يواصل الوسطاء في القاهرة والدوحة عقد جولات مكوكية لحلحلة «عقبات الهدنة» بين إسرائيل وحركة «حماس»، حيث استؤنفت المباحثات، الأحد، في قطر بمشاركة ممثلين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل وحركة «حماس».
ونقلت «قناة القاهرة الإخبارية» عن مصادر مصرية مطلعة، قولها، الأحد، إنه «سيتم استئناف مفاوضات التهدئة بقطاع غزة، من خلال اجتماعات على مستوى المختصين تعقد بالعاصمة القطرية الدوحة، وأخرى تعقبها في القاهرة».
وأوضحت المصادر، التي لم تسمها القناة، أن «مباحثات الدوحة والقاهرة تجرى بمشاركة مختصين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى وفد من حركة (حماس)، وتأتي استكمالاً لما تم بحثه في لقاء باريس الأخير».
وأشارت المصادر إلى أن «مباحثات التهدئة في الدوحة والقاهرة، هدفها التوصل لاتفاق بشأن إقرار الهدنة بقطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين».
وشهدت العاصمة الفرنسية باريس، الجمعة، اجتماعاً لبحث «الهدنة» وصفقة تبادل المحتجزين، بمشاركة مسؤولين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، وكشف موقع «أكسيوس» الأميركي أن مخرجات اجتماع باريس تشير إلى «تقدم في مسار المفاوضات».
وجاء اجتماع باريس عقب محادثات عقدها وفد من قيادات حركة «حماس» في القاهرة، الأربعاء الماضي، استهدف «تقريب وجهات النظر، أملاً في الوصول إلى (هدنة) قبل رمضان».
كانت القاهرة استضافت في وقت سابق من هذا الشهر اجتماعاً رباعياً ضم رؤساء الاستخبارات في مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، إضافة إلى رئيس وزراء قطر، لبحث مقترح بشأن «هدنة» في غزة، تمت بلورته خلال لقاء مماثل عقد في باريس، لكن اجتماع القاهرة انتهى دون الوصول إلى اتفاق.
وأبدى القيادي بحركة «فتح»، أستاذ القانون والنظم السياسية بجامعة القدس، الدكتور جهاد الحرازين، «تفاؤلاً بإمكانية التوصل لاتفاق (هدنة) مع بداية شهر رمضان». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مجموعة من الدلائل الإيجابية التي تشير إلى قرب التوصل لاتفاق، على رأسها التصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن انفراجه وقرار حكومة نتنياهو إرسال وفد إلى قطر لبحث الجوانب الفنية للاتفاق».
وأعطى مجلس الحرب الإسرائيلي، السبت، الضوء الأخضر لإرسال وفد إلى قطر قريباً، لمواصلة المناقشات بشأن الهدنة وتبادل المحتجزين، بحسب هيئة البث الإسرائيلية، التي قالت، الأحد، إن «المسؤولين الإسرائيليين يضعون جدولاً زمنياً لتنفيذ الصفقة إذا سارت المفاوضات وفق ما هو مخطط له بعد اجتماع للمفاوضين والوسطاء في باريس، وصف بأنه خلق أساساً متيناً للتفاوض». متوقعة تنفيذ الاتفاق قبل حلول شهر رمضان، ليدخل حيز التنفيذ في 10 مارس (آذار).
وهنا قال الحرازين إن «المباحثات في قطر وبعدها القاهرة ستتركز على الجوانب الفنية المتعلقة بعدد المفرج عنهم من الجانبين في إطار صفقة تبادل الأسرى، وعدد شاحنات المساعدات التي سيتم إدخالها إلى قطاع غزة خلال الهدنة، وأماكن تمركز القوات الإسرائيلية داخل غزة خلال تلك الفترة».
ولفت الحرازين إلى أن «اجتماعات الدوحة والقاهرة تأتي عقب الموافقة على إطار مقترح في اجتماع باريس الأخير، ويمكن البناء عليها لإتمام صفقة تبادل الأسرى في إطار هدنة لمدة 6 أسابيع»، لافتاً إلى أن «المقترح الحالي يتحدث عن إطلاق سراح 40 من المحتجزين لدى حركة (حماس) مقابل 400 من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية». وأكد «أهمية إنجاز الصفقة حتى يمكن البحث في أوضاع النازحين الفلسطينيين وسبل مساعدتهم، لا سيما وأنهم يعانون الفقر والجوع».
كانت هيئة البث الإسرائيلية، نقلت، عن مصادر مطلعة على محادثات باريس، قولها إنه «بحسب الإطار الجديد الذي صادق عليه مجلس الحرب، سيتوقف القتال ليوم واحد، مقابل كل محتجز يتم الإفراج عنه، بإجمالي 6 أسابيع، حيث من المتوقع الإفراج عن 40 شخصاً، وفي مقابل كل محتجز يتم الإفراج عن 10 سجناء فلسطينيين».
بدوره، قال الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك جهوداً تبذل من جانب القاهرة لتحقيق التهدئة دعماً للاستقرار الإقليمي ولتحسين الأوضاع المعيشية في غزة، والتوصل لحل إحدى القضايا العالقة في الشرق الأوسط، وهي القضية الفلسطينية». لكن عز العرب أشار إلى ما وصفه بـ«العوائق الضاغطة أمام هذه الجهود».
وأوضح أن «على رأس تلك العوائق، السلوكيات المتطرفة للقيادة السياسية في إسرائيل ممثلة في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يواجه ضغوطاً عسكرية وأمنية، ومن جانب الرأي العام وأسر المحتجزين لوقف إطلاق نار مؤقت، وهو ما تدفع له الولايات المتحدة أيضاً». لكن «في المقابل هناك بعض الأصوات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل تعترض على الاستجابة لأي مطالب لحركة (حماس)».
ولفت إلى أن «المطروح حالياً في إطار صفقة تبادل المحتجزين هو الإفراج عن 10 فلسطينيين مقابل كل محتجز لدى (حماس)، وهو ما يراه البعض انتصاراً للحركة».
وأضاف أن «إسرائيل تعرضت لخسائر كبيرة خلال الحرب، ولم تحقق ما حددته من أهداف، إضافة إلى رفض مصر والأردن والولايات المتحدة أي محاولة من جانب تل أبيب لإعادة السيطرة على قطاع غزة».
وشهدت الهدنة الوحيدة التي أعلنها الجانبان في نوفمبر (تشرين الثاني) بوساطة مصرية -قطرية، إطلاق سراح 105 رهائن في مقابل 240 معتقلاً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، قال، الأحد، إنه «لم يتضح بعد إذا كانت المحادثات الجارية ستتمخض عن اتفاق بشأن الرهائن». ورفض نتنياهو في حديثه لشبكة «سي بي إس نيوز» الكشف عن تفاصيل، لكنه قال إن حركة «حماس» لا بد أن «تقبل بحل منطقي». وأشار إلى أنه «سيجتمع مع فريقه في وقت لاحق لمراجعة خطة عسكرية مزدوجة تشمل إجلاء المدنيين الفلسطينيين وعملية لتدمير ما تبقى من كتائب (حماس)».
من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، الأحد، إن الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل توصلت إلى تفاهم بشأن «الملامح الأساسية» لاتفاق الرهائن من أجل الإعلان عن وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة. وأضاف سوليفان، في تصريحات لشبكة «سي إن إن»، أن الاتفاق لا يزال قيد التفاوض، مشيراً إلى أنه يجب عقد محادثات غير مباشرة بين قطر ومصر مع حركة «حماس».