إصرار يمني على تنفيذ الإصلاحات السعرية للوقود في مأرب

رغم مطالب المسلحين المعترضين وتلويحهم بالتصعيد

يسعى الحوثيون للانقضاض على مأرب حيث حقول النفط والغاز (إعلام محلي)
يسعى الحوثيون للانقضاض على مأرب حيث حقول النفط والغاز (إعلام محلي)
TT

إصرار يمني على تنفيذ الإصلاحات السعرية للوقود في مأرب

يسعى الحوثيون للانقضاض على مأرب حيث حقول النفط والغاز (إعلام محلي)
يسعى الحوثيون للانقضاض على مأرب حيث حقول النفط والغاز (إعلام محلي)

في خطوة تحاكي السيناريو الذي اتبعه الحوثيون لاقتحام العاصمة اليمنية صنعاء في النصف الثاني من عام 2014 رفع المسلحون في محافظة مأرب سقف مطالبهم من إلغاء الزيادة في أسعار الوقود إلى مكافحة الفساد والحصول على الوظائف الحكومية والتمثيل في السلطة، فيما أكدت الحكومة المضي في الإصلاحات السعرية.

في هذا السياق، عقد عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة الذي يشغل أيضا منصب محافظ مأرب، اجتماعا مع عدد من كبار زعماء قبيلة «عبيدة» في مديرية الوادي بحضور رئيس هيئة الأركان العامة للجيش اليمني الفريق الركن صغير بن عزيز.

يواصل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة مساعي احتواء تصعيد المسلحين المحتجين دون مواجهات (إعلام حكومي)

وذكرت مصادر محلية أن العرادة ناقش نتائج لقاءات زعماء القبائل مع مختلف الجهات، ومطالبهم من القيادة المدنية والعسكرية من أجل درء المخاطر، وشدد على ضرورة الوقوف صفا واحدا من أجل مصلحة محافظة مأرب، وتفويت الفرصة على المتربصين بأمنها واستقرارها.

ووفق مصادر محلية اتفق المجتمعون على المضي في تنفيذ القرار الحكومي الخاص بالزيادة السعرية، ورفع التجمعات المسلحة التي تعرف باسم «المطارح»، وتشكيل لجنة بخصوص ما أحدثته الاشتباكات منذ يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وأعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي العرادة - بحسب المصادر- تحمله الفوارق المالية بين السعر القديم لصفيحة البترول والسعر الجديد خلال مدة زمنية محددة، على أن يقوم فرع شركة النفط اليمنية بالمحافظة بتموين المحطات الأهلية بمخصصاتها من المحروقات.

تصعيد ومحاولة احتواء

خلافاً لذلك وفي موقف يعيد إلى الأذهان السيناريو الذي اتبعه الحوثيون عند اقتحام العاصمة اليمنية صنعاء حينما رفعوا شعار المطالبة بإسقاط الزيادة في أسعار المحروقات ثم تحول الأمر إلى مطلب سياسية والمشاركة في السلطة، وزع المتحدث باسم المسلحين القبليين في مأرب تسجيلا مصورا يعلنون فيه رفضهم نتائج اللقاء الذي جمع العرادة بمجموعة من مشايخ ووجهاء قبيلة «عبيدة».

تجمعات المسلحين القبليين في مأرب تغري الحوثيين للدفع بمزيد من المقاتلين إلى أطراف المحافظة (إعلام محلي)

وصعد المحتجون المسلحون من مطلبهم بالتراجع عن الزيادة في سعر الوقود والذي لا يزال يباع بأقل من ثلث قيمته في بقية مناطق البلاد، وطالبوا بتشكيل لجنة للكشف عن الفساد في المحافظة - وفق زعمهم - يكونون طرفا فيها، كما طالبوا بتمثيل منطقتهم في السلطة المحلية وفي مواقع السلطات المركزية مع أن محافظ المحافظة وعضو مجلس القيادة الرئاسي العرادة ينتمي إلى القبيلة والمنطقة نفسها.

وكان المكتب التنفيذي لمحافظة مأرب عقد اجتماعا استثنائيا، برئاسة عضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ المحافظة سلطان العرادة، واتخذ عدداً من القرارات والإجراءات المتعلقة بالإصلاحات السعرية، وتنفيذ القرارات الصادرة عن الحكومة الشرعية التي في مجملها تخدم المصلحة العامة والاقتصاد، وتعزز من الإيرادات وفق ما جاء في بلاغ وزعه المكتب الإعلامي في المحافظة.

ووفق المصادر أقر المكتب التنفيذي (السلطة المحلية) ضرورة مكافحة السوق السوداء للمشتقات النفطية بالمحافظة، وكلف شركة النفط بسرعة وضع الآلية الكفيلة بذلك وتنفيذها مع الجهات المختصة المساندة لها، وأشاد بدور المؤسستين الأمنية والعسكرية في بسط الأمن والاستقرار في المحافظة والحفاظ على السكينة العامة، مع التأكيد على وقوف المكتب التنفيذي خلفهم ومساندتهم في أداء مهامهم الوطنية والإنسانية والدستورية والقانونية.

تشهد محافظة مأرب أزمة وقود بسبب منع وصول الإمدادات من قبل المسلحين (إعلام محلي)

من جهته، أطلع العرادة المكتب التنفيذي على آخر المستجدات فيما يتعلق بقرار الإصلاحات السعرية وحيثياته وتداعياته، لافتاً إلى ما يمر به اليمن من أوضاع اقتصادية صعبة أثرت على حياة الناس بسبب تعطيل الحوثيين موارد الدولة، وإيقاف تصدير النفط واستهداف الموانئ.

وقال العرادة إن مأرب صمدت أمام كل التحديات، وقهرت الصعاب، وحققت نجاحات تنموية في زمن الحرب، وهي اليوم أكثر قوة وقدرة على العطاء والإنجاز وصناعة المستقبل.

وشدّد عضو مجلس القيادة الرئاسي خلال الاجتماع على ضرورة أن يؤدي كل شخص واجباته بكل أمانة ومسؤولية في محاربة الظواهر السلبية والابتعاد عن المناكفات والمكايدات، والوقوف صفاً واحداً من أجل تثبيت الأمن والاستقرار والنهوض بالمحافظة.

وتعهد العرادة «بالتمسك بالثوابت والمكتسبات الوطنية، وأن يضع نصب عينيه خدمة الوطن ورعاية مصالح المواطنين، وهي مهمة ليست بالسهلة، وتحتاج إلى تضافر الجهود وتسخير الإمكانات المتاحة كافة لتحقيق الآمال وتلبية التطلعات».

مخاوف من تكرار سيناريو اقتحام صنعاء بحجة إسقاط الزيادة السعرية في الوقود (إعلام محلي)

وكان مصدر رئاسي يمني أكد دعم قيادة الدولة الكامل لقيادة السلطة المحلية في محافظة مأرب إجراءاتها المنسقة مع مختلف الجهات لتنفيذ قرارات الحكومة المتعلقة بتحريك أسعار المشتقات النفطية التي لا تزال هي الأدنى على مستوى المحافظات.

وشهدت مأرب سقوط كثير من القتلى بسبب تصعيد المسلحين القبليين المحتجين على زيادة الوقود، كما شهدت أزمة في الوقود بسبب منع المسلحين وصول الإمدادات، وتفجير أنبوب للنفط.

وتُحذر السلطات المحلية والرئاسية من استغلال الاحتجاجات المسلحة لخدمة أجندة الحوثيين الذين يحشدون عسكرياً بشكل يومي باتجاه المحافظة النفطية، ضمن مسعى للانقضاض على المحافظة النفطية، حيث أهم معقل للحكومة الشرعية.


مقالات ذات صلة

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

العالم العربي جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

بحثت جلسة في «منتدى الدوحة»، يوم السبت، تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوض عملية السلام.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)

نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

طالبت القياديات الحزبية النسائية اليمنية بتمكينهن من الوصول إلى مواقع القرار، والحصول على حقائب وزارية، ورفع تمثيلهن داخل الهياكل الحزبية إلى 30 في المائة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الحوثيين وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد لمصلحة مشروعها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تُقوّض وحدة القرار السيادي، وتخدم مشروع إيران.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل
TT

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس، مطلب إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، ومؤكداً في الوقت ذاته «(أننا) لسنا معنيين بأن نكون دولة تصدّر العنف، بما في ذلك إلى إسرائيل».

وتعهد الشرع، في حوار على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، «محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء»، في إشارة إلى مواجهات دموية شهدتها مناطق يقطنها دروز وعلويون في وقت سابق من هذا العام.

وعشية ذكرى مرور سنة على إسقاط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، بثت قناة «العربية/ الحدث» تسجيلات مصوَّرة تجمع الرئيس المخلوع بمستشارته لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024. وتتضمن «تسجيلات الأسد» ومستشارته سخرية من الجنود السوريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف قواته، وشتائم وجهها الرئيس المخلوع لغوطة دمشق (يلعن أبو الغوطة)، كما تتضمن انتقادات للقائد العسكري سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، ولـ«حزب الله» اللبناني.

واعتبر سوريون أن ما كشفت عنه التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.


احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

عكست وقفات وتحركات احتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً ضد الدولة و«حزب الله»، على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، مما اضطر كثيرين إلى الخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

تأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يعانون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي، لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويؤكد «أن هذه الاحتجاجات تأتي في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهن المحتجين أن مواقفه (أي حزب الله) تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة».


انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

مع مواصلة إسرائيل تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ووسط مشهد غير واضح، انشغلت دول عربية وإسلامية بالتصدي المسبق لخطر تهجير الغزيين عبر رفح.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة، أمس، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية قد أعلن، الأربعاء الماضي، فتح معبر رفح «خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

إلى ذلك، شدد وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».