بن مبارك: العلاقة مع «دعم الشرعية» استراتيجية ومصيرية

رئيس الحكومة اليمنية حذّر من التصعيد البحري على مساعي السلام

رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك خلال اطلاعه على أوضاع الكهرباء في مدينة عدن (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك خلال اطلاعه على أوضاع الكهرباء في مدينة عدن (سبأ)
TT

بن مبارك: العلاقة مع «دعم الشرعية» استراتيجية ومصيرية

رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك خلال اطلاعه على أوضاع الكهرباء في مدينة عدن (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك خلال اطلاعه على أوضاع الكهرباء في مدينة عدن (سبأ)

على الرغم من خلفيته الدبلوماسية المرتبطة غالباً بالبروتوكولات، فإن رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك اختار لنفسه شكلاً خاصاً في إدارة مهام منصبه؛ إذ يركز على تجنب القيود على تحركاته ويواصل الجولات في الجهات والمؤسسات الحكومية بشكل يومي، واللقاء بمواطنيه في الشوارع.

وخلال لقاء تعارفي عقده بن مبارك مع مجموعة من الصحافيين في مقر إقامته في عدن، الأربعاء، استعرض الرجل الذي كان سفيراً في واشنطن ومن ثم وزيراً للخارجية ولا يزال يحتفظ بهذه الحقيبة، التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة. ويقول إنه «منذ اليوم الأول عمل على تحريك ملف مكافحة الفساد، وحدد لنفسه أولويات المساءلة والمسؤولية، وإصلاح قطاع الإيرادات العامة لتحسين الخدمات وتعزيز موارد الدولة».

ومع تأكيده أن دعم «مجلس القيادة» وكل القوى السياسية لحكومته يوفر له سنداً قوياً، وصف بن مبارك العلاقة بين اليمن و«تحالف دعم الشرعية» بأنها «علاقة استراتيجية ومصيرية»، وقال إنه حريص على «فهم الناس، ورسم سقف توقعاتهم في ظل واقع صعب ومعطيات اقتصادية أصعب».

يحظى رئيس الوزراء اليمنى الجديد بدعم غير مسبوق من القوى السياسية (سبأ)

ويضيف رئيس الوزراء اليمني أنه أتى إلى هذا الموقع «في ظرف سياسي واقتصادي صعب»، وذكر أن «خريطة الطريق بشأن السلام، والتي أعلنتها الأمم المتحدة مع نهاية العام الماضي كانت أحد المؤشرات الإيجابية التي سوف تساعد الحكومة على استئناف تصدير النفط المتوقف منذ ما يزيد على عام، بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير والناقلات على حد سواء».

ويصف رئيس الحكومة الذي لم يمض على تسلمه هذا الموقع سوى أقل من أسبوعين، المشهد العام حالياً بأنه «مفتوح على اتجاهات مختلفة مع التصعيد في البحر الأحمر». وشرح أنه «إلى جانب تعطيل خريطة الطريق بشأن السلام، فإن هذا التصعيد ترك آثاراً اقتصادية مرتبطة بزيادة تكاليف الشحن، إلى جانب التراجع الكبير في عائدات ميناء عدن لأسباب كثيرة بينها تحول كثير من السفن نحو ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين».

وبيّن أن «مشكلة الكهرباء لم تحل من قبل؛ لأن إدارة الأمور كانت تتم (حسب) الأزمات». وقال إن «من بين أولوياته إلى جانب توفير الخدمات هي تنمية الإيرادات، وتوفير بيئة استثمارية مناسبة».

الموارد المالية

وتعهد بن مبارك بإحداث مجموعة من الإصلاحات في قطاع الإيرادات، وهي الجمارك والضرائب والاتصالات وقطاع النفط»، وقال إنه «شكّل لجنة لوضع معالجات لأزمة انعدام جوازات السفر، وأن هذه اللجنة ستقدم قريباً تصوراً للحل، وإذا لم توضع معالجات عملية لهذه المشكلة فإنه سيتخذ قرارات حاسمة تجاه ذلك».

رئيس الحكومة اليمنية يؤكد كذلك أنه كلما التقى المواطنين في الشارع يقدم الاعتذار لهم، ويعبر عن أسفه لما يحدث لمدينة عدن «لأنه لا يليق بها ما تعيشه الآن» من أوضاع وتردٍّ في الخدمات.

وشدد على ضرورة إعادة الاعتبار لهذه المدينة «لأن ذلك رد اعتبار لكل اليمن»، ورأى أن الانتصار لعدن التي تتخذها الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد، هو «انتصار لكل القيم المدنية». والتزم بأن يكون «مساءَلاً أمام الإعلام وأمام الناس عن أداء الحكومة»، غير أنه طالب بضرورة مساعدته في تنفيذ الإصلاحات التي يستهدفها.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك يستمع لشكاوى المواطنين في مكتب الجوازات في عدن (سبأ)

كما تعهد بن مبارك بالمضي في «المساءلة والمسؤولية معاً»، وأكد أن ذلك «ليس شعاراً ولكنه التزام؛ لأن كل القوى السياسية ممثلة في الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، وعليها أن تعمل في إطار الحكومة لا من خارجها».

وقال إن «لدى الشرعية فرصة لإعادة بناء مؤسسات الدولة بعيداً عن الأخطاء السابقة التي رافقت عمل هذه المؤسسات خلال العقود الماضية»، وأضاف أنه «حتى قبل اندلاع الحرب كان لدى اليمن خلل هيكلي في الجانب الاقتصادي تحديداً»، مستعرضاً «التحديات التي تواجه إعادة تشغيل مصفاة عدن، والالتزامات المالية الكبيرة لاستئجار الكهرباء وشراء الوقود».


مقالات ذات صلة

تدمير 4 طائرات حوثية من دون طيار بنيران أميركية وأوروبية

العالم العربي مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

تدمير 4 طائرات حوثية من دون طيار بنيران أميركية وأوروبية

أعلن الجيش الأميركي تدمير أربع طائرات مسيّرة حوثية مع شركائه الأوروبيين، في سياق عمليات التصدي الدفاعية لهجمات الجماعة المستمرة ضد السفن للشهر الثامن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يستخدمون التعليم منصة للتعبئة الطائفية والقتالية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يمنعون مبادرات خيرية لعون طلبة المدارس

أوقفت جماعة الحوثيين مبادرات خيرية لدعم طلبة المدارس بصنعاء وريفها وصادرت لوازم مدرسية كانت مخصصة لمئات الطلبة وذلك في سياق إعاقة الأعمال الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتوعد بالمزيد من الاعتقالات بتهم «التجسس»

توعد زعيم الحوثيين بالمزيد من الاعتقالات في مناطق سيطرته في اليمن بتهم التجسس لمصلحة الولايات المتحدة، في حين دعت منظمات دولية إلى سرعة إطلاق المعتقلين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

وسط تراجع في خطورة هجمات الحوثيين خلال الأسبوع الأخير أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية لحماية السفن (أسبيدس) تدمير طائرتين من دون طيار فوق خليج عدن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

كشفت مصادر صحية يمنية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في مناطق عدة واقعة تحت سيطرة الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

بينها «حاجز» مع مصر... هل تطيل «شروط نتنياهو» أمد مفاوضات «هدنة غزة»؟

دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
TT

بينها «حاجز» مع مصر... هل تطيل «شروط نتنياهو» أمد مفاوضات «هدنة غزة»؟

دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)

شروط جديدة وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن المفاوضات التي تستضيفها القاهرة والدوحة، لوقف إطلاق النار في غزة، تثير مخاوف حول مدى «جديته» في إتمام الاتفاق، كان أبرزها بناء «حاجز تقني» على الحدود مع مصر، بزعم «منع تهريب الأسلحة» منها للقطاع.

مطالب نتنياهو عدّها خبراء، تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة «عراقيل» لإطالة أمد المفاوضات، بهدف «تثبيت» بقائه السياسي، ومحاولة «تحقيق مكاسب أكبر» بالمفاوضات، وسط «تفاؤل حذِر» بشأن مسار التفاوض، ووقف الحرب المستمرة منذ نحو 10 أشهر.

والأحد، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان، عن «شروط» وضعها بنيامين نتنياهو لإتمام الصفقة المنتظرة مع «حماس»، تتمثّل في «إتاحة مواصلة القتال حتى تحقيق أهداف الحرب، ومنع تهريب الأسلحة إلى (حماس) عبر الحدود بين غزة ومصر، وعدم السماح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة، وزيادة عدد المحتجزين الأحياء».

فيما زعمت «إذاعة الجيش الإسرائيلي» أن مصر بعثت برسالة إلى إسرائيل، مفادها أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار، فإن «القاهرة ستعمل مع الولايات المتحدة للمساعدة في بناء حاجز تحت الأرض عالي التقنية؛ لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة»، وسيتم العمل على الجدار الذي يمكن أن يبدأ بمجرد الأيام الأولى للهدنة المحتملة، وهو ما لم يصدر رد رسمي بشأنه من القاهرة.

إضاعة الوقت

شروط نتنياهو عَدّها مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رخا أحمد حسن، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ضمن محاولات «إضاعة الوقت وإطالة أمد المفاوضات»، وخطة قبل زيارة واشنطن أواخر هذا الشهر، بهدف إظهار «تجاوب مصطنَع» للرأي العام العربي والإسرائيلي والأميركي، لكن في حقيقة الأمر إن الصفقة «ليست أولوية» له.

وهو ما حذّر منه أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، في مقابلة مع «القناة 12» الإسرائيلية، الأحد، حيث أكّد أن نتنياهو «لا يريد إعادة المخطوفين»، ولا يريد التوصّل لصفقة تبادل، «لكن ليس ثمة شك لديّ أنه بعد يوم من خطابه أمام مجلسَي الشيوخ والنواب الأميركي، 25 يوليو (تموز) الحالي، (سيقوم بتفجير المفاوضات)»، وإلى ذلك الحين سيدير المفاوضات «دون دفع أي ثمن».

وعن أسباب عودة نتنياهو للمفاوضات، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك ضغوطاً داخلية من قبل أهالي الرهائن، وكذلك رغبة الجيش في إتمام الصفقة، ما دفع نتنياهو للرضوخ، إلا أنه يعلم أن القرار في النهاية بيده، ومن ثم يخرج بين الحين والآخر بشروط تعطّل الوصول لصفقة، ويحرص على بقائه السياسي، واستمراره في العمليات ليس أكثر، حتى 5 نوفمبر (تشرين الثاني) موعد الانتخابات الأميركية.

ووفق صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، «غادر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار، إلى مصر، لمواصلة المحادثات حول وقف إطلاق النار المحتمل، واتفاق الرهائن مع (حماس)، ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة من الحدود المصرية، عبر بناء حاجز تحت الأرض عالي التقنية».

وبناء الحاجز ليس أمراً جديداً، وفق السفير رخا أحمد حسن، فقد سبق أن طرحته إسرائيل أكثر من مرة، في سياق تبريراتها شن عملية عسكرية على رفح الفلسطينية وقبلها، وهو ليس سوى مجرد شرط يعطل المفاوضات.

ويتفق معه الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بأن بناء الحاجز مطروح منذ بداية الحرب فوق الأرض وتحتها، على امتداد محور فيلادلفيا بالكامل، ومزوّد بأجهزة تقنية حديثة؛ لمنع تسليح «حماس» وفق ما يعتقد نتنياهو.

ويراها المهدي مجرد محاولة من نتنياهو لـ«كسب مزيد من الضمانات بتلك الصفقة، التي تُفرض عليه، وعلى غير رغبته».

وأعلنت مصر مراراً القضاء على كل الأنفاق الممتدة من سيناء لغزة قبل سنوات، ضمن حملتها ضد «التنظيمات الإرهابية»، حفاظاً على الأمن القومي المصري، و«ليس هناك تهريب» من حدود مصر كما يزعم نتنياهو، وفق اللواء سمير فرج، الذي أكّد أن بناء حاجز أو غيره «أمر لا يخصّ القاهرة».

وتدّعي إسرائيل أنها منذ سيطرتها على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، اكتشفت عدداً من الأنفاق التي شقّتها «حماس» من قطاع غزة إلى سيناء المصرية، تستخدم لتهريب الأسلحة، وهو ما ردّ عليه سابقاً ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، واصفاً تلك الأحاديث بأنها «مزاعم وأكاذيب»، واعتبرها «استمراراً لسياسة الهروب للأمام التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية، بسبب إخفاقاتها المتوالية في تحقيق أهدافها المعلَنة للحرب على غزة».

ونقلت وسائل إعلام عبرية، الأحد، تصريحات لعدد من قيادات حزب «الليكود» الحاكم، تستبعد أن يُقدِم نتنياهو على التوقيع على صفقة تبادل أسرى مع «حماس»؛ لأنه من شأنه «إسقاط الحكومة»، بسبب الضغوط التي يمارسها الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير ضد تنفيذ الصفقة.

تلك الضغوط والشروط دفعت السفير رخا أحمد حسن، للحديث عن «تفاؤل حذِر» بشأن مستقبل المفاوضات، وإمكانية تحقيق صفقة هدنة جديدة، مؤكداً أن نتنياهو سيعرقل أي جهود إيجابية من الوسطاء كلما تقدّمت، وهذه سياسة إسرائيلية معروفة في أي مفاوضات.