تعثّرت المفاوضات بين الحكومة اليمنية والمسلحين القبليين في المحافظة الذين يواصلون منع مرور ناقلات الوقود منذ نحو أسبوع؛ احتجاجاً على زيادة أسعار هذه المادة بمقدار ثلث سعرها في بقية مناطق البلاد، وسط تحذير مصادر عسكرية من تربص الحوثيين بمنشآت النفط في محافظة مأرب (191 كلم شرق صنعاء).
وذكرت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحي الجماعة الحوثية يتربصون بالمنشآت النفطية في مأرب، ويدفعون باتجاه الصدام بين الجيش والمسلحين القبليين، وأنهم يحشدون المزيد من قواتهم إلى منطقة العلم باتجاه حقول صافر النفطية، مستغلين انشغال قوات الجيش بالمواجهة مع المسلحين الذين تسببوا في أزمة وقود حادة، وقتلوا ثلاثة من أفراده وأحد سائقي الناقلات.
ووافق المسلحون القبليون على السماح بمرور 4 مقطورات لنقل غاز الطهي يومياً إلى عاصمة المحافظة التي تعيش أزمة وقود خانقة، ووعدوا بمناقشة اتفاق يسمح بموجبه بمرور مقطورات غاز الطهي إلى بقية المناطق المحررة، لكنهم رفضوا السماح بمرور ناقلات البترول والديزل، وقالوا إنهم مستعدون للسماح بمرور ناقلات تزويد قوات الجيش بهذه المادة فقط.
وجاءت هذه التطورات بعد فشل اللقاء الذي جمع السلطات بممثلين عن المسلحين القبليين، حيث طلب الجانب الحكومي فتح الطريق الذي يربط المحافظة بحقول إنتاج وتكرير النفط في منطقة صافر، مع وعد بمراجعة الزيادة السعرية على الوقود، التي تمثل ثلث قيمة هذه المادة في بقية مناطق البلاد سواء الخاضعة لسيطرة الحكومة أو مناطق سيطرة الحوثيين.
ملاحقات أمنية
في سياق متصل، بهذه التطورات أعلنت وزارة الداخلية، أن اللجنة الأمنية في مأرب كلفت مختصين بإعداد قائمة سوداء بالمتسببين بالاختلالات والاعتداءات على المنشآت النفطية والطرقات الرئيسية وقتل الأبرياء في الخطوط العامة، حفاظاً على أمن واستقرار المحافظة والمكتسبات الوطنية في مأرب.
وذكر الموقع الرسمي للداخلية اليمنية أن المختصين في جميع الجهات الأمنية والعسكرية سيتولون إعداد قائمة بأسماء المتسببين بالاختلالات بمحافظة مأرب، ومن يقفون وراءهم من المحرضين والمعتدين والممولين.
وفور الانتهاء من إعداد القائمة، سيتم تعميمها على جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية وجميع المنافذ البرية والجوية والبحرية ونقاط التفتيش والحواجز الأمنية لضبط تلك العناصر وإحالتها إلى السلطة القضائية لينالوا جزاءهم.
مصادر محلية في المحافظة أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن طريق العرقين الذي يربط عاصمة المحافظة بحقول صافر النفطية لا يزال مغلقاً أمام ناقلات الوقود، وأن سعر صفيحة الوقود التي تحتوي على 20 لتراً وصل إلى 30 و40 ألف ريال في السوق السوداء، (الدولار نحو 1530 ريالاً في المناطق المحررة و530 في مناطق سيطرة الحوثيين).
وكان الجانب الحكومي قد اقترح رفع سعرها إلى 8 آلاف ريال مقارنة بـ27 ألفاً في بقية مناطق البلاد، بينما كان سعرها في محافظة مأرب قبل الزيادة التي سببت هذه المواجهات 3500 ريال فقط.
وذكر محمد ميقان، الذي يصف نفسه بالمتحدث باسم المسلحين المحتجين، أنه تم التنسيق فيما يخص عبور عدد من مقطورات الغاز نحو منشأة التخزين في مدينة مأرب، حيث تم السماح بعبور 4 مقطورات غاز يومياً في ساعة محددة تم الاتفاق بشأنها بينهم وبين منسق المنشأة، مهدداً بأن ما عدا هذه المقطورات الأربع سيكون تحت مرمى نيران المسلحين.
وأكد أن خيار فتح الطريق غير وارد قبل التراجع عن الزيادة السعرية، وتقديم ضمانات بعدم تكرارها بطريقة أو بأخرى.
تأييد رئاسي للإصلاحات
سبق لقبائل آل منيف التابعة لقبيلة عبيدة أن أصدرت بياناً استنكرت فيه الأحداث الأخيرة التي رافقت تجمعات المسلحين، ومن ذلك مقتل ثلاثة جنود، واعتراض شاحنة وقتل سائقها، منبهة إلى أن هذه الأحداث سوف تخرج الاحتجاجات عن مطالبها، وتتسبب بمشاكل داخلية وتفتح باباً للمتربصين لتنفيذ أعمال فوضى.
من جهته، حذر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، من محاولات الجماعة الحوثية، حبك المؤامرات والدسائس لاختراق الصفوف وبث الفتنة والفرقة بين قيادة محافظة مأرب ومشايخها وقبائلها وأبنائها، ليسهل عليها الانقضاض عليهم والتنكيل بهم كما حدث في مناطق عدة، بعد فشل كل مساعيها ورهاناتها طيلة السنوات الماضية في إسقاط المحافظة عسكرياً.
وفي تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية، أعاد الإرياني التذكير بالكيفية التي استغلت بها الجماعة الزيادة السعرية في المشتقات النفطية عام 2014، واستخدمتها غطاء وذريعة لتبرير حصارها واقتحامها للعاصمة صنعاء، والانقلاب على الدولة والسيطرة على مؤسساتها، وكيف دفع جميع اليمنيين ثمناً فادحاً جراء الفظائع التي ارتكبتها (الميليشيات) طيلة عقد من الانقلاب.
ودعا الوزير سكان مأرب إلى عدم الوقوع فريسة لمخططات الحوثي ودسائسه، وتوحيد الصفوف والالتفاف خلف مجلس القيادة الرئاسي الذي يضع قضايا وهموم المحافظة في صدارة اهتماماته، وينظر للجميع إخوة وأبناء.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي قد أعلن عن مساندته للإصلاحات السعرية، محذراً من الخروج على القانون.
ووفقاً للإعلام الرسمي، فإن العليمي شدد على ضرورة إنفاذ قرارات الحكومة المتعلقة بمعالجة أسعار المشتقات النفطية التي لا تزال هي الأدنى على مستوى المحافظات اليمنية، وعلى نبذ الأعمال الخارجة عن النظام والقانون، التي لن تخدم سوى الميليشيات الحوثية المتربصة بالمحافظة.