«الاستدامة» تظهر كمفهوم جديد نحو تحقيق نجاح عالمي للابتكارات الجديدة

تقرير «لاندور آند فيتش» يؤكد أهمية برامج إعادة التدوير وتبني مبادئ الاقتصاد الدائري

مارياغرازيا دي أنخيليس المدير العام  لشركة «لاندور آند فيتش» في الشرق الأوسط وأفريقيا
مارياغرازيا دي أنخيليس المدير العام لشركة «لاندور آند فيتش» في الشرق الأوسط وأفريقيا
TT

«الاستدامة» تظهر كمفهوم جديد نحو تحقيق نجاح عالمي للابتكارات الجديدة

مارياغرازيا دي أنخيليس المدير العام  لشركة «لاندور آند فيتش» في الشرق الأوسط وأفريقيا
مارياغرازيا دي أنخيليس المدير العام لشركة «لاندور آند فيتش» في الشرق الأوسط وأفريقيا

أظهر تقرير حديث أهمية مفهوم الاستدامة عندما يتعلق الأمر بالابتكار، حيث يعدّ اتباع نهج الاستدامة في العمل والابتكارات بمختلف مفاهيمها أمراً ضرورياً لمراعاة المصالح العالمية.

وقال التقرير الصادر من شركة «لاندور آند فيتش» في الشرق الأوسط وأفريقيا: إن النظام العالمي الحالي يتطلب من الشركات والعلامات التجارية خلال رحلة سعيهم لتحقيق النجاح، مراعاة مصالح الكوكب.

وبحسب التقرير، فإن الأمم المتحدة تعرّف الاستدامة بأنها «تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة»، مشيراً إلى أن على الشركات أن تضع في الحسبان أثناء ابتكار منتجاتهم أو خدماتهم الجديدة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ضمان الاستدامة كشرط أساسي في تصميم أي حلول جديدة.

استدامة الأعمال التجارية

وقالت مارياغرازيا دي أنخيليس، المدير العام لشركة «لاندور آند فيتش» في الشرق الأوسط وأفريقيا: إن اعتماد الاستدامة في الأعمال التجارية يتطلب تكاليف ونفقات مسبقة وتغييرات في الممارسات التقليدية. وقالت: «على الرغم من ذلك، فإن نتائج هذه النهج على المدى البعيد تفوق تلك النفقات الأولية بدرجات كبيرة».

وأوضحت، أن الشركات التي تستخدم تكنولوجيا فعالة في ترشيد استخدام الطاقة وحلول الطاقة المتجددة تقلل من استهلاك الطاقة؛ مما يجعلها تضمن استقرار التكاليف على المدى الطويل، مشيرة إلى أن الشركات بتنفيذها تدابير التقليل من النفايات، فإنها تقلل تكاليف كل من المواد والتخلص منها، وتساهم في خلق اقتصاد دائري متماسك.

زيادة الوعي

ولفتت إلى أنه تزايد في الآونة الأخيرة الطلب على المنتجات والخدمات المستدامة بسبب زيادة الوعي لدى المستهلكين بشأن تغير المناخ وارتباطهم بذلك، وقالت: «يعد هذا الازدياد فرصة للعلامات التجارية للاستفادة من هذه الأسواق المتنامية واكتساب خطوة تنافسية إضافية باستثمارهم في هذا القطاع، ليس ذلك فحسب، بل تعزز هذه الخطوة سمعة العلامة التجارية وولاء العملاء لها بإظهارها الاهتمام اتجاه مسؤولياتها البيئية والاجتماعية».

وتطرقت إلى إن مبادرة الأعمال التجارية في النُهج المستدامة تظهرها مسؤولة وتعزز ارتباطها الإيجابي بالمستهلكين وجميع أصحاب المصالح، وأن ذلك يضمن استمرارية العمل نحو عالم أكثر تطور، حيث إن الاستدامة استثمار طويل الأجل وليست تكلفة.

الركائز الثلاث

وأكدت دي أنخيليس، أن الشركات ذات العلامات التجارية فرصة حقيقية لإحداث تحول جذري من خلال دمج الركائز الثلاث للاستدامة والتي هي البشر والكوكب والمنفعة في نماذج أعمالها، وقالت «في خضم سعيها للحصول على «علامة الاستدامة»، تميل بعض العلامات التجارية إلى النظر إلى المفهوم بشكل سطحي. فهي تقدم التزامات وتدابير مماثلة لتلك التي اتخذتها معظم الشركات الأخرى – فهي بدلاً من التميز تعتمد على الامتثال بغيرها وهذا قد لا يجعلها مربحة ولا ذات صلة بالمستهلكين».

وأكدت أنه بالنظر إلى الركائز الثلاث بعين التميز والملاءمة والابتكار يمكن أن يدفع الشركة نحو النجاح.

العلامات التجارية

وبالعودة إلى التقرير، فقد أكد أن الإشراف البيئي في العلامات التجارية المستدامة يلعب دوراً حاسماً للغاية، حيث تتحمل العلامات التجارية مسؤولية تقليل آثارها البيئية وتعزيز جهود الحفظ بشكل فعال.

وبين تقرير شركة «لاندور آند فيتش» في الشرق الأوسط وأفريقيا: «يمكن للشركات ذات العلامات التجارية إثبات التزامها تجاه الكوكب من خلال تبني ممارسات صديقة للبيئة، مثل استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتنفيذ استراتيجيات سلسلة التوريد المستدامة، كما يعد تقليل النفايات وتنفيذ برامج إعادة التدوير وتبني مبادئ الاقتصاد الدائري خطوات بالغة الأهمية أيضاً نحو الاستدامة، حيث لا تسهم هذه الإجراءات في الحفاظ على البيئة فحسب، بل إنها تتماشى أيضاً مع مطالب المستهلكين المتزايدة على المنتجات والخدمات الصديقة للبيئة.


مقالات ذات صلة

قطاع الحرف اليدوية في ألمانيا يأمل بقاء عامليه السوريين

أوروبا لاجئون يظهرون مهاراتهم في أعمال معالجة المعادن في أحد المعامل الصناعية الألمانية في برلين ألمانيا 2016 (رويترز)

قطاع الحرف اليدوية في ألمانيا يأمل بقاء عامليه السوريين

أعرب أرباب عمل قطاع الحرف اليدوية في ألمانيا عن أملهم في بقاء موظفيهم السوريين، وذلك في ضوء مطالبة سياسيين ألمان بإعادة سريعة للاجئين السوريين إلى بلادهم.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نمو إيرادات القطاع غير الربحي بنسبة 33 % في عام 2023 (واس)

القطاع غير الربحي في السعودية يحقق نمواً ملحوظاً بإيرادات تتجاوز 14.5 مليار دولار

ارتفع إجمالي إيرادات منظمات القطاع غير الربحي في السعودية إلى 54.4 مليار ريال (14.5 مليار دولار) في عام 2023، بنمو نسبته 33 في المائة مقارنةً بعام 2022.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سفينة حاويات تغادر ميناء قينغداو في شرق الصين (أ.ف.ب)

البنك الدولي يرفع توقعاته للنمو في الصين

رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين لعامي 2024 و2025، لكنه حذر من ضعف ثقة المستهلكين والشركات، إلى جانب التحديات في قطاع العقارات

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي التركي (رويترز)

«المركزي التركي» يخفض سعر الفائدة إلى 47.50 %

خفض «المركزي التركي» سعر فائدة «إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو)»، المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة، من 50 إلى 47.50 في المائة، متجاوزاً التوقعات السابقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل يهدد الدين الأميركي الدولار كعملة احتياطية عالمية؟

تعرض ساعة الدين الوطني إجمالي الدين الأميركي وحصة كل أسرة منه في مانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ب)
تعرض ساعة الدين الوطني إجمالي الدين الأميركي وحصة كل أسرة منه في مانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ب)
TT

هل يهدد الدين الأميركي الدولار كعملة احتياطية عالمية؟

تعرض ساعة الدين الوطني إجمالي الدين الأميركي وحصة كل أسرة منه في مانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ب)
تعرض ساعة الدين الوطني إجمالي الدين الأميركي وحصة كل أسرة منه في مانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ب)

في عالم الاقتصاد، قلّما تُذكر الولايات المتحدة واليونان في جملة واحدة، فالأولى تُعتبر أكبر اقتصاد في العالم ورمز القوة المالية، بينما ارتبطت الثانية بأزمة ديون خانقة هزّت أسواق العالم وأشعلت شوارع أثينا احتجاجاً. ولكن المفارقة المذهلة أن الخبراء يحذرون من احتمال أن تُعيد الولايات المتحدة، في غضون عقد من الزمن، تجربة الديون التي عانت منها اليونان في أوج أزمتها.

ومع تضخم الدين الأميركي إلى مستويات غير مسبوقة وتجاوزه حجم الاقتصاد الوطني، تقف واشنطن عند مفترق طرق. فهل يمكن أن يؤدي هذا التراكم الهائل في الديون إلى أزمة مالية كبرى؟ أم أن «الامتياز الباهظ» الذي تمنحه مكانة الدولار سيمنحها مرونة لا تضاهى؟

بحلول فترة جائحة كوفيد-19، كان الدين العام لليونان قد تجاوز ضعف حجم اقتصادها، وهو وضع يقترب من بعض أفقر وأزمات الدول في العالم، مثل إريتريا والسودان وفنزويلا. لذلك، فهو ليس النادي الذي قد يرغب أحد في الانضمام إليه، بحسب صحيفة «التلغراف».

لكن المثير للدهشة هو أن خبراء الاقتصاد يتوقعون أنه في غضون عقد من الزمن، قد تنضم دولة أخرى إلى هذه القائمة مثل الولايات المتحدة الأميركية. فالجمع بين التعافي الملحوظ في الاقتصاد اليوناني، وأزمة الديون غير المسبوقة التي شهدتها الولايات المتحدة في ظل رئاستي دونالد ترمب وجو بايدن، يشير إلى أنه بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، قد يتجاوز الدين الأميركي، إذا تم قياسه بالنسبة لحجم اقتصادها، الدين الوطني للجمهورية اليونانية.

والأرقام المتعلقة بالدين العام الأميركي مثيرة للدهشة. فقد قفز الدين الوطني ليصل إلى 36 تريليون دولار، بعدما كان أقل من 20 تريليون دولار قبل ثماني سنوات فقط. وبذلك، أصبح هذا الدين أكبر من حجم الاقتصاد الأميركي ذاته.

وفي مطلع ثلاثينيات القرن الحالي، من المتوقع أن يبلغ إجمالي ديون أميركا 134 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل مستوى ديون إيطاليا ويتجاوز ديون اليونان، التي يُتوقع أن تعود إلى أقل من 130 في المائة بحلول تلك الفترة، وفقاً لتوقعات خبراء الاقتصاد في بنك «يو بي إس».

ويخلق تراكم هذا الدين حلقة مفرغة خطيرة، حيث تجاوزت فاتورة الفائدة السنوية على الدين الحكومي بالفعل 1.1 تريليون دولار، مما يزيد من تعقيد الوضع المالي ويضع ضغوطاً هائلة على الاقتصاد الوطني.

وبالإضافة إلى كون الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم، فإنها تمثل الملاذ الآمن للنظام المالي العالمي. فهي تعمل كحافظ للقيمة في أوقات الركود، وتُعتبر مرجعاً رئيسياً لتحديد أسعار الفائدة والقروض في العديد من أنحاء العالم.

مبنى الكابيتول في واشنطن ليلاً (رويترز)

ويشير ريتشارد فرانسيس من وكالة «فيتش»، التي خفضت تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة العام الماضي، إلى أن ديون البلاد «مرتفعة للغاية» بالفعل، حيث تضاعف حجمها مقارنةً بالمستوى المعتاد لدولة ذات تصنيف ائتماني «إيه إيه».

ويضيف قائلاً: «إن عبء الفائدة مرتفع للغاية، وهو أعلى بكثير من معظم نظيراتها، ومن المتوقع أن يظل مرتفعاً للغاية. نحن ننفق بالفعل على الفائدة أكثر مما ننفقه على الدفاع أو الرعاية الصحية، بينما يبقى الضمان الاجتماعي هو البند الوحيد الذي يفوقه».

هل ديون الولايات المتحدة مستدامة؟

تثير هذه الأسئلة تساؤلات حقيقية حول ما إذا كانت ديون الولايات المتحدة قابلة للاستدامة، أو ما إذا كانت البلاد تسير على نفس المسار الذي سلكته إيطاليا واليونان قبل 15 عاماً، نحو أزمة ديون قد تكون لها تداعيات اقتصادية خطيرة.

وتتمتع الولايات المتحدة حالياً بوضع آمن، بفضل مكانتها المميزة كملاذ آمن في النظام المالي العالمي، حيث يتوجه إليها المستثمرون من جميع أنحاء العالم عند أول إشارة إلى وجود مشاكل اقتصادية.

ويقول الخبراء: «الولايات المتحدة تتمتع باقتصاد قوي ومتعدد المصادر، وأيضاً الدولار الأميركي هو العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، وهو ما يتيح للولايات المتحدة مرونة تمويلية لا مثيل لها في أي مكان آخر في العالم».

وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الاقتراض، فلا تزال هناك إشارات قليلة على أن المستثمرين غير راغبين في تمويل العجز الأميركي. إذ يمكن لوزارة الخزانة الاقتراض لمدة 10 سنوات بمعدل حوالي 4.2 في المائة، وهو ما يعد أعلى بكثير من أدنى مستوياتها خلال فترة الجائحة التي كانت دون 1 في المائة، أو المعدل المعتاد الذي يتراوح بين 2 و3 في المائة بعد الأزمة المالية العالمية.

لكن هذا المعدل يُعتبر مألوفاً لأولئك الذين يتذكرون السنوات التي سبقت أزمة الائتمان، ويعكس النمو القوي للاقتصاد الأميركي، بالإضافة إلى الجهود المستمرة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم. وبالتالي، لا يُشير هذا المعدل بالضرورة إلى توتر بين المستثمرين، بل يعكس بشكل أكبر الظروف الاقتصادية الحالية والسياسات النقدية المتبعة.

«الامتياز الباهظ» لأميركا

تقول ماريون أميوت، الخبيرة الاقتصادية في «ستاندرد آند بورز»، إن هذا هو «الامتياز الباهظ» الذي تحظى به أميركا.

ويجذب كل من ارتفاع أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي الأموال العالمية إلى الولايات المتحدة، وفي أوقات الأزمات، ينظر إليها المستثمرون باعتبارها الملاذ الأكثر أماناً، ما يسمح للسلطات الأميركية بتمويل عجزها سواء في الأوقات الجيدة أو السيئة.

وتقول أميوت: «إن السؤال حول استدامة الديون يطرح نفسه دائماً، ولكن لا يوجد بديل حقيقي للدولار».

«حلقة مفرغة»

ومع ذلك، يخشى المحللون أن ينفد الحيز الذي يسمح للبيت الأبيض بالاقتراض إذا استمر في تراكم الديون بهذه الوتيرة. ويقول أوليفييه بلانشارد، كبير الخبراء الاقتصاديين السابقين في صندوق النقد الدولي، إن أميركا ستصل في مرحلة ما إلى هذه الحدود.

ويضيف: «في مرحلة ما، ولا نعرف متى تحديداً، سيبدأ المستثمرون في التساؤل: هل سنحصل على السداد؟». وستكون النتيجة ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يخلق «حلقة مفرغة قد تؤدي أحياناً إلى التخلف عن السداد».

ويقول بلانشارد: «لقد حدث هذا في العديد من البلدان الأخرى، وهو أمر يصعب تصوره بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن هل هو أمر مستحيل حقاً؟».

ويشدد بول دونوفان، من «يو بي إس»، على أن الديون الأميركية ليست على مسار مستدام، ولكن من غير المرجح أن تصبح قضية ملحة خلال فترة ولاية ترمب.

ويضيف قائلاً: «على الصعيد المحلي، تظل الولايات المتحدة دولة غنية، وستكون قادرة على تعبئة الموارد اللازمة لتمويل العجز. ورغم أن المخاوف بشأن استدامة العجز ستزداد، فإنني أعتقد أن الأمر سيصبح حاسماً في العقد المقبل».

ترمب ضد «الاحتياطي الفيدرالي»

من الممكن دائماً أن تكون التوقعات خاطئة، فقد شهدت الاتجاهات تغييرات في الماضي. ويلاحظ جيم ريد من «دويتشه بنك» أنه في بداية الألفية، كان مكتب الموازنة في الكونغرس الأميركي يعتقد أنه إذا اختارت الحكومة الأميركية ذلك، فيمكنها استخدام فوائضها لسداد الدين الوطني بالكامل ثم بناء صندوق ثروة عملاق.

«في عام 2000، كان مكتب الموازنة يتوقع أنه إذا ادخرت الولايات المتحدة فوائضها الإجمالية، فسيتم سداد الدين الوطني - الذي كان يشكل نحو 34 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي آنذاك - في غضون عقد من الزمن، وستتراكم أصول الولايات المتحدة لتصل إلى حوالي 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030»، كما يوضح.

اليوم، يعكف ترمب بشكل رئيسي على الاقتراض بكثافة، لكن ثمة تلميحات إلى أن شيئاً مختلفاً قد يحدث. فقد منح الملياردير التكنولوجي إيلون ماسك دوراً في وزارة كفاءة الحكومة الجديدة المقترحة، بهدف خفض تريليوني دولار من الإنفاق الحكومي.

وإذا تمكن ماسك من تحقيق وفورات بهذه القيمة أو حتى جزء منها، فقد يشكل ذلك نقطة تحول خطيرة في توقعات الديون الحكومية.

وفي نفس الوقت الذي يتزايد فيه الاقتراض، يخشى ثانوس فامفاكيديس، من «بنك أوف أميركا»، أن مواقف الرئيس المنتخب تجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تؤدي إلى اهتزاز أسواق السندات ودفع المستثمرين بعيداً عن الولايات المتحدة، مما يقوض مكانتها كـ«ملاذ آمن».

ويقول فامفاكيديس: «إذا بدأت الإدارة الجديدة في مواجهة التوجه المتشدد لبنك الاحتياطي الفيدرالي استجابةً للسياسات المالية للإدارة الأميركية الجديدة، فقد يكون ذلك مزيجاً ساماً».

دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية «أميركا فيرست 2024» السنوية في فينيكس بولاية أريزونا... 22 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

التهديدات الخارجية

وهناك خطر آخر يتمثل في أن تتخذ دول أخرى إجراءات ضد الولايات المتحدة. ويوضح بول دونوفان من «يو بي إس» أن هناك خطراً خارجياً يتمثل في أن الصين قد ترد على الحرب التجارية بشكل شديد.

وأضاف: «إذا توقفت الصين عن شراء سندات الخزانة الأميركية رداً على الضرائب التجارية - وخاصة إذا تسببت الضرائب في تباطؤ كبير في النمو الأميركي - فقد يؤدي ذلك إلى اضطراب في سوق السندات الحكومية وظهور قلق متزايد بشأن استدامة الدين».

ومن الواضح أن ترمب نفسه يدرك تماماً أن الولايات المتحدة قد تخسر في يوم ما مكانتها كعملة احتياطية عالمية موثوقة.

وقد غرد الرئيس المنتخب قائلاً إنه سيفرض تعريفات جمركية هائلة على الواردات من دول البريكس - البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - إذا سعت هذه الدول إلى إيجاد بدائل للدولار.

وقال ترمب: «لقد انتهت فكرة أن دول البريكس تحاول الابتعاد عن الدولار بينما نقف مكتوفي الأيدي ونراقب. نطالب هذه الدول بعدم إنشاء عملة جديدة لدول البريكس أو دعم أي عملة أخرى لتحل محل الدولار الأميركي القوي، وإلا فستواجه تعريفات جمركية بنسبة 100 في المائة، وينبغي لها أن تتوقع وداعاً لمبيعاتها في الاقتصاد الأميركي الرائع».

وتظهر مثل هذه التهديدات الإدراك المتزايد بأن الولايات المتحدة تخاطر في النهاية بفقدان قدرتها على الاقتراض بلا نهاية.

لكن في الوقت الحالي، لا توجد إلا دلائل محدودة على وجود تهديد خطير. ففي قمة مجموعة البريكس التي عقدت في أكتوبر (تشرين الأول) في سوتشي، كان الضيوف يُنصحون بإحضار الدولارات أو اليوروات للإنفاق بدلاً من الروبل أو الرنمينبي أو الروبية.

ومع مزيج من الاقتراض الثقيل الذي تعاني منه الولايات المتحدة، إلى جانب التهديدات الموجهة ضد «الفيدرالي» وشركائه التجاريين، قد يجد ترمب نفسه قادراً على تقويض قوة الدولار بنفسه، مما يزيد من تعقيد الوضع المالي العالمي ويؤثر على مكانة العملة الأميركية.