قصف «مجهول» يستهدف موقعاً لجماعات موالية لإيران في البوكمال السورية

عناصر لبنانية وعراقية بين القتلى والجرحى... والهدف «شحنة سلاح»

صورة لصاروخ نشرتها مجموعة تسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»
صورة لصاروخ نشرتها مجموعة تسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»
TT

قصف «مجهول» يستهدف موقعاً لجماعات موالية لإيران في البوكمال السورية

صورة لصاروخ نشرتها مجموعة تسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»
صورة لصاروخ نشرتها مجموعة تسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

تعرض موقع تدريب وشحنة سلاح لفصيل مسلح ينشط في سوريا، اليوم (السبت)، لقصف جوي «مجهول»، أسفر عن مقتل 9 عناصر، وإصابة العشرات من جنسيات مختلفة، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وجاء القصف بعد ساعات قليلة من استهداف مجموعة تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق» لقاعدة «حرير» في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق، التي تشغلها قوات أميركية ضمن مهمة «التحالف الدولي لمحاربة داعش».

وقال المرصد إن «الغارات، التي استهدفت منطقة الحدود السورية العراقية في البوكمال، استهدفت شحنة أسلحة ومواقع ومراكز تدريب»، مبيناً أنه تم «استهداف شامل لمواقع عدة في آن واحد».

ويزعم المرصد أن «إسرائيل قد تكون وراء الهجوم الأخير على قرية البوكمال، على الحدود العراقية السورية، في وقت لم تتبن القوات الأميركية العملية، كما جرت العادة في عمليات مماثلة سابقة».

وأعلن «حزب الله» اللبناني مقتل 4 من عناصره، في وقت تحدثت تقارير إخبارية أنهم قتلوا مع آخرين إثر غارة أميركية عند الحدود السورية العراقية.

ووفق بيانات الحزب، فإن القتلى هم حسن أكرم الموسوي، وحيدر محمد المزاوي، وركان علي سيف الدين، وعباس محمد العجمي.

وأفادت مواقع إخبارية بأن عناصر «حزب الله» الأربعة قتلوا عند الحدود السورية العراقية، إثر غارات جوية شنتها طائرات مجهولة يعتقد أنها أميركية.

وكان عضوان في فصيل عراقي قد تحدثا لوكالة «أسوشييتد برس» عن «3 غارات جوية على شرق سوريا، بالقرب من معبر حدودي استراتيجي مع العراق، أسفرت عن مقتل 6 مسلحين تدعمهم إيران».

وفي السياق، تحدثت مصادر ميدانية، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على الأرجح قد تكون هناك عناصر عراقية بين صفوف الجرحى، إثر الهجوم في البوكمال»، وقالت إن «الموقع يعد مركزاً لعمليات مسلحة مشتركة بين مجموعات عراقية ولبنانية، إلى جانب مسلحين سوريين».

وتنشط في تلك المنطقة جماعات عراقية مسلحة، من بينها «كتائب حزب الله» و«حركة النجباء»، التي تصعّد منذ أشهر من هجماتها ضد قواعد أميركية في العراق وسوريا.

جندي عراقي يراقب من خلال منظاره الأوضاع بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر البوكمال (رويترز)

«حرير» مرة أخرى

قالت «أسوشييتد برس» إن «الغارات أتت بعد ساعات من إعلان (المقاومة الإسلامية في العراق) هجوماً على قاعدة (حرير) العسكرية في مدينة أربيل بشمال العراق».

ولم تعلق واشنطن على الفور على الغارات، رغم أنها أعلنت أنه تم التخطيط لغارات مماثلة على مواقع مجموعات مدعومة من إيران بعد تصاعد الهجمات خلال الشهرين الماضيين.

وأعلنت فصائل عراقية، أمس (الجمعة)، مسؤوليتها عن استهداف قاعدة «خراب الجير» الأميركية في شمال شرقي سوريا.

وقالت الفصائل، التي تسمِّي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق»، إنها قصفت القاعدة برشقة صاروخية؛ رداً على الهجمات التي تشنُّها إسرائيل على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلنت المجموعة ذاتها، الخميس الماضي، أنها قصفت «هدفين إسرائيليين داخل الأراضي العراقية والسورية في عمليتين منفصلتين».

ولجأت القوات الأميركية، منذ تصاعد هجمات الميليشات في العراق، إلى «الرد السريع باستهداف مواقع على صلة بالتخطيط أو التنفيذ»، في مسعى لها لردع تلك الجماعات.

ويعتقد أن واشنطن لم تعد ترهن هذا الملف إلى الحكومة العراقية، بسبب التعقيدات السياسية التي يواجهها رئيس الوزراء مع التحالف الحاكم الذي يضم طيفاً من قوى سياسية شديدة الصلة بإيران.

ووفقاً لمعلومات استقتها «الشرق الأوسط» من دبلوماسيين أميركيين ومسؤولين عراقيين، الشهر الماضي، فإن القوات الأميركية ستنتقل إلى مرحلة «الاستجابة المباشرة والسريعة» لهجمات الفصائل الموالية لإيران، بعدما تخلت نسبياً عن «الاعتبارات السياسية» التي كانت تضعها لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتي كانت تهدف إلى «حماية الاستقرار».


مقالات ذات صلة

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

المشرق العربي عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري حل «الحشد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المشهداني لدى استقباله السفير السعودي في بغداد (البرلمان العراقي)

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

دعا رئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود المشهداني إلى إيلاء التعاون مع المملكة العربية السعودية أهمية قصوى في هذه المرحلة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جنديان عراقيان مع آلية يقفان عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن الحاجة لتطويع عشرات الآلاف بالجيش وسط تحديات أمنية إقليمية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تخشى بغداد أن يعيد «داعش» تنظيم صفوفه بعدما استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يعلن استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مساء الخميس أن البعثة الدبلوماسية العراقية «فتحت أبوابها وباشرت مهامها في دمشق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

نالت المستشفيات في جنوب لبنان، حصتها من الحرب الإسرائيلية، باستهدافات مباشرة وغير مباشرة. ومع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل، ها هي تحاول النهوض مجدداً رغم كل الصعوبات، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل أو تعمل بأقسام محددة، وتحت الخطر.

مستشفى بنت جبيل

في بلدة بنت جبيل، عاد مستشفى صلاح غندور للعمل. ويقول مدير المستشفى الدكتور محمد سليمان: «فتحنا الأبواب في اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار، بداية مع قسم الطوارئ، الذي استقبلنا فيه حالات عدّة، وقد جرى العمل على تجهيز الأقسام الأخرى، منها قسم العمليات، الذي بات جاهزاً، إضافة إلى قسمي المختبر والأشعة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ستتمّ إعادة فتح القسم الداخلي خلال أيام، أما العيادات الخارجية فتحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستقبل المرضى، وكذلك الصيدلية».

ويتحدَّث عن أضرار كبيرة أصابت المستشفى، قائلاً: «لكننا نعمل من أجل إصلاحها. قبل أن نُخلي المستشفى كان لدينا مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية، وهو ما سهّل عملنا».

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية والمسيَّرات والطائرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، يؤكد سليمان أن «المستشفى يعمل بشكل طبيعي، والأهم أن الطاقمين الطبي والإداري موجودان».

وكان المستشفى قد استُهدف بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب بإصابة 3 أطباء و7 ممرضين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تمّ حينها الإخلاء، علماً بأن محيط المستشفى قُصف لمرات عدة قبل ذلك.

لكن مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يفتح أبوابه، في حين استأنف مستشفى مرجعيون الحكومي استقبال المرضى اعتباراً من يوم الخميس، 5 ديسمبر (كانون الأول).

مستشفى ميس الجبل

«لم يُسمح لنا بالتوجه إلى ميس الجبل، لذا بقي المستشفى مقفلاً ولم نعاود فتح أبوابه»، يقول مدير الخدمات الطبّيّة في مستشفى ميس الجبل الحكومي، الدكتور حليم سعد، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «يقع المستشفى على الحدود مباشرة، أُجبرنا على إقفال أبوابه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد تمّ قصفه مرات عدة، ونحن حتّى يومنا هذا لم نتمكّن من العودة إليه»، وذلك نتيجة التهديدات الإسرائيلية المستمرة في هذه المنطقة ومنع الجيش الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى عدد من القرى، ومنها ميس الجبل.

أما مستشفى تبنين الحكومي، فإنه صامد حتّى اليوم، بعدما كان يعمل وحيداً خلال الحرب، ليغطي المنطقة الحدودية هناك كلها، علماً بأنه استُهدف مرات عدة بغارات سقطت في محيط المستشفى، كما أصابت إحدى الغارات الإسرائيلية قسمَي العلاج الكيميائي والأطفال، وأخرجتهما عن الخدمة.

النبطية

من جهتها، عانت مستشفيات النبطية طوال فترة الحرب من القصف الكثيف والعنيف في المنطقة، والدليل على ذلك حجم الدمار الهائل في المدينة وجوارها؛ ما تسبب في ضغط كبير على المستشفيات هناك.

تقول مديرة مستشفى «النجدة الشعبية» في النبطية، الدكتورة منى أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط»: «كأي حرب لها نتائج سلبية، أثرت بنا وعلينا، خصوصاً أننا في القطاع الصحي، نعيش أساساً تداعيات أزمات كثيرة، منذ قرابة 5 سنوات، منها جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والمالية؛ ما منعنا عن تطوير إمكاناتنا وتحسين الخدمات الطبية لمرضانا».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أثر نفسي

وتتحدَّث الدكتورة منى أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» عن أمور أساسية مرتبطة بتداعيات الحرب. وتقول: «نقطتان أساسيتان، لا بد من التطرق إليهما عند الحديث عمّا أنتجته الحرب الإسرائيلية، الأولى: الوضع النفسي لجميع العاملين في المستشفى، الذين مكثوا داخله طوال فترة الحرب التي استمرّت 66 يوماً على لبنان. وفور انتهاء الحرب، وجد بعضهم منزله مدمراً وأصبحت عائلته دون سقف أو مأوى، وفقد آخرون أحباباً وأقارب لهم».

وعلى خلفية هذا الواقع، لا يزال كثير من الأطباء خارج المستشفى، لإعادة تنظيم حياتهم؛ ما تسبب بنقص في الكادر البشري داخل المستشفى، وفق ما تؤكد الدكتورة منى، التي اضطرت لدمج أقسام وتسكير أخرى.

وعن يوم إعلان وقف إطلاق النار، تروي الدكتورة منى كيف كان وقع عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم: «استقبلنا 57 مريضاً في اليوم الأول، الغالبية منهم أُصيبت بوعكة صحية جراء رؤيتهم الدمار الذي حلّ بمنازلهم وممتلكاتهم».

معاناة متفاقمة

أما النقطة الثانية التي تطرّقت إليها، فإنها تتعلق بتبعات مالية للحرب أثرت سلباً على المستشفى، إذ «في الفترة الماضية تحوّلنا إلى مستشفى حرب، ولم يكن لدينا أيّ مدخول لتغطية تكلفة تشغيل المستشفى، ومنها رواتب الموظفين» حسبما تقول.

وتضيف: «لدي 200 موظف، وقد واجهنا عجزاً مالياً لن أتمكّن من تغطيته. نمرُّ بحالة استثنائية، استقبلنا جرحى الحرب وهذه التكلفة على عاتق وزارة الصحة التي ستقوم بتسديد الأموال في وقت لاحق وغير محدد، وإلى ذلك الحين، وقعنا في خسارة ولن يكون بمقدورنا تأمين كامل احتياجات الموظفين».

وعمّا آلت إليه أوضاع المستشفى راهناً، بعد الحرب، تقول: «فتحت الأقسام كلها أبوابها أمام المرضى؛ في الطوارئ وغرفة العناية وقسم الأطفال وغيرها».

وتؤكد: «رغم الضربات الإسرائيلية الكثيفة التي أصابتنا بشكل غير مباشر، ونوعية الأسلحة المستخدَمة التي جلبت علينا الغبار من مسافات بعيدة، فإننا صمدنا في المستشفى حتّى انتهت الحرب التي لا تزال آثارها مستمرة».

صور

ولا تختلف حال المستشفيات في صور، عن باقي مستشفيات المنطقة، حيث طال القصف، وبشكل متكرر، محيط المستشفيات الخاصة الموجودة هناك، وهي 3 مستشفيات: حيرام، وجبل عامل، واللبناني الإيطالي، لكنها استمرّت في تقديم الخدمة الطبية، وكذلك المستشفى الحكومي، لكنه يعاني أيضاً كما مستشفيات لبنان بشكل عام ومستشفيات الجنوب بشكل خاص؛ نتيجة أزمات متلاحقة منذ أكثر من 5 أعوام.