المغتربون يتوافدون إلى لبنان رغم مخاوف الحرب الإسرائيلية

نحو 400 ألف منهم وصلوا هذا الشهر

حركة كثيفة للوافدين إلى مطار بيروت (المركزية)
حركة كثيفة للوافدين إلى مطار بيروت (المركزية)
TT

المغتربون يتوافدون إلى لبنان رغم مخاوف الحرب الإسرائيلية

حركة كثيفة للوافدين إلى مطار بيروت (المركزية)
حركة كثيفة للوافدين إلى مطار بيروت (المركزية)

رغم أن البيانات الصادرة مؤخراً عن عدد من السفارات ووزارات الخارجية، والتي تدعو رعاياها لعدم زيارة لبنان، كان لها وقعها على عدد كبير من اللبنانيين الذين عادوا يتساءلون يومياً عمّا إذا كانوا أقرب من أي وقت من حرب إسرائيلية موسعة، فإنه لم يتم تسجيل أي مظاهر خوف أو هلع، بل بالعكس، وصل نحو 400 ألف مغترب إلى البلد خلال شهر يونيو (حزيران) وحده.

أكثر من 10 آلاف وافد يومياً

وقال مدير عام الطيران المدني، رئيس مطار بيروت فادي الحسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أرقام الوافدين إلى لبنان، وهم بأغلبيتهم الساحقة من اللبنانيين، شبه مماثلة لأرقام الوافدين في الفترة نفسها من العام الماضي»، لافتاً إلى أنه «منذ مطلع شهر يونيو حتى الرابع والعشرين منه، وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي 363623 شخصاً، علماً بأن الوافدين يومياً تتراوح أعدادهم بين 10 آلاف و16 ألفاً. وكان قد بلغ عدد الوافدين في الشهر نفسه، العام الماضي، 427355».

وأوضح الحسن أن «كل التطورات الأخيرة لم تؤثر على أعداد الوافدين، علماً بأننا لم نصل بعد للفترة التي تشهد عادة أكبر حركة وصول إلى المطار».

ولم تؤثر التحذيرات التي أطلقتها فرنسا منذ أبريل (نيسان) الماضي، لمواطنيها بعدم زيارة لبنان على عشرات آلاف المغتربين الذي يعيشون هناك. ومن هؤلاء إيلي ن. (33 عاماً) وعائلته، الذين وصلوا لقضاء شهرين كاملين في قريتهم العكارية الواقعة شمال لبنان. وأشار إيلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «مثل مئات آلاف المغتربين، ينتظر العطلة الصيفية بفارغ الصبر لقضائها في بلده، وبالتالي فإن التهويل المستمر بالحرب لن يمنعنا من متعة زيارة لبنان».

وكان رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر جان عبود، أعلن مؤخراً في بيان أنه «مع اقترابنا من فصل الصيف، ابتداءً من 4 و5 يوليو (تموز)، فإن حركة المطار ستكون في ازدياد، وسترتفع الحجوزات والملاءة، وستصل إلى 100 في المائة، حيث إن حركة الوافدين ستتعدى الـ12 أو الـ13 ألف راكب يومياً، وعدد الطائرات سيتعدى الـ80 أو85 طائرة يومياً».

لا إقبال استثنائياً على تخزين الأغذية

وفيما أثارت تحذيرات مسؤول إسرائيلي في مجال الطاقة من سهولة تعطيل شبكة الكهرباء في شمال إسرائيل من قبل «حزب الله» قلقاً كبيراً وسط سكان هذه المنطقة، ما أدى لارتفاع الإقبال بشكل غير مسبوق على شراء معدات توليد الكهرباء، لم يُسجل في المقابل أي إقبال متزايد لدى القسم الأكبر من اللبنانيين على تخزين الغذاء أو الأدوية، وبخاصة بعد تحذير مسؤولين إسرائيليين من أن قرب انتهاء العمليات الكبرى في غزة يعني اقتراب المواجهة الواسعة مع لبنان.

وأشار نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، إلى أنه «منذ بدء عملية (طوفان الأقصى)، أي منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2023، يعيش هذا القطاع فيما يشبه حالة الطوارئ، وبخاصة بُعيد أزمة البحر الأحمر وارتفاع سعر الشحن وتأخر وصول البضائع». وقال بحصلي لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أننا دخلنا في مرحلة معينة في نوع من الاستقرار، لكن المخاوف تفاقمت مجدداً مؤخراً، وإن كنا لا نزال نعتقد أن احتمالات الحرب تساوي احتمالات عدم حصولها».

وأوضح بحصلي أن «هناك تجاراً استوردوا بضائع إضافية تحسباً، بينما قسم آخر يعمل بشكل اعتيادي، تماماً كما أن بعض المواطنين في فترات معينة لجأوا إلى تخزين المعلبات والزيوت والمياه وأغراض الأطفال والأدوية، فيما رأى قسم آخر أن لا حاجة لذلك على الإطلاق، والناس في معظمهم يستعدون لصيف واعد».

ولفت بحصلي إلى أن «الأمن الغذائي هو وجود الغذاء، والوصول إليه وسلامته»، وقال: «حالياً الغذاء موجود، لكن في حال حصول حرب موسعة قد يتعذر الوصول إلى الغذاء في المستودعات وتوزيعه».

من جهته، أوضح حسّان عز الدين، عضو نقابة المتاجر ورئيس مجلس إدارة واحدة من أكبر سلاسل «السوبر ماركت» في لبنان، أن «قسماً من اللبنانيين لجأ إلى التخزين في شهر أكتوبر 2023، ولكن بعد ذلك لم تسجل أي حركة إقبال غير اعتيادية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الإقبال المتزايد اليوم هو من قبل المغتربين الذين بدأوا بالتوافد إلى البلد، والذين يستخدمون بشكل أساسي البطاقات المصرفية».

ويُعبّر كامل البيطار، وهو مالك «ميني ماركت» صغير في منطقة الدكوانة، شرق العاصمة بيروت، عن موقف قسم كبير من اللبنانيين فيما يتعلق بموضوع الحرب؛ إذ يرى أنه «لو أرادت إسرائيل الحرب الموسعة لأقدمت عليها، وما كانت لتكتفي بالتهديد والوعيد يومياً»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يلحظ أي تغيير على الإطلاق من حيث زيادة الطلب على مواد معينة لتخزينها».


مقالات ذات صلة

هوكستين في باريس لتنسيق جهود خفض التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»

المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه أخيراً بكبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكستين (د.ب.أ)

هوكستين في باريس لتنسيق جهود خفض التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»

يسعى المبعوث الأميركي آموس هوكستين في باريس إلى «ترجمة توافق الرئيسين بايدن وماكرون بشأن إقامة آلية تنسيق للمناقشات مع إسرائيل ولبنان إلى واقع».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم العربي زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)

التهدئة بجنوب لبنان تنتظر لقاءات نتنياهو في واشنطن

تُولي مصادر دبلوماسية وسياسية لبنانية أهمية خاصة لزيارة بنيامين نتنياهو واشنطن، 24 يوليو (تموز)، متوقعةً أن يرفع شروطه للموافقة على التهدئة في غزة ولبنان.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي سيدات يشاركن في تشييع عناصر في «حزب الله» (أ.ف.ب)

تراجع التهديدات الإسرائيلية للبنان: العودة إلى الواقعية وتعويل على الدبلوماسية

بعد أكثر من أسبوع على رفع سقف تهديدات المسؤولين الإسرائيليين يسجّل في الأيام الأخيرة تراجع لافت في مستوى المواقف الإسرائيلية مترافقة مع تبدّل في دينامية المعركة

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي الفسفور الأبيض الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي لإنشاء حاجز من الدخان يظهر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية في شمال إسرائيل (رويترز)

إسرائيل تغتال قائد عمليات القطاع الغربي في «حزب الله»

اغتالت إسرائيل قيادياً في «حزب الله»، هو الثالث منذ بدء الحرب في جنوب لبنان، عبر استهداف سيارته في منطقة الحوش شرق مدينة صور.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مشهد لواجهة بيروت البحرية - كورنيش المنارة (رويترز)

بيروت تستقر في قائمة المدن «الأسوأ» عالمياً بنوعية الحياة

احتفظت بيروت بتصنيفها المتدني في قائمة المدن العربية والعالمية في مؤشر «نوعية الحياة»، رغم تسجيل تقدم طفيف في كلفة المعيشة والقدرات الشرائية وبدلات الإيجارات.

علي زين الدين (بيروت)

هوكستين في باريس لتنسيق جهود خفض التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه أخيراً بكبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكستين (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه أخيراً بكبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكستين (د.ب.أ)
TT

هوكستين في باريس لتنسيق جهود خفض التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه أخيراً بكبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكستين (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال لقائه أخيراً بكبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكستين (د.ب.أ)

في البيان المشترك، الذي صدر بنهاية زيارة الدولة، التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى فرنسا، الشهر الماضي، ورد أن البلدين «يشدّدان، على وجه الخصوص، على الأهمية القصوى للحفاظ على الاستقرار في لبنان، والحد من التوترات على طول الخط الأزرق، وسيعملان معاً لتحقيق هذه الغاية، ويدعوان جميع الأطراف إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس والمسؤولية، امتثالاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم «1701». وفي هذا السياق، تشدّد فرنسا والولايات المتحدة على الضرورة المُلحّة لإنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ 18 شهراً في لبنان، والمضي دون مزيد من التأخير في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة، وتنفيذ الإصلاحات الضرورية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد اللبناني، وإرساء أسس الانتعاش والنمو الاقتصادي الشامل في البلاد».

وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع بايدن، قال الرئيس إيمانويل ماكرون، إن باريس وواشنطن ستكثّفان جهودهما لتجنّب تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، مع إعطاء الأولوية لتهدئة الوضع بين إسرائيل و«حزب الله».

وأفاد الرئيس الفرنسي أن الطرفين وضعا آلية «تنسيق وثيقة» بخصوص المناقشات الجارية مع إسرائيل من جهة، ومع لبنان و«جميع الأطراف المعنية من الجهة الأخرى»، وهو ما سارعت إسرائيل إلى رفضه. وكانت لافتة إشارة ماكرون إلى أن الطرفين «سيعملان على أساس خريطة الطريق» التي طرحتها فرنسا قبل ستة أشهر لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية، وإيجاد السبيل لتنفيذ مضمون القرار الدولي «1701». كذلك أشار ماكرون إلى أن الطرفين سيسعيان إلى «مضاعفة الجهود من أجل منع حصول انفجار إقليمي»، انطلاقاً من الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية، وعمدت باريس إلى تعديل بعض فقراتها بناءً على طلب لبناني فيما لم تردّ إسرائيل عليها، أقلّه رسمياً.

من هذا المنظور، يمكن فهم أهمية الزيارة التي يقوم بها المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين إلى باريس، للقاء المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان، الوزير السابق جان إيف لو دريان، ومستشارة ماكرون لشؤون الشرق الأوسط، السفيرة آن كلير لو جاندر، التي حلّت منذ عدة أشهر محل باتريك دوريل.

وتجدر الإشارة إلى أن هوكستين تنقّل الشهر الماضي بين تل أبيب وبيروت، كما أن لودريان زار لبنان، مركّزاً في لقاءاته على ملف الفراغ الرئاسي الذي يقترب من عامه الثاني. ونقلت «رويترز» عن مسؤول أميركي قوله إن هوكستين سافر إلى باريس «لمناقشة الجهود الفرنسية والأميركية لاستعادة الهدوء في شمال إسرائيل ولبنان».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

أبعاد زيارة المبعوث الأميركي

يقول مصدر أوروبي واسع الاطلاع في باريس، إن لزيارة هوكستين «مجموعة أبعاد»؛ أولها «السعي لترجمة توافق الرئيسين بايدن وماكرون بشأن إقامة آلية تنسيق للمناقشات مع إسرائيل ولبنان إلى واقع»، خصوصاً أنه لم يظهر لها أي أثر منذ الإعلان عنها. والمهم في ذلك، وفق المصدر المشار إليه، الدمج بين الخطتين الفرنسية والأميركية، والتحرك من خلال خريطة طريق موحّدة، خصوصاً أن «لا خلاف حقيقةً» بينهما في الهدف، بل فقط في «التدرج» الزمني.

وترى باريس أن انتظار انتهاء الأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة للبدء بمعالجة ملف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله «أمر بالغ الخطورة»، بسبب التدهور الخطير للوضع الميداني، والخوف من خروجه عن السيطرة، بحيث لن يبقى «موضعياً»، ويمكن أن يفتح الباب لحرب «مفتوحة» قد تتحول إلى إقليمية.

ويرى الطرفان أن محدّدات الحل «معروفة»، وأساسها التوصل إلى آليات تنفيذية لفقراته، وحصر الانتشار المسلّح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني وقوات اليونيفيل الأممية. وترى باريس وواشنطن في القوة الدولية «عنصراً أساسياً في الحلّ (المطلوب)، ويجب الحفاظ على أمنها وحرية عملها».

ويشير المصدر المذكور، في تفسير مسارعة باريس وواشنطن إلى تنسيق المواقف، اليوم، إلى التهديدات المتتالية الصادرة عن إيران باستعدادها للتدخل المباشر في حال مهاجمة إسرائيل لـ«حزب الله»، فضلاً عن مشاركة المنظمات المؤتمرة بأوامرها، سواء في العراق أو اليمن أو حتى سوريا.

وتجدر الإشارة إلى أن وصول هوكستين إلى باريس جاء بعد وقت قصير من الاتصال الذي جرى بين الرئيس ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، حيث أعرب ماكرون مجدداً، وفق البيان الصادر عن الإليزيه، عن «قلقه البالغ إزاء تصاعد التوترات بين (حزب الله) وإسرائيل على طول الخط الأزرق، وشدّد على أن الأهمية المطلقة لمنع اشتعالٍ للوضع من شأنه أن يُلحق ضرراً بمصالح كلّ من لبنان وإسرائيل، وأن يشكّل تطوراً خطراً بشكل خاص على الاستقرار الإقليمي».

كذلك، شدّد الرئيس الفرنسي على «الحاجة الملحّة لجميع الأطراف للمُضي قدماً وبسرعة نحو حلّ دبلوماسي، وذكّر بضرورة التحلّي بأكبر قدر من ضبط النفس». وتناول ماكرون ونتنياهو الجهود الدبلوماسية الجارية لخفض التصعيد.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى جانب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في لقاء سابق (رويترز)

نجاعة الوساطة المشتركة الأميركية ــ الفرنسية

أن يجد ماكرون الوقت الكافي للاتصال بنتنياهو، وإبداء الحرص على إبراز مخاوف بلاده من حرب واسعة ستكون بمثابة كارثة على لبنان، يعكس، حقيقةً، خطورة الوضع. وليست رسالة باريس وحيدة؛ إذ إن الأيام القليلة الماضية حفلت بالتحذيرات الدولية، ومنها تحذير صدر الأسبوع الماضي عن وزارة الخارجية الفرنسية، كما أن دولاً عديدة إما رحّلت رعاياها من لبنان، أو طلبت منهم عدم التوجه إليه.

ليس سراً أن واشنطن دأبت على تحذير إسرائيل من مهاجمة لبنان، وهمّها الأول، وفق المصدر المشار إليه، «تجنّب اندلاع حرب إقليمية قد تجد نفسها مُساقة إليها للدفاع عن إسرائيل كما وعدت»، بحيث يتعين عليها التعامل مع حربين في وقت واحد، وذلك قبل أشهر قليلة على الاستحقاق الرئاسي في الولايات المتحدة.

ورغم الضغوط التي تمارسها واشنطن على السلطات الإسرائيلية، فإن باريس تعي أن الأشهر المنقضية على حرب غزة «بيّنت أن نتنياهو لا يأخذ كثيراً بعين الاعتبار النصائح الأميركية، بفضل الدعم الذي يتلقّاه من قادة الحزب الجمهوري من جهة، ومن تحوّل الرأي العام الإسرائيلي لدعم الحرب على لبنان».

وفي المقام الثالث، يضغط اليمين الديني الإسرائيلي المتطرف على نتنياهو لإطلاق حملة عسكرية على لبنان، وهو حريص على دعمه السياسي للبقاء في منصبه ومنع سقوط حكومته.

حتى اليوم، يقوم الموقف الرسمي الإسرائيلي على القول إن إسرائيل تريد الهدوء على حدودها الشمالية، وهي تريد تحقيق هذا الهدف، إما عن طريق الدبلوماسية والمفاوضات، وللولايات المتحدة وفرنسا الدور الأكبر، وإما عن طريق القوة العسكرية. والأربعاء، قال وزير الدفاع يوآف غالانت، العائد مؤخراً من زيارة إلى واشنطن، في تصريح مكتوب صدر عن مكتبه: «نحن نضرب حزب الله بقوة كل يوم، وسنصل أيضاً إلى حالة من الاستعداد الكامل للقيام بأي عمل مطلوب في لبنان، أو التوصل إلى ترتيب من موقع قوة. نحن نفضّل التوصل إلى تسوية، ولكن إذا فرض علينا الواقع سنعرف كيف نقاتل».

ويُفهم من كلام الأخير أن إسرائيل لم تصل بعد إلى مرحلة الجهوزية العسكرية، فضلاً عن أن حربها في غزة ما زالت قائمة، رغم دخولها «المرحلة الثالثة»، ولذا، فإن السؤال المطروح هو: هل ستنجح الوساطة الأميركية ــ الفرنسية في استغلال الفترة الفاصلة لتفكيك لغم الحرب الشاملة؟ أم أن الأمور سائرة إلى التصعيد مع وجود وساطة أو بدونها؟