علماء: السكيثيون القدماء استخدموا قطعا صنعوها من الجلد البشري !

علماء: السكيثيون القدماء استخدموا قطعا صنعوها من الجلد البشري !
TT

علماء: السكيثيون القدماء استخدموا قطعا صنعوها من الجلد البشري !

علماء: السكيثيون القدماء استخدموا قطعا صنعوها من الجلد البشري !

ادعى المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت أن «السكيثيين مجموعة مرعبة ومتعطشة للدماء...كانون يدبغون جلود أعدائهم ويحولونها لجِعب لحمل السهام السكيثية، وهي إهانة مدمرة لهم».

هكذا يتهم هيرودوت السكيثيين. لكن يبدو أنه كان دقيقًا إلى حد ما في هذا الصدد؛ فلقد كشف تحليل لقصاصات الجلود التي تم الحصول عليها من مواقع الدفن السكيثية بجميع أنحاء جنوب أوكرانيا أن بعض العينات هي في الواقع من أصل بشري.

وقال فريق من علماء الآثار بقيادة لويز أورستد براندت من جامعة كوبنهاغن ان نتائج بحثهم «تظهر أن السكيثيين استخدموا في المقام الأول الأنواع المستأنسة مثل الأغنام والماعز والماشية والخيول لإنتاج الجلود، بينما كان الفراء مصنوعًا من الحيوانات البرية كالثعالب والسناجب وأنواع القطط. إلّا ان الاكتشاف المفاجئ هو وجود عينتين من جلد الإنسان، والتي تقدم لأول مرة دليلا مباشرا على ادعاء المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت بأن السكيثيين استخدموا جلود أعدائهم الموتى لتصنيع سلع جلدية تذكارية»، وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» عن مجلة «PLOS One» العلمية المعروفة.

والسكيثيون شعب غامض إلى حد ما معروف بأسلوب حياته البدوي الحربي. حكموا السهوب الأوراسية بين حوالى 700 و300 قبل الميلاد.

وقد خصص هيرودوت، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد في الوقت الذي كان فيه المجتمع السكيثي في ذروته، كتابًا كاملاً لتوثيق تاريخهم، بما في ذلك عاداتهم؛ ففي أحد الفصول يصف كيف يقوم المحاربون السكيثيون بقطع رؤوس أعدائهم لإثبات أفعالهم لملوكهم. وبمجرد الانتهاء من ذلك، يقوم المحارب السكيثي بسلخ جلد الفروة واستخدامها كمنشفة يد يعلقها بلجام جواده. وأنه كلما زاد عدد مناشف اليد التي يمتلكها المحارب، زادت المكانة الممنوحة له. مضيفا «حتى أن العديد من السكيثيين يصنعون الملابس التي يمكن ارتداؤها من فروة الرأس هذه، ويخيطونها معًا مثل المعاطف الجلدية». وغيرها من الأمور الشنيعة التي ادعاها هيرودوت في كتابه.

وفي هذا الاطار، أجرت أورستد براندت وفريقها دراستهم على 45 قطعة من الجلد تم التنقيب عنها في 14 موقعًا للدفن. إذ انه في السنوات الماضية، كان العلماء يعتمدون على تحليل حبيبات الجلد، حيث يتم تدمير الحمض النووي أثناء عملية دباغة الجلود. ولكن في الآونة الأخيرة، طور العلماء تقنيات لتحليل البروتينات الموجودة في الجلود، واستخدام تلك المعلومات لتحديد الأنواع المساهمة.

وقد تمكن الباحثون من تحديد الأنواع التي توفر معظم قصاصات الجلود. وكان معظمهما كما سبقت الإشارة إليه، من الحيوانات. وليس من الواضح استخدامها في كثير من الحالات. لكن يمكن أن يكون بعضها أحذية أو ملابس. ومع ذلك، كان من السهل التعرف على جعبتين مختلفتين للسهام أنهما صنعتا من الجلد البشري. غير أنه لم تكن الجعبتان بأكملها من الجلد البشري.

وخلص الباحثون الى القول «تساعدنا نتائجنا على البدء في النظر بكيفية استغلال السكيثيين للحيوانات؛ ليس فقط من أجل الغذاء والجر وركوب الخيل، ولكن أيضًا بالنسبة للمواد الأكثر أهمية هي الجلود. ولقد حددنا أيضًا ما يصل إلى جعبتين مكونتين جزئيًا على الأقل من جلد مشتق من الإنسان، ما يدعم ادعاء هيرودوت بأن أجزاء معينة من بعض الجعبة السكيثية كانت مصنوعة بالفعل من جلد بشري، ربما من أعداء مهزومين».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق فُسِّر اللغز لفكّ غموضه (مواقع التواصل)

هيكل عظمي لـ5 أشخاص تفصل بينهم آلاف السنوات

حلَّ علماء آثار لغز هيكل عظمي غريب من بلجيكا يتكوّن من عظام 5 أشخاص عاشوا قبل 2500 عام متفرِّقين... فكيف التقت هذه المجموعة المختلطة من العظام في هيكل واحد؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تستكشف دور التنقل في تشكيل تاريخ البشرية

تهدف ندوة العلا العالمية إلى استكشاف الدور العميق للتنقل في تشكيل تاريخ البشرية، وتأمل السرديات حول القصص المتعددة عن أثر التنقل والترحال في حياة المجتمعات.

عمر البدوي (العلا)
ثقافة وفنون الحقد الاسرائيلي على صور لم ينحصر بحدود حاضرها الراهن (أ.ف.ب)

صُور مدينة الأرجوان والأساطير والمرايا العصية على الانكسار

لأسابيع خلت ظلت مدينة صور أقرب مدن الجنوب اللبناني إلى فلسطين، تعج بعشرات الآلاف من أبنائها المقيمين،

شوقي بزيع

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».