تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

300 مختطَف في صعدة واعتقال موظف سابق في السفارة الأميركية

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT
20

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)
فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)
مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)
مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)
خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.


مقالات ذات صلة

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

المشرق العربي مسؤولو الخارجية اليمنية والسورية خلال مراسم رفع العلم بمقر السفارة اليمنية في دمشق (سبأ)

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

أكدت وزارة الخارجية اليمنية إعادة فتح أبواب سفارتها في العاصمة السورية دمشق، الأحد، وممارسة مهامها بشكل رسمي بعد أن سيطرت الميليشيات الحوثية الإرهابية عليها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية بالقرب من عسقلان في جنوب إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن قبل دخوله أراضي إسرائيل، ومسيّرة آتية من الجهة الشرقية.

تحليل إخباري كان ميناء رأس عيسى قبل استيلاء الحوثيين عليه يستخدم لتصدير النفط اليمني (رويترز)

تحليل إخباري ما تأثير العقوبات الأميركية واستهداف المنشآت الاقتصادية على الحوثيين؟

بينما تسعى الولايات المتحدة لاستنزاف الجماعة الحوثية مالياً بالعقوبات وباستهداف المنشآت الاقتصادية؛ يتوقع خبراء اقتصاديون تأثيرات متفاوتة على الجماعة والسكان.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

​العليمي يؤكد جهوزية القوات المسلحة لخوض معركة الخلاص

تحدث الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني عن عناصر مشجعة لتعديل موازين القوى على الأرض في مقدمتها توافق المكونات الوطنية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي مشاهد لصاروخ سقط في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية (الإرياني)

مسؤول يمني: الحوثيون يحاولون إلصاق جرائمهم بالقوات الأميركية

أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن جماعة الحوثي تحاول إلصاق جرائمها في المناطق المدنية بالقوات الأميركية لخلق حالة من السخط تجاه العملية العسكرية الجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«لولا أميركا ما كانت»... ما دور الولايات المتحدة في قناة السويس؟

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
TT
20

«لولا أميركا ما كانت»... ما دور الولايات المتحدة في قناة السويس؟

سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)
سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز)

أثار حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «لولا أميركا لما كانت قناة السويس»، تساؤلات بشأن دور الولايات المتحدة في القناة، وما إذا كانت هناك علاقات تاريخيّة بينهما.

وكتب ترمب على منصته الاجتماعية «تروث سوشال»: «يجب السماح للسفن الأميركية، العسكرية والتجارية على السواء، بالمرور بحرّية عبر قناتَي بنما والسويس. هاتان القناتان ما كانتا لتوجَدا لولا الولايات المتحدة». وأضاف: «طلبتُ من وزير الخارجية ماركو روبيو تولي هذه القضية».

وقناة السويس هي ممر مائي صناعي بمستوى البحر يمتد في مصر من الشمال إلى الجنوب عبر برزخ السويس ليصل البحر المتوسط بالبحر الأحمر، وتعدّ أقصر الطرق البحرية بين أوروبا والبلدان الواقعة حول المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي، بحسب موقع «هيئة قناة السويس».

ويرجع تاريخ قناة السويس إلى 30 نوفمبر ( تشرين الثاني) عام 1854 بصدور «فرمان الامتياز الأول»، الذي منح الدبلوماسي الفرنسي فرديناند ديليسبس حقّ إنشاء شركة لشقّ قناة السويس، تلاه «فرمان الامتياز الثاني» في 5 يناير (كانون الثاني) عام 1856، الذي أكّد «حياد القناة».

وفي 15 ديسمبر (كانون الأول) 1858، تأسست «الشركة العالمية لقناة السويس البحرية» برأس مال قدره 200 مليون فرنك فرنسي (8 ملايين جنيه مصري آنذاك)، مقسم على 400 ألف سهم، قيمة كل منها 500 فرنك، وكان نصيب مصر 92136 سهماً، ونصيب إنجلترا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا 85506 أسهم، «غير أن هذه الدول رفضت الاشتراك في الاكتتاب، فاضطرت مصر إلى استدانة 28 مليون فرنك لشراء نصيبها، وبذلك أصبح مجموع ما تملكه مصر من الأسهم 177642 سهماً، قيمتها 89 مليون فرنك تقريباً، أي ما يقرب من نصف رأس مال الشركة»، وفقاً لموقع هيئة قناة السويس.

بدأ العمل في حفر قناة السويس في 25 أبريل (نيسان) 1859، واستغرق 10 سنوات، بتكلفة تجاوزت ضعف المبلغ المقرر، وبلغت 433 مليون فرنك.

وافتتحت القناة في 17 نوفمبر عام 1869. وفي 15 فبراير (شباط) 1875، اشترى رئيس الوزراء البريطاني من الخديوي إسماعيل، حاكم مصر آنذاك، 176602 سهماً من شركة القناة، وتنازلت الحكومة المصرية في 17 أبريل 1880 للبنك العقاري الفرنسي عن حقّها في الحصول على 15 في المائة من ربح الشركة مقابل 22 مليون فرنك، وبذلك أصبحت الشركة تحت السيطرة المالية لفرنسا وإنجلترا، الأولى تمتلك 56 في المائة من الأسهم، والثانية 44 في المائة.

وعقب احتلال بريطانيا لمصر عام 1882، بدأ الحديث عن تنظيم حرية الملاحة في قناة السويس، وأبرمت في هذا الصدد اتفاقية القسطنطينية في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1888، بين كل من فرنسا والنمسا والمجر وإسبانيا وإنجلترا وإيطاليا وهولندا وروسيا وتركيا.

وفى 26 يوليو (تموز) 1956، أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس «شركة مساهمة مصرية»، لتنتقل ملكيتها بالكامل إلى مصر.

وفي أكتوبر من نفس العام، شنّت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عدواناً ثلاثياً على مصر، أدّى إلى توقف الملاحة في القناة، وعارضت العدوان دول عدة، بينها الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. وضغط الرئيس الأميركي أيزنهاور من بريطانيا للتفاوض مع مصر، كما مارست واشنطن ضغوطاً داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أدّت إلى وقف العدوان على مصر، وانسحاب بريطانيا وفرنسا في 23 ديسمبر 1956.

وطوال تاريخها، شهدت قناة السويس عمليات توسعة وصيانة، أبرزها إنشاء قناة السويس الجديدة التي افتتحت في أغسطس (آب) 2015، وشارك في أعمال الحفر تحالف ضم شركات أميركية وإماراتية وهولندية وبلجيكية.

وربما لم يكن ترمب يعني بحديثه دور بلاده التاريخي في القناة بقدر ما يشير إلى دور واشنطن الحالي في حماية الملاحة بالبحر الأحمر عبر مواجهة جماعة الحوثي.

وبدأت الولايات المتحدة، منتصف الشهر الماضي، هجمات على جماعة «الحوثي» في اليمن، بدعوى «حماية الملاحة في البحر الأحمر»، التي تأثرت بسبب هجمات «الحوثي» على السفن رداً على استمرار الحرب في قطاع غزة.

مقاتلة تُقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تُقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وكشفت تسريبات لمحادثات بين مسؤولين أميركيين على تطبيق «سيغنال»، نشرتها مجلة «ذي أتلانتك»، الشهر الماضي، عن مخطط الهجوم على «الحوثي»، ومن بين المحادثات رسالة من مستشار الرئيس الأميركي ستيفن ميلر، قال فيها: «سرعان ما سنوضح لمصر وأوروبا ما نتوقعه في المقابل. وعلينا إيجاد طريقة لتطبيق هذا الشرط. فماذا سيحدث مثلاً إذا لم تقدم أوروبا مقابلاً؟ إذا نجحت أميركا في استعادة حرية الملاحة بتكلفة باهظة، فستكون هناك حاجة إلى مكاسب اقتصادية إضافية في المقابل».

ويرى عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية في البرلمان) الدكتور عبد المنعم سعيد أن «الحضور الأميركي في البحر الأحمر وتنفيذ هجمات ضد (الحوثي) جعل ترمب يريد من مصر أن تلعب دوراً ما أو تدفع المقابل».

ويعتقد سعيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن حديث ترمب «رسالة موجهة إلى مصر رداً على رفضها مخطط تهجير الفلسطينيين، وكذلك عدم مشاركتها بأي دور في الهجمات الأميركية على (الحوثي) في اليمن».