كردستان العراق: شهادات عن «ليلة الفزع» بعد صواريخ «الحرس»

ماذا نعرف حتى الآن عن التاجر الكردي «بيشرو دزيي»؟

متظاهرة تحمل صورة طفلة قضت في هجوم «الحرس الثوري» الإيراني على أربيل الثلاثاء (أ.ف.ب)
متظاهرة تحمل صورة طفلة قضت في هجوم «الحرس الثوري» الإيراني على أربيل الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

كردستان العراق: شهادات عن «ليلة الفزع» بعد صواريخ «الحرس»

متظاهرة تحمل صورة طفلة قضت في هجوم «الحرس الثوري» الإيراني على أربيل الثلاثاء (أ.ف.ب)
متظاهرة تحمل صورة طفلة قضت في هجوم «الحرس الثوري» الإيراني على أربيل الثلاثاء (أ.ف.ب)

أثار هجوم «الحرس الثوري» الإيراني على أربيل (شمال)، ليل الاثنين، غضب واستهجان السكان في إقليم كردستان وفي بقية المحافظات العراقية، فيما تحدث شهود عيان كانوا قريبين من موقع القصف عن «ليلة مفزعة» في مدينة طالما تمتعت باستقرار أمني خلال العقدين الماضيين.

وجاء الهجوم، بعد نحو 4 أشهر من توقيع العراق وإيران اتفاقاً يقضي بزع سلاح الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة لطهران وتوجد داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.

وقامت السلطات العراقية عقب الاتفاق بنقل مقار معظم تلك الجماعات بعيداً عن الحدود المشتركة بين البلدين.

صورة من بث حي لتلفزيون محلي لحظة القصف ليل الثلاثاء

وأصدر زعيم «الحزب الديمقراطي» مسعود بارزاني، الثلاثاء، بياناً شديد اللهجة كذّب فيه ما وصفه بـ«افتراءات» المنفذين للهجوم، رداً على مزاعم «الحرس الثوري» الذي قال إنه قصف «مقرَّ تجسس إسرائيلياً».

وقال بارزاني، الثلاثاء، إن «الجميع يعلم أن أربيل تعرضت منذ 2020 ولغاية الآن لعشرات الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الجائرة من قبل (الحرس الثوري) الإيراني والقوات المتحالفة معه، وهذه الهجمات تمثل ظلماً واضحاً بحق الشعب الكردي».

وأضاف بارزاني: «من ارتكب هذه الجرائم ومن يقف وراء هجمات أربيل يعلم جيداً أن افتراءاتهم وأعذارهم ليس لها أي أساس، وأنهم يقومون بهذا العدوان للتغطية على مشاكلهم».

«لصبرنا حدود» والكلام لبارزاني الذي تحدث بأسى عن أنهم «أبادوا أُسرة بريئة من أربيل»، وقال: «ليس هناك شك بأن هذا الهجوم ليس من المروءة ولا من الشهامة بشيء، ولكنه عار كبير على المجرمين».

وأعلن مجلس أمن إقليم كردستان مقتل وإصابة 10 أشخاص جراء القصف الإيراني، وتسبب بمقتل رجل الأعمال «بيشرو دزيي» وابنته الصغيرة، وكذلك مقتل رجل الأعمال كرم ميخائيل الذي كان يزور العائلة، ومدبرة المنزل من أصل فلبيني.

«يحدث في غزة وأربيل»

وقال شهود عيان من أربيل لـ«الشرق الأوسط»، إن القصف تسبب بذعر كبير للمواطنين القريبين من أماكن سقوط الصواريخ، وأن بعض السكان المقيمين على طريق مصيف صلاح الدين، قرب موقع القصف، تركوا منازلهم بعد سماع دوي الانفجارات خوفاً من تعرضهم للقصف.

وذكر الشهود أن زجاج عشرات المنازل تعرض للتهشم، فيما اضطر بعض من كان يسلك الطريق السريع المحاذي للمنزل المستهدف إلى ترك عجلاتهم والبقاء في العراق إلى أن انتهى دوي الانفجارات.

في وسط المدينة، توجه العشرات من سكان أربيل إلى موقع شركة «إمباير» ومجمعها السكني المعروف باسم «المربع الذهبي»، والذي يملكه رجل الأعمال دزيي، وهناك أوقد بعضهم الشموع لتأبينه.

وعلى بعد كيلومتر واحد، احتشد المئات من المواطنين أمام مقر بعثة الأمم المتحدة في أربيل، وهتفوا بغضب ضد إيران، ورفعوا لافتات باللغة الكردية كتب فيها: «نحن جبال لن تهتز».

ونقل تلفزيون «روداو» المحلي عن أحد المتظاهرين، إنه «لا فرق بين غزة وأربيل الآن (...) صور الدمار والضحايا متشابهة في المدينتين».

متظاهرون يحملون لافتة بالكردية كتب عليها «الإرهاب لن يهز أربيل... المدينة ستبقى قوية ومستقرة» (أ.ف.ب)

وأصدرت شخصيات وقوى كردية سلسلة من بيانات الإدانة والاستنكار للقصف الإيراني، وقال رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، إن «أربيل أصبحت هدفاً لهجوم صاروخي من قبل (الحرس الثوري) الإيراني، وللأسف هناك شهداء وجرحى من المدنيين نتيجة هذا الهجوم غير المبرر».

وطالب بارزاني الحكومة الاتحادية في بغداد بـ«اتخاذ موقف صارم ضد هذا الانتهاك للسيادة العراقية، وإقليم كردستان»، ودعا المجتمع الدولي إلى «رفع صوته ضد القمع الذي يتعرض له الشعب الكردي».

وأعلنت كتلة «الحزب الديمقراطي» الكردستاني في مجلس النواب الاتحادي، إدانتها واستنكارها الشديدين للقصف الصاروخي، ووصفته بـ«الهمجي والغاشم».

وعدت الكتلة «الاعتداء السافر انتهاكاً واضحاً وصارخاً لأمن وسيادة إقليم كردستان والعراق، تحت ذرائع وحجج وأسباب غير منطقية، طالما استند إليها الجانب الإيراني في قصفه المستمر علناً أو بواسطة أذرعه وميليشياته في العراق والتي تمدها بالصواريخ والطائرات المسيرة لضرب إقليم كردستان»، وفقاً لبيان صحافي.

وطالبت الكتلة الحكومة الاتحادية بممارسة دورها في الحفاظ على أمن وسيادة العراق، واتخاذ جميع السبل القانونية والدبلوماسية للرد على هذا العدوان واستنكاره والتنديد به، واتخاذ إجراءات لحماية الأجواء العراقية من الصواريخ والطائرات المسيرة.

وأصدر حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني من معقله في السليمانية والغريم التقليدي للحزب الديمقراطي الكردستاني، بياناً أدان فيه الهجوم على أربيل، لكنه تجنب ذكر اسم إيران صراحة، واكتفى بالإشارة إلى «تجاوزات دول الجوار».

وقال الحزب، الذي يقوده بافل طالباني: «نعتقد بأن أي مشكلة سياسية أو أمنية حساسة بين دول الجوار لا تعالج بهذا الشكل الفردي وخارج التفاهمات السياسية والأمنية المشتركة، وستجلب التوتر وستخرب مناخ العلاقات الإقليمية، والتي تدفع ثمنها مكونات الشعب العراقي».

من هو دزيي؟

وعصر الثلاثاء، شيع المئات جثمان رجل الأعمال «بيشرو دزيي» بحضور شخصيات حكومية وسياسية كردية، إلى جانب ممثلي بعثات دبلوماسية من بينهم القنصل التركي في أربيل، فيما لم تسجل القنصلية الإيرانية أي حضور خلال مراسم الدفن.

والضحية من رجال الأعمال المعروفين على مستوى إقليم كردستان، اسمه «بيشرو مجيد أغا دزيي»، من مواليد أربيل 1966، ولديه زوجتان وأربعة أطفال.

رجل الأعمال الذي قضى في القصف الإيراني كان يملك أكبر مجمع سكني في أربيل (فيسبوك)

وأنشأ دزيي شركة «فالكون غروب» التي نفذت أعمالاً إنشائية، أبرزها وأكبرها مدينة «إمباير» وسط أربيل، التي تضم المئات من الوحدات السكنية في موقع بات يعرف في إقليم كردستان بـ«المربع الذهبي».

وقبل الهجوم، كان دزيي ينظم حفلاً لاستقبال أفراد من عائلته الذين عادوا للتو من الولايات المتحدة الأميركية، وكان في ضيافته بالمنزل رجل الأعمال كرم ميخائيل، الذي كان يزور المدينة للتعاقد على تجهيز مجمع سكني بأجهزة التبريد المركزية.

وقال موظفون في شركة «فالكون» لـ«الشرق الأوسط»، إن «دزيي بعيد تماماً عن الأنشطة السياسية والعسكرية، ولا صلة له سوى بالنشاط التجاري».

وضربت خمسة صواريخ منزل دزيي الواقع في بلدة «ملا عمر»، على الطريق بين مدينة أربيل ومصيف «شقلاوة» السياحي.


مقالات ذات صلة

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

المشرق العربي السوداني في اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

السوداني طلب من التحالف الحاكم «التحرك بسرعة قبل الحرب»

أكد مسؤول حكومي بارز أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أبلغ قادة «الإطار التنسيقي» بتفاصيل شاملة عن «المخاطر المتوقعة على العراق».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي طائرة من سلاح الجو العراقي خلال إحدى المهمات ضد تنظيم «داعش» (أرشيفية - واع)

العراق: المجال الجوي غير مؤمّن بالكامل

أقر العراق بأن مجاله الجوي غير مؤمّن بالكامل، في حين أكد اتخاذ إجراءات لتحسين القدرات الدفاعية بعد التعاقد مع كوريا الجنوبية قبل أشهر لامتلاك منظومة متطورة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني طلب من قادة الجيش العراقي رفع الجهوزية (إعلام حكومي)

«رسالة عسكرية» عن خريطة الأهداف الإسرائيلية في العراق

قالت مصادر موثوقة إن ضباطاً كباراً في الجيش العراقي أبلغوا قادة فصائل بأن الضربة الإسرائيلية باتت أقرب من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الجيش العراقي يُطلق النار على مسلحي «داعش» عام 2017 (رويترز)

العراق: انفجار قنبلة يصيب 4 في كركوك

كشفت مصادر بالشرطة أن أربعة أصيبوا عندما انفجرت قنبلة على جانب أحد الطرق في مدينة كركوك بشمال العراق اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي دراجة تعبر شارعاً ببغداد وقد رفعت فيه أعلام العراق ولبنان وفلسطين (أ.ف.ب)

فصائل عراقية تتوعد بـ«حرب الطاقة» في الخليج العربي

بالتزامن مع تبنّي هجمات بالطيران المُسيّر على أهداف إسرائيلية، توعدت فصائل عراقية بـ«حرب طاقة» في الخليج العربي والمنطقة.

حمزة مصطفى (بغداد)

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، الأحد، تحذيراً جديداً لإخلاء نحو 25 منطقة في جنوب لبنان، وطالب السكان بالتوجه فوراً إلى شمال نهر الأولي.

وحذّر أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في منشور على منصة «إكس»، اللبنانيين من التوجه جنوباً «أي تحرك لجهة الجنوب يُعرّض حياتكم إلى الخطر. سوف نخبركم عن الوقت المناسب والآمن للعودة إلى منازلكم»، وفقاً لوكالة «رويترز».

وسبق أن أصدر الجيش الإسرائيلي عدة بيانات يدعو فيها سكان جنوب لبنان لإخلاء منازلهم والتحرك باتجاه شمال نهر الأولي، بالتزامن مع توسيع عملياته في لبنان، فيما أطلق عليه اسم «سهام الشمال».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعد معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله»، وحدثت اشتباكات مباشرة بين عناصر «حزب الله» اللبناني وقوات إسرائيلية حاولت التوغل جنوب لبنان.