حفل المتروبوليتان يحقق أرباحاً تقدر بـ26 مليون دولار

وراء الاستعراض والمغالاة أهداف نبيلة ونتائج مبهرة

أصبح الآن يحمل صبغة فنية وتجارية بامتياز (إ.ب.أ)
أصبح الآن يحمل صبغة فنية وتجارية بامتياز (إ.ب.أ)
TT

حفل المتروبوليتان يحقق أرباحاً تقدر بـ26 مليون دولار

أصبح الآن يحمل صبغة فنية وتجارية بامتياز (إ.ب.أ)
أصبح الآن يحمل صبغة فنية وتجارية بامتياز (إ.ب.أ)

رغم كل ما أثاره حفل المتروبوليتان الأخير من جدل، لتزامنه مع أحداث غزة من جهة، وبين قائل إنه في قمة الجنون الإبداعي، وبين قائل إنه كان بمثابة سيرك هدفه الاستعراض أولاً وأخيراً، إلا أن أهدافه نبيلة، ونتائجه، هذه السنة، مبهرة، فقد حقق أرباحاً غير مسبوقة؛ نظراً لسعر التذاكر الصاروخي، 75 ألف دولار للفرد، و350 ألف للطاولة.

ما لا يختلف عليه اثنان أن الحفل، الذي انطلق في عام 1948 مقتصراً على الطبقات المخملية في نيويورك، كحفل خيري لجمع التبرعات لصالح «متحف المتروبوليتان للفنون»، تحوّل في عام 1999 على يد أنا وينتور، عرّابة الموضة العالمية، إلى واحدة من أهم المناسبات السنوية. نجاحه في إنعاش ميزانية المتحف وحجم الإقبال والتغطيات الإعلامية التي يحصل عليها، تدفع البعض للقول إنه أصبح ينافس حفل «السوبر بول».

يتسارع النجوم إلى استعراض أزياء مجنونة لا تتقيد بشيء سوى التيمة التي تقترحها أنا وينتور (إ.ب.أ)

بالنسبة للنجوم، فهم يتسارعون للعب دور شماعات لأزياء مجنونة لا تتقيد بشيء سوى التيمة التي تقترحها أنا وينتور، بالتشاور مع أندرو بولتون، أمين المتحف، كل سنة.

تطور الحفل

-شتان بين الحفل عندما بدأ في منتصف القرن الماضي، وبينه اليوم. غيَّرت أنا وينتور شخصيته تماماً، قرأت تغيرات المجتمع وثقافة العصر، وركبت موجتها بمهارة. يشفع لها لدى الرعيل القديم، حِسها التجاري، فهي تحقق أرباحاً لم يحققها غيرها حتى الآن.

-بلغت إيرادات الحفل، هذا العام، 26 مليون دولار تقريباً، وهي زيادة قدرها 4 ملايين دولار عن إجمالي العام الماضي، وأكثر من ضِعف ما جرى جمعه في عام 2014.

-في العام الماضي، رفعت وينتور أسعار التذاكر إلى 75 ألف دولار، من 35 ألف دولار في عام 2022، و50 ألف دولار في العام الماضي، ومع ذلك لم يتأخر من دعتهم عن الحضور. فالوجود في هذا المحمل يعني وجودهم في الساحة.

يكون النجوم غالباً ضيوفاً على شركات أو بيوت أزياء كبيرة هي التي تدفع ثمن حضورهم (إ.ب.أ)

-لكن النجمات والمشاهير لا يدفعون أي شيء، فهو يحلون ضيوفاً مُكرمين على علامات تجارية كبيرة، مثل «شانيل»، أو «كلوي»، أو «بيربري»، وغيرهم ممن يشترون طاولات بالكامل تبدأ من 350 ألف دولار. تتباين وفق حجمها وعدد ضيوفهم.

-يعتمد الحفل أيضاً على رعاة من الوزن الثقيل. هذا العام، كانت «لويفي» واحدة منهم، إلى جانب «تيك توك» التي كان وضعها صعباً، لكن لم يكن ممكنا التراجع عن قرار ربما اتخذ منذ أشهر طويلة.

-بعد الحفل يفتتح المتحف أبوابه لزيارة المعرض السنوي الذي يقام في قسم الموضة بـ«متحف متروبوليتان» («ذي كوستوم إنستيتيوت»)، وتُعرَض فيه أزياء بتيمة الحفل نفسها، الأمر الذي يفتح الباب لدخل إضافي للمتحف.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة

جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
TT

برنامج هارودز «ذا هايف» يعود إلى الرياض حاضناً المواهب الشابة

جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)
جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع الحالية، وإدخال أخرى تقرأ نبض الشارع وثقافة جيل صاعد يُعوِلون عليه ويريدون كسب ولائه بربط علاقة مستدامة معه.

وهذا تحديداً ما تقوم به بيوت أزياء عالمية حوَلت متاجرها إلى فضاءات ممتعة يمكن للزبون أن يقضي فيها يوماً كاملاً ما بين التسوق وتناول الطعام أو فقط الراحة وتجاذب أطراف الحديث مع الأصدقاء في جو مريح لا يشوبه أي تساؤل.

جانب من الحوارات في النسخة الأولى أظهرت تشبث الشباب السعودي بإرثه وموروثاته (هارودز)

محلات «هارودز» ذهبت إلى أبعد من ذلك. ففي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، أطلقت ما أصبح يُعرف بـ«هارودز هايف». برنامج قائم على حوارات ونقاشات مُلهمة يستهدف احتضان المواهب المحلية الصاعدة ودعمها أينما كانت، وذلك بجمعها مع رواد الترف والمختصين في مجالات إبداعية بشباب صاعد متعطش للمعرفة واختراق العالمية.

كانت التجربة الأولى في شنغهاي، ومنها انتقلت إلى بكين ثم دبي وأخيراً وليس آخراً الرياض.

ففي يناير (كانون الثاني) 2024، وتحت عنوان «الغوص في مفهوم الفخامة»، كانت النسخة الأولى.

الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود في حوار جانبي مع الحضور (هارودز)

نجحت «هارودز» في إظهار مدى حماس شباب المنطقة لمعرفة المزيد عن مفهوم الفخامة الحصرية وطرق مزجها بثقافتهم وإرثهم. ما كان لافتاً في التجربة السعودية تحديداً تمسك الشباب بالتقاليد والتراث رغم انفتاحهم على العالم.

وهذا ما ترجمته الأميرة الجوهرة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود، سيّدة الأعمال والناشطة في الأعمال الخيرية التي شاركت في النسخة الأولى بقولها: «لم أُرِد يوماً أن أغيّر أي شيء في تقاليدنا، لأنّنا نملك الكثير من الفنون والإبداع. نحن نعتبر تقاليدنا من المسلّمات، لكن العالم توّاق لما هو جديد –وينبذ الرتابة– فقد ملّ من العلامات التجارية نفسها والتصاميم ذاتها».

سارة مايلر مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» (هارودز)

كان توجه «هارودز هايف» إلى الرياض مسألة بديهية، حسب قول سارة مايلر، مدير تطوير الأعمال الدولية والاتصالات بـ«هارودز» في لقاء خاص، «لقد جاء تماشياً مع رؤية المملكة 2030 والطفرة التي تشهدها حالياً... أردنا من خلال البرنامج التركيز على القدرات الثقافية والإبداعية التي تكتنزها هذه المنطقة لا سيما أن لدينا فيها زبائن مهمين تربطنا بهم علاقة سنين».

محلات «هارودز» مثل غيرها من العلامات الكبيرة، ليست مُغيَبة عن الواقع. هي الأخرى بدأت تلمس التغييرات التي يمر بها العالم وتؤثر على صناعة الترف بشكل مباشر.

من بين الاستراتيجيات التي اتخذها العديد من صناع الموضة والترف، كان التوجه إلى جيل «زي» الذي لم يعد يقبل بأي شيء ويناقش كل شيء. الترف بالنسبة له لم يعد يقتصر على استهلاك أزياء وإكسسوارات موسمية. بل أصبح يميل إلى أسلوب حياة قائم على معايير أخلاقية تراعي مفهوم الاستدامة من بين معايير أخرى. الموضة ترجمت هذه المطالب في منتجات مصنوعة بحرفية عالية، تبقى معه طويلاً، إضافة إلى تجارب ممتعة.

معانقة الاستدامة

متجر «هارودز» مثل غيره من العلامات الكبيرة، أعاد تشكيل تجربة التسوق بأن جعلها أكثر متعة وتنوعاً، كما تعزز الاستدامة والتواصل الثقافي. وهذا تحديداً ما تستهدفه مبادرة «ذا هايف» وفق قول سارة «فهذا النهج ليس منصة للحوارات فحسب، بل يتيح لنا التواصل مع الجمهور بشكل أفضل لكي نتمكن من فهمه ومن ثم تلبية احتياجاته وتوقعاته. كما يسمح لنا ببناء علاقة مستدامة مبنية على الاحترام وفهم احتياجات السوق المحلي. وليس هناك أفضل من الإبداع بكل فنونه قدرة على فتح حوار إنساني وثقافي».

إطلاق النسخة الثانية

قريباً وفي الـ11 من هذا الشهر، ستنطلق في الدرعية بالرياض الدورة الثانية تحت عنوان «إلهام الإبداع من خلال التجربات». عنوان واضح في نيته التركيز على القصص الشخصية والجماعية الملهمة. كل من تابع النقاشات التي شاركت فيها باقة من المؤثرين والمؤثرات في العام الماضي سيُدرك بأن فكرته وُلدت حينها. فالتمسك السعودي بالهوية والإرث لم يضاهه سوى ميل فطري للسرد القصصي.

سمة بوظو أكدت في نسخة 2024 أن فنّ رواية القصص جزء من التركيبة السعودية (هارودز)

أمر أوضحته بسمة بوظو، أحد مؤسّسي الأسبوع السعودي للتصميم والتي شاركت في نسخة 2024 بقولها: «بالنسبة لنا كمبدعين، فإن ولعنا بالفنون والحرف التقليدية ينبع من ولعنا بفنّ رواية القصص، لدرجة أنه يُشكّل محور كل أعمالنا». وتتابع مؤكدة: «حتى توفّر التكنولوجيا الحديثة واكتساحها مجالات كثيرة، يُلهمنا للارتقاء بفنّ رواية القصص».

من هذا المنظور، تعد سارة مايلر أن برنامج هذا العام لن يقل حماسًا وإلهاماً عن سابقه، خصوصاً أن الحلقات النقاشية ستستمد نكهة إنسانية من هذه القصص والتجارب الشخصية، بعناوين متنوعة مثل «إلهام الإبداع» و«الرابط»، و«تنمية المجتمع الإبداعي» و«القصص المهمة» وغيرها.