دولة فلسطين نحو اعترافات إضافية غداة الحجب الأميركي لعضويتها الأممية

واشنطن معزولة... السعودية تشدد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره... والعرب يستعدون لمحاولة جديدة في مجلس الأمن والجمعية العامة

حشد من الدبلوماسيين في قاعة مجلس الأمن خلال التصويت على قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة (إ.ب.أ)
حشد من الدبلوماسيين في قاعة مجلس الأمن خلال التصويت على قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة (إ.ب.أ)
TT

دولة فلسطين نحو اعترافات إضافية غداة الحجب الأميركي لعضويتها الأممية

حشد من الدبلوماسيين في قاعة مجلس الأمن خلال التصويت على قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة (إ.ب.أ)
حشد من الدبلوماسيين في قاعة مجلس الأمن خلال التصويت على قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة (إ.ب.أ)

غداة استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار جزائري حظي بدعم واسع عربياً ودولياً لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، اتجهت الأنظار إلى الجمعية العامة لمناقشة الرفض الأميركي، والسعي إلى زيادة نوعية في عدد البلدان التي تعترف ثنائياً أو جماعياً بالدولة الفلسطينية.

ورغم «الفيتو» الأميركي، ظهرت الولايات المتحدة معزولة عن إرادة المجتمع الدولي، إذ كانت الوحيدة التي رفضت القرار الذي حصل على 12 صوتاً مؤيداً من كل من الصين وروسيا وفرنسا وسلوفينيا ومالطا والإكوادور وغويانا واليابان وكوريا الجنوبية وموزمبيق وسيراليون والجزائر. أما بريطانيا وسويسرا فامتنعتا عن التصويت.

وجاء ذلك بعدما ضغطت إدارة الرئيس جو بايدن قبل التصويت على عدد من الدول المتحالفة معها، لا سيما فرنسا وسويسرا واليابان وكوريا الجنوبية وغويانا، إما للتصويت ضد القرار، أو الامتناع عن التصويت، في محاولة لتجنب استخدام حق النقض.

وتعكس النتيجة التعاطف العالمي المتنامي مع الفلسطينيين، ليس فقط بسبب استمرار حرمانهم من حقهم في تقرير مصيرهم، بل أيضاً بسبب الهجوم الإسرائيلي التدميري المتواصل على غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رداً على هجوم شنته حركة «حماس» على مستوطنات وكيبوتزات إسرائيلية في غلاف القطاع.

جهود متواصلة

وهذه هي المرة الأولى التي تلجأ فيها واشنطن إلى حق النقض لتعطيل الجهود للاعتراف أممياً بدولة فلسطين، علماً أن المحاولة الأولى بدأت عام 2012، حين لم يحصل الطلب الذي قدمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2011 على الأصوات التسعة المطلوبة من الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن.

ولم تضطر واشنطن إلى استخدام الفيتو لتعطيل الخطوة. ورغم ذلك، وصل عدد من يعترف بفلسطين إلى 138 من الدول الـ193 الأعضاء في الجمعية العامة للمنظمة الدولية.

ولكن تلك المحاولة أدت إلى رفع الوضع التمثيلي للفلسطينيين في الأمم المتحدة إلى دولة مراقبة غير عضو، وإلى فتح الباب أمام انضمام السلطة الفلسطينية إلى كثير من المنظمات الدولية الأخرى، ومنها المحكمة الجنائية الدولية.

وحيال التعطيل في مجلس الأمن، ستتوجه المجموعة العربية إلى الجمعية العامة لنيل مزيد من الاعترافات، لا سيما بعدما أيدت دول أوروبية كثيرة، وفي مقدمتها فرنسا وإسبانيا وآيرلندا وسلوفينيا والسويد وغيرها أنها مستعدة الآن للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وهذا ما سيضع الولايات المتحدة في عزلة أكبر على الساحة الدولية.

التبرير الأميركي

وأكد المندوب البديل للبعثة الأميركية روبرت وود أن «هذا التصويت (باستخدام حق النقض) لا يعكس معارضة للدولة الفلسطينيّة، بل هو اعتراف بأنه لا يمكن لها أن تنشأ إلا عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفين».

وفي شرحه للفيتو، قال إن هناك «مسائل لم تحل» حول ما إذا كانت فلسطين تستوفي معايير عدّها دولة، مشيراً إلى أن «حماس» لا تزال تمارس السلطة والنفوذ في غزة، الذي يعد جزءاً رئيسياً من الدولة التي يسعى إليها الفلسطينيون.

وشدد على أن التزام الولايات المتحدة حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب في سلام، هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن لكلا الجانبين ولإسرائيل لإقامة علاقات مع كل جيرانها العرب، بما في ذلك السعودية.

وأكد أن «الولايات المتحدة ملتزمة بتكثيف مشاركتها مع الفلسطينيين وبقية المنطقة، ليس فقط لمعالجة الأزمة الحالية في غزة، ولكن للدفع بتسوية سياسية من شأنها أن تمهد الطريق إلى إقامة الدولة الفلسطينية وعضوية الأمم المتحدة».

ورأى المندوب الجزائري عمار بن جامع أنه على رغم «الفيتو» الأميركي، فإن الدعم «الساحق» من أعضاء المجلس «يوجه رسالة واضحة جداً: دولة فلسطين تستحق مكانتها» بين الأمم.

ووصف التصويت بأنه «خطوة حاسمة نحو تصحيح الظلم الذي طال أمده»، مضيفاً أن «السلام سيأتي من ضم فلسطين، وليس من استبعادها». ووعد باسم المجموعة العربية بأن تتقدّم بلاده مجدداً بهذا الطلب لاحقاً، من دون أن يكشف أي تفاصيل.

«يوم حزين»

المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال جلسة لمجلس الأمن الخميس (رويترز)

وأشار المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا إلى أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض «للمرة الخامسة» منذ بداية حرب غزة، معتبراً أن ذلك «يظهر الأميركيين مرة أخرى ما يؤمنون به حقاً تجاه الفلسطينيين. وبالنسبة لواشنطن، لا يستحقون أن تكون لهم دولة خاصة بهم، فهم مجرد عائق في طريق تحقيق مصالح إسرائيل».

وقال إن «واشنطن نفسها ستخرج نهائياً من قائمة الدول المحبة للسلام والمحترمة، بعدما تقاسمت المسؤولية الكاملة مع حلفائها الإسرائيليين عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين».

ورأى نظيره الصيني فو كونغ أن «اليوم يوم حزين»، معبراً عن «الخيبة» من الموقف الأميركي لأنه «يحطم حلم الشعب الفلسطيني».

وقالت نائبة المندوب الفرنسي ناتالي برودهيرست إن «الوقت حان لتحقيق تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين»، موضحة أن بلادها «تؤيد مبادرة الجزائر برفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة وقبولها عضواً كاملاً».

وشددت على ضرورة أن «يسمح هذا الاعتراف باستئناف عملية حاسمة ولا رجعة فيها لتنفيذ حل الدولتين، وتعزيز السلطة الفلسطينية كي تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها بفاعلية وكفاءة في كل أنحاء أرض الدولة الفلسطينية المستقبلية».

خطاب مؤثر

المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور يهم بالجلوس في قاعة مجلس الأمن قبيل التصويت على مشروع قرار منح العضوية الكاملة لفلسطين في المنظمة الدولية (إ.ب.أ)

وندّد المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور باستخدام «الفيتو»، عادّاً ذلك «عدواناً صارخاً» يدفع المنطقة إلى «شفا الهاوية». وأكد في خطاب مؤثر أن هذا الرفض «لن يكسر إرادتنا، ولن يوقف إصرارنا. لن نوقف جهودنا. دولة فلسطين حتمية، إنها حقيقية».

وفي المقابل، ندد المندوب الإسرائيلي جلعاد أردان بالدول التي دعمت المشروع، مؤكداً أن «التحدث إلى هذا المجلس أشبه بالتحدث إلى حائط». وشكر للولايات المتحدة خصوصاً الرئيس جو بايدن «وقوفه إلى جانب الحقيقة والأخلاق في مواجهة النفاق والسياسة».

وجرى قبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة عام 1949.

وفي الرياض، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن أسف المملكة لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع قرار قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.

وأكدت الوزارة أن «إعاقة قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة تسهم في تكريس تعنّت الاحتلال الإسرائيلي واستمرار انتهاكاته قواعد القانون الدولي دون رادع، ولن يقرّب من السلام المنشود».

وجددت الخارجية السعودية مطالبة المملكة باضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه «وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيّين في قطاع غزة، ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة».


مقالات ذات صلة

السعودية تدين استمرار انتهاكات إسرائيل في فلسطين وسوريا

الخليج السعودية عدّت ممارسات إسرائيل في «الأقصى» تعدياً صارخاً (د.ب.أ)

السعودية تدين استمرار انتهاكات إسرائيل في فلسطين وسوريا

دانت السعودية اقتحام وزير الأمن القومي لباحة المسجد الأقصى، وتوغل قوات الاحتلال في الجنوب السوري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

ترحيب إسلامي بقرار أممي يؤكد حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم

رحّبت منظمتان إسلاميتان باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يؤكد حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ورفض احتلال إسرائيل غير الشرعي لأراضيه.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)
المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي قرب مبنى مدمر في خان يونس (أ.ب)

الطيران الإسرائيلي يقتل 14 فلسطينياً بينهم أطفال في غزة

قال مسعفون إن الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة قتلت ما لا يقل عن 14 فلسطينياً منهم 10 على الأقل في منزل واحد بمدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
الخليج جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأحد على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا والوقوف مع الشعب السوري

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)
TT

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)
دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

قتل الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، 15 فلسطينياً على الأقل في هجمتين جويتين على منزلين في مدينة غزة.

وقال محمود بصل الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في اتصال هاتفي مع «وكالة الأنباء الألمانية»: «قتل الجيش الإسرائيلي 13 فلسطينياً بقصف منزل لعائلة هتهت في حي الشيخ رضوان فيما أصيب 40 آخرون ظلوا عالقين تحت الأنقاض».

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

وأضاف: «قتل الجيش الإسرائيلي فلسطينيين اثنين وأصاب 20 آخرين في قصف منزل لعائلة اسليم في حي الصبرة وسط مدينة غزة».

وأوضح أن طواقم الدفاع المدني لا تزال تواصل عمليات إنقاذ الضحايا، مشيراً إلى أنهم يواجهون صعوبة في عمليات الإنقاذ.