«المنظمة» ترفض استغلال «دعم غزة» لتهديد دول عربية

وسط حملات تشكيك داخلية في السلطة

مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

«المنظمة» ترفض استغلال «دعم غزة» لتهديد دول عربية

مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

انتقد مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية ما وصفها بـ«محاولة ضرب الأمن والاستقرار» في دول عربية تحت مظلة التظاهر من أجل غزة، في إشارة مباشرة إلى ما جرى في الأردن، قبل أيام، من مظاهرات وصدامات.

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» حسين الشيخ، إن «تناقض شعبنا الفلسطيني وأمتنا مع الاحتلال الإسرائيلي، ومهمتنا الوطنية تتطلب حشد الدعم والإسناد على المستويات كافة».

وتساءل الشيخ في منشور على منصة «إكس»، بثّه (الاثنين): «حرف البوصلة وتشتيت الجهد والكفاح الفلسطيني المدعوم من الأشقاء العرب شعبياً ورسمياً في مواجهة الاحتلال لمصلحة مَن؟! الدعوات لخلط الأوراق وضرب الأمن والاستقرار في الدول الشقيقة لمصلحة مَن ويصب في خانة مَن؟!».

واستطرد الشيخ: «كنا وما زلنا وسنبقى نؤكد أن تناقض شعبنا وأمتنا هو مع الاحتلال الإسرائيلي، ومهمتنا الوطنية تتطلب حشد كل الدعم والإسناد وعلى المستويات كافة لكفاح ونضال شعبنا حتى نيل حقوقه الوطنية المشروعة في الحرية والاستقلال».

‏وأضاف: «في هذه المرحلة الصعبة التي يتعرض فيها شعبنا لحرب إبادة، نحتاج إلى رص الصفوف، وتوحيد الجهود وحشد الطاقات باتجاه واحد، وهو وقف هذه الحرب الإجرامية المدمرة وإغاثة شعبنا».

‏وأعرب الشيخ عن شكره وتقديره لـ«الأشقاء العرب جميعاً على المستوى الرسمي والشعبي لدعمهم شعبنا الصامد المرابط على أرض وطنه».

وكان الشيخ يعلّق على مظاهرات شهدتها المملكة الأردنية دعماً لقطاع غزة، طالب فيها المتظاهرون الحكومة الأردنية بقطع العلاقات مع إسرائيل، وإلغاء اتفاقية السلام بين الجانبين، قبل أن تتحول إلى «مظاهرات صدامية، وتشهد احتكاكات مع قوات الأمن، واعتقالات».

تشكيك داخلي

ويحاول حراك عربي توجيه المظاهرات إلى «محاصرة السفارات الإسرائيلية، وهو حراك يتهمه بعض الدول بأنه (صاحب أجندة خارجية)».

وكان الحراك قد اتهم حكومات عربية بـ«التآمر على غزة»، وهي اتهامات تعانيها السلطة الفلسطينية أيضاً التي تواجه كثيراً من حملات التشكيك الداخلي.

وخرج ملثمون في مناطق في الضفة الغربية أعلنوا دعمهم لـ«المقاومة في غزة»، واتهموا السلطة بـ«التآمر على المقاومة، ومحاولة مواجهتها في الضفة» على غرار ما يحدث في غزة، وذلك بعد اشتباكات محدودة شهدتها بعض محافظات الضفة الغربية بين مسلحين وأجهزة أمنية فلسطينية. وتفجرت مواجهات بين السلطة ومسلحين، في طولكرم ونابلس وجنين وخلّفت إصابات في الأيام القليلة الماضية.

وتظهر السلطة الفلسطينية ضعيفة بشكل عام في الضفة الغربية، وتعاني مشكلات أمنية واقتصادية على حد سواء.

ودفعت السلطة قبل شهر رمضان 65% من رواتب موظفيها فقط، ما خلق استياءً وغضباً كبيرين، في وقت يمتنع فيه المعلمون عن الالتحاق بمدارسهم نحو 4 أيام في الأسبوع، وتهدد فيه نقابات أخرى بالتصعيد.

واضطرت السلطة قبل شهرين لأخذ قرض كبير من البنوك لكنها لم تستطع دفع رواتب موظفيها بانتظام، وهي مدينة للموظفين والبنوك ومؤسسات محلية وشركات إسرائيلية.

وإضافةً إلى ذلك، تعاني السلطة منذ أعوام طويلة اتساع قوة العشائر والعائلات، وزيادة سيطرة مسلحين في الفصائل ومسلحين في العائلات، مما أضعفها إلى حد كبير بدت معه في بعض المناطق شبه غائبة.

دور إسرائيل

وتتهم إسرائيل السلطة الفلسطينية بالضعف، وتقول إنها «فاقدة للسيطرة في شمال الضفة الغربية، وتركت الساحة هناك لحركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)».

كما تواجه السلطة انتقادات داخلية واسعة متعلقة بأداء غالبية المؤسسات، وعدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها، واتخاذ إجراءات لتمكينهم وحمايتهم، أو فرض رقابة على الأسعار في السوق المحلية التي تشهد ارتفاعاً كبيراً، وإيجاد حلول لمشكلات البطالة التي ارتفعت نتيجة الحرب.

وقال مصدر أمني لـ«لشرق الأوسط» إن «إسرائيل هي التي تحارب السلطة، سياسياً وأمنياً ومالياً، وتهدف إلى إظهارها ضعيفة وغير قادرة على الحكم».

وأضاف: «لا تحارب السلطة مقاومين وإنما تحارب الفوضى». وتابع «البعض يريد أن يحكم مكان السلطة، ويخلق حالة من الفوضى والفلتان، وهذا هو الذي تحاربه السلطة».


مقالات ذات صلة

«اتفاق بكين»: عباس يريد ترسيخ الشرعية... و«حماس» تحتاج إلى مظلة

المشرق العربي وزير الخارجية الصيني وانغ يي يتوسط موسى أبو مرزوق (يمين) القيادي في «حماس» ومحمود العالول القيادي في «فتح» (رويترز)

«اتفاق بكين»: عباس يريد ترسيخ الشرعية... و«حماس» تحتاج إلى مظلة

قبل توقيع فصائل فلسطينية اتفاقها الأخير في بكين، كانت هناك اتفاقات سابقة انتهت بشكل مشابه تقريباً؛ لكن ما صار جديداً هي حرب إسرائيلية قتلت أكثر من 39 ألف شخص.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يفرون من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إسرائيلية بالإخلاء (رويترز)

«هدنة غزة»: «تحركات جديدة» تعزز جهود «المرحلة الأولى»

تتراجع نقاط «الخلاف العلني» في مسار مفاوضات «هدنة غزة»، مع «تحركات جديدة»، تشمل مناقشات إسرائيلية للانسحاب من كامل القطاع بأول مراحل تنفيذ مقترح بايدن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
آسيا نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول (يسار) وعضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق (يمين) برفقة وزير الخارجية الصيني وانغ يي

«إعلان بكين»... الفصائل الفلسطينية تتفق على تشكيل «حكومة مصالحة»

أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي اليوم (الثلاثاء) حصول اتفاق بين 14 فصيلاً فلسطينياً لتشكيل «حكومة مصالحة وطنية مؤقتة» لإدارة غزة بعد الحرب.

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون صور أقاربهم المحتجزين في السجون الإسرائيلية يحتجون وسط رام الله بالضفة الغربية في 21 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: ارتفاع عدد القتلى من الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية

قالت «اليونيسيف» إن 143 من الأطفال والشباب الفلسطينيين، على الأقل، قُتلوا في الضفة الغربية والقدس الشرقية خلال الشهور التسعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي مركز لتوزيع المساعدات الغذائية في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الخميس (أ.ف.ب)

الرئاسة الفلسطينية ترفض نشر أي قوات أجنبية في غزة

رفضت الرئاسة الفلسطينية نشر أي قوات غير فلسطينية في قطاع غزة، قائلة إن «الأولوية» لوقف العدوان الإسرائيلي، و«ليس الحديث عن اليوم التالي للحرب».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.