في محاولة لجمع الأطراف السنية للخروج باتفاق نهائي على مرشح واحد لرئاسة البرلمان العراقي، التقى رئيس الوزراء قادة أحزاب السنية، لكن اجتماعهم فشل في التوصل إلى اتفاق.
وضم الاجتماع محمد الحلبوسي رئيس حزب «تقدم»، وخميس الخنجر رئيس حزب «السيادة»، ومثنى السامرائي رئيس تحالف «عزم»، وثابت العباسي رئيس تحالف «الحسم».
وطبقاً لما خرج بعد الاجتماع من انقسام واضح بين القيادات السنية، فإن الكرة باتت الآن في ملعب قوى «الإطار التنسيقي الشيعي»، في ترجيح كفة المرشح السني القادم لرئاسة البرلمان، بعدما رفضت القيادات السنية الاستجابة لمبادرة السوداني لإعلان مرشح واحد يمثل كل السنَّة و«ليس أغلبية على حساب أقلية»، كما تنقل المصادر.
وفي هذا السياق، قررت الكتل السُنية الثلاث (تحالف «السيادة»، و«العزم»، «والحسم الوطني»)، ترشيح النائب سالم مطر العيساوي لمنصب رئيس مجلس النواب المقبل، وهو ما يعارضه «حزب تقدم».
ووجَّه قادة القوى السنية الثلاثة مذكرة إلى قادة «الإطار التنسيقي الشيعي»، ومذيَّلة بتوقيع خميس الخنجر، «السيادة»، ومثنى السامرائي، «العزم»، وثابت العباسي، «الحسم الوطني»، بترشيح سالم العيساوي.
ودعا الموقِّعون على المذكرة إلى الإسراع بتحديد الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس مجلس النواب، وخاطبوا قادة الإطار بالقول إن «دعمكم لمرشحنا يستكمل الاستحقاقات الدستورية نحو العملية السياسية بما يخدم العراق ووحدته وسيادته». وعقد البرلمان العراقي، في 13 يناير (كانون الثاني) الماضي، جلسة استثنائية لاختيار رئيس مجلس النواب الجديد، وانتهت الجولة الأولى من التصويت، بفوز حزب «تقدم»، شعلان الكريم، بـ152 صوتاً من أصل 314 صوتاً، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي بـ97 صوتاً، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتاً، والنائب عامر عبد الجبار بـ6 أصوات، والنائب طلال الزوبعي بصوت واحد، إلا أن مشادات كلامية حصلت داخل قاعة المجلس؛ ما اضطر رئاسة المجلس إلى رفع الجلسة حتى إشعار آخر.
لا ضوء سنياً في نهاية النفق
وأبلغ سياسي سني بارز «الشرق الأوسط» بأن «هناك اتفاقاً على ضرورة انتخاب رئيس مجلس النواب في أقرب وقت، قبل أن تعطي (المحكمة الاتحادية) قرارها حول الجلسة التي جرت فيها الانتخابات، خصوصاً أن التنافس سينحصر بين سالم العيساوي ومحمود المشهداني».
وتفيد الترشيحات المتداولة بأن العيساوي هو الأوفر حظاً بالمنصب، وهو ما يثير تحفظ الحلبوسي لأنهما يتحدران من مدينة الفلوجة في الأنبار.
وأضاف السياسي أن «الحلبوسي، ولكي لا يحصل ذلك، فإنه حاول استمالة عمار الحكيم زعيم (تيار الحكمة) وهادي العامري زعيم (تحالف نبني)، ومن ثم تحرك على القادة السياسيين بمن فيهم الزعامات الكردية لتقديم أي مرشح من حزبه، لكن بعد تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب».
وأشار إلى أن «السوداني استضاف الاجتماع بين القيادات السنية لحلحلة الأزمة التي لا تزال مستعصية، وربما تليه لقاءات أخرى في غضون يومين».
من جهته، يقول السياسي المستقل عمر الناصر لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد مبادرة السوداني الأولى التي تتعلق بفك الانسداد السياسي في كركوك، وترأسه لائتلاف إدارتها كحل مؤقت لأزمة المحافظة، يأمل أن تنجح الطريقة ذاتها في حل أزمة البرلمان».
وأوضح الناصر أنه «طبقاً لما يجري الحديث عنه، فإن هناك نية لتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب دون الاكتراث إلى قرار المحكمة الاتحادية الذي قطع الطريق أمام إطالة أمد أزمة اختيار رئيس مجلس النواب في قرارها الأخير، حيث إن تعديل النظام الداخلي قد يُعدّ محاولة للالتفاف على الدستور والمحكمة الاتحادية».
صراع زعامات
في السياق نفسه، يرى الباحث سيف السعدي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مبادرة رئيس الوزراء لا تأتي بشيء جديد، لأن الخلاف السُني عميق، وهو صراع زعامات، وسوف يستمر المشهد إلى بعد شهر رمضان المبارك».
وأضاف السعدي أن «أطرافاً سنية تدفع باتجاه بقاء محسن المندلاوي رئيساً بالإنابة إلى نهاية الدورة، وهذا ينسجم مع الهدف غير المعلَن لـ(الإطار الشيعي)، وهناك أطراف سنية أخرى تدفع لحسم الموضوع مقابل دفع مرشح يخضع لسياسة (الإطار)، والمستفيد من هذا الموضوع هو الفاعل السياسي في الإطار؛ كون البيت السنِّي مشغولاً بحسم رئيس جديد على حساب مطالب ورقة الاتفاق السياسي، مثل قانون العفو العام، والتعويضات، وقانون المحكمة الاتحادية، وقانون مجلس الاتحاد، والانتخابات المبكرة، وإعادة انتشار الجيش والحشد خارج المدن».