وجدت دراسة ألمانية، أن النمل يتمتع بقدرة كبيرة على تحديد الجروح المصابة بالعدوى، بل ويعالجها أيضاً بكفاءة باستخدام المضادات الحيوية التي ينتجها بنفسه.
وأوضح الباحثون أن هذه القدرة تأتي ضمن نظام متطور للرعاية الصحية، ينتهجه النمل للحفاظ على سلامته، ونشرت النتائج، الثلاثاء، بدورية «نيتشر كوميونيكيشنز».
وركز الفريق على نوع من النمل يسمى «ماتابيلي» الذي ينتشر على نطاق واسع جنوب الصحراء الكبرى، ولديه نظام غذائي محدود الخيارات، فهو يأكل النمل الأبيض فقط، وهذا يعرضه للخطر، لأن النمل الأبيض يستخدم فكه السفلي القوي للدفاع عن نفسه، ولذلك فمن الشائع أن يصاب «ماتابيلي» في أثناء الصيد بجروح تعرض حياته للخطر.
وللتكيف مع هذه التهديدات، اكتشف الباحثون أن «ماتابيلي» يتمتع بقدرة كبيرة على التمييز بين الجروح البسيطة، والجروح المصابة بالعدوى التي يتطلب علاجها مضادات حيوية.
وأظهرت النتائج أن مظهر بشرة النمل يتغير نتيجة لعدوى الجرح، وهذا التغيير بالتحديد يستطيع النمل التعرف عليه، وبالتالي تشخيص حالة الإصابة بالعدوى بسهولة.
ومن أجل العلاج، يقوم النمل بعد ذلك بوضع مركبات وبروتينات مضادة للميكروبات على الجروح المصابة، تفرزها بصورة طبيعية لديه «الغدة الجنبية».
وتفرز هذه الغدة 112 مركباً كيميائياً لها تأثيرات مضادة للميكروبات، بالتالي فهي علاج فعال للغاية للجروح؛ حيث اكتشف الباحثون أن هذه المكونات خفضت معدل وفيات النمل المصاب بالعدوى بنسبة 90 في المائة.
من جانبه، قال الباحث الرئيسي للدراسة في المركز الحيوي بجامعة فورتسبورغ الألمانية، الدكتور إريك فرانك لـ«الشرق الأوسط»: «أكثر ما أدهشنا هو أن الجروح المصابة بالعدوى تتلقى علاجاً مختلفاً عن الجروح البسيطة التي يقوم رفقاء العش على تعقيمها. إذ لا تتلقى الجروح المصابة مزيداً من الرعاية (من خلال اللعق) فحسب؛ بل إنها تتلقى أيضاً المركبات الكيميائية والبروتينات التي تفرزها الغدة الجنبية على الجرح، وهذه الإفرازات المضادة للميكروبات، ذات كفاءة عالية في مكافحة العدوى؛ ما يسمح في النهاية للنمل المصاب بالتعافي من إصابته بسرعة».
وأضاف أن هذا النوع من العناية بالجروح الذي يؤديه النمل يعكس بروتوكولنا الطبي البشري للعناية بالجروح بشكل جيد إلى حد ما. وبالنسبة للجرح المُتّسخ، نقوم نحن البشر أولاً بتطبيق الرعاية الوقائية (التنظيف والتعقيم) وفي حالة الإصابة بالعدوى، نقوم بتطبيق رعاية إضافية بإعطاء المضادات الحيوية.
وأشار إلى أن ما تم اكتشافه لدى النمل قد يرقى إلى تصنيفه كأعلى مستوى لما تستطيع الحيوانات تحقيقه عندما يتعلق الأمر بالعناية بالجروح؛ إذ لا يوجد حيوان آخر قادر على إجراء مثل هذا البروتوكول المتطور للعناية بالجروح.
ونوه بأن «المركبات والبروتينات التي يفرزها النمل على الجرح قد تكون مفيدة لعلاجاتنا الطبية، لكن هذا سيحتاج لمزيد من الدراسة قبل أن نتمكن من قول ذلك على وجه اليقين».