انسيابية ومن دون عوائق، في مناطق البلاد كافة»، قبل أن تعلن تعليق قرار سابق بمنع حركة النقل العمومي بين المدن بعد منتصف الليل «حرصاً على تسهيل تنقل الناخبين إلى مراكز الاقتراع».

الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد شيخ الغزواني يدلي بصوته في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)

الهاجس الأمني كان حاضراً حتى في تصريحات المرشحين السبعة لهذه الانتخابات، حيث قال المرشح المعارض العيد محمدنا مبارك: «أتمنى أن يسود الأمن والاستقرار، خلال يوم الاقتراع وبعد إعلان النتائج، من أجل إثراء تجربتنا الديمقراطية، فرغم التنافس واختلاف البرامج الانتخابية، فإن الهدف هو صيانة المكتسبات الديمقراطية، وصيانة أمن واستقرار البلد لأن ذلك خط أحمر».

وأضاف ولد محمدن في حديث أمام عشرات الصحافيين، من مكتب تصويت في حي شعبي بنواكشوط: «صيانة الأمن جزء من مسؤوليتنا جميعاً بصفتنا موريتانيين، ولكن العبء أكبرُ على الفاعلين السياسيين والهيئات المشرفة على الانتخابات والإدارة... مسؤوليتنا جميعا أن نوفر للشعب الموريتاني أجواء يعبر فيها عن إرادته بكل حرية وشفافية ونزاهة، وأن تتم حماية إرادته».

ناخبون خارج مركز اقتراع في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)

التزام بالنتائج

الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، الساعي للفوز بولاية رئاسية ثانية، بعد أن أدلى بصوته في أحد مكاتب الاقتراع بنواكشوط، شدد على أهمية الأمن والسكينة، وقال: «أنا مرتاح لجو الهدوء والأمن والسكينة الذي تجري فيه عمليات الاقتراع على التراب الوطني كافة».

وأضاف ولد الغزواني أنه حريص على أن «تكون هذه الانتخابات شفافة ونزيهة وذات مصداقية»، قبل أن يهنئ الموريتانيين على ما سماه «الجو التنافسي الإيجابي الذي تمت فيه الحملة الانتخابية، والذي أظهر المستوى الرفيع لوعيهم السياسي وتشبثهم وتعلقهم بالسلم الأهلي واللُّحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية، ومدى ترسخ الممارسة الديمقراطية في البلد»، وفق تعبيره.

مسؤولة في مركز اقتراع تحضر أوراق التصويت في نواكشوط السبت (أ.ف.ب)

وخلص إلى تأكيد أنه «ملتزم بما ستسفر عنه نتائج الانتخابات التي تبقى الكلمة الفصل فيها للناخب الموريتاني ليحدد ويقرر لمن تُسند قيادة الوطن في السنوات الخمس المقبلة»، وأضاف أن «الفائز الأول في النهاية المواطن والديمقراطية الموريتانية».

انتقادات المعارضة

وجه المرشح المعارض بيرام الداه اعبيد انتقادات لاذعة للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وهي هيئة تتولى الإشراف على الاقتراع، وقال إن أجهزة الحكومة والسلطة «تجمع مستضعفين يعانون من مشكلات صحية ومادية، وترغمهم على التصويت لها بالإغراء والاستدراج، وذلك بمباركة من اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات».

بل إن المرشح المعارض اتهم اللجنة بأنها متورطة في «الدعاية لصالح المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني»، وقال إنها «صادرت هواتف ممثليه في مكاتب التصويت، وضايقتهم»، قبل أن يدعو الموريتانيين إلى «الوقوف بكل قوة في وجه سرقة مستقبل البلد لمدة خمس سنوات مقبلة».

وعبر ولد اعبيد عن ثقته في الفوز، ما لم تحدث عمليات تزوير.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: بايدن لا يعتزم «أبداً» الانسحاب من الانتخابات الرئاسية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مناظرة رئاسية مع المرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب الخميس 27 يونيو 2024 في أتلانتا (أ.ب)

البيت الأبيض: بايدن لا يعتزم «أبداً» الانسحاب من الانتخابات الرئاسية

أكّد البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن لا يعتزم «أبداً» الانسحاب من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر بل هو «ماضٍ قدماً» في حملته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان (رويترز)

فرنسا: تيار اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان يعاني في ظل اتحاد منافسيه ضده

سحب منافسو مارين لوبان مرشحين من 223 جولة إعادة في الانتخابات الفرنسية المقررة يوم الأحد المقبل، لتجنب تفتيت الأصوات ضد حزبها «التجمع الوطني» اليميني المتطرف.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد (الرئاسة)

تونس: الانتخابات الرئاسية في 6 أكتوبر

سعيّد خبير دستوري انتُخب ديموقراطياً في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، قبل أن يعلن في 25 يوليو (تموز) 2021، إجراءات تمثلت بإقالة رئيس الوزراء وتجميد عمل البرلمان...

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري مستقبلاً عميد مسجد باريس بقصر الرئاسة في 10 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

«مسجد باريس» الممول جزائرياً يحضّ الفرنسيين على التصدي لليمين المتطرف

بحسب مصادر جزائرية مهتمة بالانتخابات في فرنسا، «يعكس موقف مسجد باريس، بخصوص توجهات الناخب الفرنسي، رأي وموقف الجزائر من مجريات الأحداث عند المستعمر السابق».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أوروبا جانب من مناظرة انتخابية بين ستارمر وسوناك في 26 يونيو (د.ب.أ)

بريطانيا: «العُمّال» إلى فوز ساحق... وفاراج يهدّد تماسك «المحافظين»

يتجه ملايين الناخبين البريطانيين إلى صناديق الاقتراع، الخميس، في انتخابات تشريعية قد تشهد عودة «العمال» إلى السلطة بعد 14 عاماً من حكم المحافظين

نجلاء حبريري (لندن)

أول تغيير في «الخارجية» خلال عهد السيسي... هل تتبدل السياسات؟

بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
TT

أول تغيير في «الخارجية» خلال عهد السيسي... هل تتبدل السياسات؟

بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)
بدر عبد العاطي (صفحته على «فيسبوك»)

شهدت حقيبة وزارة الخارجية المصرية أول تغيير في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع تولي السفير بدر عبد العاطي قيادتها، خلفاً لسامح شكري، الذي أمضى 10 أعوام على رأس الوزارة.

وهذا ما أثار تساؤلات بشأن أسباب التغيير، وتأثير ذلك في مسار الدبلوماسية المصرية والسياسات الخارجية. وبينما عد سياسيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» التغيير «أمراً طبيعياً»، أكدوا أنه «لن يؤثر في مسار الدبلوماسية المصرية».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق علي الحفني، لـ«الشرق الأوسط»، إن عبد العاطي «ابن وزارة الخارجية ويعرف ملفاتها جيداً وسياسة الدبلوماسية المصرية العريقة»، واصفاً إياه بأنه «أحد مهندسي الشراكة المصرية - الأوروبية». وقال إن «اختياره يعزز صعود تلك الشراكة مستقبلاً». وأضاف الحفني أن استمرار شكري في «الخارجية» عشر سنوات «أمر طبيعي مرتبط بحقيبة الخارجية، التي تشهد تغييرات على فترات طويلة. فالدولة قد تحتاج أحياناً للاستفادة من مزايا وشبكات العلاقات التي كونها الوزير مع نظرائه في دول أخرى، وبالتالي يستمر فترة أطول».

وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) النائب مجدي عاشور، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الخارجية من الوزارات التي تشهد تغييرات محدودة في أسماء من يتولى حقيبتها، وربما التغيير يحمل دعماً لمسار العلاقات المصرية - الأوروبية التي يتميز عبد العاطي بنجاحاته في إدارتها».

ملف عبد العاطي

ويبدو أن هذا الملف يحظى فعلاً باهتمام عبد العاطي، حيث أكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج الجديد، الأربعاء، «الأهمية الخاصة لشراكة مصر والاتحاد الأوروبي»، لافتاً إلى أنها تأتي «نتيجة استقرار مصر وتماسكها ودورها الريادي الإقليمي والدولي».

ودلل الوزير المصري على ذلك بانعقاد مؤتمر الاستثمار الأول من نوعه بين مصر والاتحاد الأوروبي، قبل أيام، وما سبقه من توقيع على الإعلان المشترك لتدشين شراكة استراتيجية وشاملة بينهما، قبل أشهر.

صورة التُقطت لبعض إنشاءات «سد النهضة» في سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

وعمل عبد العاطي سفيراً لمصر في ألمانيا من 2015 حتى 2019. ووقع أول اتفاقية مصرية - ألمانية بشأن مكافحة «الهجرة غير المشروعة»، ونال تكريماً ألمانياً رفيعاً في2020 عبر «وسام صليب الاستحقاق». كما شغل عبد العاطي، منصب سفير مصر لدى مملكة بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ والاتحاد الأوروبي من مارس (آذار) 2022، ومنصب مندوب مصر الدائم لدى حلف الناتو، ونائب مساعد وزير الخارجية للاتحاد الأوروبي وغرب أوروبا، فيما وصفته صحيفة «الأهرام» المصرية الرسمية، الأربعاء، بأنه «مهندس العلاقات المصرية - الأوروبية».

وكان عبد العاطي، مسؤولاً داخل وزارة الخارجية عن ملف الشؤون الأفريقية، ومديراً لشؤون فلسطين، ومتحدثاً باسم الوزارة بين 2013 و2015، وترأس الوفد المصري في اجتماع دول جوار ليبيا في 2014.

وقال عبد العاطي في تصريحات صحافية أدلى بها عقب إدلائه بالقسم، إن منطقة الشرق الأوسط «تموج بالصراعات والأزمات من جميع الاتجاهات، وإن الاتحاد الأوروبي والشركاء الغربيين لم يجدوا دولة يعتمدون عليها في حفظ الأمن والاستقرار مثل مصر».

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

ويعتقد الوزير المصري أن ذلك «هو الوضع أيضاً بالنسبة لباقي دول العالم التي تحرص على أن يكون دور القاهرة مهماً ونشيطاً حتى لا يحدث في المنطقة أزمات أكثر مما هو قائم بالفعل»، مشدداً على أن مصر كانت وستكون «ركيزة الاستقرار في هذه المنطقة».

لا تغيير

إلا أن حنفي يرى أن «مسار الدبلوماسية المصرية لن يشهد تغييراً مع عبد العاطي»، موضحاً أن «مصر لديها سياسة خارجية عريقة وثوابت لا تتغير بتغيير الأشخاص». وتعهد عبد العاطي في بيان للخارجية المصرية «باستكمال مسيرة من سبقوه في تولي هذه المسؤولية في الدفاع عن المصالح المصرية وأمن مصر القومي، والاهتداء بالخطى والتوجيهات التي رسمها الرئيس المصري للحكومة الجديدة».

ويعتقد الحفني أن أبرز الملفات التي ستكون على طاولة الوزير الجديد «هي الملفات السابقة نفسها للوزير شكري، وفي مقدمتها ملف غزة والمفاوضات لوقف الحرب المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي». لكن الحفني يشير أيضاً إلى أنه «سيكون هناك اهتمام أكبر بملف العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الملفات المستمرة كـ(سد النهضة) والصراعات في السودان وليبيا واليمن وسوريا».