وكيل الذكاء الاصطناعي الخصوصي: هل نحن جاهزون له؟

يتمتع بقدرات مبهرة ومفيدة جداً... قد تكون خطرة

صورة توضيحية لروبوتات الذكاء الإصطناعي و«تشات جي بي تي»
صورة توضيحية لروبوتات الذكاء الإصطناعي و«تشات جي بي تي»
TT

وكيل الذكاء الاصطناعي الخصوصي: هل نحن جاهزون له؟

صورة توضيحية لروبوتات الذكاء الإصطناعي و«تشات جي بي تي»
صورة توضيحية لروبوتات الذكاء الإصطناعي و«تشات جي بي تي»

عند النظر إلى تاريخ روبوتات المحادثة الحديثة، نلاحظ أنّه ينقسم إلى مرحلتين. بدأت الأولى العام الماضي مع إطلاق «تشات جي بي تي»، ولا تزال مستمرّة حتّى يومنا هذا، وترتكز بشكلٍ أساسي على روبوتات محادثة قادرة على الحديث عن كلّ شيء.

هذه القدرة مبهرة ومفيدة جداً ولكنّها في الواقع ليست إلّا مقدّمة للمرحلة التالية: الذكاء الاصطناعي القادر حقاً على القيام بأشياء مطلوبة منه.

مهمات وكلاء الذكاء الاصطناعي

تزعم شركات التقنية أنّ ما يُسمّى «وكلاء» الذكاء الاصطناعي «AI agents» سيكونون قريباً قادرين على إرسال الرسائل الإلكترونية، وجدولة المواعيد، وتثبيت حجوزات المطاعم وبطاقات الطائرة، والقيام بمهام معقّدة كـ«التفاوض على علاوة مالية مع ربّ العمل» أو «شراء هدايا عيد الميلاد لجميع أفراد العائلة».

بدت هذه المرحلة، التي لا تزال بعيدة، أقرب قليلاً منّا في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي عندما أعلنت «أوبن إي آي.»، الشركة المطوّرة لروبوت «تشات جي بي تي»، أنّ المستخدمين يستطيعون اليوم ابتكار روبوتات المحادثة الخاصّة بهم.

أدوات شخصية مبرمجة

بعد لمحة مبكرة على هذه الروبوتات، التي أسمتها الشركة GPTs، التي ستصبح متوفرة لزبائنها ومشتركي خدمة «تشات جي بي تي بلاس»، وجدنا أنّها تختلف عن «تشات جي بي تي» التقليدي بأمور قليلة ولكن مهمّة.

أولاً - برمجة لمهمات محددة

برمجت الروبوتات الشخصية الجديدة للقيام بمهام محدّدة - مثلاً، تشمل ابتكارات «أوبن إي آي» روبوت «مدرّب الكتابة الإبداعية» «Creative Writing Coach» وروبوت «خالط الموكتيل» «Mocktail Mixologist» الذي يقترح على مستخدمه مشروبات غير كحولية.

ثانياً - سحب ودمج البيانات

تستطيع هذه الروبوتات سحب ما تريد من البيانات الخاصّة كمستندات الموارد البشرية في أيّ شركة، أو قاعدة بيانات للوائح العقارية، وأن تدمج هذه البيانات في استجاباتها. ثالثاً، إذا سمحتم لها، تستطيع هذه الروبوتات الاتصال بأجزاء أخرى من حياتكم الإلكترونية كالرزنامة، ولائحة المهام، وحساب «سلاك»، ومن ثمّ التحرّك باستخدام بياناتكم الثبوتية.

صورة توضيحية لروبوتات الذكاء الإصطناعي و«تشات جي بي تي»

* عناصر خبيثة قد تبتكر عمداً ذكاءً اصطناعياً فاسداً لخدمة أهداف خطرة *

مزايا عظيمة ومخاوف من الكوارث

هل يبدو لكم الأمر مخيفاً؟ لأنّه كذلك فعلاً. فإذا سألتم بعض باحثي سلامة الذكاء الاصطناعي، سيقولون لكم إنّهم يخشون منح روبوتات المحادثة المزيد من الاستقلالية؛ لأنّ خطوة كهذه قد تؤدّي إلى كارثة. وكانت منظّمة «مركز سلامة الذكاء الاصطناعي» البحثية غير الربحية، قد وضعت هذا العام الوكلاء المستقلّين على لائحة «مخاطر الذكاء الاصطناعي» الكارثية؛ عازيةً الأمر إلى «العناصر الخبيثة التي قد تبتكر عمداً ذكاءً اصطناعياً فاسداً لخدمة أهداف خطرة».

ولكنّ المساعدين المدعومين بالذكاء الاصطناعي قادرون فعلاً على أداء مهام مفيدة للنّاس، حتّى أنّ الزبائن التجاريين (الشركات) يتوقون لتدريب روبوتات المحادثة باستخدام بياناتهم الخاصّة. وهناك من يحاجج أيضاً بأنّ الذكاء الاصطناعي لن يصبح مفيداً حقاً قبل أن يستطيع فعلاً فهم مستخدميه – أساليبهم في التواصل، وما يحبّون وما لا يحبّون، وما يبحثون عنه ويشترونه عبر الإنترنت.

إذن، ها نحن اليوم، نسارع إلى عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي المستقلّين - ولا عزاء للمعترضين!

عروض لأعمال آمنة

لنكن منصفين، لا بدّ من الاعتراف بأنّ روبوتات «أوبن إي آي» ليست خطرة. فقد شاهدتُ عرضاً لأكثر من نموذج GPT خلال مؤتمر المطوّرين الذي أقامته الشركة أخيراً في سان فرنسيسكو، ظهرت خلاله وهي تؤدّي مهام غير مؤذية كتلوين رسومات الأطفال وشرح قواعد لعب الورق.

لا تستطيع هذه الروبوتات الشخصية القيام بالكثير بعد، حيث إنّ أداءها لا يتعدّى البحث في المستندات والاتصال مع التطبيقات الشائعة. شاهدتُ في واحدٍ من العروض أحد موظّفي «أوبن إي آي» يطلب من روبوت GPT البحث عن اجتماعات متضاربة المواعيد في رزنامته في «غوغل» وإرسال رسالة عبر تطبيق «سلاك» لربّ عمله. وشاهدتُ عرضاً آخر على المسرح، عمد فيه سام ألتمان، الرئيس التنفيذي (السابق) لـ«أوبن إي آي» إلى ابتكار روبوت محادثة أسماه «مرشد الشركة الناشئة»، ومهمّته تقديم النصائح للمؤسسين الطامحين باستخدام ملف خطاب كان قد ألقاه العام الماضي.

قد تبدو هذه المهام كحيَل لجذب الاهتمام، إلّا أنّ فكرة تخصيص روبوتات المحادثة والسماح لها بالتحرّك نيابة عنّا تمثّل خطوة مهمّة في ما يسمّيه ألتمان استراتيجية «أوبن إي آي» «للتوظيف التدريجي المكرّر»، أي إدخال تحسينات طفيفة على الذكاء الاصطناعي بمسار سريع بدل إحداث قفزات كبيرة بفوارق زمنية طويلة.

اختبارات مساعد ذكي شخصي

بعدما منحتني «أوبن إي آي» وصولاً مبكراً لمبتكر روبوت GPT الشخصي، أمضيت أيّاماً عدّة ألهو به.

كان «مساعد في الحضانة» «Day Care Helper» أوّل روبوت محادثة مخصّص ابتكرته لنا شخصياً، وهو عبارة عن أداة للإجابة عن أسئلة بخصوص حضانة ابني. فكأبٍ يعاني قلّة النوم ويجد صعوبة في تصفّح دليل الأهل في كلّ مرّة، دائماً ما أنسى بعض التفاصيل، كما إذا كان يمكننا إرسال وجبة خفيفة مع الفول السوداني (وهو أحد مسببات الحساسية لدى بعض الأطفال) أم لا، وما إذا كانت الحضانة مقفلة أو مفتوحة في بعض الأعياد.

لهذا السببّ؛ حمّلت دليل الأهل على أداة ابتكار الروبوت GPT، وفي غضون ثوانٍ، أصبح لديّ روبوت محادثة يمكنني استخدامه بسهولة للبحث عن إجابات على أسئلتي. كان أداؤه مبهراً لا سيّما بعد تغيير التعليمات لإفهامه أنّه من المفترض أن يعطي إجابات مستخدِماً المعلومات المتوفر في الدليل، لا أن يبتكر إجابات لأسئلة لم يعالجها الدليل.

أسميتُ الروبوت الثاني «نصيحة الجدّ رووز المالية» الذي اعتمد على مستند آخر: كتيّب من 23 صفحة يضمّ نصائح كتبها جدّي، الخبير الاقتصادي الشغوف في دراسة الأسهم وصاحب الخبرة الطويلة في التخطيط المالي. أستخدم هذا الكتيّب عند الحاجة، ولكنّني تساءلتُ ما إذا كان سيلهمني أكثر إذا ما وضعته في روبوت محادثة.

حمّلتُ نصّ الكتيّب، وفي أقلّ من خمس دقائق، أصبح لديّ روبوت محادثة يردّد لي نصيحة جدّي المالية ويجيب على أسئلتي. (ولو أنّه في بعض الأماكن انزلق من كلام جدّي وعاد إلى أسلوب «تشات جي بي تي» في الحديث عن الأمور المالية).

لم يكن أداء أيّ من روبوتات المحادثة خاصتي مثالياً وعجزت جميعها عن أداء الكثير من المهام. ولكن إذا دقّقنا في الفكرة وطريقة عمل هذه الأدوات، سيتبيّن لنا نوع الأعمال التي قد يقوم بها وكيل الذكاء الاصطناعي إذا ما أصبح متقناً.

عواقب الذكاء الاصطناعي

في المقابل، ينطوي تعزيز استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعي، ومنحهم الوصول إلى بياناتنا الشخصية، ووضعهم في قلب كلّ تطبيق نستخدمه، على تبعات وعواقب مقلقة جداً. وإذا صحّت التوقعات، سيتمكّن الذكاء الاصطناعي قريباً جداً من معرفتنا بعمق أكثر، وفي بعض الحالات، سيعرفنا أكثر ممّا نعرف أنفسنا وسيكون قادراً على القيام بأفعال معقّدة مع أو من دون إشرافنا.

وإذا صحّت مزاعم «أوبن إي آي»، قد نكون على مشارف الانتقال إلى عالمٍ يكون فيه الذكاء الاصطناعي شريكاً أقلّ إبداعاً، بل يصبح توسعاً سيليكونياً لنا نحن البشر، يأتي على شكل أدمغة صناعية قادرة على التنقّل حول العالم لجمع المعلومات والتصرّف نيابة عنّا. إذا كنتم غير جاهزين تماماً لهذا العالم بعد، ننصحكم بأن تبدؤوا بتهيئة أنفسكم له.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».