فرح عزام فنانة من أصول باكستانية، ولدت وتعيش في لندن، درست علم النفس وعلم الإجرام في جامعة ويستمينستر، ولكن الظروف لم تشأ بأن تعمل في المجال الذي تخصصت فيه، والصدفة وحدها جعلتها تدرس الرسم بالحناء على يد آش كومار الذي يعتبر من أهم الأسماء في هذا المجال، وبعد خمس سنوات على دراستها هذا الفن أصبح اسم فرح عزام لامعا في الأوساط الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح اليوم مقرونا مع اسم عملاق مثل جورجيو أرماني الذي تعاونت معه أخيرا في مشروع خاص بمحلات هارودز في لندن.
«الشرق الأوسط» التقت فرح عزام، البالغة من العمر ثمانية وعشرين عاما، هي أم لطفلين، بدت هادئة ولكنها قالت عن ذلك إنها تبدو كذلك إلا أنها في الواقع تتمتع بشخصية نارية، وعللت ذلك بابتسامة خجولة: «قد يكون السبب في ذلك هو أنني من مواليد برج العقرب».
استهلت فرح حديثها عن مسيرتها وعن بدايتها التي لا تشبه المشوار الذي تمشي به حاليا، فبعد تخرجها في الجامعة، تزوجت مباشرة وأنجبت طفلها الأول وكان من الصعب بأن تبدأ عملا له علاقة بتخصصها، فأرادت أن تقوم بشيء مختلف، ليكون بمثابة هواية، فالتحقت بدورة لتعلم الماكياج ولكنها لم تجد نفسها في هذا المجال، فتحولت إلى دراسة فن الرسم بالحناء لأنه قريب من ثقافتها ولطالما أعجبتها النقوش والرسومات المتعلقة بالفن الإسلامي والشرقي، ولكنها لم تكن تحب تزيين الجسم واليدين بالحناء كما هي الطريقة التقليدية.
وتقول فرح: «أحببت هذا الفن ولكني أردت أن أضيف شيئا عليه»، ففي يوم من الأيام رسمت بالحناء على قطعة من القماش، وانتظرت حتى يجف واكتشفت بعدها بأن الحناء الطبيعية يمكن أن تستخدم في تزيين أشياء أخرى بعيدا عن الأنماط التقليدية.
وبتشجيع من الأصدقاء والأقرباء، بدأت بتزيين حاويات الزهور المصنوعة من الزجاج، والشموع والأرائك وحتى اللوحات، واكتشفت حينها بأن هذه الهواية قد تتحول إلى مهنة ولكن ما لم تدركه حسب قولها أن يأتي اليوم الذي تتلقى فيه اتصالا من شركة المصمم العالمي جورجيو أرماني للتعامل معه وتزيين خمسين زجاجة عطر مخصصة لمتاجر هارودز في لندن.
وبالسؤال عن هذا المشروع وعن طريقة وصول أرماني إليها، قالت عزام: «انتشاري على مواقع التواصل الاجتماعي كبير جدا، ولدي كثير من المتابعين والمشجعين، وعن طريق صديقة لي على موقع (فيسبوك) متخصصة في الخط العربي عرفت بأن جورجيو أرماني يبحث عن شخص متخصص بالرسم بالحناء ولكن بشكل غير تقليدي، فقامت تلك السيدة بإرسال صور لأعمالي منقولة من موقعي الخاص Besposke Henna إلى أرماني، لأفاجأ بعدها باتصال من الشركة تدعوني لاجتماع لمناقشة المشروع وما هو مطلوب».
المشروع كان عبارة عن تزيين زجاجات عطر «أرماني بريفي» السوداء بنقوش الحناء، وكانت الكمية محدودة، 50 زجاجة عطر فقط، وتزامن هذا المشروع مع وجود عدد كبير من السياح العرب في لندن، لأن هذا المنتج كان موجها إليهم بالدرجة الأولى، لأن العطر مصنوع من العنبر ويتناسب مع الذوق العربي. وردا على سؤال فيما إذا كانت التجربة صعبة، ردت عزام: «لم تكن صعبة بقدر ما وضعت على كاهلي مسؤولية، لأنها كانت المرة الأولى التي أتعامل بها مع اسم بهذا المستوى، كما أنه طلب مني الوجود في متجر هارودز والرسم أمام الزبائن والصحافة، ولكن ولحسن الحظ كنت قد قمت بالرسم على 45 زجاجة في ورشة العمل الخاصة بي، وقمت بالرسم على 5 زجاجات مباشرة أمام أعين الجميع، واستغرق الرسم على كل زجاجة نحو الساعة من الزمن، وكنت سعيدة جدا بردود الأفعال، التي جاءتني من القائمين على المشروع وخصوصا من الزبائن الذين أتوا للتعرف إلي والتقاط الصور لي وأنا أقوم بالرسم أمامهم». وتقول عزام إن كل ما طلب منها فيما يخص الرسم على زجاجة العطر هو ابتكار نقوش تتناسب مع الرجال والنساء لأن العطر «يونيسيكس» أي مناسب للجنسين، فاختارت اللون البرونزي الذي تناغم جيدا مع اللون الأسود للزجاجة، ولعبت على مسألة الخطوط لتجعل بعضها يبدو أكثر أنوثة.
ومن القطع المميزة الأخرى التي قامت بالرسم بالحناء عليها، كان عودا لفنان جزائري، وهذا العود، تقول عزام إنه فتح لها أبوابا كثيرة لتزيين أدوات موسيقية لفنانين آخرين، وعن القطع التي تبتكرها تقول عزام إنها كلها مصممة بحسب ذوق الزبون، ويمكن الاختيار من بين القطع المعروضة على الموقع ولكنها تسعى دائما بأن تكون التصميمات فريدة.
وتتأثر عزام بشكل كبير بالفن العربي والتركي، وتذهب دائما إلى إسطنبول وتستوحي الكثير من قصر توبكابي الغني بالفنون العربية «أرابيسك» المطعمة بالفن الصيني.
وعن مقارنة الذوق العربي بالذوق الأوروبي تقول عزام، إن الأمر يختلف من شخص إلى آخر، والذوق هو مسألة شخصية، إلا أنه في كثير من الأحيان يقع اختيار الأوروبيين على الألوان الزاهية، في حين يفضل الآسيويون والعرب الألوان الدافئة مثل الذهبي والبرونزي والأحمر، ولكن مسألة اختيار الألوان ليست قاعدة أساسية وتختلف من شخص إلى آخر.
وإلى جانب الرسم على قطع مختلفة، تملك فرح عزام أكاديمية متخصصة بتعليم الرسم بالحناء، وتقول إن هذا الفن القديم والتقليدي آخذ في التوسع وهناك اهتمام كبير به من الغرب، ولكنها تسعى إلى أن ترتقي بهذا الفن إلى مستوى آخر بعيدا عن الرتابة والتقليد المعهود، وختمت عزام كلامها بالقول: «عملي بدأ كهواية، ولكني اليوم محترفة وأسعى دائما للتطور من خلال المنافسة، فعندما بدأت بتغيير مفهوم الحناء لم يكن هناك أي شخص آخر في لندن يقوم بالشيء نفسه، أما اليوم فاختلف الأمر، ولكن المنافسة جيدة لأنها تحفزني على التطور والتقدم وابتكار كل ما هو جديد، وبنهاية المطاف، العمل وحده كفيل بتحديد هوية الأفضل».
14:11 دقيقه
فرح عزام.. من هاوية رسم بالحناء إلى العمل مع جورجيو أرماني
https://aawsat.com/home/article/457121/%D9%81%D8%B1%D8%AD-%D8%B9%D8%B2%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%86-%D9%87%D8%A7%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%B1%D8%B3%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D9%88-%D8%A3%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A
فرح عزام.. من هاوية رسم بالحناء إلى العمل مع جورجيو أرماني
هدفها أخذ هذا الفن إلى مستوى عال يتخطى الرسم على الجسم
قامت فرح عزام بالرسم أمام الزبائن في متجر هارودز
- لندن: جوسلين إيليا
- لندن: جوسلين إيليا
فرح عزام.. من هاوية رسم بالحناء إلى العمل مع جورجيو أرماني
قامت فرح عزام بالرسم أمام الزبائن في متجر هارودز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

