الإقلاع عن التدخين قبل منتصف العمر يخفض خطر السرطان

التدخين يعد السبب الرئيسي للسرطان الذي يمكن الوقاية منه (بكساباي)
التدخين يعد السبب الرئيسي للسرطان الذي يمكن الوقاية منه (بكساباي)
TT

الإقلاع عن التدخين قبل منتصف العمر يخفض خطر السرطان

التدخين يعد السبب الرئيسي للسرطان الذي يمكن الوقاية منه (بكساباي)
التدخين يعد السبب الرئيسي للسرطان الذي يمكن الوقاية منه (بكساباي)

كشفت دراسة كورية حديثة عن أن الإقلاع عن التدخين قبل منتصف العمر، له ارتباط مباشر بتراجع خطر الإصابة بمرض السرطان بنسبة تصل إلى 57 في المائة.

وبحسب نتائج الدراسة، التي نُشرت الثلاثاء في دورية «غاما نتورك»، أوضح الباحثون في المركز الوطني الكوري الجنوبي للسرطان، أن الإقلاع عن التدخين لمدة تتراوح بين 10 و15 عاماً، ارتبط بشكل وثيق بانخفاض كبير في خطر الإصابة بالمرض.

ولرصد تأثير الإقلاع عن التدخين في خفض خطر الإصابة بالسرطان، قام الباحثون بتحليل البيانات الطبية لـ2.9 مليون بالغ من الجنسية الكورية، خضعوا لفحوصات صحية منذ عام 2002 وحتى عام 2019 وخلال فترة المتابعة، تم تشخيص 196 ألفاً و829 حالة إصابة بالسرطان بين المشاركين.

ومقارنة مع المدخنين المستمرين، وجد الباحثون أن التوقف عن التدخين في أي عمر يساعد في تقليل خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام. وعلى وجه التحديد، أثبتت النتائج أن الانخفاض الأكبر في خطر الإصابة بالسرطان جاء بعد الإقلاع عن التدخين لمدة 10 سنوات فأكثر، ووصلت نسبة انخفاض المخاطر إلى 50 في المائة بعد 15 عاماً أو أكثر من الإقلاع عن التدخين.

كما وجد الباحثون أن المدخنين الذين أقلعوا عن التدخين قبل سن الـ50 عاماً، انخفض لديهم خطر الإصابة بسرطان الرئة بنسبة تصل إلى 57 في المائة خلال فترة المتابعة، مقارنة بأولئك الذين استمروا في التدخين أما الذين أقلعوا عن التدخين في سن 50 عاماً وأكبر، فقد شهدوا انخفاضاً بنسبة 40 في المائة في خطر الإصابة بسرطان الرئة خلال الفترة نفسها.

وخلال فترة المتابعة، لوحظ انخفاض خطر إصابة المشاركين بسرطان الرئة بين من استمروا في الإقلاع عن التدخين لأكثر من 10 سنوات، بنسبة 42 في المائة، مع انخفاضات أقل بنسبة 27 في المائة لسرطان الكبد، و20 في المائة لسرطان القولون، و14 في المائة لسرطان المعدة، مقارنة بأقرانهم الذين استمروا في التدخين. وقال الباحثون إن دراستهم تؤكد أهمية الإقلاع المستمر عن التدخين، في أي عمر، لخفض خطر الإصابة بالسرطان، خصوصاً بالنسبة لسرطان الرئة. وأضافوا أن الإقلاع المبكر عن التدخين، قبل منتصف العمر، ارتبط بانخفاض أكبر في مخاطر الإصابة بالسرطانات التي يسببها التدخين.

ووفق منظمة الصحة العالمية، يعد التدخين المسبب الرئيسي للسرطان الذي يمكن الوقاية منه، إذ تشير التقديرات إلى أن التبغ مسؤول عن 22 في المائة من وفيات السرطان في جميع أنحاء العالم، حيث يحتوي دخان التبغ على أكثر من 7 آلاف مادة كيميائية، منها 60 على الأقل معروفة بأنها تسبب السرطان ومن بينها سرطانات الرئة والفم والحلق والحنجرة والمريء والمعدة والقولون والكبد.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تريد فرض قواعد أشد صرامة للتدخين في الأماكن المفتوحة

أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

بريطانيا تريد فرض قواعد أشد صرامة للتدخين في الأماكن المفتوحة

أعلن رئيس وزراء بريطانيا، الخميس، تأييده فكرة حظر التدخين في بعض الأماكن المفتوحة، كوسيلة لتقليل الضغط على هيئة الخدمات الصحية وتخفيف العبء على دافعي الضرائب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شخص يشتري سجائر إلكترونية في متجر بلندن (إ.ب.أ)

«الجمعية الطبية البريطانية» تدعو إلى مكافحة «وباء التدخين الإلكتروني»

حث أطباء بارزون في المملكة المتحدة الحكومة، اليوم (الأربعاء)، على تمرير قانون لمعالجة «وباء التدخين الإلكتروني»، خصوصاً في أوساط الشباب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق التدخين يضر بصحة الأم والجنين (جامعة كولومبيا)

تدخين الأم سيجارة واحدة يومياً قد يُدخل المولود العناية المركزة 

حذّرت دراسة أميركية من أن تدخين سيجارة إلى سيجارتين يومياً قبل أو أثناء الحمل مرتبط بشكل كبير بزيادة حصول مخاطر صحية لحديثي الولادة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك «التدخين الخفيف» قبل الحمل يمكن أن يسبب «مشاكل صحية كبيرة» للمولود الجديد (رويترز)

حتى قبل الحمل... «سيجارة واحدة» قد تسبب مشاكل خطيرة للمولود

حذرت دراسة جديدة من أن «التدخين الخفيف» - الذي يُعرَّف بأنه تدخين سيجارة أو اثنتين فقط في اليوم - قبل الحمل يمكن أن يسبب «مشاكل صحية كبيرة» للمولود الجديد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك نبتة الماريجوانا (أرشيفية - رويترز)

دراسة: استخدام الماريجوانا يومياً قد يزيد خطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة

كشفت دراسة جديدة أن استخدام الماريجوانا يومياً لسنوات قد يزيد خطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة من ثلاثة إلى خمسة أضعاف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».