إردوغان: تركيا لا تعد اليونان عدواً

عشية زيارته لأثينا لحضور اجتماعات «مجلس التعاون الاستراتيجي»

إردوغان وميتسوتاكيس خلال لقاء جمعهما على هامش قمة «الناتو» في ليتوانيا في 12 يوليو 2023 (أ.ب)
إردوغان وميتسوتاكيس خلال لقاء جمعهما على هامش قمة «الناتو» في ليتوانيا في 12 يوليو 2023 (أ.ب)
TT

إردوغان: تركيا لا تعد اليونان عدواً

إردوغان وميتسوتاكيس خلال لقاء جمعهما على هامش قمة «الناتو» في ليتوانيا في 12 يوليو 2023 (أ.ب)
إردوغان وميتسوتاكيس خلال لقاء جمعهما على هامش قمة «الناتو» في ليتوانيا في 12 يوليو 2023 (أ.ب)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده لم تنظر إطلاقا إلى جارتها اليونان على أنها عدو أو خصم، على الرغم من وجود خلافات بينهما. وكرر إردوغان أن هناك الكثير من القضايا العالقة بين تركيا واليونان، وأن البلدين يدركان ذلك، وعد أن «السماح أو عدم السماح لهذه المشكلات بإثارة التوتر بين الحكومتين والشعبين هو بيد البلدين أيضا».

جاءت تصريحات الرئيس التركي في إطار مقابلة مع صحيفة «كاثيميريني» اليونانية، عشية زيارته لأثينا لحضور اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى الذي يعقد برئاسته ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.

نهج الحوار

وأشار إردوغان إلى حديثه أخيرا عن فتح صفحة جديدة، وعن مبدأ «رابح - رابح» في العلاقات بين البلدين الجارين. كما عبّر في تصريحات، السبت الماضي، عن أمله في أن تفتح اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي الباب أمام «عهد جديد في العلاقات والتعاون بين البلدين». وقال: «بالطبع لدينا اختلافات في الرأي، وهناك قضايا عميقة لا يمكن حلها دفعة واحدة، لكننا سنذهب إلى أثينا بمنهج رابح للجانبين. هناك، سنناقش علاقاتنا الثنائية والعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي من أجل اتخاذ قرارات تليق بروح العهد الجديد».

واتهم إردوغان أطرافا أخرى، لا سيما الولايات المتحدة، بمحاولة تأجيج الخلافات بين تركيا واليونان. وقال: «ما يغضبنا هو أن بعض الأطراف، خاصة الولايات المتحدة، تحاول تأليبنا ضد بعضنا بعضا، وتأجيج الخلافات... على سبيل المثال، في حين أننا لا نحصل على طائرات (إف 16) الأميركية، على الرغم من أننا دفعنا ثمنها، لا تزال اليونان تحصل عليها. وأميركا ترسل قواتها وذخيرتها إلى اليونان... أعتقد أننا لسنا في موقف أن نتراجع لمجرد أن أميركا تفعل ذلك، يمكننا زيارة جارتنا والجلوس والتحدث معا».

مصافحة بين إردوغان وميتسوتاكيس على هامش قمة «الناتو» في ليتوانيا في 12 يوليو 2023 (رويترز)

وقال إردوغان، في تصريحاته للصحيفة اليونانية التي نشرت الأربعاء، إن مبدأ «رابح - رابح» هو أصلا يكمن في جوهر النهج الذي تتبعه تركيا في العلاقات الدولية والدبلوماسية. ولفت إلى أن معالجة الخلافات (بين تركيا واليونان) من خلال الحوار، والالتقاء على أرضية مشتركة، سيعود بالفائدة على الجميع، لافتا إلى أن البلدين اكتسبا مؤخرا زخما جيدا بشأن تشكيل علاقاتهما في إطار هذا النهج. وأضاف أن «قنوات الحوار بيننا مفتوحة وتعمل على جميع المستويات، وحركة زياراتنا المتبادلة مكثفة كذلك، ونمتلك الرغبة في تطوير تعاوننا في كثير من المجالات المهمة لبلدينا ومنطقتنا على أساس الثقة المتبادلة». وتابع: «الآن، تقع على عاتق كلا الطرفين مسؤولية تعزيز هذا النهج وإضفاء الطابع المؤسسي عليه والارتقاء به أكثر»، معرباً عن اعتقاده بأن رئيس الوزراء اليوناني لديه أيضا الإرادة ذاتها».

وقال إردوغان إن هذه النية المشتركة ستسجل بكل وضوح بفضل الإعلان المتعلق بالعلاقات الودية وحسن الجوار المزمع توقيعه في أثينا الخميس.

تقارب بعد الزلزال

وتأتي زيارة إردوغان لليونان في وقت شهدت فيه العلاقات بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، استئنافا لاجتماعات بناء الثقة، والمشاورات السياسية حول القضايا والملفات العالقة بينهما، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، بعدما توترت بشكل كبير بسبب عمليات التنقيب التركية عن الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، وارتفاع وتيرة التوتر على الجزر المتنازع عليها في بحر إيجه.

ودفع تضامن اليونان مع تركيا في كارثة زلزال 6 فبراير (شباط) الماضي، باتجاه التقارب بينهما، والتقى إردوغان وميتسوتاكيس على هامش قمة الناتو في يوليو (تموز)، وبعدها استؤنفت المشاورات السياسية بين البلدين، ثم التقيا مجددا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي حيث اتفقا على عقد اجتماع مجلس التعاون التركي اليوناني رفيع المستوى، بعدما أعلن إردوغان قبل أشهر تجميد المجلس بسبب تصاعد التوتر في جزر متنازع عليها في بحر إيجه؛ هدد باجتياحها عسكرياً.

ارتياح أوروبي

من جانبه، عبّر الاتحاد الأوروبي، في تقرير صدر عن المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي حول «حالة العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا»، عن ارتياحه للهدوء في منطقة شرق البحر المتوسط بعد التوتر الذي ساد مع تركيا عامي 2019 و2020 بسبب التنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة.

دورية أمنية قرب جدار حدودي بين اليونان وتركيا في 30 أكتوبر 2022 (أ.ب)

وبشأن قضية المهاجرين غير الشرعيين، التي تثير توترا من وقت لآخر بين تركيا واليونان، لفت إردوغان إلى ازدياد حركة الهجرة في العالم لأسباب عدة، أبرزها عدم الاستقرار السياسي، ما أدى إلى زيادة انتشار الشبكات الإجرامية التي تستغل ذلك وتحقق مكاسب عالية جدا من الهجرة غير القانونية. وأكد أنه لا يمكن لدولة مكافحة الهجرة غير القانونية بمفردها، واصفا المشكلة بأنها «امتحان مشترك» للدول يستدعي جهودا مشتركة. وشدد إردوغان على ضرورة دعم الاتحاد الأوروبي لتركيا في هذا الشأن، وضرورة تقاسم الأعباء والمسؤوليات واتخاذ خطوات مشتركة لمنع الهجرة من مصدرها.

وأوضح أن مكافحة الهجرة يجب ألا تقتصر على التعاون بين تركيا واليونان في بحر إيجه، إنما هناك حاجة إلى كفاح واسع النطاق، يتطلب مشاركة المجتمع الدولي بأكمله.

وتتهم تركيا الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بتعهداته بموجب اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقعة بينهما في 18 مارس (آذار) 2016، ويطالب بتحديثها، وتؤيد اليونان المطلب التركي في هذا الشأن.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي» (الشاباك) رونين بار (وسائل إعلام إسرائيلية)

رئيس الشاباك زار تركيا للدفع بمفاوضات الأسرى مع «حماس»

كُشف النقاب عن زيارة سرية قام بها رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، إلى أنقرة، السبت الماضي، التقى خلالها مع رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم قالن.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث في مناقشة قمة خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في ليما ببيرو 15 نوفمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذر تركيا من استضافة قيادات «حماس»

حذرت الولايات المتحدة اليوم الاثنين تركيا من استضافة قيادات حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان «خلال أيام»

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان «خلال أيام»

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (رويترز)

قال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل هرتزوغ إن إسرائيل على بُعد أيام من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع «حزب الله».

أضاف هرتزوغ، في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين: «نحن قريبون من الاتفاق. يمكن أن يحدث ذلك في غضون أيام».

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي، في وقت سابق اليوم، بأن إسرائيل ولبنان على وشك التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لإنهاء الصراع بين الدولة العبرية و«حزب الله».

وقال مسؤول إسرائيلي كبير، للموقع، إن نتنياهو عقد اجتماعاً بشأن محادثات وقف إطلاق النار، أمس، ضمّ عدداً من كبار الوزراء ورؤساء المخابرات، مشيراً إلى أنه جرى اتخاذ قرار بالتحرك نحو الاتفاق، وأن الإعلان قد يأتي هذا الأسبوع.

وقال مسؤول إسرائيلي ثانٍ حضر الاجتماع إن «الاتجاه إيجابي»، لكن عدداً من القضايا لا يزال دون حل، ولم يجرِ الانتهاء من الصفقة.

وقال مسؤولان أميركيان كبيران، على دراية مباشرة بالقضية، إن الطرفين يقتربان من التوصل إلى اتفاق، لكنه لم يكتمل.

وتتضمن مسوَّدة اتفاق وقف إطلاق النار فترة انتقالية مدتها 60 يوماً ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وينتشر الجيش اللبناني في المناطق القريبة من الحدود، وينقل «حزب الله» أسلحته الثقيلة إلى شمال نهر الليطاني.

كما تتضمن لجنة إشرافية، بقيادة الولايات المتحدة، لمراقبة التنفيذ ومعالجة الانتهاكات. وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون إن واشنطن وافقت على إعطاء إسرائيل ضمانات تتضمن دعمها العمل العسكري الإسرائيلي ضد التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانية، واتخاذ إجراءات لتعطيل إعادة تأسيس الوجود العسكري لـ«حزب الله» بالقرب من الحدود أو تهريب الأسلحة الثقيلة.

وبموجب الاتفاق، ستتخذ إسرائيل مثل هذا الإجراء، بعد التشاور مع الولايات المتحدة، إذا لم يتعامل الجيش اللبناني مع التهديد.

وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن الاتفاق كان يقترب من الاكتمال، الخميس الماضي، لكنه تزامن مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.

ووفقاً للموقع، أثار إعلان وزارة الخارجية الفرنسية عزمها على تنفيذ حكم المحكمة غضبَ نتنياهو، الأمر الذي ألقى بظلاله على المفاوضات، حيث كانت لبنان تريد أن تكون فرنسا جزءاً من لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق.

ولفت مسؤولون إسرائيليون إلى أن نتنياهو سيحتاج إلى طرح أي اتفاق للتصويت في مجلس الوزراء الأمني. ومن المتوقع أن يصل المسؤول الأعلى للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، دان شابيرو، إلى إسرائيل، اليوم، حيث سيلتقي وزير الدفاع يسرائيل كاتس ومسؤولين إسرائيليين آخرين.

وعاش لبنان وإسرائيل، أمس، يوماً عنيفاً من الغارات والصواريخ؛ إذ شنّت إسرائيل عشرات الغارات، بعضها على ضاحية بيروت الجنوبية وفي الجنوب، حيث مسحت حياً بأكمله، في حين وسّع «حزب الله» استهدافاته للأراضي الإسرائيلية وصولاً إلى تل أبيب ومحيطها، مطلقاً نحو 300 صاروخ.