جدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان موقفه الرافض لتنفيذ قرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، بشأن الإفراج عن كل من الزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش والناشط المدني رجل الأعمال عثمان كافالا، ووصفهما بأنهما «إرهابيان».
وأثارت تصريحات إردوغان بشأن دميرطاش غضباً من جانب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، كما أنها عدّت إغلاقاً لباب الحوار حول قضية كافالا والمطالبات بإعادة محاكمته التي مثلت أحد الملفات التي طرحها زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، خلال لقاءين عقدهما مع إردوغان في 2 مايو الماضي، و11 يونيو (حزيران) الحالي.
دميرطاش وكافالا
وقال إردوغان رداً على سؤال أحد الصحافيين الإسبان في مدريد، عقب القمة الحكومية التركية - الإسبانية الثامنة، بشأن تجاهل تركيا قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عن دميرطاش وكافالا، إنها «مسألة تخص القضاء التركي».
وأضاف: «تركيا دولة قانون، القضاء يتخذ قراراته في إطار دولة القانون، وقد اتخذ قضاؤنا قراره بشأن الاسمين، أحدهما (دميرطاش) تسبب في مقتل أكثر من 100 شاب (في إشارة إلى قضية احتجاجات كوباني التي عوقب فيها دميرطاش بالسجن أكثر من 42 عاماً قبل أسبوعين)، كما ارتكب كثيراً من الأعمال الإرهابية. وتسبب في سقوط قتلى بالمنطقة الجنوبية الشرقية من بلادنا».
وسخر إردوغان من الصحافي الإسباني ووبخه قائلاً: «أنت تهز رأسك... لا تهز رأسك! إن حقيقة طرحك لهذه الأسئلة تجعلنا نفكر في أنه أمر محزن للغاية أن أحد الصحافيين وقف ودافع عن هؤلاء الإرهابيين بهذه الطريقة».
وفيما يبدو أنه محاولة من إردوغان لتفادي تعكير مناخ التقارب مع حزب المعارضة الرئيسي، لم يتطرق إلى قضية كافالا، المحكوم عليه بالسجن المؤبد المشدد في القضية المعروفة بـ«أحداث غيزي بارك»، بالتفصيل، لكنه أعطى إشارة إلى أن مناقشتها خط أحمر. وسبق أن أعلن إردوغان عند اعتقال كافالا (66 عاماً) في عام 2017، أنه لن يخرج من السجن ما دام بقي هو في حكم تركيا. لكن صحافيين مقربين من إردوغان، أبرزهم الكاتب في صحيفة «حرييت» عبد القادر سيلفي، لمح أكثر من مرة، منذ بدء حوار «التطبيع» أو «الانفراجة السياسية» بين الحكومة والمعارضة في مايو (أيار)، إلى إمكانية إعادة محاكمة كافالا.
وقررت المحكمة الأوروبية في 8 أبريل (نيسان) الماضي، النظر في طلب كافالا الثاني بالإفراج الفوري عنه كأولوية، وطلبت من تركيا تقديم دفاعها بحلول 16 يوليو (تموز) المقبل.
رد من حزب كردي
بدوره، رفض حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد تصريحات إردوغان التي وصف فيها دميرطاش، الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، المؤيد للأكراد، وعدد من قيادات ونواب الحزب وأعضائه المتهمين في قضية «أحداث كوباني» بالإرهابيين.
وقال الحزب في بيان على حسابه الرسمي في «إكس»: «زملاؤنا (دميرطاش ورفاقه) رهائن، لأنهم يقوضون حكم إردوغان، ويهزون عرشه الذي يحاول حمايته». وأضاف: «لا يزال إردوغان، الذي انهارت مؤامراته في قضية كوباني، يواصل الكذب بأن دميرطاش وزملاءنا المعتقلين مسؤولون عن مقتل عشرات الأشخاص. وفي حين أن المحكمة التي أمرها بإجراء محاكمة رفضت ما يقوله إردوغان، فإنه لا يزال يحاول نشر هذا التصور».
وتفجرت احتجاجات كوباني في 8 و10 أكتوبر (تشرين الأول) 2014، بسبب اتهام الجيش التركي بالصمت إزاء حصار تنظيم «داعش» الإرهابي لمدينة كوباني (عين العرب) في شمال سوريا، ذات الأغلبية الكردية.
ولقي 37 شخصاً حتفهم في الاحتجاجات، واتهم 108 من السياسيين والنواب الأكراد، بينهم دميرطاش، في إطار القضية بتهديد وحدة وسلامة الدولة والتحريض على التظاهر وارتكاب جرائم والترويج للإرهاب. وقضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن القضية مسيّسة، واستهدفت سياسيين أكراداً معتقلين بالأساس منذ عام 2017.