«جدة التاريخية» تعثر على 25 ألف مادة أثرية يعود أقدمها لعصر الخلفاء الراشدين

كشفت الدراسات في مسجد عثمان بن عفان عن مواد أثرية يعود أقدمها إلى القرنين السابع والثامن الميلادي (واس)
كشفت الدراسات في مسجد عثمان بن عفان عن مواد أثرية يعود أقدمها إلى القرنين السابع والثامن الميلادي (واس)
TT

«جدة التاريخية» تعثر على 25 ألف مادة أثرية يعود أقدمها لعصر الخلفاء الراشدين

كشفت الدراسات في مسجد عثمان بن عفان عن مواد أثرية يعود أقدمها إلى القرنين السابع والثامن الميلادي (واس)
كشفت الدراسات في مسجد عثمان بن عفان عن مواد أثرية يعود أقدمها إلى القرنين السابع والثامن الميلادي (واس)

أعلن برنامج جدة التاريخية بالتعاون مع هيئة التراث اليوم، عن اكتشاف ما يقارب 25 ألف قطعة من بقايا مواد أثرية يعود أقدمها إلى القرنين الأول والثاني الهجري (القرنين السابع والثامن الميلاديين) في 4 مواقع تاريخية، شملت مسجد عثمان بن عفان، والشونة الأثري، وأجزاء من الخندق الشرقي، والسور الشمالي، وذلك ضمن مشروع الآثار الذي يشرف عليه برنامج جدة التاريخية.

ويأتي الإعلان عن المكتشفات الأثرية في ظل سعي مشروع إعادة إحياء جدة التاريخية، الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، للمحافظة على الآثار الوطنية، وإبراز المواقع ذات الدلالات التاريخية والعناية بها، وتعزيز مكانة جدة التاريخية بوصفها مركزاً حضارياً، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في العناية بالمواقع الأثرية.

وأسفرت أعمال المسح والتنقيب الأثري التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، عن اكتشاف 11 ألفاً و405 مواد خزفية يبلغ مجموع أوزانها 293 كلغم، كما عُثر على 11 ألفاً و360 مادة من عظام الحيوانات يبلغ مجموع أوزانها 107 كلغم، إضافة إلى 1730 مادة صدفية بوزن 32 كلغم، إلى جانب 685 من مواد البناء يبلغ مجموع أوزانها 87 كلغم، و191 مادة زجاجية بلغ مجموع أوزانها 5 كلغم، فيما وصل عدد المواد المعدنية إلى 72 قطعة بوزن 7 كلغم حيث بلغ إجمالي ما تم العثور عليه 531 كلغم، لتشكل قيمة مهمة للمكتشفات الأثرية الوطنية.

كما كشفت الدراسات في مسجد عثمان بن عفان، عن المواد الأثرية، التي يُرجح أن يعود أقدمها إلى القرنين الأول والثاني الهجريين (القرنين السابع والثامن الميلاديين)، بداية من العصر الإسلامي المبكر، مروراً إلى العصر الأموي ثم العباسي والمملوكي وحتى العصر الحديث في مطلع القرن الخامس عشر الهجري (القرن الواحد والعشرين الميلادي)، حيث حددت الدراسات الأثرية التي أجريت على قطع خشب الأبنوس التي عُثر عليها معلقة على جانبي المحراب أثناء أعمال التنقيب والبحث الأثري في المسجد، أنها تعود إلى القرنين الأول والثاني الهجريين (السابع والثامن الميلاديين)، ويرجع موطنها إلى جزيرة سيلان على المحيط الهندي، مما يسلط الضوء على الروابط التجارية الممتدة لمدينة جدة التاريخية.

بقايا أثرية ترجع تاريخياً إلى القرن السادس عشر الميلادي (واس)

وتضمنت المواد المكتشفة في المسجد مجموعة متنوعة من الأواني الخزفية، وقطعاً من البورسلين عالي الجودة التي نشأ بعضها في أفران مقاطعة «جيانغ شي» الصينية ما بين القرنين العاشر والثالث عشر الهجريين تقريباً (القرنين السادس عشر والتاسع عشر الميلاديين)، إضافة إلى أوعية فخارية تعود بحسب آخر ما وجدته الدراسات إلى العصر العباسي.

وفي موقع الشونة الأثري، تحدد التسلسل التاريخي للبقايا المعمارية إلى القرن الثالث عشر الهجري على الأقل (قرابة القرن التاسع عشر الميلادي)، مع وجود دلائل من بقايا أثرية ترجع تاريخياً إلى القرن العاشر الهجري تقريباً (القرن السادس عشر الميلادي)، كما عُثر على أجزاء من المواد الفخارية، التي تتكون من البورسلين وخزفيات أخرى من أوروبا واليابان والصين، والتي من المرجح أن يعود تاريخها إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين (التاسع عشر والعشرين الميلاديين).

وفي أعمال التنقيب بموقع الكدوة (باب مكة) كشفت عن ظهور أجزاء من الخندق الشرقي، الذي من المرجح أن يعود إلى أواخر القرن الثاني عشر الهجري (أواخر القرن الثامن عشر ميلادي).

شواهد قبور من الأحجار المنقبية والغرانيت والرخام حُفر عليها بعض الكتابات وجدت في مقابر جدة التاريخية (واس)

كما عُثر على عددٍ من شواهد القبور من الأحجار المنقبية والغرانيت والرخام التي حُفر عليها بعض الكتابات وجدت في مقابر جدة التاريخية، ويرجح المختصون أن البعض منها يعود إلى القرنين الثاني والثالث الهجريين (القرنين الثامن والتاسع الميلاديين)، متضمنة أسماء أشخاص ٍ وتعازٍ وآيات قرآنية، ولا تزال تخضع للدراسات والأبحاث لتحديد تصنيفها بشكل أدق من قبل المختصين

وتضمنت الدراسات الأثرية للمواقع التاريخية الأربعة التنقيبات الأثرية، وتحاليل عينات الكربون المشع، وتحاليل التربة والدراسات الجيوفيزيائية والعلمية للمواد المكتشفة، إضافةً إلى نقل أكثر من 250 عينة خشبية من 52 مبنى أثرياً لدراسته في مختبرات عالمية متخصصة للتعرف عليها وتحديد عمرها الزمني وغيرها من أبحاث الأرشيفات الدولية التي نتج عنها جمع أكثر من 984 وثيقة تاريخية عن جدة التاريخية، بما في ذلك الخرائط والرسومات التاريخية لسور جدة التاريخي والشونة والمواقع الأثرية الأخرى في جدة التاريخية، والتي اطلع عليها ودُرست علمياً.

أجزاء من الخندق الشرقي يعود إلى أواخر القرن الثاني عشر الهجري (واس)

وأشرف برنامج جدة التاريخية بالتعاون مع هيئة التراث على عمليات التوثيق، وآليات تسجيل وحفظ المواد الأثرية المكتشفة في جدة التاريخية، وإدراجها في السجل الوطني للآثار، وإدراجها ضمن قواعد بيانات علمية لحمايتها والمحافظة عليها، وأرشفة الوثائق والصور للمواد الأثرية المكتشفة، وذلك عبر مجموعة من الكوادر الوطنية المتخصصة في حفظ وتسجيل المواقع الأثرية.

يذكر أن أعمال مشروع الآثار في منطقة جدة التاريخية انطلقت في يناير (كانون الثاني) 2020، حيث استهل المشروع أعماله بإعداد الدراسات الاستكشافية، وإجراء مسح جيوفيزيائي للكشف عن المعالم المغمورة في باطن الأرض، في أربعة مواقع تاريخية تضم؛ مسجد عثمان بن عفان، وموقع الشونة، وأجزاء من السور الشمالي، ومنطقة الكدوة.


مقالات ذات صلة

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

يوميات الشرق المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
TT

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

نحو إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، والتكنولوجيا، والابتكار، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أبوابه رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، بوصفه أول مركز مخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، متخذاً من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي موقعاً له.

ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية في السعودية، في الوقت الذي انطلق ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة.

وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة السعودية إن «مركز الدرعية لفنون المستقبل يجسّد التزامنا بتطوير الإنتاج الفني المبتكر واحتضان أشكال جديدة من التعبير الإبداعي، فمن خلاله نسعى إلى تمكين الفنانين والباحثين ودعمهم لإنتاج أعمال بارزة والخروج بأصواتهم الإبداعية إلى الساحة العالمية».

وأشارت إلى أن المركز سيُوظّف مساحاته للتعاون والإبداع لترسيخ مكانة المملكة في ريادة المشهد الثقافي والتأكيد على رؤيتها في احتضان أشكال التعبير الفني محلياً وعالمياً.

من جانبه، بين الدكتور هيثم نوار مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل أن افتتاح المركز يمثّل منعطفاً في السردية القائمة حول فنون الوسائط الجديدة، لكونه يخرج بالمرئيات والتصوّرات الإقليمية إلى منابر الحوار العالمية.

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

وقال: «إن المركز سيتجاوز حدود الإبداع المتعارف عليها نحو آفاق جديدة، وسيقدّم للعالم مساحة للابتكار والنقد الفني البنّاء عند تقاطع الفن والعلوم والتكنولوجيا».

وتتزامن انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعياً... آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» خلال الفترة من 26 نوفمبر (تشرين ثاني) إلى 15 فبراير (شباط) المقبل، حيث يستكشف المعرض، الذي أشرف عليه القيّم الفني جيروم نوتر، تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة تحمل توقيع أكثر من 30 فناناً إقليمياً وعالمياً.

وسيحظى الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان).

وسيكون للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو وناصر بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث يعرّفون الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية.

وبالتزامن مع الافتتاح، يُطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الاستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا. ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازمين لإبداع أعمال متعددة التخصصات.

وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية، المخصص لفناني الوسائط الرقمية، في الفترة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) 2025، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز.

ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي.