السوق السوداء تتحكم بمعاملات الدوائر الرسمية في لبنان

أزمة فقدان الطوابع تعطّل إنجازها

فقدان الطوابع يؤدي إلى تعطيل المعاملات في الدوائر الرسمية (الصوة من الوكالة الوطنية للإعلام)
فقدان الطوابع يؤدي إلى تعطيل المعاملات في الدوائر الرسمية (الصوة من الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

السوق السوداء تتحكم بمعاملات الدوائر الرسمية في لبنان

فقدان الطوابع يؤدي إلى تعطيل المعاملات في الدوائر الرسمية (الصوة من الوكالة الوطنية للإعلام)
فقدان الطوابع يؤدي إلى تعطيل المعاملات في الدوائر الرسمية (الصوة من الوكالة الوطنية للإعلام)

تعددت الأزمات التي تضرب المؤسسات والإدارات الرسمية في لبنان، وتشلّ عملها كليّاً أو جزئياً، وبموازاة اعتكاف موظفي القطاع العام وتوقفهم عن العمل إثر فقدانهم قيمة رواتبهم بنسبة 90 في المائة جراء انهيار قيمة العملة الوطنية، وعجز الدولة عن تحسين أوضاعهم، تأتي أزمة فقدان الطوابع الأميرية، وبالتالي توقّف المعاملات في الإدارات، وهذا ما أثر بشكل أكبر على قطاعين؛ أولاً المخاتير الذين يحتاجون إلى كميات هائلة من هذه الطوابع لإنجاز المعاملات، والثاني المصادقة على الوثائق الرسميّة في وزارتي العدل والخارجية، خصوصاً تلك التي يحتاجها وبشكل عاجل الطلاب الذين يتعلّمون في الخارج والمواطنون المغتربون، لا سيما ما يتعلّق بأوراق الزواج أو وثيقة الولادة لأبنائهم الذين يولدون في الخارج.

تكثر الأسباب التي أدت إلى فقدان هذه الطوابع، واقتصارها على السوق السوداء، حيث يعمد من يمتلك أعداداً منها إلى ابتزاز الناس، وبيعها بأسعار أعلى بـ20 ضعفاً من سعرها الرسمي.

هذه المعضلة ناقشها وفدٌ من رؤساء وروابط المخاتير مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، وأثاروا معه أهمية تأمين الطابع أو وقف العمل به إلى حين توافره، ورأى كنعان أن «صرخة المخاتير محقّة، وغياب الطابع يؤدي إلى مزيد من التعطيل». وكشف لـ«الشرق الأوسط» أنه «اتصل برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وطلب منه إما طباعة طابع المختار الجديد، وإما تعليق العمل به، وقد وعدني بطرح هذه المسألة في أول جلسة لمجلس الوزراء»، معتبراً أن «بقاء الوضع على ما هو عليه الآن سيشرّع الباب أمام تجّار السوق السوداء، بحيث تصبح تكلفة إخراج القيد مليون ليرة (11 دولاراً أميركياً)، أو يشلّ العمل الاختياري والبلدي»، لافتاً إلى أن «الأزمة تطول أيضاً وثيقة الولادة ووثيقة الوفاة وجوازات السفر وغيرها من المعاملات المهمّة للغاية».

وشدد كنعان، في الوقت نفسه، على أن «زيادة الرسوم المالية على المعاملات سترهق الناس، خصوصاً أنها تأتي في ظلّ أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، وأنه سيتقدم باقتراح قانون معجل مكرر للمجلس النيابي لتصحيح قيمة الرسوم المالية المفروضة على المعاملات الرسمية»، داعياً إلى «إلغاء الطابع المالي وتسهيل إنجاز معاملات الناس، وقطع الطريق على من يحتكر هذه الطوابع لبيعها بالسوق السوداء».

وبانتظار أن تتخذ الحكومة قراراً حاسماً لمعالجة هذه المشكلة، فإن العمل الاختياري مهددٌ بالتوقّف إلى حين إيجاد الحلول اللازمة. وأوضحت مصادر معنية بالملف لـ«الشرق الأوسط»، أن «أزمة المخاتير تنقسم إلى شقين، الأول يتعلّق بالرسم المالي المرتفع على المعاملات، خصوصاً ما يتعلّق ببيان القيد، حيث باتت كلفته بحدود المليون ليرة، بالتالي سيتكبد المواطن هذا المبلغ على كل معاملة، والثاني عدم توفّر طابع المختار بقيمته الجديدة التي حددت بالموازنة الجديدة بـ50 ألف ليرة بدلاً من 5 آلاف». وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: «بما خصّ الطابع المالي وعد النائب إبراهيم كنعان بتخفيف قيمة الرسوم عبر إدخال تعديلات على قانون الموازنة الأخير من خلال قانون معجل يطرح على أول جلسة هيئة عامة، أما بشأن طابع المختار، فقد أنجزت المناقصة قبل صدور الموازنة، وتم إنجاز كافة التحضيرات من قبل إدارة الصندوق، وبناءً على القوانين المرعية الإجراء فقد صدر قرار معالي وزير المال (يوسف خليل) بتشكيل لجان الإشراف على عملية الطباعة، لكن ما إن عُيّنت اللجان بدأ موظفو المالية إضرابهم وتوقّفت إجراءات الطباعة». وكشف المصدر أن «وزير الداخلية بسام المولوي بصدد إيجاد حل مع مجلس الوزراء من خلال تعليق العمل بطابع الـ50 ألف ليرة لمدة ثلاثة أسابيع إلى حين الانتهاء من طباعة الطوابع الجديدة».

وانسحبت أزمة الطوابع على المترجمين المحلّفين، الذين يحتاجون إلى كميات كبيرة منها، وأشار أحد المترجمين، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن «المواطن المضطّر إلى إنجاز معاملة وترجمتها وتصديقها لدى وزارتي العدل والخارجية وعند الكاتب العدل، يلجأ لشراء الطوابع من السوق السوداء».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المعاملة التي تتراوح تكلفتها بالأوقات الطبيعية ما بين 10 و15 دولاراً أميركياً، باتت تكلّف 80 دولاراً بالحدّ الأدنى»، مشيراً إلى أن «من يدفع ثمن هذه الأزمة المواطنون، وأغلبيتهم من الفقراء، الذين لا يجدون وسيلة إلّا السوق السوداء أو وقف معاملاتهم نهائياً».


مقالات ذات صلة

تجار القرى الحدودية يسحبون بضائعهم بمواكبة الجيش اللبناني

المشرق العربي صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي لقافلة شاحنات تخلي بضائع من مخازن في ميس الجبل

تجار القرى الحدودية يسحبون بضائعهم بمواكبة الجيش اللبناني

نظّم الجيش اللبناني بالتنسيق مع القوات الدولية عمليات نقل بضائع مخزنة في مستودعات لتجار في مناطق جنوبي الليطاني التي تشهد مواجهات عنيفة بين إسرائيل و«حزب الله»

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي من اجتماع سابق بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووفد من جمعية المصارف (الوكالة الوطنية)

مقاربة حكومية لبنانية تمدّد أزمة الودائع المصرفية لـ20 عاماً

تكشف التسريبات المتوالية لمضمون الخطة الحكومية لإصلاح المصارف في لبنان، أن أزمة المودعين ستظل مقيمة لأمد يزيد على عِقد كامل لبعض الحسابات وعشرين عاماً لأخرى...

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي مؤسس «التيار الوطني الحر» الرئيس السابق ميشال عون والرئيس الحالي للتيار النائب جبران باسيل (الوكالة المركزية)

لبنان: انتخاب اللجان البرلمانية محطة لتصفية الحسابات بين باسيل وخصومه

يشكل انعقاد الجلسة النيابية في أكتوبر المقبل محطة لاختبار مدى استعداد رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل لتصفية الحسابات مع النواب الخارجين من تياره.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي مودِع يحطّم واجهة زجاجية لأحد البنوك في الدورة (أ.ب)

تكسير واجهات وإضرام نيران... لبنانيون يعتصمون أمام مصارف للمطالبة بودائعهم (فيديو)

نفّذ عدد من المودعين اعتصامات، الخميس، في العاصمة بيروت وجبل لبنان، أمام عدد من المصارف للمطالبة بالحصول على ودائعهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي النائب كنعان خلال مؤتمره الصحافي (الوكالة الوطنية للإعلام)

إبراهيم كنعان ينضم إلى الخارجين من «التيار»: لم يبقَ أمامي إلا خيار الاستقالة

انضم النائب إبراهيم كنعان إلى قافلة الخارجين من «التيار» بين مستقيلين ومُقالين، مؤكداً أنه لم يَعُد أمامه إلا الاستقالة، بعد فشل كل المبادرات التي تقدّم بها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل تُركز على «عش الدبابير» في الضفة

فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)
فلسطينيون يقفون في طابورجنب عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي خلال عملياته في مخيم جنين أمس (أ.ب)

قرر الجيش الإسرائيلي مواصلة الهجوم في الضفة الغربية، باليوم الرابع للعملية الواسعة، التي بدأها الأربعاء، ضد مخيمات شمال الضفة، وتركزت، أمس في مخيم جنين الذي يصفه الجيش بأنه «عش الدبابير».

واقتحمت قوات إسرائيلية معززة بآليات ثقيلة مخيم جنين، بعدما أنهت هجماتها على مخيمات طولكرم وطوباس.

وشهد مخيم جنين أعنف الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومسلحين، بعد توغله في قلب حارات محددة. وأكد الجيش أنه سيواصل هجومه على المخيم.

وفي غزة، قتل ما لا يقل عن 48 فلسطينياً في هجمات إسرائيلية على القطاع، قبيل انطلاق حملة للتطعيم ضد شلل الأطفال؛ إذ من المنتظر أن تبدأ الأمم المتحدة تطعيم نحو 640 ألف طفل بمناطق محددة، في حملة تعتمد على توقف القتال لثماني ساعات يومياً.