تحذيرات من انهيار السلطة... وإسرائيل تستعد لخطوات جديدة ضدها

«الكابينت» يصوِّت على إجراءات عقابية وتعزيز الاستيطان

ازدحام في أحد شوارع رام الله مقر السلطة الفلسطينية يوم 9 يونيو الحالي (أ.ف.ب)
ازدحام في أحد شوارع رام الله مقر السلطة الفلسطينية يوم 9 يونيو الحالي (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من انهيار السلطة... وإسرائيل تستعد لخطوات جديدة ضدها

ازدحام في أحد شوارع رام الله مقر السلطة الفلسطينية يوم 9 يونيو الحالي (أ.ف.ب)
ازدحام في أحد شوارع رام الله مقر السلطة الفلسطينية يوم 9 يونيو الحالي (أ.ف.ب)

تصوِّت الحكومة الإسرائيلية، الأسبوع المقبل، على إجراءات عقابية جديدة تستهدف السلطة الفلسطينية، وتهدد بقاءها، في الوقت الذي ارتفع فيه مستوى التحذير، عالمياً ومحلياً، من إمكانية انهيار هذه السلطة.

وعملياً، بحث المجلس السياسي والأمني المصغَّر في إسرائيل، الأحد، خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية، جراء أنشطتها ضد إسرائيل، في المحافل الدولية، وخطوات من شأنها تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، رداً على اعتراف بعض الدول بدولة فلسطينية. وكان يُفترض أن يتم التصويت على هذه الخطوات، لكن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت والمستشارة القانونية للحكومة، طلَبَا مهلة زمنية أخرى لتقديم ملاحظاتهما على بعض الإجراءات المقترَحة.

وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه أوعز بطرح جميع المقترحات للتصويت أثناء جلسة «الكابينت» القادمة. ويقف وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وهو وزير ثانٍ في وزارة الدفاع، خلف المقترحات، معززاً بذلك نهجاً كان بدأه من فترة طويلة على طريق إضعاف السلطة الفلسطينية وتفكيكها.

وقال سموتريتش إنه طرح خطوات لتعزيز العقوبات ضد السلطة الفلسطينية وإقامة 4 مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، وسيتم التصويت على ذلك بِناء على تعهُّد نتنياهو في الجلسة المقبلة، بعدما ألغي التصويت، يوم الأحد، لـ«أسباب فنية».

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن سموتريتش يدفع إلى بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية في مستوطنات جديدة (مستوطنة مقابل كل دولة تعترف بفلسطين) ومستوطنات قائمة فعلاً، وشرعنة بؤر استيطانية في شمال الضفة الغربية، وإلغاء تصاريح الشخصيات المهمة للمسؤولين الفلسطينيين (VIP)، التي يمكنهم من خلالها التحرك بحرية نسبية، حتى خارج المناطق الفلسطينية، وإمكانية فرض عقوبات مالية إضافية ضد السلطة ومسؤوليها، وإبقاء منع دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، بالإضافة إلى الاستمرار في منع تحويل الأموال للسلطة الفلسطينية.

وقرر سموتريتش، الشهر الماضي، أنه لن يحوِّل أموال المقاصة إلى السلطة حتى إشعار آخر، كما أنه لن يمدد التعويض للبنوك الإسرائيلية التي لديها معاملات مع بنوك فلسطينية، نهاية الشهر المقبل، وذلك رداً على قرارات النرويج وإسبانيا وآيرلندا بالاعتراف بدولة فلسطين.

بائع يجر عربته في رام الله يوم 11 يونيو (أ.ف.ب)

وكانت الدول الثلاث، إلى جانب سلوفينيا، اعترفت بدولة فلسطين، الشهر الماضي، ليصل عدد الدول المعترفة بها إلى 148 دولة من أصل 193 دولة عضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ونوقش الرد على هذه الدول كذلك في اجتماع «الكابينت» الإسرائيلي.

وأوصى رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي، بخفض العلاقات مع جميع الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك إسبانيا وآيرلندا والنرويج وسلوفينيا، بما يشمل عدم إعادة السفراء إلى هذه الدول، والاكتفاء بتمثيل قنصلي هناك وإغلاق أو الحد من البعثات الدبلوماسية لتلك الدول في إسرائيل، وهو اقتراح فاجأ وزير الخارجية يسرائيل كاتس الذي اعترض على المساس بصلاحياته، قائلاً: «سأقرر أنا ما إذا كنت سأغلق سفارة أو قنصلية».

وفي الوقت الذي لا تزال فيه إسرائيل تدرس خيارتها، نفذ سموتريتش عملياً جزءاً مهماً من قراراته، واحتجز بالكامل هذا الشهر أموال المقاصة الفلسطينية.

وبموجب «اتفاق أوسلو»، تجمع وزارة المالية الإسرائيلية الضرائب نيابة عن الفلسطينيين عند استيراد السلع من الخارج إلى السلطة الفلسطينية، وتقوم بتحويلات شهرية إلى السلطة تشكل 65 في المائة من ميزانيتها السنوية، وتتراوح التحويلات ما بين 750 إلى 800 مليون شيقل.

فلسطينيون في طابور عند ماكينة سحب أموال برام الله يوم 9 يونيو (أ.ف.ب)

ويثير هذا الترتيب خلافات مستمرة، وصلت إلى حد رفض السلطة بعد حرب غزة تسلُّم الأموال منقوصة من حصة القطاع، قبل أن تتدخل واشنطن، وتضع حلاً تقوم معه إسرائيل بتحويل أموال المقاصة إلى السلطة على أن تبقى حصة غزة في عهدة الحكومة النرويجية، لحين تسوية الخلافات.

لكن رغم ذلك، قامت إسرائيل باحتجاز حتى الحصة التي لا تشمل مدفوعات القطاع.

والأسبوع الماضي، خصم سموتريتش 35 مليون دولار أميركي من أموال الضرائب الخاصة بالسلطة لصالح عائلات إسرائيلية قُتل أفراد منها بهجمات فلسطينية.

وقال سموتريتش آنذاك إن «السلطة الفلسطينية تشجع على الإرهاب وتدفع أموالاً لعائلات الإرهابيين والسجناء».

ويأتي الضغط الإسرائيلي في وقت تراجعت فيه إلى أقصى حد المساعدات العربية والدولية، مع ما سبَّبه وباء «كورونا» من تداعيات على الاقتصاد الفلسطيني، قبل أن تأتي الحرب على قطاع غزة وتفتك إلى حد كبير بالوضع الاقتصادي.

وتقول السلطة الفلسطينية إن إجمالي الأموال المحتجَزة من أموال المقاصة لدى إسرائيل وصل إلى 6 مليارات شيقل (الدولار 3.70 شيقل).

وتعاني السلطة الفلسطينية في الضفة من وضع مالي حرج، وهي دفعت نصف راتب فقط لموظفيها قبل عيد الأضحى، على غرار ما حصل مع رواتب الشهر الماضي.

ومنذ عامين، تدفع السلطة رواتب منقوصة للموظفين في القطاعين المدني والعسكري، بسبب اقتطاع إسرائيل نحو 50 مليون دولار من العوائد الضريبية، تساوي الأموال التي تدفعها السلطة لعوائل مقاتلين قضوا في مواجهات سابقة، وأسرى في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى بدل أثمان كهرباء وخدمات طبية.

وتشير بيانات وزارة المالية لدى السلطة الفلسطينية إلى أن الديون المتراكمة على السلطة تجاوزت 11 مليار دولار؛ سواء للموظفين لديها أو لبنوك محلية وخارجية وصندوق التقاعد ومقدمي الخدمات لها في قطاعات مختلفة، وهو ما يقترب من ضعفَي موازنتها العامة.

ويثير هذا الوضع مخاوف من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية في النهاية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

وحذر وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي الاثنين من أن السلطة الفلسطينية قد تنهار خلال الأشهر المقبلة، مشيراً إلى نقص التمويل واستمرار العنف ومسألة عدم السماح لنصف مليون فلسطيني بالعمل في إسرائيل.

وقال بارث إيدي لوكالة رويترز: «الوضع بالغ الخطورة. تُحذرنا السلطة الفلسطينية التي نعمل معها بشكل وثيق من أنها ربما تنهار هذا الصيف».

وأضاف: «إذا انهارت، فقد ينتهي بنا الأمر إلى وجود غزة أخرى، وهو ما سيكون مروِّعاً للجميع، بما في ذلك شعب إسرائيل».

وكان «البنك الدولي» قد حذر، في تقرير سابق، من أن السلطة الفلسطينية تواجه مخاطر «انهيار في المالية العامة»، مع «نضوب تدفقات الإيرادات» والانخفاض الكبير في النشاط على خلفية العدوان على قطاع غزة.

وجاء في التقرير أن «وضع المالية العامة للسلطة الفلسطينية قد تدهور بشدة في الأشهر الثلاثة الماضية، مما يزيد بشكل كبير من مخاطر انهيار المالية العامة».

وقبل ذلك، حذرت الإدارة الأميركية إسرائيل من انهيار وشيك للسلطة.

وحتى في إسرائيل، توجد مخاوف أمنية كبيرة.

وأرسل «الشاباك» الإسرائيلي تحذيراً استراتيجياً إلى القيادة السياسية ومؤسسة الدفاع الإسرائيلية، هذا الشهر، من أن السلطة الفلسطينية على وشك الانهيار.

وجاء في تحذير «الشاباك» أن الخطوات التي اتخذتها إسرائيل في السنوات الأخيرة تجاه السلطة قد تؤدي فعلاً إلى انهيارها.

ووفقاً للتحذير، فإن وقف تحويل الإيرادات الضريبية إلى جانب اتخاذ تدابير أخرى، سيضع السلطة الفلسطينية على حافة الإفلاس المالي، وقد يؤدي ذلك إلى عدم قدرتها على سداد ديونها، بما في ذلك رواتب موظفيها والخدمات المقدمة لمواطنيها.

وقال مسؤول أمني كبير أنه «من وجهة نظر أمنية، فإن انهيار السلطة يمكن أن يخلق فوضى على الأرض، ويقوِّض الاستقرار القائم حالياً، سواء أمنياً أو على مستوى النظام المدني».


مقالات ذات صلة

الرئيس الفلسطيني يعرب عن تعازيه بعد مقتل حسن نصر الله

المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك (إ.ب.أ)

الرئيس الفلسطيني يعرب عن تعازيه بعد مقتل حسن نصر الله

قدّم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، السبت، تعازيه إلى «حزب الله» اللبناني، بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله في قصف إسرائيلي على بيروت.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (يسار) ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (الخميس) في مدريد (أ.ب)

عباس يجدد من مدريد مطالبته بـ«مؤتمر دولي للسلام»

جدد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، (الخميس)، مطالبته بعقد «مؤتمر دولي للسلام»، معرباً خلال زيارته إلى إسبانيا عن سعادته حال إقامة المؤتمر في مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (أ.ب)

نتنياهو يناور غالانت وساعر بأنباء الإقالة والتحالف

تفاعلت بقوة في إسرائيل، الاثنين، الأنباء عن مساعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقالة وزير دفاعه، يوآف غالانت، وتعيين الوزير السابق جدعون ساعر خلفاً له.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

محمود عباس يتوجه الثلاثاء إلى مدريد على خلفية اعترافها بدولة فلسطين

يتوجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، إلى مدريد في زيارة رسمية تستغرق 48 ساعة، وذلك بدعوة من إسبانيا بعد اعترافها بدولة فلسطين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني متوسطاً رئيس وأعضاء الحكومة الفلسطينية (رويترز)

إسرائيل تهدد بـ«تقويض السلطة الفلسطينية»

بعد أن فشلت الحكومة الإسرائيلية في ثنْي دول العالم عن التجاوب مع النشاطات الدبلوماسية الفلسطينية والعربية، قررت اللجوء إلى التهديد بتقويض السلطة الفلسطينية.

نظير مجلي (تل أبيب)

الجيش الأردني يعلن سقوط صاروخ من طراز «غراد» أطلق من جنوب لبنان

ضابط من الجيش الأردني خلال إحدى التدريبات (صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)
ضابط من الجيش الأردني خلال إحدى التدريبات (صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)
TT

الجيش الأردني يعلن سقوط صاروخ من طراز «غراد» أطلق من جنوب لبنان

ضابط من الجيش الأردني خلال إحدى التدريبات (صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)
ضابط من الجيش الأردني خلال إحدى التدريبات (صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)

قال الجيش الأردني، في وقت متأخر من يوم أمس (السبت)، إن صاروخاً من طراز غراد أطلق من جنوب لبنان هذا المساء سقط في منطقة صحراوية خالية من السكان في الموقر.

وأضاف في بيان، أن الصاروخ لم يتسبب في خسائر بشرية أو مادية.