قتلى في مأرب بسبب رفع أسعار الوقود

اتهام مستفيدين من الدعم بالتحريض على العنف

تتكبَّد الحكومة اليمنية مبالغ ضخمة نتيجة دعم الوقود في مأرب (إكس)
تتكبَّد الحكومة اليمنية مبالغ ضخمة نتيجة دعم الوقود في مأرب (إكس)
TT

قتلى في مأرب بسبب رفع أسعار الوقود

تتكبَّد الحكومة اليمنية مبالغ ضخمة نتيجة دعم الوقود في مأرب (إكس)
تتكبَّد الحكومة اليمنية مبالغ ضخمة نتيجة دعم الوقود في مأرب (إكس)

اندلعت في محافظة مأرب اليمنية مواجهات بين القوات الحكومية ومسلحين قبليين يعارضون قرار رفع أسعار الوقود إلى نصف قيمته في بقية المناطق، وسط اتهامات لأطراف نافذة مستفيدة من الأسعار المدعومة بالوقوف وراء تلك الاحتجاجات.

مصادر محلية وسكان ذكروا لـ«الشرق الأوسط»، أن أربعة أشخاص على الأقل قُتلوا خلال الاشتباكات التي أعقبت قرار فرع شركة النفط في المحافظة رفع سعر صفيحة البترول عبوة 20 لتراً إلى نحو عشرة آلاف ريال يمني بدلاً عن 3500، في حين أن سعرها في بقية مناطق سيطرة الحكومة هو 27 ألف ريال، والسعر ذاته معمول به في مناطق سيطرة الحوثيين (الدولار نحو 1400 ريال في مناطق سيطرة الحكومة ونحو 530 في مناطق سيطرة الحوثيين).

تنتج مصفاة مأرب نحو 10 آلاف برميل يومياً (إعلام حكومي)

وذكرت المصادر أن أحد الضحايا سائق لإحدى ناقلات المشتقات النفطية، حيث أصيب بطلق ناري أثناء الاشتباكات قبل أن يفارق الحياة بعد ذلك متأثراً بإصابته، وأن ثلاثة من المسلحين القبليين قُتلوا أثناء الاشتباكات مع قوات الجيش بالقرب من منطقة الضمين على الطريق الدولية في مديرية الوادي.

وأوضحت المصادر، أن المسلحين أغلقوا الطريق التي تربط عاصمة المحافظة مع منطقة صافر، حيث توجد منشآت تكرير النفط؛ رفضاً لقرار تحريك أسعار الوقود ومنعوا مرور ناقلاته.

زيادة مبررة

أصدر فرع شركة النفط اليمنية في المحافظة بياناً أكد فيه، أن تحريك سعر الوقود جاء بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم (3) لعام 2023 بشأن المصادقة على قرارات المجلس الاقتصادي الأعلى الخاصة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز موارد الدولة.

وبيّنت الشركة، أنه ونظراً للظروف الاستثنائية التي تمرّ بها المحافظة في حينه؛ فقد تواصل نائب رئيس المجلس الرئاسي محافظ المحافظة مع القيادة العليا والحكومة وتأجل تطبيق هذا القرار.

بيان شركة النفط يكشف عن نوايا للتراجع عن تحريك الأسعار (إعلام حكومي)

وبحسب شركة النفط، فإن الوضع الاقتصادي وحاجة الحكومة إلى الإيرادات لتغطية النفقات ومنها المرتبات؛ ولأن سعر تكلفة اللتر البنزين في مأرب منخفضة بحيث لا تغطي تكلفه إنتاجه، فقد قررت الحكومة تحريك سعر اللتر من مادة البنزين إلى 487.50 ريال للتر الواحد بحيث يصبح سعر عبوة 20 لتراً 9750 ريالاً.

وذكرت المصادر، أن عضو مجلس القيادة الرئاسي يبذل جهوداً كبيرة من خلال تواصله بشكل مكثف مع الرئاسة والحكومة لتخفيض السعر إلى 400 ريال للتر الواحد ليكون سعر العبوة ثمانية آلاف ريال.

وأكدت الشركة، أن السعر المقترح مناسب جداً إذا ما قورن بالأسعار خارج المحافظة، وأنه سوف يحد من الأزمة بشكل كبير؛ كون السعر السابق ساهم في ازدهار السوق السوداء وانعدام المادة نتيجة للسحب المكثف.

تأييد للخطوة

الكاتب والمحلل اليمني عبد الناصر المودع، أيّد الخطوة الحكومية وأعاد أسباب الاعتراض إلى ما سماه الفساد الذي قال إن قيمته تزيد على نصف مليون دولار يومياً في أسوأ الأحوال.

وبيّن أنه إذا كان ‏متوسط إنتاج مصفاة مأرب بحدود 10 آلاف برميل يومياً (1.5 مليون لتر) يباع اللتر للمستهلك من البنزين بـ175 ريالاً، بينما متوسط سعر اللتر غير المدعوم في المحافظة وغيرها هو 1200 ريال.

ووفق ما ذهب إليه المودع في تعليق له على «إكس»، فإن السعر غير المدعوم يزيد 7 أضعاف على السعر المدعوم، ومع أنه من المفترض منتجات المصفاة لمحطات البيع في مأرب وبعض القطاعات الخدمية والقطاعات الحكومية في المحافظة بالسعر المدعوم، إلا أن جزءاً كبيراً منه يتسرب إلى السوق ويباع بسعره في بقية المناطق.

قرار الحكومة اليمنية برفع سعر الوقود في مأرب تأجل تطبيقه نحو عام كامل (إعلام حكومي)

وبحسب الكاتب والمحلل اليمني، فإنه إذا تم بيع نصف الكمية بالسعر المدعوم، فإن ما يتبقى «يذهب لمنظومة الفساد الكبيرة والمعقدة والمستفيدة من الدعم».

وقدّر المودع قيمة تلك الكمية بأكثر من 500 ألف دولار يومياً على الأقل ‏تتقاسمها أطراف عدّة في المحافظة وخارجها، وقال: إن هؤلاء يبيعون جزءاً من حصصهم بالسعر المعمول به في بقية المناطق مباشرة أو من خلال بيع جزء من الحصص لسماسرة.

واتهم المستفيدين من هذا الفساد بمقاومة ‏أي محاولة لرفع الأسعار، تحت حجة الآثار السيئة على المواطنين في المحافظة، وقال: إن هذه الحجة نفسها التي يسوّقها الفاسدون من سياسات الدعم في كل زمان ومكان.

وذكر المودع، ‏أن الدعم لم يُلغَ وما زالت الأسعار المقترحة تقل عن ثلث الأسعار الفعلية؛ إلا أن الفاسدين لا يريدون أن يخسروا جزءاً من مكاسبهم الكبيرة، والتي يرونها حقاً من حقوقهم، وفق تعبيره.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

العالم العربي غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

أبدى المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أمله في أن يؤدي إبرام «هدنة في غزة» إلى عودة مسار السلام بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية محذراً من عواقب وخيمة للتصعيد.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي 38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

أظهرت بيانات مبادرة دولية معنية برصد الأزمات والنزوح والكوارث أن التغيرات المناخية باتت وكأنها تنافس الحوثيين في تهجير اليمنيين خلال العامين الأخيرين وفق ناشطين

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

زعم الحوثيون مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)

الحوثيون يزعمون استهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر

أعلن الحوثيون تنفيذ عملية عسكرية مشتركة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وقطعاً بحرية تابعة لها شمال البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

تعسفت الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً وأجبرت طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)
غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)

حذّر المبعوث الأممي هانس غروندبرغ من مخاطر التصعيد في اليمن، وقال إن ذلك سيؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة، وأبدى أمله في أن يؤدي إبرام «هدنة في غزة» إلى عودة مسار السلام بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية.

وكان المبعوث يتحدث قبل الأنباء التي تداولت إعلان الهدنة، إذ جاءت تصريحات المبعوث خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، صباح الأربعاء (بتوقيت نيويورك)، وسبقتها نقاشات أجراها ضمن رحلاته المكوكية إلى مسقط وصنعاء وطهران والرياض.

وتأتي التحركات الأممية في إطار مساعي غروندبرغ للحفاظ على التهدئة اليمنية الهشة القائمة، وفي سياق المساعي للضغط على الحوثيين لإطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية وموظفي البعثات الدبلوماسية.

وإذ أشار المبعوث إلى حملة اعتقالات الحوثيين الجديدة، فإنه قال إن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة.

وحضّ المبعوث على وقف هجمات الجماعة في محافظة البيضاء، في إشارة إلى أعمال التنكيل التي ارتكبوها ضد سكان قرية «حنكة آل مسعود»، كما دعا الجماعة إلى الإطلاق الفوري لجميع الموظفين المحتجزين تعسفياً، وشدّد على الحاجة لخفض التصعيد؛ لأن 40 مليون يمني ينتظرون السلام، وفق تعبيره.

وفي حين أشار غروندبرغ إلى أن الهجمات الحوثية على الملاحة تقوض فرض السلام في اليمن، فإنه جدّد عزمه على مواصلة العمل لتحقيق السلام في اليمن. وقال إن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة سيكون بصيص أمل للوضع في اليمن الذي يشهد تصعيداً بين الطرفين المتحاربين على جبهات كثيرة.

غروندبرغ التقى في الرياض رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك (الأمم المتحدة)

وأضاف أن تصاعد الهجمات والهجمات المضادة في اليمن يقوض آفاق السلم والاستقرار الاقتصادي، مشيراً إلى أن التصعيد يؤكد أن الاستقرار النسبي، وكذلك تحسن الأوضاع الأمنية القائم منذ الهدنة قد يتبددان.

وعلى النقيض من آمال غروندبرغ في إحياء عملية السلام في اليمن بعد «هدنة غزة»، تسود مخاوف يمنية من أن الحوثيين يعدون لتفجير الحرب ضد الحكومة اليمنية، مستغلين التعاطف الشعبي مع فلسطين الذي مكّنهم من تجنيد عشرات الآلاف خلال العام الماضي.

ولعل هذه المخاوف هي التي دفعت غروندبرغ للقول إنه يشعر بالقلق من أن الأطراف «قد تعيد تقييم خياراتها للسلام، وترتكب حسابات خاطئة بناءً على افتراضات خاطئة». في إشارة إلى إمكانية عودة الحرب على نطاق واسع.

الحديث عن التصعيد والمعتقلين

وتطرق إلى أضرار التصعيد الحوثي والضربات الإسرائيلية والغربية، وقال: «لقد ألحقت الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة أضراراً بالبنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي»، وأشار إلى الضرر الذي لحق بالميناء، والقوارب القاطرة العاملة في تفريغ المساعدات الإنسانية.

وأوضح أنه كرر دعواته خلال زيارته صنعاء للإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع الموظفين المعتقلين تعسفياً من الأمم المتحدة والمنظمات الوطنية والدولية والبعثات الدبلوماسية والقطاع الخاص.

كما حضّ الجماعة على إطلاق سراح سفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها المكون من 25 فرداً، الذين تم احتجازهم بشكل غير قانوني لأكثر من عام الآن.

المبعوث الأممي إلى اليمن طلب من إيران الدعم لإطلاق سراح المعتقلين لدى الحوثيين (الأمم المتحدة)

وأبدى المبعوث قلقه إزاء التقارير التي تفيد بموجة جديدة من الاعتقالات الحوثية، وتحدّث عن التصعيد على طول كثير من الخطوط الأمامية، وقال: «يجب على الأطراف اتخاذ خطوات ملموسة بشكل عاجل نحو تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار على مستوى البلاد».

وتحدث غروندبرغ عن جهود مكتبه بشأن القضايا الاقتصادية والعسكرية، وقال: «استكشفنا كيف يمكن للتعاون بين الطرفين أن يفتح الباب أمام تحقيق مكاسب السلام الحاسمة. ويشمل ذلك توحيد البنك المركزي، واستئناف صادرات الوقود الأحفوري، والدفع الكامل لرواتب القطاع العام».

وكان المبعوث قبل إحاطته التقى مسؤولين عمانيين في مسقط، وقادة الجماعة الحوثية في صنعاء، قبل أن يلتقي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، ووزير الخارجية شائع الزنداني.

يُشار إلى أن اليمنيين كانوا مستبشرين في نهاية 2023 بالبدء في تنفيذ خريطة طريق للسلام توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن انخراط الجماعة الحوثية في الصراع الإقليمي ضمن ما يسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، وشنّ الهجمات على السفن أدى إلى جمود هذه المساعي حتى الآن.

وخلال جلسة إحاطة غروندبرغ، تحدثت ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، وقالت إنه حان الوقت للرد على تهديدات الحوثيين، مؤكدة وجوب مساءلة إيران عن هجماتهم على الملاحة.
وأشارت المندوبة الأميركية إلى حملات الحوثيين لاعتقال الموظفين الأمميين، وموظفي البعثات الدبلوماسية، داعيةً لحرمان الجماعة من مواردها المالية المستخدمة في شن الهجمات، وتسليط الضوء على علاقتها مع حركة «الشباب» الصومالية، والتخادم معها في تهريب الأسلحة.
وفي الجلسة نفسها، أكد المندوب اليمني عبد الله السعدي، أن الوضع الإنساني والاقتصادي في بلاده لا يحتمل، وقال إن الحكومة حريصة على التعاطي مع كل الجهود للتوصل إلى تسوية سياسة، داعياً مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته لتطبيق قراراته بما يكفل إنهاء الانقلاب الحوثي وفق المرجعيات الدولية المتفق عليها.
وحمّل السعدي المجتمع الدولي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في اليمن، وأوضح أن غياب الإرادة الدولية إزاء الحوثيين هي التي ساعدت في تحويل الحديدة إلى قاعدة لتهديد الملاحة والأمن الإقليمي.