السعودية… «أتمتة» عمليات زكاة الفطر لتعظيم أثرها الاقتصادي والاجتماعي

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: توظيف المنصات الإلكترونية يسهل الإجراءات بوسائل دفع آمنة

فريق من وزارة التجارة يقوم بجولاته الرقابية على منافذ بيع الأرز، إحدى السلع الرئيسية لزكاة الفطر (واس)
فريق من وزارة التجارة يقوم بجولاته الرقابية على منافذ بيع الأرز، إحدى السلع الرئيسية لزكاة الفطر (واس)
TT

السعودية… «أتمتة» عمليات زكاة الفطر لتعظيم أثرها الاقتصادي والاجتماعي

فريق من وزارة التجارة يقوم بجولاته الرقابية على منافذ بيع الأرز، إحدى السلع الرئيسية لزكاة الفطر (واس)
فريق من وزارة التجارة يقوم بجولاته الرقابية على منافذ بيع الأرز، إحدى السلع الرئيسية لزكاة الفطر (واس)

استطاعت المنصات الإلكترونية في السعودية تسهيل عمليات زكاة الفطر للمسلمين الذين يتسارعون في الساعات الأخيرة من شهر رمضان لإخراجها، نظراً لوجوبها عليهم من ذكر أو أنثى، بوسائل دفع آمنة، ما يعظم أثرها الاقتصادي والاجتماعي ويضمن وصولها إلى المستحقين بشكل عادل.

وتعدُّ «زكاة الفطر» واجبةً على المسلمين بإخراج صاع من طعام، أو من تمر، أو من شعير، أو من زبيب، أو من أقط، قبل صلاة أول يوم للعيد، من قوت البلد.

وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن الخدمات الإلكترونية التي قدّمت لدفع زكاة الفطر، تلبّي حاجات الناس بتيسير وسهولة عبر إيصال الزكاة للمستحقين من الفقراء والمساكين، حسب الاحتياج من غير زيادة أو نقصان.

وأبان المختصون أن المنصات الإلكترونية المعتمدة من الحكومة أصبحت مصدر ثقة وأمان للمسلمين الذين يقدمون على زكاة الفطر قبل صلاة العيد وضمن إيصالها بشكل عادل.

أثر اقتصادي

وقال المحلل الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك فيصل، الدكتور محمد بن دليم القحطاني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه في ظل اتجاه المملكة نحو «أتمتة» عملياتها ونجاحها في حوكمة أعمالها إلكترونياً، ومن ضمنها القطاع غير الربحي، مؤكداً أن المنصات الإلكترونية الرسمية كمنصة «إحسان» سهلت على المسلمين سرعة وصول زكاة الفطر لمستحقيها من الأسر المحتاجة.

وأوضح أن هذه المسألة سهّلت على أن يكون هناك وعاء لزكوات الفطر بقيام الجهات المسؤولة في توزيع الزكاة وإعطائها للمستحقين حسب حاجتهم وبالشكل الصحيح والكمية المطلوبة، بحيث لا يكون لديهم فائض أو نقصان.

وأكد القحطاني أن رقابة ومتابعة الحكومة على جميع عمليات الدفع الإلكتروني، وأيضاً على المتاجر المحلية، يكون أثرها إيجابياً في انضباط الأسعار، وكذلك توزيع الأموال المستخرجة من زكاة الفطر للمستحقين من الناس.

وبيّن أن لذلك أثر اقتصادي يمنع استغلال البعض في أوقات الذروات لهذه الزكاة، وكذلك اجتماعي وتنموي يساعد في الحد من الفقر.

ويرى القحطاني أن نحو 80 في المائة من سكان المملكة يتجهون لدفع زكاة الفطر إلكترونياً من خلال المنصات المعتمدة، لاختصارها للوقت ويستطيع الفرد في فترة زمنية وجيزة من إنهاء عملية استخراج الزكاة، إضافة إلى ثقة الناس بأنها ستصل للأشخاص المستحقين وتوزع بشكل متساوٍ.

وتابع أن حجم زكاة الفطر للفرد يبلغ متوسطها نحو 21 ريالاً، مبيّناً أن إجمالي المبالغ المستخرجة سنويّاً من خلال هذه المنصات تقدّر بنحو 315 مليون ريال (84 مليون دولار)، مؤكداً أن ذلك يخدم إطعام نحو 52 ألف أسرة محتاجة من الأرز بشكل سنوي.

الطرق الآمنة

بدوره، أكد الأكاديمي في جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور سالم باعجاجة لـ«الشرق الأوسط»، حرص الدولة ممثلةً في هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في حث المسلمين على إخراج زكاة مال أو زكاة الفطر في وقتها وبطريقة سليمة، عبر منصة «إحسان» باعتبارها منصة عمل خيرية.

ولفت إلى أن هذه الزكوات توصل بالطريقة الصحيحة للفقراء والمساكين والمحتاجين والغارمين الذين عليهم ديون وغيره من الأصناف الثمانية التي حدّدها القرآن الكريم.

وكانت المنصة الوطنية للعمل الخيري (إحسان)، أعلنت مطلع أبريل (نيسان) الحالي، عن بدء استقبال إخراج زكاة الفطر رقمياً لتتولى إيصالها إلى مستحقيها في وقتها الشرعي، وذلك في مختلف مناطق المملكة، وفقاً لأوجه البر المعتمدة من قبل اللجنة الشرعية لمنصة «إحسان» برئاسة المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبد الله المطلق.

وتأتي إخراج زكاة الفطر ضمن مسارات الحملة الوطنية للعمل الخيري بنسختها الرابعة؛ من منطلق تمكين المجتمع خلال مواسم الخير والإحسان لأداء الفرائض الدينية، وتستقبل منصة «إحسان» إخراج الزكاة على تطبيق المنصة والموقع الإلكتروني عبر برنامج «زكاة الفطر»، ومن ثم يحدد المُحسن المنطقة الإدارية وعدد الأفراد المراد إخراج الزكاة عنهم، وذلك بالتعاون والربط التقني مع الجهات ذات العلاقة في مناطق المملكة كافة.

الجدير بالذكر أن منصة «إحسان» تهدف إلى تعزيز قيم العمل الإنساني لأفراد المجتمع، من خلال التكامل مع الجهات الحكومية المختلفة وتعظيم نفعها، وتمكين القطاع غير الربحي وتوسيع أثره، وتفعيل دور المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص، والمساهمة في رفع مستوى الموثوقية والشفافية للعملين الخيري والتنموي.

كما تساعد الجهات غير الربحية المختلفة على تنمية مواردها المالية، وتسهل عملية التبرع للباحثين عن الخير، بالتكامل مع بقية المنصات، وإطلاعهم على مختلف مجالات التبرع المتاحة في داخل السعودية بمكان واحد.

إلى ذلك، تواصل وزارة التجارة تنفيذ جولاتها الرقابية على منافذ بيع زكاة الفطر، ومحال مستلزمات العيد، التي يكثر الإقبال عليها من المستهلكين في هذه الفترة مع قرب حلول عيد الفطر المبارك، بهدف التأكد من وفرة السلع والمنتجات الأساسية وبدائلها، وضبط المخالفات التجارية، والتأكد من عدم وجود مخالفات لأنظمة حماية المستهلك.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «غازبروم» الروسية على أحد الحقول في مدينة سوتشي (د.ب.أ)

في أحدث صورها بـ«غازبروم»... العقوبات الأميركية على روسيا تربك حلفاء واشنطن

تسبب إعلان واشنطن عن عقوبات ضد «غازبروم بنك» الروسي في إرباك العديد من الدول الحليفة لواشنطن حول إمدادات الغاز

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

اليابان تدرس رفع الحد الأدنى لضريبة الدخل ضمن حزمة التحفيز

قالت الحكومة اليابانية إنها ستدرس رفع الحد الأدنى الأساسي للدخل المعفى من الضرائب

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.