الجلوس المستمر غير المتقطع يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية

يقلل قابلية الشرايين على التمدد لتسهيل تدفق الدم

الجلوس المستمر غير المتقطع يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية
TT

الجلوس المستمر غير المتقطع يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية

الجلوس المستمر غير المتقطع يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية

مع اقتراب موسم الدراسة واستعداد الطلاب للعام الدراسي الجديد، تكون النصيحة الأهم للطلبة، خصوصا المتفوقين منهم بضرورة قضاء أوقات طويلة في مراجعة الدروس رغبة في التفوق، وهو الأمر الذي يسعد الطلاب والآباء معا. وبطبيعة الحال لا يوجد أي مانع من قضاء الطلاب أوقاتهم في مطالعة دروسهم إلا أن تلك النصيحة يمكن أن تحمل أخطارا صحية إذا كان الوقت المنقضي في الجلوس مستمرا أي غير متقطع uninterrupted sitting، بمعنى أن الطالب لا يفارق المكتب إلا في أضيق نطاق، وحتى في أوقات الراحة يلجأ الطالب إلى اللعب بالكومبيوتر أو الجلوس أمام التلفزيون. وقد حذرت أحدث دراسة طبية تناولت أثار الجلوس لفترات طويلة، المراهقين من عدم الحركة والجلوس المستمر إذ يمكن أن يؤديا إلى حدوث تمزق بالأوعية الدموية.

قلة كفاءة الشرايين

وكانت الدراسة الكندية التي نشرت في بداية شهر سبتمبر (أيلول) من العام الجاري في مجلة «علم وظائف الأعضاء التجريبي» Experimental Physiology قد أشارت إلى أن 3 ساعات فقط من الجلوس المتواصل بشكل مستمر قد تؤدي إلى تلف في الأوعية الدموية للرجل خاصة في الفتيات. وقد قام الباحثون بإجراء تجربة على فتيات تتراوح أعمارهن بين السابعة والعاشرة، وكانت هؤلاء الفتيات جميعا قد اجتزن مراحل متكررة من الجلوس لـ3 ساعات. وإحدى هذه المراحل كانت للثلاث ساعات من دون انقطاع، بينما إحدى المراحل الأخرى كان هناك فترة من الراحة لمدة 10 دقائق كل ساعة تمارس فيها بعض التمرينات الرياضية البسيطة وغير المجهدة، وفي بعض الأحيان كانت مجرد القيام والتحرك في الغرفة. وقام الباحثون بعمل فحص أشعة لصحة الشريان الرئيسي في الرجل قبل الجلوس لمدة 3 ساعات وكذلك بعدها.
ومن المعروف أن الشريان الجيد كي يقوم بوظيفته بكفاءة يحدث به تمدد dilation وكذلك انقبضات constriction أو ضيق، للتحكم في مرور الدم إلى العضو أو العضلات المسؤولة عن وظيفتها. ويتسبب الجلوس غير المتقطع في نقص قدرة للشريان على التمدد بنسبة تبلغ 33 في المائة، وتبين من التجربة أن العشر دقائق المخصصة للراحة التي تمارس فيها بعض التمرينات كانت كافية لمنع الأثر السيئ للجلوس المستمر، إذ لم تقل قدرة الشريان على التمدد والسماح بمرور الدم بكفاءة.
وأوضح الباحثون أن الجلوس لفترات طويلة ضار جدا بشرايين الرجل، بل ويمكن أن يغير الشكل التشريحيarteries anatomy للشرايين نفسها في البالغين، ويزيد من احتمالية التعرض لأمراض الأوعية المختلفة.

محاذير الحياة الخاملة

وحذرت الدراسة من أن الحياة الخاملة التي يعيشها المراهقون والجلوس لفترات طويلة سواء لمشاهدة الشاشات من تلفزيون أو كومبيوتر أو بغرض الاستذكار سوف تؤدي إلى كثير من المخاطر الصحية لاحقا في البلوغ، وخصوصا في الدول المتقدمة. ويكفي أن نعرف أن في دولة مثل كندا لا يلتزم بالتمرينات الرياضية التي تقطع الجلوس لفترات طويلة كل ساعة إلا 7 في المائة فقط من مجموع الأطفال والمراهقين، بينما يقضي بقية الأطفال ما يقرب من 5 ساعات يوميا جالسين، وذلك بسبب التقنيات الحديثة.
وكما هو معروف أن الطفل الخامل أو الذي يقضي طفولة خالية من النشاط البدني في الأغلب يكون عند البلوغ شخصا غير رياضي ولا يمارس نشاطا بدنيا كبيرا، وهو الأمر الذي يشكل خطورة صحية كبيرة، إذ إن الحياة الخاملة تعد من أهم عوامل الخطورة التي تؤدي إلى الوفاة لاحقا في البلوغ، وتؤدي إلى وفاة ما يقرب من 3.2 مليون شخص حول العالم نتيجة للأمراض المترتبة على عدم ممارسة النشاط.
وأوضحت الدراسة أن تقليل فترة الجلوس المستمر سوف يؤدي إلى خفض الإنفاق على الرعاية الصحية لعلاج الأمراض المترتبة على الجلوس المستمر بمقدار 150 مليون دولار في كندا وحدها، فضلا عن تقليل احتمالية الوفاة نتيجة للمضاعفات الناجمة عن الجلوس المستمر وأيضا يقي من التشوهات.
وحذرت من أن جلوس المراهقين على المكاتب أو الشاشات المختلفة يزيد من مخاطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب وارتفاع نسبة الكولسترول. وبطبيعة الحال لا تقتصر التحذيرات والتوصيات على مجرد الطلاب في المدارس ولكن جميع من تتطلب أعمالهم الجلوس لفترات طويلة. والحقيقة أن الاهتمام بمخاطر الجلوس لفترات طويلة بدأ منذ وقت طويل، حيث تلاحظ في الستينات من القرن الماضي أن سائقي الشاحنات الإنجليز في الأغلب يعانون أكثر من غيرهم من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
وفي السياق نفسه حذرت منظمة الصحة العالمية نتيجة لكثير من الدراسات من خطورة الجلوس لفترات طويلة، وأشارت إلى أن الجلوس لفترة تصل إلى سبع ساعات في اليوم يمكن أن تزيد من معدلات الإصابة بأمراض القلب بنسبة 50 في المائة حتى في حالة ممارسة نشاط بدني لمدة لا تزيد عن 7 ساعات في الأسبوع بمعنى أنه حتى لو قام الشخص بممارسة نشاط بدني لمدة ساعة يوميا تظل نسبة الخطورة مرتفعة طالما كانت فترات الجلوس طويلة وتقترب من 7 ساعات. وأشارت إلى أنه قد تفرض الحياة الحديثة هذا النوع من السلوك والجميع يقضون فترات طويلة في الجلوس سواء في المواصلات أو أمام أجهزة الكومبيوتر أو في العمل المكتبي. ولفتت النظر إلى ضرورة الوضع في الحسبان الحد من ساعات الجلوس الطويلة وقطعها باستمرار ولو بمجرد بعض التمرينات البسيطة.

• استشاري طب الأطفال



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».