مناشدات لحماية المدنيين في حرب السودان

بعد دعوة «هيومن رايتس ووتش» لنشر قوات أممية

امرأة تحمل طفلاً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)
امرأة تحمل طفلاً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)
TT

مناشدات لحماية المدنيين في حرب السودان

امرأة تحمل طفلاً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)
امرأة تحمل طفلاً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)

تباينت آراء عدد من الخبراء القانونيين والعسكريين، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بشأن الدعوة التي أطلقتها منظمة «هيومن رايتس ووتش»، وطالبت فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالعمل معاً للتدخل ونشر بعثة لحماية المدنيين من الحرب الدائرة في السودان.

ووفق أحدث تقرير لها، قُتل عشرات الآلاف في مختلف أنحاء البلاد في الهجمات المستمرة لأكثر من عام بين الطرفين المتحاربين، الجيش و «قوات الدعم السريع»، كما أجبر النزاع الملايين على الفرار داخلياً وخارجياً. ومع دخول الحرب مناطق جديدة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي قتل وجرح فيها مئات المدنيين جراء الاشتباكات العنيفة بين الأطراف المتحاربة، تزداد المخاوف من وقوع جرائم حرب وإبادة جماعية تستهدف مجموعات سكنية بعينها.

عناصر من وحدة «المهام الخاصة» بالجيش السوداني (أ.ف.ب)

إرسال بعثة أممية

وقال الخبير القانوني، معز حضرة، إن إرسال بعثة أممية لحماية المدنيين في السودان أمر إيجابي ومطلوب، لأن المتحاربين ومن يساندونهم ليس لديهم أدنى اهتمام بحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية إليهم. وأوضح حضرة أن الشعب السوداني المتضرر الفعلي من «حرب الجنرالات» التي دخلت عامها الثاني، والإصرار على حسمها عسكرياً نتيجته توسع القتال في مناطق جديدة. وأضاف حضرة أن مجلس الأمن الدولي لديه الصلاحيات في التدخل لإيقاف الحرب باعتبارها مهدداً للأمن والسلم في المنطقة.

ورأى الخبير العسكري أمين إسماعيل أن نشر قوات لحماية المدنيين تدخلٌ أمميٌّ، بدأت خطواته بفرض عقوبات على مسؤولين في الجيش و«الدعم السريع»، وتلى ذلك قرار الاتحاد الأفريقي تشكيل لجنة يقودها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني للوساطة بين طرفي الصراع.

وقال إن المقترح يمكن أن يأتي في حال فشلت الوساطة الأفريقية في الجمع بين الأطراف السودانية، بعدها سيتجه مجلس الأمن والسلم الأفريقي إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار بالتدخل لأسباب إنسانية من أجل إنقاذ المدنيين. وأضاف أن المجتمع الدولي يتحدث فقط عن إقليم دارفور، ولا يذكر بقية المناطق في البلاد التي توسعت فيها الحرب، وهذا يعني أن التدخل الأممي يمكن أن يقتصر على دارفور، ويمهد عملياً لفصله.

عناصر من «قوات الدعم السريع» في شرق السودان (أ.ب)

حكم بالفشل

ورأى الخبير العسكري الذي كان قائداً للحامية العسكرية للجيش السوداني في الفاشر، أمين إسماعيل، أن البعثة المختلطة التي نشرت في دارفور عقب الحرب بين الجيش والحركات المسلحة قبل نحو 20 عاماً، لم تنجح في تحقيق أهدافها بحماية المدنيين. وقال إن أي تدخل لقوات أفريقية أو من أي دولة أخرى في دارفور سيكون مصيرها الفشل.

بدوره، قال رئيس مجلس أمناء هيئة «محامي دارفور» الصادق على حسن لـ«الشرق الأوسط»، إن إرسال بعثة أممية إلى السودان لحماية المدنيين يتطلب قراراً من مجلس الأمن الدولي بموجب البند السابع، لكن تقاطعات المصالح الدولية قد تقف حجر عثرة أمام إصداره. وأضاف أن مثل هذه البعثات تُكلف أموالاً طائلةً يقع العبء الأكبر لتوفيرها على الدول الأعضاء التي تساهم بالنسبة الأكبر في تمويل الأمم المتحدة.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة وعدداً من الدول الغربية لا يرغبون في طرح التدخل في الوقت الحالي، لكن قد يضطر المجتمع الدولي إلى اللجوء لذلك الخيار مع ازدياد وتيرة الحرب وقرب تحولها إلى حرب أهلية شاملة.


مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حل «دون إملاءات خارجية» بالسودان

العالم العربي شكري وأبو الغيط وفقي يشهدون فعاليات النسخة الرابعة من «منتدى أسوان للسلام» (الخارجية المصرية)

مصر تدعو إلى حل «دون إملاءات خارجية» بالسودان

دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، (الثلاثاء)، إلى «حل سياسي حقيقي» للأزمة في السودان، يستند إلى «رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا نازحون هاربون من ولاية سنار (أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تواصل تقدمها في سنّار والقتال يتجدد في أم درمان

واصلت قوات الدعم السريع تقدمها العسكري في ولاية سنّار جنوب شرقي السودان حيث «اجتاحت» مدينة السوكي التي تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق، حسب لجان محلية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا سودانيون نازحون يصلون يوم الأحد مدينة القضارف شرق البلاد هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)

تقديرات بوفاة 990 سودانياً جوعاً ومرضاً في دارفور

تجددت موجات النزوح في إقليم دارفور؛ إذ فر أكثر من 50 ألف شخص من المعارك المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في مدينة الفاشر سيراً على الأقدام.

وجدان طلحة (بورتسودان (السودان))
العالم العربي فتاة تحمل «جركناً» بلاستيكياً على رأسها لجمع المياه من أعلى التل بعد هطول أمطار غزيرة بالقرب من مخيم رابانج للنازحين في رابانج بجبال النوبة بالسودان (أ.ف.ب)

«الأمم المتحدة» توسع خطة الاستجابة الإنسانية للاجئين السودانيين في ليبيا وأوغندا

قررت «الأمم المتحدة» توسيع خطتها لمساعدة السودان لتشمل دولتين أخريين هما ليبيا وأوغندا.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
شمال افريقيا 
صورة متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي لجسر «شمبات» الذي يربط بين مدينتي أمدرمان وبحري بعد تدميره

تجدد «حرب الجسور» في الخرطوم

تجددت «حرب الجسور» في السودان؛ إذ تبادل الجيش و«قوات الدعم السريع» الاتهامات، أمس، بتدمير جسر استراتيجي في الخرطوم، يربط مدينتَي أم درمان وبحري.

أحمد يونس (كامبالا)

تغييرات واسعة بالحكومة المصرية تشمل 20 حقيبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجتمع مع مدبولي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجتمع مع مدبولي (الرئاسة المصرية)
TT

تغييرات واسعة بالحكومة المصرية تشمل 20 حقيبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجتمع مع مدبولي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يجتمع مع مدبولي (الرئاسة المصرية)

بتغييرات واسعة، شملت نحو 20 وزيراً، وتضمنت دمج واستحداث حقائب وزارية، تؤدي الحكومة المصرية الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، الأربعاء، اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمقر رئاسة الجمهورية شرق القاهرة، بعد شهر من «المشاورات المكثفة» لاختيار أعضائها، بحسب مصدر مصري مطلع.

وأوضح المصدر المطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن «التشكيل الجديد للحكومة يشهد عودة وزارة الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، ويتولاها المستشار محمود فوزي، رئيس حملة السيسي الانتخابية»، مشيراً إلى أنه «سيتم دمج وزارتي النقل والصناعة في وزارة واحدة برئاسة وزير النقل الحالي كامل الوزير، مع تعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء».

وأشار المصدر إلى «تغيير عدد كبير من الوزراء من بينهم الخارجية والعدل والمالية والتنمية المحلية والبترول والكهرباء والتضامن والزراعة والتموين والطيران والأوقاف والتعليم».

وبينما لم تعلن مصر رسمياً حتى الآن أسماء الوزراء في الحكومة الجديدة، تداولت وسائل إعلام محلية، على مدار يوم الثلاثاء، التشكيل الجديد، نقلاً عن مصادر مطلعة.

ونشرت قناة «إكسترا نيوز» الفضائية المصرية، قائمة ببعض أعضاء حكومة مدبولي الجديدة، بينهم السفير بدر عبد العاطي، وزيراً للخارجيّة مع ضم وزارة الهجرة، وأسامة الأزهري للأوقاف، ومايا مرسي للتضامن الاجتماعي، وأحمد كوجوك للمالية، وشريف الشربيني للإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وشريف فاروق للتموين، وسامح الحفني للطيران، وعدنان فنجري للعدل، وستعود وزارة الاستثمار بعد دمجها مع التجارة الخارجية ويتولاها حسن الخطيب، بينما سيتولى محمود فوزي وزارة الشؤون النيابية.

بينما تداولت وسائل إعلام أخرى أنباء عن دمج وزارتي التخطيط والتعاون الدولي وتتولاها وزيرة التعاون الحالية الدكتورة رانيا المشاط، واختيار اللواء عبد المجيد صقر وزيراً للتنمية المحلية، والدكتور محمد عبد اللطيف وزيراً للتربية والتعليم، مع استمرار وزراء الصحة والشباب والرياضة والتعليم العالي والداخلية والبيئة، والري والاتصالات في مناصبهم.

وكان الرئيس المصري، كلف رئيس الوزراء الحالي الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل حكومة جديدة في 3 يونيو (حزيران) الماضي، مشدداً على «ضرورة أن تعمل الحكومة الجديدة على تحقيق عدد من الأهداف على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية»، مع «وضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خاصة في مجالات الصحة والتعليم ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية».

وأوضح المصدر المصري المطلع أن «السبب وراء تأخير التشكيل حتى الآن، يرجع إلى الرغبة في اختيار الكفاءات القادرة على مواجهة التحديات»، لافتاً إلى أن «رئيس الحكومة مصطفى مدبولي أجرى عدداً كبيراً من المقابلات تجاوز عددها الـ60 مقابلة مع المرشحين للحقائب الوزارية».

وكانت «إكسترا نيوز» نقلت في وقت سابق الثلاثاء عن مصدر حكومي، لم تسمه، قوله إن «هناك تغييراً وزارياً شاملاً شهد دمج وزارات واستحداث أخرى، في إطار توجيه الرئيس السيسي، بتطوير السياسات الحكومية لمواكبة التحديات التي تواجه الدولة».

وأضاف المصدر أن «التغيير سيشمل عدداً كبيراً من الحقائب الوزارية والمحافظين»، مشيراً إلى أن «الحكومة الجديدة ستعمل وفقاً لبرنامج محدد يراعي ترتيب الأولويات، وفي مقدمتها تحسين الخدمات المقدمة للمواطن والإصلاح الهيكلي للاقتصاد وتشجيع الاستثمار». وتابع المصدر الحكومي أن «التغيير سيشمل ما يقرب من 20 حقيبة وزارية، مع الاستعانة بكفاءات من الخبرات الدولية لشغل بعض الحقائب».

وتداولت وسائل إعلام محلية أنباء عن مغادرة وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة، مكتبه، وتوديعه للعاملين بالوزارة بعد 11 عاماً قضاها في المنصب. كما ودع وزير التربية والتعليم رضا حجازي العاملين في وزارته، بعد إبلاغه بعدم وجوده في التشكيل الجديد، وكذلك فعل أحمد عيسى وزير السياحة والآثار.

وتصدر «التشكيل الوزاري الجديد» التريند، مع سيل من المنشورات التي تضمنت ترشيحات لوزراء جدد، أو توقعات برحيل آخرين.

وقال الإعلامي المصري أحمد موسى، في تدوينة على «إكس»: «إن التشكيل الوزاري سوف يشهد كثيراً من الحقائب الجديدة من أصحاب الخبرات والكفاءات الوطنية والدولية وسيضم عناصر شبابية».

وتحدث موسى في تدوينات لاحقة عن المرشحين لتولي حقائب وزارية، ومن تم تجديد استمرارهم في مناصبهم.

ونشر الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري سلسلة من التدوينات على حسابه الشخصي على «إكس»، ألمح فيها إلى التغييرات المرتقبة في الحكومة الجديدة. كما انتقد «استمرار فصل وزارة التخطيط عن التعاون الدولي»، في إشارة لدمج الوزارتين في التشكيل الجديد.

ويتزامن حلف اليمين الدستورية مع الذكرى الحادية عشرة لإنهاء حكم تنظيم الإخوان، وإعلان «بيان 3 يوليو»، بعزل الراحل محمد مرسي، وتعطيل العمل بالدستور، مع تكليف رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور رئيساً مؤقتاً للبلاد.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، أن «تزامن مراسم حلف اليمين مع ذكرى 3 يوليو، سيُستغل إعلامياً للإشارة إلى أن الولاية الثالثة للرئيس السيسي تبدأ بوجوه جديدة في الحكومة».

ولا يتوقع السيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «حدوث نقلة سياسية بسبب الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، ما دامت العلاقة بين الحكومة والرئيس لم تتغير، واقتصر دور الحكومة على تنفيذ توجيهات الرئيس».

ورجح أن «يكون معظم الوزراء في الحكومة الجديدة من العاملين في الجهاز البيروقراطي للدولة، ما يعني أنه لن يكون هناك تغيير كبير يذكر في السياسات»، لافتاً إلى أن «رحيل بعض وزراء الحقائب السيادية مرتبط بشكل كبير بظروف صحية لشاغليها».

وكُلّف مدبولي بتشكيل الحكومة للمرة الأولى في يونيو 2018، خلفاً لشريف إسماعيل، بينما أجرى 4 تعديلات وزارية على حكومته، كان آخرها في 2022، وشملت 13 حقيبة وزارية.

ووفق المادة 146 من الدستور، فمن المنتظر أن تعرض الحكومة الجديدة برنامجها على مجلس النواب، للحصول على ثقة أغلبية أعضاء المجلس في غضون 30 يوماً على الأكثر من تاريخ تقديم برنامج الحكومة.