ما دلالات زيارة وفد مجلس الأمن الدولي معبر رفح؟

بعد «الفيتو» الأميركي ضد وقف إطلاق النار في غزة

وفد مندوبي دول مجلس الأمن لدى وصوله إلى مطار العريش (الخارجية المصرية)
وفد مندوبي دول مجلس الأمن لدى وصوله إلى مطار العريش (الخارجية المصرية)
TT

ما دلالات زيارة وفد مجلس الأمن الدولي معبر رفح؟

وفد مندوبي دول مجلس الأمن لدى وصوله إلى مطار العريش (الخارجية المصرية)
وفد مندوبي دول مجلس الأمن لدى وصوله إلى مطار العريش (الخارجية المصرية)

في خطوة عُدّت ذات «دلالات سياسية»، عقب إخفاق مجلس الأمن الدولي، الجمعة، في تبني قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بسبب «الفيتو» الأميركي، زار وفد ضم مندوبين لعدة دول أعضاء بمجلس الأمن، الاثنين، مدينتي العريش ورفح المصريتين للاطلاع على جهود الإغاثة وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة من الجانب المصري لمعبر رفح البري، وكان المندوب الأميركي أبرز الغائبين.

تجري الزيارة بتنظيم وتنسيق بين بعثتي مصر والإمارات لدى الأمم المتحدة، وفي إطار عضوية دولة الإمارات الحالية بمجلس الأمن، حسب بيان لـ«الخارجية المصرية» أوضح أن الوفد زار مدينتي العريش ورفح لـ«الاطلاع على سير العمليات الإنسانية والطبية الضخمة المقدَّمة لدعم جهود الإغاثة للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة»، بما في ذلك تفقد المساعدات والجهود الإنسانية التي ينفّذها الهلال الأحمر المصري، والدعم الطبي المقدَّم للجرحى الفلسطينيين، فضلاً عن الوقوف على «المعوقات المفروضة من الجانب الإسرائيلي» على دخول شاحنات المساعدات وإجلاء الجرحى من معبر رفح، وما تؤدى إليه من تكدس شاحنات المساعدات وتعطيل دخولها إلى القطاع، حسب البيان.

ممثل الهلال الأحمر المصري يشرح لوفد مندوبي دول مجلس الأمن آليات دخول المساعدات إلى قطاع غزة (الخارجية المصرية)

توقيت مهم

وصف السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي للخارجية المصرية، الزيارة بأنها تأتي في توقيت «مهم للغاية»، إذ يقف مجلس الأمن «عاجزاً عن اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة ووضع حد للاستهداف المستمر للمدنيين وتوفير الحماية لهم وتأمين احتياجاتهم الأساسية».

وأضاف المتحدث، في بيانه، أن الزيارة تتزامن مع الانخراط الحالي لمجلس الأمن في مناقشة مشروع القرار العربي - الإسلامي، الذي «صاغت مصر نصه الأوَّلي، لتدشين آلية فاعلة تسمح بدخول المساعدات إلى القطاع بشكل سلس وتضع حلولاً للتحديات والمعوقات القائمة المفروضة من جانب إسرائيل».

ولم يشر بيان الخارجية المصرية إلى عدد أعضاء الوفد، إلا أن مصادر ميدانية في معبر رفح، أفادت لـ«الشرق الأوسط»، بأن الوفد ضم 12 مندوباً من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس، حيث لم ترسل الولايات المتحدة ممثلاً لها في الزيارة، كما اعتذر مندوبا فرنسا والغابون عن عدم المشاركة.

وفد مندوبي دول مجلس الأمن لدى وصوله إلى مطار العريش (الخارجية المصرية)

وقالت مندوبة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، إن الهدف من الزيارة، هو «التعرف بشكل مباشر على ما هو مطلوب فيما يتعلق بتوسيع نطاق العمليات الإنسانية التي تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني في غزة»، مشيرة في تصريحات نشرتها وكالة «رويترز»، إلى أنها «ليست زيارة رسمية لمجلس الأمن».

رسائل سياسية

ويرى السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، أن الزيارة «تبعث برسائل سياسية عدة من بينها حجم الدعم الدولي الذي تحظى به الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن غياب المندوب الأميركي «يعكس إصراراً على تجاهل واشنطن للمطالب الدولية المتصاعدة بشأن وقف إطلاق النار في غزة».

وأضاف حجاج لـ«الشرق الأوسط»، أن اطّلاع مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن على حقيقة الأوضاع على الأرض، والاستماع مباشرةً من ممثلي الهلال الأحمر المصري والمنظمات الإغاثية حول طبيعة الأوضاع التي يعانيها المدنيون في غزة، وكذلك اطّلاعهم على العراقيل التي تضعها إسرائيل للحيلولة دون دخول المساعدات الإنسانية باستدامة وبكميات كافية، من شأنه أن يوفر فرصة أفضل لتحرك أنشط داخل أروقة مجلس الأمن والأمم المتحدة عبر تكثيف الضغوط وتسليط الضوء على حجم الأزمة الإنسانية في القطاع.

بموازاة ذلك، وصل وفد فلسطيني رفيع المستوى إلى العريش ورفح، للقاء وفد أعضاء مجلس الأمن. ووفق بيان للسفارة الفلسطينية بالقاهرة، يضم الوفد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير التنمية الاجتماعيةـ أحمد مجدلاني، ووزيرة الصحة مي الكيلة، ورئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يونس الخطيب.

كانت السلطات المصرية قد خصصت مطار وميناء العريش لاستقبال المساعدات الدولية لسكان قطاع غزة، حيث يجري إدخالها عبر الجانب المصري من معبر رفح، قبل أن تفتشها إسرائيل في معبر «نتسانا» المقابل لمعبر العوجة على بُعد 40 كم من رفح.

وحسب تقديرات مؤسسات الأمم المتحدة، فإن الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة «أُجبروا على النزوح من ديارهم»، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لمجلس الأمن، الجمعة، إن «نصف سكان الشمال وأكثر من ثلث النازحين في الجنوب يتضورون جوعاً».

وحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن 100 شاحنة تحمل إمدادات إنسانية كانت تدخل يومياً إلى غزة من مصر، خلال الأيام الثلاثة الماضية. وأشار المكتب إلى أن هذا العدد «أقل بكثير» من المتوسط اليومي البالغ 500 حمولة شاحنة شاملة الوقود كانت تدخل قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول)، فيما انتقدت مصر أكثر من مرة وضع إسرائيل عراقيل تَحول دون دخول شاحنات المساعدات بكميات كافية.


مقالات ذات صلة

دحلان يجدد رفضه تولي دور أمني أو حكومي في غزة

المشرق العربي القيادي الفلسطيني محمد دحلان (صفحته عبر «فيسبوك»)

دحلان يجدد رفضه تولي دور أمني أو حكومي في غزة

قال القيادي الفلسطيني محمد دحلان، اليوم (الخميس)، إن وقف الحرب هو الأولوية القصوى، مجدداً رفضه تولي أي دور أمني أو حكومي في غزة.

«الشرق الأوسط» (دبي )
المشرق العربي أشخاص يسيرون في شارع بجوار المباني التي دُمرت خلال القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة في 23 يوليو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

دراسة: عدد القتلى في غزة كان دقيقاً إلى حد كبير في الأيام الأولى للحرب

وجدت دراسة جديدة تحلل الأيام الـ17 الأولى من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، أن أرقام وزارة الصحة بغزة بشأن القتلى في الأيام الأولى للحرب كانت ذات مصداقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس... 22 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

هل ينبئ موقف هاريس بشأن حرب غزة بتحول محتمل عن سياسة بايدن؟

يؤشر موقف هاريس الصريح بشأن حرب غزة إلى تحول محتمل عن سياسة جو بايدن تجاه إسرائيل بينما تتطلع نائبة الرئيس الأميركي إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي ناشط يلصق لافتة على عمود إنارة احتجاجاً على الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وخطابه أمام الكونغرس في واشنطن (رويترز)

نتنياهو يقول إن الاتفاق في غزة قريب

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لعائلات رهائن محتجزين في قطاع غزة إن التوصل إلى اتفاق مع حركة «حماس» أصبح قريباً.

كفاح زبون (رام الله)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في طوكيو 8 نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

الخارجية الأميركية تنتقد قرار محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي

أصدرت الخارجية الأميركية هذا اليوم السبت بياناً بشأن قرار محكمة العدل الدولية بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
TT

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

ارتفع منسوب الريبة في أوساط القطاع المالي المحلي من الإمعان الحكومي في انتهاج سياسة «عدم الاكتراث» إزاء الخروج المتدرج والمستمر للبلد ومؤسساته من الأسواق المالية الدولية، والمعزّز بتوسع ظاهرة حجب الترقبات والبيانات المالية الخاصة بلبنان واقتصاده من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية.

ولا يتردد مسؤول مصرفي كبير في التحذير من بلوغ مرحلة السقوط المتسارع إلى قعر «عدم اليقين»، حسب وصفه، الذي لا تقل تداعياته خطورة عن الانغماس في دوامة الانهيارات النقدية والمالية الجسيمة التي أعقبت القرار الحكومي في ربيع عام 2020 بإشهار التعثر غير المنظّم مع الدائنين عن دفع مستحقات سندات دين دولية (يوروبوندز)، والمستتبع قانونياً باستحقاق كامل محفظة الدين العام من هذه السندات البالغة نحو 30 مليار دولار، والمبرمجة في إيفاء فوائدها وأقساطها لغاية عام 2037.

إهمال غير مفهوم

وحسب المصرفي الذي تواصلت معه «الشرق الأوسط»، ليس من المفهوم بتاتاً عدم رصد أي رد فعل من السلطة التنفيذية والوزارات المعنية، وإهمال تقدير الأضرار الكارثية على المديين القريب والمتوسط، جراء تدحرج كرة رفع بيانات لبنان وتوقعاته الاقتصادية من التقارير الدورية للمؤسسات الدولية، والمعوّل عليها أساساً لمعاونته على تحديد معالم مسار الخروج من نفق الأزمات النظامية التي تشرف على ختام عامها الخامس على التوالي.

وفي الوقائع، أفادت وكالة التصنيف الدولية «فيتش» بأنّها ستتوقف عن إصدار تصنيفات خاصة بلبنان، بسبب عدم وجود إحصاءات مالية ونقدية كافية، مشيرة في تقريرها إلى أنّ أحدث الإحصاءات المالية تعود إلى عام 2021، في حين حاز صندوق النقد الدولي الأسبقية بحجب بيانات لبنان وترقباته للعام الحالي، وتلاه البنك الدولي بإزالة هذه البيانات بدءاً من العام المقبل.

ويشكل غياب الاحصاءات والتوقعات الخاصة بأي بلد واقتصاده من قبل أبرز المؤسسات الدولية، وفق المسؤول المعني، فجوة حقيقية وغير قابلة للتعويض في مخاطبة المانحين الدوليين والمستثمرين الذي يعتمدون التقارير المنجزة كمرجع موثوق لقراراتهم، لا سيما لجهة شمولها بيانات الناتج المحلي والمالية العامة وسائر المؤشرات الحيوية الشاملة لميزان المدفوعات والميزان التجاري، فضلاً عن ميزانيات القطاع المالي وسواه من إحصاءات وتوقعات مستقبلية.

ضبابية وقلق متزايد

وقال مسؤول مالي معني بالملف لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار الأحدث للبنك الدولي بحجب لبنان عن ترقباته، يعكس مدى ارتفاع منسوب المخاطر وكثافة الضبابية التي تكتنف الأوضاع الداخلية، لا سيما التمادي في تأخير انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والشكوك المستمرة حول فاعلية الحكومة المستقيلة منذ أكثر من عامين.

ويزيد من تفاقم التداعيات المتوقعة لحجب بيانات لبنان، وارتكازه أساساً إلى التعميق المستمر لواقع الضبابية الكثيفة والغموض غير البناء الذي تتوافق المرجعيات المالية الدولية ومؤسسات تقييم الجدارة الائتمانية على إبراز مخاطره، الارتفاع المتجدد لمستوى القلق من نفاد المهل المتكررة التي منحتها مجموعة العمل المالي الدولية للبنان لإحراز تقدم ملموس في معالجة أوجه القصور التي يعانيها في مكافحة غسل (تبييض) الأموال.

وتشير المعطيات المتلاحقة في هذا الصدد إلى اقتراب لبنان مجدداً من الانزلاق إلى خفض تصنيفه السيادي وإدراجه ضمن القائمة «الرمادية» خلال الاجتماع الدوري للمجموعة في الخريف المقبل، في حال لم يتم الالتزام سريعاً بحزمة من التدابير ذات الأبعاد القانونية والقضائية الخاصة بسد قنوات مشبوهة للفساد والتقصير في المحاسبة، رغم الإقرار بسلامة الاستجابة المطلوبة من قبل مؤسسات القطاع المالي، والتقدير الظرفي بصعوبة الالتزام بإجراءات ذات أبعاد سياسية.

جهود منصوري الخارجية

ويبذل حاكم البنك المركزي (بالإنابة) وسيم منصوري جهوداً خارجيةً مكثفةً للحصول على مهلة جديدة، بموازاة تحركات داخلية وقرارات متتالية له بوصفه رئيساً لهيئة التحقيق الخاصة المولجة مهام مكافحة الجرائم المالية، وبما يشمل الضبط المحكم للكتلة النقدية والحد من المبادلات الورقية (الكاش)، وتجميد حسابات مشبوهة لمسؤولين سابقين مدنيين وغير مدنيين، وتزويد القضاء المحلي والخارجي بما يطلب من وثائق أو بيانات ذات صلة بشبهات مالية وبملاحقات قائمة بالفعل.

ويشدّد منصوري في اجتماعاته الداخلية والخارجية، آخرها مع كبار المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية وصندوق النقد والبنك الدوليين، على أولوية تفعيل المحاسبة عبر القضاء والشروع بالإصلاحات البنيوية في الدولة وتحديث الإدارة، ضمن المرتكزات الأساسية لتصحيح الانحرافات وتحديد طريق التعافي والنهوض.