ماكرون يتحدث للشباب الألمان في معقل اليمين المتطرف... قبيل الانتخابات الأوروبية

المزاج الشعبي في ألمانيا يتجه يميناً... وانتشار فيديو لأثرياء ألمان يرددون شعارات نازية

الرئيس الألماني فرانك فالتز شتاينماير متحدثاً الخميس الماضي خلال احتفالات مرور 75 عاماً على ولادة الدستور الألماني (أ.ب.أ)
الرئيس الألماني فرانك فالتز شتاينماير متحدثاً الخميس الماضي خلال احتفالات مرور 75 عاماً على ولادة الدستور الألماني (أ.ب.أ)
TT

ماكرون يتحدث للشباب الألمان في معقل اليمين المتطرف... قبيل الانتخابات الأوروبية

الرئيس الألماني فرانك فالتز شتاينماير متحدثاً الخميس الماضي خلال احتفالات مرور 75 عاماً على ولادة الدستور الألماني (أ.ب.أ)
الرئيس الألماني فرانك فالتز شتاينماير متحدثاً الخميس الماضي خلال احتفالات مرور 75 عاماً على ولادة الدستور الألماني (أ.ب.أ)

منذ أيام وألمانيا تحتفل بمرور 75 عاماً على ولادة دستورها من خلال لقاءات لكبار سياسييها ومحاضرات ولوحات إعلانية ضخمة نُشرت في أنحاء برلين تُذكّر بالقانون الأساسي للدولة وبنوده، التي على رأسها «كرامة الإنسان لا تمس».

وتتوج الاحتفالات بضيف شرف، يوم الأحد، هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يحلّ ضيفاً خاصاً مع زوجته بريجيت، ويصل في «زيارة دولة» نادرة لم تحصل منذ 24 عاماً خلال عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك.

صورة أرشيفية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت اللذين يصلان إلى ألمانيا الأحد في زيارة دولة رسمية (أ.ف.ب)

ووسط هذه الاحتفالات بالدستور الذي أقر في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1949، لم تكن المخاطر على الدستور ومادته الأولى أكبر مما هي عليه اليوم. فالبند الأول حول «كرامة الإنسان» الذي كُتب ليعكس الدروس من الحرب التي كانت ألمانيا مسؤولة عن اندلاعها، وأدّت إلى مذابح نفّذها النازيون، يواجه تحديات باتت شبه يومية مع ظهور فضائح متكررة لنازيين جدد ويمينين متطرفين باتت تؤرق الكثيرين، خصوصاً ممن هم من أصول مهاجرة.

فيديو «نازي»

وبعد ساعات على خطاب ألقاه الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، يوم الخميس الماضي، في المناسبة، حذّر فيه من «قوى تعمل لتقويض الديمقراطية»، بدأ فيديو ينتشر على وسائل التواصل الاجتماعي لمجموعة من الألمان يحتفلون في جزيرة سيلت، ويغنون شعاراً نازياً على وقع أنغام معروفة، ويرددون: «ألمانيا للألمان، الأجانب خارجاً».

ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تخرج فيها فيديوهات تظهر مجموعة من الألمان يرددون الأغنية التي باتت تسمع بشكل متكرر في حفلات اليمين المتطرف، وتردد حتى أنها سُمعت في حفل لحزب «البديل لألمانيا»، فقد كانت هذه المرة مختلفة.

ملهى «بوني» في جزيرة سيلت الذي شهد حفلة لأثرياء ألمان رددوا خلالها شعارات نازية على أغنام الموسيقى (د.ب.أ)

فالأشخاص الذين ظهروا في الشريط هم من الأثرياء الذين كانوا يحتفلون في ملهى شهير وباهظ الثمن في جزيرة محبوبة من الطبقة الغنية في ألمانيا، شهدت عقد قران وزير المالية كريستيان ليندر العام الماضي.

فحتى الآن، كانت الفكرة المنتشرة عن «النازيين الجدد» أنهم ينتمون للطبقة العاملة، وغالباً يعيشون في الولايات الشرقية التي تعدّ معقلاً لليمين المتطرف. ولكن سيلت تقع في غرب البلاد على الحدود مع الدنمارك، ورواد الملهى تبيّن لاحقاً أنهم من الأثرياء المتعلمين من هامبورغ وميونيخ. ورغم أن الأشخاص الذين سٌمعوا يغنون، وأحدهم كان يرفع تحية هتلر المحظورة وبيد أخرى يرسم الشارب الشهير، طردوا من وظائفهم، حسب وسائل إعلام ألمانية، فواقع أن العشرات من الذين كانوا موجودين في الحفلة وشاهدوا وسمعوا الأغنية ولم يعترضوا رغم أنهم لم يشاركوا، ما زال يشكل صدمة ويطرح الكثير من علامات الاستفهام.

صعود اليمين المتطرف

سريعاً، خرجت إدانات السياسيين للشريط «المقزز وغير المقبول»، حسب وصف المستشار الألماني أولاف شولتز، في تغريدة على «إكس».

وفتحت الشرطة تحقيقاً في القصة، وأصدر الملهى بياناً يبعد فيه نفسه عن رواده المتطرفين. ومع ذلك، فقد يكون هذا الفيديو أكثر ما يعكس المزاج السياسي في ألمانيا حالياً.

فحزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف يستعدّ لتحقيق مكاسب كبيرة في الانتخابات الأوروبية القادمة بعد أسبوعين، رغم كل الفضائح المحيطة بها مؤخراً، التي انتهت بطرد تكتله من تكتل أقصى اليمين في البرلمان الأوروبي. وجاء الطرد بعد تصريحات لرئيس الكتلة والمرشح على رأس لائحة «البديل لألمانيا»، النائب ماكسيمليان كراه، يقول فيها إنه ليس كل مقاتلي القوات النازية الخاصة «إس إس» من المجرمين.

وهذا «المزاج» بدا واضحاً كذلك في الأيام الماضية التي شهدت تعرض عدد من السياسيين من أحزاب الوسط واليسار لاعتداءات بالضرب في ولايات شرق ألمانيا، خصوصاً في مدينة دريسدن بولاية تورينغن. وتبين في أكثر من حالة أن الأشخاص الذين كالوا الإهانات والشتائم والضرب للمرشحين وهم يعلقون صورهم، يحملون أفكاراً يمينيةً متطرفة.

محطة دريسدن

الملفت أن جدول زيارة الرئيس الفرنسي تضمن وصوله لبرلين، ثم زيارته لمدينة دريسدن، حيث سيلقي خطاباً يتوجه فيه إلى الناخبين الشباب قبل الانتخابات الأوروبية. واختيار منظمي الزيارة للمدينة التي شهدت ولادة حركة «بيغيدا» المتطرفة، التي كانت تجوب الشوارع تطالب بطرد اللاجئين في أعقاب موجة عام 2015، مثير فعلاً للدهشة.

النائب اليميني المتطرف ماكسيميليان كراه خلال جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ في 23 أبريل (أ.ب)

وستكون هذه المرة الأولى التي يزور فيها رئيس فرنسي، شرق ألمانيا، منذ الوحدة عام 1990. ولكن حتى ماكرون قد لا يسلم من اعتداءات المتطرفين في دريسدن، الذين اعتدوا بالضرب على نواب من «الخضر» و«الحزب الاشتراكي». إذ تخشى الشرطة من تحركات وتجمعات لليمين المتطرف في المدينة خلال زيارة ماكرون، الذي من دون شك سيدعو الشباب الألماني لنبذ اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية والتصويت للأحزاب المعتدلة.

رسالة قد لا تجد الكثير من الآذان المصغية في دريسدن، وأكثر ربما قد تثبت أنها تشكل خطراً على الرئيس الفرنسي رغم تعهد الشرطة بتأمين حماية كبيرة له تحسباً لعنف اليمين المتطرف.


مقالات ذات صلة

حزب «البديل» الألماني يستلهم نجاحات اليمين المتطرف في النمسا

أوروبا أليس فيدل زعيمة حزب «البديل» متحدّثة في مؤتمر حزبها في ريزا، 12 يناير (أ.ب)

حزب «البديل» الألماني يستلهم نجاحات اليمين المتطرف في النمسا

يأتي «البديل من أجل ألمانيا» في المرتبة الثانية باستطلاعات نيّات التصويت، في الانتخابات المزمع تنظيمها في 23 فبراير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم أليس فايدل زعيمة حزب «البديل لأجل ألمانيا» اليميني الشعبوي (رويترز)

إيلون ماسك يجري مقابلة اليوم مع زعيمة حزب ألماني شعبوي على منصة «إكس»

يعتزم رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك إجراء مقابلة مع أليس فايدل زعيمة حزب «البديل لأجل ألمانيا» اليميني الشعبوي على منصة «إكس»، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جان ماري لوبن مع بناته خلال حملة انتخابية (أ.ف.ب)

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

توفي جان ماري لوبن، الشخصية التاريخية لليمين المتطرّف الفرنسي، والذي وصل إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية عام 2002، الثلاثاء، عن عمر يناهز 96 عاماً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا جنود ومسعفون في موقع هجوم بالقرب من قرية الفندق شمال الضفة الغربية الاثنين (أ.ف.ب)

إسرائيل تهدّد «الضفة» بـ«واقع غزة»... واليمين يدعو لنقل الحرب إليها

هدد المسؤولون الإسرائيليون، الاثنين، بتغيير «مفهوم الأمن» في الضفة الغربية، بعد عملية قُتل فيها 3 إسرائيليين في بلدة الفندق شمال الضفة قرب مدينة قلقيلية.

كفاح زبون (رام الله)
أوروبا صورة ملتقطة في 17 ديسمبر 2024 بالعاصمة الألمانية برلين تظهر فيها أليس فايدل زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب «البديل من أجل ألمانيا» خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

إيلون ماسك سيستضيف زعيمة اليمين المتطرف الألمانية في مقابلة مباشرة

أعلنت المرشحة الرئيسية للانتخابات البرلمانية الألمانية عن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، أنها ستُجري حواراً مباشراً عبر الإنترنت مع إيلون ماسك.

«الشرق الأوسط» (برلين)

فرنسا تبحث خيارات الرد على «الإذلال» الجزائري


الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو (رويترز)
TT

فرنسا تبحث خيارات الرد على «الإذلال» الجزائري


الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو (رويترز)

تتوجه الأنظار في فرنسا نحو البرلمان لتلمس المسار الذي ستسلكه الأزمة الفرنسية - الجزائرية بمناسبة الكلمة المرتقبة، اليوم، لرئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو؛ حيث ينتظر أن يكشف عن الإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها للرد على ما عدَّه وزير الداخلية برونو روتايو «تحقيراً» أو «إذلالاً» لفرنسا.

وكان روتايو يشير إلى رفض سلطات الأمن في مطار الجزائر استعادة مواطنها «بوعلام. ن» المؤثر والناشط على وسائل التواصل الاجتماعي الذي سحب منه ترخيص إقامته على الأراضي الفرنسية، ورحَّل إلى الجزائر بحجة «الدعوة إلى اللجوء إلى العنف» ضد معارضين لحكومة الجزائر.

ومنذ الخميس الماضي، ثمة ما يشبه التنافس بين الوزراء والسياسيين الفرنسيين في طرح وسائل للرد على «الإهانة» الجزائرية. وكان وزير الداخلية الفرنسي أول مَن أطلق النفير بدعوته إلى الرد على «العمل العدواني» الجزائري، ولحقه وزراء وسياسيون كثر تقدموا باقتراحات انتقامية.