انقلابيو اليمن يخصصون كبرى الجامعات لأبناء عناصرهم

طلبة أوقفوا الدراسة وآخرون لم يتمكنوا من الالتحاق

أبناء الفقراء محرومون من الالتحاق بجامعة صنعاء (إعلام محلي)
أبناء الفقراء محرومون من الالتحاق بجامعة صنعاء (إعلام محلي)
TT

انقلابيو اليمن يخصصون كبرى الجامعات لأبناء عناصرهم

أبناء الفقراء محرومون من الالتحاق بجامعة صنعاء (إعلام محلي)
أبناء الفقراء محرومون من الالتحاق بجامعة صنعاء (إعلام محلي)

قبل 54 عاماً افتتحت جامعة صنعاء بوصفها أول جامعة في شمال اليمن، وتوسعت هذه الجامعة عبر فروعها في المحافظات قبل أن تتحول إلى جامعات مستقلة، حتى باتت أكبر الجامعات وزاد عدد الملتحقين فيها على عشرات الآلاف من الطلاب، لكن ومع سيطرة الحوثيين بات الالتحاق بها محصوراً على أبناء قادة الجماعة ومقاتليها، بعد أن أقرت تخصيص ثلثي المقاعد لمن يمتلكون الأموال فقط.

فمنذ أيام أنهت إدارة الجامعة التي يترأسها القيادي الحوثي القاسم عباس، القبول في الكليات العلمية الثلاث الطب والصيدلة والمختبرات، وكانت الفاجعة أن عدد المقبولين وفق نظام الإعفاء من رسوم المقاعد الدراسية يساوي نصف عدد الذين تم قبولهم؛ وفقاً لنظام الدفع الذي تصل معه قيمة المقعد الدراسي إلى 5 آلاف دولار.

العائدات يصرفها الحوثيون على الأنشطة الطائفية بينما أساتذة الجامعة دون رواتب (إعلام حوثي)

يأتي ذلك في حين أن نحو 80 في المائة من سكان تلك المناطق يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وفي الوقت الذي يحصل فيه أساتذة الجامعات على نصف راتب كل ثلاثة أشهر في أحسن الأحوال وهم مبلغ يساوي 300 دولار أميركي.

ووفق ما ذكرته مصادر في الحركة الطلابية بجامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، فإن كلية الطب قبلت هذا العام 150 طالباً فقط من أصل 1654 متقدماً، ولكنها في نظام النفقة الخاصة قبلت 350 طالباً.

وبينت المصادر أن الإقبال بات محصوراً في أربع كليات علمية هي الطب والصيدلة والمختبرات وعلوم الحاسوب، فيما يفضل أبناء الريف الالتحاق بكلية الشريعة والقانون؛ لأن الدراسة فيها تتم عن بُعد، وهو ما يغنيهم عن المصاريف اليومية وتكاليف السكن والمواصلات.

أما الكليات الأدبية - وفق المصادر - فتشهد عزوفاً غير معهود طوال تاريخ الجامعة، وتم إقفال عدد من الأقسام الدراسية بسبب عدم وجود متقدمين، ولأن الشباب وجدوا آباءهم وإخوانهم الموظفين دون مرتبات، ولهذا فضلوا الذهاب للبحث عن أعمال داخل البلاد وخارجها، كما أن غالبية عظمى من الأسر لا تستطيع تحمل نفقات التعليم الجامعي وتفضل هي أيضاً أن يذهب أبناؤها إلى سوق العمل أو الاغتراب.

معاناة يومية

يذكر أحد الناشطين اليمنيين في صنعاء أنه ذهب إلى وزير التعليم العالي في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، وشكا له من حرمان أحد الطلبة من دخول الامتحانات في جامعة صنعاء بسبب عجزه عن دفع الرسوم، لكن الوزير وجه بتقسيط المبلغ، في حين أن الشاب لا يمتلك مصدر دخل، وأعيد السبب إلى أن رئيس الجامعة الذي يعد من القيادات الحوثية البارزة سيرفض أي توجيه بمنح الطالب إعفاء من الرسوم أو تخفيضها.

يؤكد الطالب الجامعي رضوان أنه وزملاءه يعيشون في كل يوم المعاناة مع إدارة الجامعة بسبب تأخرهم في دفع الرسوم الدراسية؛ لأنهم لا يمتلكون بالفعل أي مبالغ مالية ولا أسرهم، ويتذكر كيف أن الملتحقين بالنظام الموازي (يدفع الطالب رسوماً رمزية) كانوا لا يتعدون 5 في المائة، كما أن الرسوم الدراسية كانت لا تتجاوز حينها ألف دولار في كليات الطب و400 دولار في الكليات الأخرى، وكانت الفترة الصباحية تخصص لطلاب النظام العام المجاني في حين تخصص فترة المساء للملتحقين بالنظام الموازي.

اختبارات قبول شكلية لاستيعاب أبناء القادة الحوثيين في الجامعات (إعلام محلي)

ويقول أستاذ في جامعة صنعاء إنها تحولت إلى جامعة خاصة والمقاعد العامة يوزعها الحوثيون على أصحاب الوساطات ومقاتليهم ومشرفيهم، فيما يلزم الغالبية العظمى من المتقدمين الالتحاق بالنظام المدفوع، ويؤكد أن إجراء اختبارات القبول مسرحية ومهزلة لا غير.

من جهته، يرى سمير وهو ولي أمر أحد الطلبة أن جامعة صنعاء باتت النموذج الأبشع في اختلال معايير القبول، وعدّ أن ما يحدث فيها يشير إلى أننا ماضون بحماس صوب الارتماء بأحضان الجهل، وأن الغد ينتحر تحت أقدام التخلف، لأنه لا يمكن الحديث عن مستقبل من دون جامعة تقدس العلم والقيم الأكاديمية، لا أن تتحول إلى معسكر للأنشطة الطائفية، وإقرار رسائل علمية تمجد هذا الفكر أو مؤسسي جماعة الحوثي.

ويقسم الطالب أحمد زين بأنه توقف عن الدراسة في الجامعة بسبب عدم قدرته على دفع 50 دولاراً، لأنه في الظروف التي يعيشها اليمن منذ الانقلاب على الحكومة الشرعية توقفت الأعمال ومعها قطعت رواتب الموظفين مدنيين وعسكريين.

ويضيف: «عجزت عن تدبير المبلغ»، ولهذا كرهت عميد الكلية ‏والجماعة الحوثية، وغادرت مكسور القلب، ‏وكلما أرى أحدهم يخنقني القهر.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

بعد غياب عن صنعاء لأكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إليها، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح المعتقلين الأمميين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

في خطوة غير مسبوقة أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حرباً لمواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام وملاحقة المتهمين في الداخل والخارج.

علي ربيع (عدن)
الحوثيون ينفذون عملية تعبئة عسكرية بمناطق سيطرتهم للسكان والقطاعات بمن فيهم طلبة المدارس (إ.ب.أ)

اليمن: انتهاكات انقلابية تستهدف قطاع التعليم في عمران

نفذ الحوثيون موجة جديدة من الانتهاكات استهدفت قطاع التعليم ومنتسبيه في عمران شملت تغيير أسماء مدارس وإرغام المعلمين والطلبة على التعبئة الفكرية والعسكرية 

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن يرغمون جميع الموظفين العموميين على حمل السلاح

أرغم الحوثيون جميع الموظفين العموميين، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة إسرائيل.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».