انتخابات العراق: نتائج غير حاسمة تجبر الأحزاب الفائزة على «التوافق» أو «التنازل»

الحلبوسي والعيداني «يحكمان» الأنبار والبصرة... وأصوات «الأمن» قد ترجح كفة «الإطار»

مسؤولون في مفوضية الانتخابات العراقية خلال إعلان النتائج الأولية لمجالس المحافظات (أ.ف.ب)
مسؤولون في مفوضية الانتخابات العراقية خلال إعلان النتائج الأولية لمجالس المحافظات (أ.ف.ب)
TT

انتخابات العراق: نتائج غير حاسمة تجبر الأحزاب الفائزة على «التوافق» أو «التنازل»

مسؤولون في مفوضية الانتخابات العراقية خلال إعلان النتائج الأولية لمجالس المحافظات (أ.ف.ب)
مسؤولون في مفوضية الانتخابات العراقية خلال إعلان النتائج الأولية لمجالس المحافظات (أ.ف.ب)

حسم رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي والمحافظ أسعد العيداني سيطرتهما على المناصب المحلية في الأنبار والبصرة، وبدرجة أقل من الحسم، حقق محافظا واسط وكربلاء الحاليان نتائج وازنة في الانتخابات المحلية، التي أُعلنت نتائجها الأولية مساء الثلاثاء.

وحققت قوائم «تقدم»، و«الأنبار هويتنا»، و«قمم»، ويقودها جميعاً محمد الحلبوسي، 11 مقعداً من مجموع 16 إجمالي عدد مقاعد محافظة الأنبار (غرب).

وصار في وسع الحلبوسي، ومن دون الحاجة إلى التحالف مع بقية الجهات الفائزة، إحكام قبضته على منصبي المحافظ التنفيذي ورئيس مجلس المحافظة الرقابي، استنادا إلى القانون العراقي الذي حدد الأغلبية المطلقة (النصف + 1) لشغل المنصبين.

وينطبق الأمر ذاته على محافظ البصرة (جنوب) أسعد العيداني الذي خاض الانتخابات المحلية رئيساً لقائمة «تصميم»، وحصلت على 12 من أصل 22 مقعدا في المحافظة بحسب النتائج الأولية.

وبدرجة أقل من الحسم، يمكن الحديث عن محافظ كربلاء نصيف الخطابي الذي حصلت قائمته «إبداع كربلاء» على 6 من أصل 12 مقعداً في المحافظة، وإذا ما تمكن من إضافة مقعد آخر بعد اكتمال عمليات العد والفرز لما تبقى من الـ6 في المائة من الصناديق الانتخابية، فسيحسم هيمنته على منصبي المحافظ ورئاسة المجلس، وإلا فسيكون بحاجة إلى التحالف مع كتلة أخرى لضمان الأغلبية المطلقة.

وحصل محافظ واسط محمد جميل المياحي الذي يقود قائمة «واسط أجمل» الانتخابية على 7 من أصل 14 مقعداً لمجلس المحافظة، لكنه سيكون بحاجة إلى مقعد إضافي واحد عبر التحالف مع كتلة أخرى لضمان الحصول على الأغلبية المطلوبة.

موظفون عراقيون يفرزون أصوات الناخبين في أحد مراكز بغداد 19 نوفمبر (أ.ف.ب)

ماراثون الحكومات المحلية

باستثناء المحافظات الأربع آنفة الذكر، يتوقع أن تشهد بقية المحافظات مفاوضات طويلة وشاقة، شبيهة بما يحدث عادة لتشكيل الحكومة الاتحادية، إذن ستحتاج الكتل السياسية الفائزة إلى اتفاق نهائي لتوزيع المناصب المحلية في كل محافظة.

وفي تلك المحافظات، لم تحقق أي كتلة سياسية فوزاً صريحاً يؤهلها للاستحواذ على منصب المحافظ ورئاسة المجلس، وستكون مجبرة على التفاوض مع الآخرين لتحقيق الأغلبية المطلقة، وفي بعض المدن ونتيجة التنافس الشديد قد يستغرق هذا وقتاً طويلاً.

وغالبا ما تقوم هذه الأحزاب بعقد «صفقات محددة» لتبادل المواقع والمناصب في الحكومات المحلية، فعلى مستوى محافظات الوسط والجنوب ذات الأغلبية الشيعية، ستنحصر المنافسة بشكل أساسي بين تحالف «نبني» الذي يضم رئيس منظمة «بدر» هادي العامري وأمين عام «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، وبين ائتلاف «دولة القانون» الذي يتزعمه نوري المالكي، بالنظر لتقارب الحظوظ الانتخابية بين الطرفين.

يتوقع مصدر من ائتلاف «دولة القانون»، أن تهيمن قوى «الإطار التنسيقي» على معظم الحكومات في وسط البلاد وجنوبها.

ويقول المصدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «حتى مع التغيرات الطفيفة التي قد تحدثها عمليات العد والفرز فإن نتائج ما تبقى من صناديق التصويت الخاص البالغة 2035، ستُبقي الغلبة لقوى الإطار».

ويتوقع المصدر، أن «تجري المفاوضات على أساس إرضاء جميع الأطراف، حتى تلك التي لم تحقق نتائج كبيرة مثل تحالف عمار الحكيم، لكن (دولة القانون) وتحالف (نبني) سيكونان بحاجة ماسة حتى للمقعد الواحد للهيمنة على الحكومة والمجلس المحلي».

ويرى المصدر أن «بغداد ستشهد ماراثون مفاوضات صعبة ومعقدة بالنظر للنتائج الكبيرة التي حققتها القوى السنية، خصوصاً حزب (تقدم)، إذ بلغ عدد مقاعدها حتى الآن 21 مقعداً من أصل 49 في مجلس بغداد، وبذلك سيكون على القوى الشيعية الراغبة في خطف منصب المحافظ التنازل عن منصب رئيس مجلس المحافظة للسنة».

ويرجح المصدر أن تحدث «تعديلات طفيفة» على نتائج الانتخابات المحلية بعد إتمام فرز صناديق التصويت الخاص، لا سيما في محافظة بغداد، وقد تحصل «قوى الإطار التنسيقي» على مقاعد إضافية نظراً لطبيعة الكتلة الانتخابية داخل الأجهزة الأمنية التي غالباً ما تصوت لـ«دولة القانون» وتحالف «نبني».

ويعتقد المصدر أن «أصعب المفاوضات ستكون في المحافظات ذات النتائج الانتخابية المتقاربة بين الكتل والأحزاب، مثل محافظتي ديالى وصلاح الدين وإلى حد ما نينوى».

وحصلت «قوى الإطار التنسيقي» معا على 101 مقعد على الأقل من 285 مقعداً متاحاً في الانتخابات، مما يمنحها أكبر حصة.

ونافس أعضاء الإطار، الذي يشكل بالفعل أكبر تكتل منفرد في البرلمان العراقي، ضمن ثلاث قوائم رئيسية لكنهم قالوا إنهم سيحكمون معاً بعد الاقتراع، وهو أول اتفاق من نوعه منذ 10 سنوات.

لكنّ مراقبي الانتخابات، قالوا إن فوز قوائم أصغر تابعة للإطار التنسيقي يعني حصوله على أكثر من 101 مقعد بكثير، وفقاً لوكالة «رويترز»

ويقول المراقبون إن الفوز جاء بفضل مقاطعة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي يعد أكبر منافسي الإطار التنسيقي.


مقالات ذات صلة

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».