السوق السوداء تتحكم بمعاملات الدوائر الرسمية في لبنان

أزمة فقدان الطوابع تعطّل إنجازها

فقدان الطوابع يؤدي إلى تعطيل المعاملات في الدوائر الرسمية (الصوة من الوكالة الوطنية للإعلام)
فقدان الطوابع يؤدي إلى تعطيل المعاملات في الدوائر الرسمية (الصوة من الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

السوق السوداء تتحكم بمعاملات الدوائر الرسمية في لبنان

فقدان الطوابع يؤدي إلى تعطيل المعاملات في الدوائر الرسمية (الصوة من الوكالة الوطنية للإعلام)
فقدان الطوابع يؤدي إلى تعطيل المعاملات في الدوائر الرسمية (الصوة من الوكالة الوطنية للإعلام)

تعددت الأزمات التي تضرب المؤسسات والإدارات الرسمية في لبنان، وتشلّ عملها كليّاً أو جزئياً، وبموازاة اعتكاف موظفي القطاع العام وتوقفهم عن العمل إثر فقدانهم قيمة رواتبهم بنسبة 90 في المائة جراء انهيار قيمة العملة الوطنية، وعجز الدولة عن تحسين أوضاعهم، تأتي أزمة فقدان الطوابع الأميرية، وبالتالي توقّف المعاملات في الإدارات، وهذا ما أثر بشكل أكبر على قطاعين؛ أولاً المخاتير الذين يحتاجون إلى كميات هائلة من هذه الطوابع لإنجاز المعاملات، والثاني المصادقة على الوثائق الرسميّة في وزارتي العدل والخارجية، خصوصاً تلك التي يحتاجها وبشكل عاجل الطلاب الذين يتعلّمون في الخارج والمواطنون المغتربون، لا سيما ما يتعلّق بأوراق الزواج أو وثيقة الولادة لأبنائهم الذين يولدون في الخارج.

تكثر الأسباب التي أدت إلى فقدان هذه الطوابع، واقتصارها على السوق السوداء، حيث يعمد من يمتلك أعداداً منها إلى ابتزاز الناس، وبيعها بأسعار أعلى بـ20 ضعفاً من سعرها الرسمي.

هذه المعضلة ناقشها وفدٌ من رؤساء وروابط المخاتير مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، وأثاروا معه أهمية تأمين الطابع أو وقف العمل به إلى حين توافره، ورأى كنعان أن «صرخة المخاتير محقّة، وغياب الطابع يؤدي إلى مزيد من التعطيل». وكشف لـ«الشرق الأوسط» أنه «اتصل برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وطلب منه إما طباعة طابع المختار الجديد، وإما تعليق العمل به، وقد وعدني بطرح هذه المسألة في أول جلسة لمجلس الوزراء»، معتبراً أن «بقاء الوضع على ما هو عليه الآن سيشرّع الباب أمام تجّار السوق السوداء، بحيث تصبح تكلفة إخراج القيد مليون ليرة (11 دولاراً أميركياً)، أو يشلّ العمل الاختياري والبلدي»، لافتاً إلى أن «الأزمة تطول أيضاً وثيقة الولادة ووثيقة الوفاة وجوازات السفر وغيرها من المعاملات المهمّة للغاية».

وشدد كنعان، في الوقت نفسه، على أن «زيادة الرسوم المالية على المعاملات سترهق الناس، خصوصاً أنها تأتي في ظلّ أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، وأنه سيتقدم باقتراح قانون معجل مكرر للمجلس النيابي لتصحيح قيمة الرسوم المالية المفروضة على المعاملات الرسمية»، داعياً إلى «إلغاء الطابع المالي وتسهيل إنجاز معاملات الناس، وقطع الطريق على من يحتكر هذه الطوابع لبيعها بالسوق السوداء».

وبانتظار أن تتخذ الحكومة قراراً حاسماً لمعالجة هذه المشكلة، فإن العمل الاختياري مهددٌ بالتوقّف إلى حين إيجاد الحلول اللازمة. وأوضحت مصادر معنية بالملف لـ«الشرق الأوسط»، أن «أزمة المخاتير تنقسم إلى شقين، الأول يتعلّق بالرسم المالي المرتفع على المعاملات، خصوصاً ما يتعلّق ببيان القيد، حيث باتت كلفته بحدود المليون ليرة، بالتالي سيتكبد المواطن هذا المبلغ على كل معاملة، والثاني عدم توفّر طابع المختار بقيمته الجديدة التي حددت بالموازنة الجديدة بـ50 ألف ليرة بدلاً من 5 آلاف». وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: «بما خصّ الطابع المالي وعد النائب إبراهيم كنعان بتخفيف قيمة الرسوم عبر إدخال تعديلات على قانون الموازنة الأخير من خلال قانون معجل يطرح على أول جلسة هيئة عامة، أما بشأن طابع المختار، فقد أنجزت المناقصة قبل صدور الموازنة، وتم إنجاز كافة التحضيرات من قبل إدارة الصندوق، وبناءً على القوانين المرعية الإجراء فقد صدر قرار معالي وزير المال (يوسف خليل) بتشكيل لجان الإشراف على عملية الطباعة، لكن ما إن عُيّنت اللجان بدأ موظفو المالية إضرابهم وتوقّفت إجراءات الطباعة». وكشف المصدر أن «وزير الداخلية بسام المولوي بصدد إيجاد حل مع مجلس الوزراء من خلال تعليق العمل بطابع الـ50 ألف ليرة لمدة ثلاثة أسابيع إلى حين الانتهاء من طباعة الطوابع الجديدة».

وانسحبت أزمة الطوابع على المترجمين المحلّفين، الذين يحتاجون إلى كميات كبيرة منها، وأشار أحد المترجمين، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن «المواطن المضطّر إلى إنجاز معاملة وترجمتها وتصديقها لدى وزارتي العدل والخارجية وعند الكاتب العدل، يلجأ لشراء الطوابع من السوق السوداء».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المعاملة التي تتراوح تكلفتها بالأوقات الطبيعية ما بين 10 و15 دولاراً أميركياً، باتت تكلّف 80 دولاراً بالحدّ الأدنى»، مشيراً إلى أن «من يدفع ثمن هذه الأزمة المواطنون، وأغلبيتهم من الفقراء، الذين لا يجدون وسيلة إلّا السوق السوداء أو وقف معاملاتهم نهائياً».


مقالات ذات صلة

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

المشرق العربي لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى البرلمان

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لسيارة في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

لبنان يواكب قمة ترمب - نتنياهو والعين على ابتعاد شبح الحرب

تحظى القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، المنعقدة في 29 الحالي في فلوريدا، باهتمام لبناني.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

لبنان «يدير المخاطر» وسط تهديدات إسرائيلية وغياب الضمانات

يتحرّك لبنان سياسياً في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية، ضمن هامش ضيّق ترسمه توازنات خارجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)

وجهاء «الطائفة العلوية» في الساحل يرفضون دعوات التقسيم وإثارة الفتن

محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
TT

وجهاء «الطائفة العلوية» في الساحل يرفضون دعوات التقسيم وإثارة الفتن

محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)

أصدر وجهاء من «الطائفة الإسلامية العلوية» في منطقة الساحل بسوريا بيانات ترفض دعوات التقسيم وإثارة الفتن، وتؤكد التزامهم بالقيم التي تدعو إلى «وحدة الصف وبناء سوريا واحدة موحدة».

وقال وجهاء «الطائفة العلوية» في طرطوس في بيان نشر على منصات التواصل الاجتماعي: «إن المدعو غزال غزال لا يمثلنا، ونرفض رفضاً قاطعاً دعواته لإثارة الفتن والتقسيم وخلق حالة فوضى بالبلد».

وشدد البيان على التمسّك بالحوار تحت سقف الدولة، والحفاظ على السلم الأهلي ووحدة البلاد، طالبين من الدولة بـ«تسريع الإجراءات التي من شأنها تطمين أهالي المعتقلين وإعادة الموظفين».

وفي اللاذقية، دعا أعيان ووجهاء منطقة القرداحة، في تسجيل مصور، إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة، مترحمين على الشهداء الذين ارتقوا في التفجير الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حمص.

متظاهر في مدينة اللاذقية يحمل لافتة تطالب بفيدرالية في الساحل السوري في حين يتجمع أفراد من «الطائفة العلوية» للاحتجاج على تفجير مسجد حمص (إ.ب.أ)

ودعا الوجهاء في حديثهم أبناء محافظة اللاذقية عموماً والطائفة العلوية خصوصاً، إلى عدم استغلال الحالة العاطفية وعدم جعل أرواح وأعراض الناس «وقوداً لأجندات استخباراتية خارجية تريد المتاجرة بدماء أبنائنا».

ومن الفقرات اللافتة في بيان وجهاء القرداحة عن «الشبهة في هذه الدعوات التي جاءت بعد أن بدأنا نلتمس عدداً من الانفراجات، بدءاً من إطلاق سراح الموقوفين، وعودة وانخراط أبناء الطائفة في وظائفهم، وتسوية شؤون العسكريين، وإعطائهم حقوقهم».

وشهدت مدن عدة في الساحل السوري ووسط البلاد، الأحد، وقفات احتجاجية شارك فيها العشرات، رافعين شعارات تطالب بالفيدرالية، وسط انتشار لعناصر من الأمن الداخلي لحمايتها.

وأفاد مراسل «الإخبارية» بأن وقفة احتجاجية جرت في دوار الأزهري بمدينة اللاذقية، طالب المشاركون فيها بالإفراج عن الموقوفين، وذلك في إطار احتجاجات للتنديد بالتفجير الذي وقع في مسجد علي بن أبي طالب في حمص. وفي السياق ذاته، ذكر مراسل «الإخبارية» في ريف حماة أن وقفة احتجاجية مماثلة نُظّمت في مدينة مصياف بريف حماة.

قوى الأمن في بانياس بريف طرطوس تلقي القبض على زكريا حيدر الشبقي وبحوزته قنابل يدوية ومحادثات تحريضية (سانا)

في الأثناء، ألقت قوى الأمن الداخلي في مدينة بانياس بريف طرطوس القبض على المدعو زكريا حيدر الشبقي، أثناء تفتيش إحدى الحواجز الطيارة، بعد أن ضبط بحوزته قنابل يدوية ومحادثات تحريضية استهدفت عناصر الأمن، ما شكّل تهديداً مباشراً على الأمن والاستقرار.

وذكرت محافظة طرطوس عبر موقعها على «تلغرام»، أن الجهات المختصة أوقفته فوراً، واتخذت بحقه الإجراءات القانونية اللازمة. في حين أعلنت مديرية الأمن الداخلي في منطقة جبلة، أنها تمكنت من القبض على المدعو باسل عيسى علي جماهيري، أحد أعضاء خلية ما يُسمى «سرايا الجواد» التابعة للمجرم سهيل الحسن، وضبطت أسلحة وذخائر تعود للخلية الإجرامية.

وكانت قوى الأمن الداخلي في محافظة طرطوس قد ألقت الشهر الماضي القبض على أفراد مجموعة خارجة عن القانون كانت تتحصن بمناطق جبلية، وضبطت بحوزتهم كميات من الأسلحة والذخائر.


الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
TT

الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

في وقت لم تتمكن فيه القوى السياسية الشيعية من حسم خيارها بشأن المرشح المحتمل لرئاسة الوزراء، مع بقاء محمد شياع السوداني في صدارة التوقعات، يعقد البرلمان العراقي جلسته الأولى، يوم الاثنين، وسط استمرار الخلافات داخل المكونات الرئيسية الثلاثة (الشيعية والسنية والكردية) على مناصب رئيس البرلمان، الذي هو من حصة المكون السني، والنائب الأول له (شيعي)، والنائب الثاني (كردي).

وفي ضوء التحذيرات التي وجهها رئيس «مجلس القضاء الأعلى» فائق زيدان، من مغبة عدم الحسم إزاء هذه المناصب خلال الجلسة الأولى، على أساس أن التمديد يعدّ، بمثابة «مخالفة دستورية»، طبقاً للرسالة التي وجهها للقوى السياسية المعنية، فإنه لا توجد أي مؤشرات على حسم التنافس، لا على تلك التشريعية، ولا على المنصبين السياديين الآخرين: رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء.

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

وطبقاً للتراتبية والمدد الدستورية، فإن المحطة الأولى، يوم الاثنين، هي انتخاب رئيس البرلمان الذي لا يزال موضع تنافس شديد داخل القوى السنية بين حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«تحالف عزم» بزعامة مثنى السامرائي. ووفق ما قاله قيادي سنّي لـ«الشرق الأوسط»، إذا لم يتم الاتفاق على أي من المرشحين المذكورين، فإن الخيارات المطروحة أمام القوى السنية، في ظل عدم وجود أي إمكانية لتمديد الجلسة، أو جعلها مفتوحة نظراً لفيتو «القضاء الأعلى»، هي، إمّا الذهاب إلى البرلمان بالمرشحين، الاثنين، وإما الاتفاق على مرشح بديل للحلبوسي من داخل حزب «تقدم» في مقابل «تنازل المرشح المنافس السامرائي» عن ترشحه.

و أضاف القيادي نفسه أن «المرشح المطروح بديلاً للحلبوسي عن حزب (تقدم) هو النائب هيبت الحلبوسي، إذا تنازل محمد الحلبوسي بسبب ما يقال عن فيتو شيعي غير معلن ضده، لتولي ولاية ثانية طبقاً لقاعدة باتت تتبناها بعض القيادات الشيعية، بعدم التجديد للرؤساء السابقين سواء للبرلمان أم الجمهورية أم الوزراء».

محمد الحلبوسي (إكس)

ويؤكد القيادي السني أن «العقدة الأساسية، حتى الآن، هي عدم تنازل السامرائي عن الترشح؛ ما يعني الدخول ثانية في الفضاء الوطني، لكن هذه المرة بين هيبت الحلبوسي ومثنى السامرائي، وسط مخاوف من أن تكون الغلبة للأخير، وهو ما سيعني تراجع نفوذ حزب «تقدم» ورئيسه.

عقدة النائبين

والعقدة الأخرى التي لا تزال عالقة، تتصل بمنصبي النائب الأول (الشيعي) والنائب الثاني (الكردي) لرئيس البرلمان. ومع أن أمام المكونين متسعاً من الوقت على صعيد المدد الدستورية، لاختيار المرشح الكردي لمنصب رئيس الجمهورية، والمرشح الشيعي لمنصب رئيس الوزراء فإنهما محكومان خلال جلسة البرلمان الأولى، بالاتفاق على مرشحيهما لمنصبي نائبي الرئيس.

السوداني الرقم الصعب

شيعياً، وطبقاً لما أعلنه السوداني، فإن المرشحين الرئيسيين لمنصب رئيس الوزراء هم، السوداني نفسه ورئيسا الوزراء السابقان نوري المالكي وحيدر العبادي.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية ببغداد 11 نوفمبر 2025 (أ.ب)

وأشارت بورصة الترشيحات لهذا المنصب، إلى أن عدد المرشحين كان قد بلغ 40 مرشحاً، وتقلصوا بعد أن تولت جهة شيعية قيادية برئاسة زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم مقابلتهم، إلى 9 بمن فيهم الثلاثة الذين يتصدرون القائمة، لكن طبقاً للسوداني، فإن القوى الشيعية تريد «رئيس وزراء حباب» أي ضعيفاً.

وطبقاً لما كشفه مصدر من داخل القوى الشيعية لـ«الشرق الأوسط»، فإن «قيادات شيعية بارزة عرضت على السوداني أن يتسلم منصب رئيس الوزراء لولاية ثانية مقابل تخليه عن حزبه (النهرين) وتحالفه (الإعمار والتنمية)، وكذلك عدم التفكير في ولاية ثالثة».

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «السوداني رفض التخلي عن حزبه مقابل هذا العرض، بينما تعهد بتقديم مشروع قانون إلى البرلمان بشأن عدم حصول أي رئيس وزراء على ولاية ثالثة».

حيدر العبادي (وكالة الأنباء العراقية)

إضافة إلى ذلك، وبينما لم تنته الاجتماعات المتواصلة لقادة «الإطار الشيعي» إلى نتيجة حاسمة، تشير مصادر متطابقة إلى أن ملامح رئيس الوزراء المقبل سوف تتضح في غضون اليومين المقبلين، مع أن السوداني لا يزال يتصدر قائمة المرشحين، متقدماً على نوري المالكي وحيدر العبادي زعيم «ائتلاف النصر» الذي لم يدخل السباق الانتخابي أصلاً، ولا يملك أي مقعد في البرلمان.

والواضح أن حظوظ المالكي ضعيفة لإمكانية الحصول على ولاية ثالثة حتى داخل الوسط الشيعي، بينما العبادي لم يعد يصلح إلا كمرشح تسوية كونه لا يملك أي مقعد في البرلمان؛ ما يعني تحمل كتلة شيعية عدد النقاط التي يحتاج إليها المنصب، وهو أمر يستبعده كثيرون في ظل التنافس المحموم على الوزارات والهيئات وبقية المناصب التنفيذية التي تستهلك مزيداً من النقاط.


إسرائيل تنفذ عمليات سرية بمناطق «حماس» بحثاً عن جثة آخر أسير

مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تنفذ عمليات سرية بمناطق «حماس» بحثاً عن جثة آخر أسير

مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

تواصل إسرائيل تتبع بعض الخيوط المتعلقة بجثة آخر أسير لها داخل قطاع غزة، الشرطي ران غويلي، في ظلِّ عدم قدرة «حماس» على الوصول إليها وتسليمها؛ ما دفع جهات أمنية إسرائيلية لتنفيذ أنشطة سرية غرب الخط الأصفر في مناطق سيطرة الحركة.

وتحاول «حماس» منذ أسابيع، الوصول إلى جثة الشرطي غويلي التي كان يجري البحث عنها في 3 أو 4 مواقع بحيي الزيتون والشجاعية شرق مدينة غزة، وقدمت إسرائيل، عبر الوسطاء، خلال الأسابيع الماضية، معلومات للحركة الفلسطينية حول مكان الدفن، وحتى أسماء أشخاص اتُّهموا بأنهم كانوا مسؤولين عن أسره والاحتفاظ به؛ غير أن تلك المعلومات المُقدَّمة لم تؤدِّ إلى نتائج فعلية.

وكشفت مصادر فصائلية وميدانية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن إسرائيل تنفِّذ نشاطاً سرياً داخل قطاع غزة؛ بحثاً عن جثة غويلي، وتضمن ذلك اختطاف ناشط ميداني من «سرايا القدس» الجناح المسلح لحركة «الجهاد الإسلامي»، من سكان حي الزيتون، في منطقة قريبة من ساحة ميدان فلسطين، بمدينة غزة.

من نفذ الاختطاف؟

وشرحت المصادر التي تحفَّظت على ذكر اسم عنصر «الجهاد»، أن منطقة الاختطاف تبعد بنحو كيلو متر واحد عن الخط الأصفر باتجاه الغرب، وذلك قبل أيام قليلة، موضحة أن «قوة إسرائيلية خاصة نفَّذت العملية؛ إذ تعتقد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن الشخص المُختطَف له علاقة مباشرة بجثة الشرطي الإسرائيلي، والاحتفاظ بها».

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

وقبل أقل من شهر، زار وفد إسرائيلي، العاصمة المصرية، القاهرة، مرتين كانت آخرهما في الـ24 من الشهر الماضي، والتقى خلالها كبار المسؤولين ووفداً من الوسطاء، وبحث قضايا عدة من أهمها، قضية إعادة جثة غويلي، وقدَّم معلومات عن أسماء أشخاص، كانوا مسؤولين عن اختطافه والاحتفاظ به، وكذلك أماكن يحتمل وجود الجثة فيها.

ومن بين تلك الأسماء التي قدمت، الشخص الذي تم اختطافه من قبل قوة إسرائيلية خاصة قبل أيام، بحسب ما توضح المصادر.

سجال حول المسؤولية

ورغم إعلان «سرايا القدس» في التاسع من الشهر الحالي، عن تسليم آخر المختطفين لديها من الأحياء والأموات، فإن إسرائيل تصر على أن غويلي محتجزاً لديها، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية العامة، عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الجثة موجودة لدى «الجهاد الإسلامي»، وأن «حماس» لا تمارس ضغطاً كافياً على الأولى لتسليم الجثة.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر أمنية، اتهامات لـ«حماس» بأنها لم تستجوب عناصر «الجهاد الإسلامي» للوصول إلى المكان الذي يعتقد أن الجثة مدفونة فيه، وهو أمر عدّته مماطلة من جانب الحركة التي تسيطر على أجزاء من القطاع، مدعيةً أن الجيش الإسرائيلي امتنع عمداً عن استهداف تلك الأسماء تجنباً لوضع تضيع فيه المعلومات المتعلقة بمكان الجثة.

مقاتلو «كتائب القسام» إلى جانب عمال «الصليب الأحمر» خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين في مدينة غزة... نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

ولم تعلق «سرايا القدس» أو جناحها السياسي «الجهاد الإسلامي»، وحتى «حماس» على تلك الاتهامات بشكل علني، في وقت كانت مصادر مطلعة من «حماس» نفت في قبل أسابيع قليلة لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون هذه الجثة لديها.

تضارب بين «حماس» و«الجهاد»

وتقول مصادر من «الجهاد الإسلامي» لـ«الشرق الأوسط»، إن الجثة كانت فعلياً لدى نشطائها، وبعد فترة قصيرة من بقائها لديهم، سلموها لنشطاء وقيادات ميدانية من «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، في مدينة غزة، لأسباب عدة؛ أهمها التنسيق الميداني المشترك في كثير من المجالات.

وبينت المصادر، أن الجثة تنقلت في أكثر من مكان بفعل عمليات الاقتحام الإسرائيلية لكثير من المناطق، وفي بعض المرات كانت في أماكن توجد بها قوات الاحتلال، ويتم نقلها بعد انسحابهم، لكن بعد تسليمها لـ«كتائب القسام» بقيت لدى بعض نشطائها.

في حين تقول مصادر من «حماس»، إن الجثة كانت لديها منذ فترة طويلة وتم الاحتفاظ بها آخر مرة قبل أشهر من وقف إطلاق النار في مكان معين بحي الزيتون، ودخلته القوات الإسرائيلية مرات عدة وجرفته وغيرت معالمه من خلال القصف الجوي والمدفعي وعمليات النسف، بينما اغتيل جميع النشطاء الذين كانوا يشرفون على الاحتفاظ به وكل مَن يعرف مكانه، وذلك في عمليات منفصلة، وبعضهم قُتل خلال معارك واشتباكات.

عمال من «الصليب الأحمر» يصلون إلى موقع يبحث فيه عناصر من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» عن جثث رهائن إسرائيليين في خان يونس جنوب قطاع غزة... 17 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

ورفضت المصادر، التعليق على ما ورد على لسان مصادر من «الجهاد الإسلامي» عن أنه تم تسليم الجثة إلى «حماس» في الأشهر الأولى من الحرب.

وتوضح المصادر، أن عملية البحث عن الجثة معقدة، جداً، ويعتقد أن ما تبقَّى منها قد اختلط بجثث أخرى من فلسطينيين، أو قد تكون جرفت بفعل عمليات التجريف الإسرائيلية في المناطق التي كان محتفظاً بها فيها، مؤكدةً أن الحركة لم تتوقف في أي لحظة عن البحث عنها، وبذلت جهوداً مضاعفة من أجل الوصول إليها.

وتصر إسرائيل على تسليم جثة غويلي قبل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو أمر سيبحثه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، خلال القمة المرتقبة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال غازي حمد، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، وعضو وفدها المفاوض في تصريحات متلفزة قبل أيام، إن حركته ليست لديها معلومات مؤكدة بشأن الجثة الأخيرة للعثور عليها وتسليمها.