ظل ترمب على الانتخابات الرئاسية الإيرانية

يتوقف كثير على «الشيطان الأكبر» بغضّ النظر عمن يكون خليفة رئيسي

مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)
مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)
TT

ظل ترمب على الانتخابات الرئاسية الإيرانية

مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)
مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)

في اللحظات الحساسة من المناظرات الرئاسية الإيرانية المتلفزة، استحضر المرشحون لخلافة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي اسم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الشخص الذي ربما فعل أكثر من أي شخص آخر لتغيير مسار علاقة حكام إيران مع العالم في السنوات الأخيرة.

وحذّر رئيس البرلمان والمرشح المحافظ، محمد باقر قاليباف، من أن الرئيس المقبل قد «يضطر إما إلى بيع إيران لترمب أو إشعال توتر خطير في البلاد»، إذا لم تحلّ المشاكل الاقتصادية. ولكن قاليباف أبدى استعداده للتفاوض مع أميركا، رغم أنه وجّه انتقادات للاتفاق النووي.

وأدى قرار الرئيس دونالد ترمب في عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني إلى إعادة فرض العقوبات الساحقة، وعزل طهران إلى حد كبير عن اقتصاد العالم. وقد زاد ذلك من حدة المناخ السياسي داخل إيران، الذي كان بالفعل يعاني من احتجاجات جماهيرية بسبب المشاكل الاقتصادية وحقوق المرأة. تلت ذلك سلسلة متصاعدة من الهجمات على سفن تجارية وناقلات نفط في أعالي البحار، بينما باشرت طهران أيضاً تخصيب اليورانيوم بمستويات قريبة من الدرجة العسكرية.

وصبّ هجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فقط الزيت على نار تهدد الآن بحرق كل ركن تقريباً من الشرق الأوسط الأوسع. وأصبحت إيران طرفاً مباشراً في النزاع، بدعم الميليشيات، بما في ذلك «حماس»، و«حزب الله» في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن. وهجومها المباشر غير المسبوق على إسرائيل خلال الحرب جعلها طرفاً محارباً مباشراً في النزاع.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

ووفقاً لتحليل نشرته وكالة «أسوشييتد برس»، فإن ما يحدث في كل من الحرب ومستقبل إيران قد يعتمد بشكل مباشر على الولايات المتحدة، التي يصفها زعماء الحكم الثيوقراطي في إيران بـ«الشيطان الأكبر»، بناء على التسمية التي تبناها المرشد الأول (الخميني) بعد ثورة 1979، ولا تزال تلعن في الأحداث الكبرى، مثل خطاب هذا الأسبوع للمرشد الإيراني علي خامنئي، البالغ من العمر 85 عاماً.

رغم المرارة، ظهر اسم الولايات المتحدة مراراً وتكراراً في الحملة. وحذّر خامنئي هذا الأسبوع من دعم المرشحين الذين «يعتقدون أن جميع طرق التقدم تمر عبر أميركا»، في انتقاد مبطن للمرشح الإصلاحي الوحيد في السباق، مسعود بزشكيان، الذي تبنى بشكل كامل العودة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015.

ومن بين المرشحين الستة للرئاسة في البداية، الذين انسحب اثنان منهم بحلول الخميس، ظهر ترمب مراراً وتكراراً كموضوع في المناظرات التلفزيونية. أحدهم المرشح المتشدد السابق أمير حسين قاضي زاده هاشمي، الذي زعم أنه إذا فاز ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية «يمكننا التفاوض معه، وفرض مطالبنا عليه».

لكن هذا لم يكن رأي رجل الدين مصطفى بورمحمدي، الذي حذّر من أن إيران يجب أن تشارك في محادثات الآن مع الولايات المتحدة قبل ولاية محتملة ثانية لترمب. ومع ذلك، قامت حملته بطباعة ملصق يظهر بورمحمدي وترمب أحدهما بجانب الآخر، معلناً: «أنا الشخص الذي يمكن أن يقف ضد ترمب!». وقال في المناظرة التلفزيونية الأولى: «من الممكن أن يعود ترمب، يجب أن ندخل الساحة ونصطاد الفرص».

ملصق انتخابي نشره المرشح المحافظ مصطفى بورمحمدي ويحمل قوله أنا من يمكنه الوقوف بوجه ترمب

واستعرض بورمحمدي قدراته في التفاوض، عندما أشار عدة مرات إلى لقائه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بعد توقف الحرب الإيرانية - العراقية في نهاية الثمانينات من القرن الماضي.

وسخر المرشح المتشدد سعيد جليلي أيضاً من منافسيه باعتبارهم «خائفين» من ترمب، متعهداً بمواجهته. وقال إن الحكومة السابقة استلمت ملف المفاوضات بـ800 عقوبة أميركية على إيران، ووصلت إلى 1500 عقوبة في نهايتها.

وبدوره، اتهم عمدة طهران، علي رضا زاكاني، الإصلاحيين بـ«الترهيب من ترمب».

من جهته، ذكر ترمب إيران أثناء حملته في الأيام الأخيرة. متحدثاً إلى بودكاست «أول إن». وقال إنه أراد «إبرام صفقة عادلة مع إيران»، بينما حاول أيضاً الادعاء بأن حكومة إيران الثيوقراطية التي طالما دعت إلى تدمير إسرائيل كانت ستبرم صفقة دبلوماسية مع إسرائيل خلال رئاسته.

وأكد ترمب: «يمكن لطفل أن يبرم صفقة معهم، لكن بايدن لم يفعل شيئاً».

من المثير للاهتمام أن اسم الرئيس جو بايدن لم يُذكر خلال المناظرات الانتخابية الإيرانية. قبل وفاة رئيسي في حادث تحطم مروحية في مايو (أيار)، أجرت الولايات المتحدة تحت إدارة بايدن عدة جولات من المحادثات غير المباشرة مع المسؤولين الإيرانيين.

بينما ينتقد بايدن إيران بشدة، خصوصاً عقب وفاة مهسا أميني عام 2022، والاحتجاجات التي تلت ذلك حول حقوق المرأة، فتحت إدارته الباب أمام إيران للوصول إلى بعض الأصول المجمدة في الخارج. ويشمل ذلك صفقة شهدت تبادل الأسرى بين البلدين في سبتمبر، أي أقل من شهر قبل بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس».

مدخل السفارة الأميركية السابقة التي تحوّلت إلى متحف مناهض للولايات المتحدة يديره «الحرس الثوري» في طهران (أ.ب)

ثم هناك مبيعات النفط الإيرانية. في حين أنها تخضع للعقوبات تقنياً، فقد أفادت إيران مؤخراً ببيع 2.5 مليون برميل يومياً، مع الحصة الكبرى التي تذهب على الأرجح إلى الصين، ربما بخصم.

ونسب وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، الذي أبرم الاتفاق النووي في عهد الرئيس المعتدل نسبياً حسن روحاني، ويدعم الآن المرشح الإصلاحي بزشكيان، تلك المبيعات مباشرة إلى سياسات إدارة بايدن.

وقال ظريف، في إشارة غير مباشرة إلى المتشددين: «إن ارتفاع مبيعات النفط الخام لم يكن عملاً من قبل أصدقائنا، ولكن عندما جاء بايدن إلى السلطة، كانت لديهم سياسة لتخفيف حدة العقوبات. دع ترمب يأتي ويكتشف ما سيفعله أصدقاؤنا». وقال ظريف إن 1000 عقوبة أميركية أضيفت على العقوبات الإيرانية بعد تولي إبراهيم رئيسي قبل 3 سنوات.

وأجاب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي بهادري جهرمي، على ظريف، قائلاً: «لا تقولوا إن ترمب لم يسمح ببيع النفط، وبايدن سمح بذلك، لم تتمكنوا من بيع النفط خلال 9 أشهر من حكومة بايدن».

ووصف ظريف ترمب بأنه «الرئيس الأكثر خبثاً في الولايات المتحدة». وقال: «السادة (المحافظون) كانوا يرددون الأدعية لكي يصبح رئيساً مرة أخرى!». ورفض ظريف الانتقادات إليه من المرشحين قاليباف وجليلي، وأشار إلى أنه مدرج على قائمة العقوبات الأميركية، وليس قاليباف أو جليلي.

على خلاف مستشار، قال بزشكيان في إحدى خطاباته الانتخابية أمام مهرجان للمنتجين والمديرين الشباب: «بكل تأكيد، كان ترمب نعمة لإيران. نهجه في فرض العقوبات جعلنا ننتبه إلى الإنتاج المحلي، وندرك أهميته. لدينا النفط والغاز، وكنا نغطي على جميع ما نهمله من خلال بيعهما. هذه العقوبات أيقظتنا».

أعضاء «الباسيج» يحرقون علم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أمام السفارة البريطانية بطهران في يناير الماضي (أ.ب)

في حين أن المحادثات الأوسع في فيينا مع القوى العالمية لإعادة تشغيل الاتفاق النووي انهارت، فقد يكون بايدن يحاول تكرار استراتيجية منذ فترة وجوده نائباً للرئيس في عهد باراك أوباما، وهي العمل بهدوء بشكل غير مباشر مع الإيرانيين نحو صفقة يمكن تقديمها لاحقاً على الطاولة. لكن كثيراً من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط قد تم تقويضها بسبب حرب إسرائيل و«حماس».

وفي الوقت نفسه، الورقة الجامحة الحقيقية بالنسبة لإيران تأتي في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما تجري الولايات المتحدة انتخاباتها الرئاسية. ومن المحتمل أن يشهد إعادة انتخاب بايدن استمراراً لنهج العصا والجزرة الذي تم استخدامه حتى الآن خلال فترته.

لكن إذا أعيد انتخاب ترمب، فقد يحمل ذلك مزيداً من المناقشات حول صفقة، بينما يحمل أيضاً مخاطر. وفي عام 2020، أمر ترمب بتوجيه ضربة بطائرة مسيرة، أسفرت عن مقتل العقل المدبر للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، بينما أصرّ على أنه يريد صفقة مع طهران. وصنّفت إدارة ترمب قوات «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية في أبريل (نيسان) 2015.

ويمكن أن تقلب أي حرب بين إسرائيل ولبنان، أو ربما هجوم الحوثيين على سفينة حربية أميركية، الحسابات بشكل جذري في كل من طهران وواشنطن. لكن في الوقت الحالي، تظل إيران والولايات المتحدة متشابكتين في التوتر، تماماً كما كانت الدولتان منذ عقود.


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.