«الخماسية» تنصح اللبنانيين بالتوصل إلى «قواسم مشتركة» للرئيس العتيد

لودريان أربك النواب بتأييده مبادرة بري وتفهّمه موقف المعارضة

جانب من اجتماع المجموعة الخماسية حول لبنان الذي عُقد في الدوحة يوليو الماضي (وزارة الخارجية القطرية)
جانب من اجتماع المجموعة الخماسية حول لبنان الذي عُقد في الدوحة يوليو الماضي (وزارة الخارجية القطرية)
TT

«الخماسية» تنصح اللبنانيين بالتوصل إلى «قواسم مشتركة» للرئيس العتيد

جانب من اجتماع المجموعة الخماسية حول لبنان الذي عُقد في الدوحة يوليو الماضي (وزارة الخارجية القطرية)
جانب من اجتماع المجموعة الخماسية حول لبنان الذي عُقد في الدوحة يوليو الماضي (وزارة الخارجية القطرية)

يفضل رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري عدم الدخول في مناوشات سياسية مع المعارضة على خلفية رفضها دعوته للحوار لمدة أسبوع، يليه عقد جلسات نيابية متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية، من دون أن يعني أنه على استعداد لسحب مبادرته من التداول، رغم أنها لم تعد تتصدّر الطبق السياسي في مداولاته مع زوّاره. وهذا ما استدعى منه الطلب من نواب كتلته (التنمية والتحرير) عدم الانجرار إلى ردود فعل، لئلا يتم التعامل مع دعوته وكأنه يستجدي الحوار، خصوصاً أنه أطلق دعوته كممر إلزامي لإنهاء الشغور الرئاسي، وليتحمل كل طرف مسؤوليته.

فرئيس مجلس النواب، وإن كان يتريّث في تحديد موعد نهائي لانطلاق الحوار بلا شروط، ينتظر البيان الذي سيصدر في الساعات المقبلة عن «اللجنة الخماسية» (السعودية وقطر ومصر والولايات المتحدة وفرنسا) ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه.

عتب على لودريان

وتسجل مصادر نيابية عتبها، كما تقول لـ«الشرق الأوسط»، على الموفد الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، على خلفية أنه أوقع النواب في إرباك، إذ جمع بين تبنّيه مبادرة بري وتفهمه طلب المعارضة عقد جلسات تشاورية أو اجتماعات عمل تفتح الباب أمام التواصل للاتفاق على مرشح ثالث، بذريعة أن جلسة الانتخاب الأخيرة انتهت إلى تعادل سلبي بين رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، ومنافسه الوزير السابق جهاد أزعور، لعدم حصول أحدهما على الأكثرية النيابية المطلوبة لإيصاله إلى الرئاسة.

وتسأل المصادر؛ لماذا لم يحسم لودريان أمره ويقول ماذا يريد، بدلاً من أن يتّبع سياسة، توخى من خلالها إرضاء الأضداد بموافقته على ما يقترحونه؟

بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)

وتسأل المصادر النيابية؛ هل اقتراح لودريان بإخراج الثنائي فرنجية - أزعور من السباق الرئاسي لمصلحة مرشح ثالث يحظى بتأييد الدول الأعضاء في «اللجنة الخماسية»، أم أنه ارتأى أن وقف تعطيل انتخاب الرئيس يتطلب تزكية الخيار الثالث؟

وتلفت المصادر نفسها إلى أن لودريان باقتراحه هذا، فاجأ الرئيس بري ولم يبادر إلى استمزاج رأيه عندما التقاه في مستهل لقاءاته برؤساء الكتل النيابية والنواب من مستقلين وتغييريين. وتؤكد أن اقتراحه للتوافق على مرشح ثالث لم يكن وليد ساعته، وإنما جاء حصيلة المشاورات التي جرت بين ممثلي الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية، على خلفية أن هناك استحالة في وضع حد لاستمرار الشغور الرئاسي ما لم يتم التوافق على مرشح ثالث.

قواسم مشتركة

وتنقل المصادر على لسان أحد سفراء «اللجنة الخماسية» المعتمدين لدى لبنان قوله إنه آن الأوان للتوصل إلى قواسم مشتركة، يجب أن يتحلى بها الرئيس العتيد، على أن يصار لاحقاً إلى إسقاط اسمه. وتفضّل بناء على رغبته ألا تكشف عن هويته.

السفير السعودي وليد بخاري مستقبلاً النواب السنة والمفتي دريان ولودريان في منزله (الشرق الأوسط)

كما تنقل عنه أن المواصفات تتمحور حول امتلاكه رؤية اقتصادية تعبّد الطريق، بالتعاون مع الحكومة العتيدة، للانتقال بالبلد إلى مرحلة التعافي المالي والاقتصادي، وألا يكون طرفاً في الانقسام السياسي وينحاز لفريق على آخر، بدلاً من أن يكون جامعاً للبنانيين، إضافة إلى عدم انخراطه في الفساد، ولديه القدرة على تصويب العلاقات اللبنانية - العربية، التي أصابها كثير من الشوائب، لأن من دونها لا يمكن إدراج اسم لبنان مجدداً على خريطة الاهتمام الدولي.

وترى المصادر أن التوافق على هذه الرزمة من المواصفات يُفترض أن يعبّد الطريق أمام التفاهم على اسم الرئيس، الذي يُفترض أن يؤتى به على قياسها، وتقول إن الرئيس بري ليس في وارده الدعوة للحوار مع من حضر، لأنه ليس من الذين يبحثون عن مشكلة جديدة لإقحام البلد في صدامات، هو في غنى عنها.

باسيل والشروط

وتؤكد أن الرئيس بري يتأنى كثيراً قبل أن يحسم أمره بدعوة النواب للحوار، خصوصاً إذا اصطدم بمعارضة مسيحية في حال أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وكما يبدو، بدأ يخطط للانقلاب على موافقته المبدئية بانخراطه في الحوار النيابي، في محاولة لاستدراج العروض السياسية لتحسين شروطه في التسوية السياسية، وإلا لم يكن مضطراً، في خطابه الذي ألقاه بمناسبة التجديد له رئيساً للتيار، إلى إدراج مجموعة من المطالب لن يجد من يتبنّاها، وصولاً إلى قوننتها قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

وفي هذا السياق، يتردد، كما تقول المصادر النيابية، أن البطريرك الماروني بشارة الراعي لم يعد متحمساً للحوار، وهذا ما أبلغه للودريان عندما زاره في بكركي. وكان قد سبق له أن أغفل ترحيبه بدعوة بري للحوار بعدم مجيئه على ذكرها في البيان الشهري الصادر عن اجتماع مجلس المطارنة الموارنة.

وقيل في حينها إن الراعي أعاد النظر في موافقته هذه حرصاً منه لقطع الطريق على أن تكون للانقسام حول الحوار ارتدادات سلبية على الشارع المسيحي، مع أن قوى المعارضة الرئيسة باقية على رفضها للحوار، واضطرار باسيل للتناغم معها، وإنما على طريقته.

ويبقى السؤال؛ كيف سيتصرف لودريان في زيارته الرابعة لبيروت في حال حصولها؟ وأين يقف من دعوة بري للحوار، طالما أنه يتفهّم الأسباب الكامنة وراء رفض المعارضة، بذريعة أن اللبنانيين لا يريدون أن يسمعوا بكلمة حوار، لأن الجلسات الحوارية السابقة لم تكن مشجعة، وما صدر عنها من توصيات ومقررات بقي حبراً على ورق؟

 

وينسحب السؤال نفسه على بري، وإن كان يفضّل التريث إلى ما بعد صدور الموقف المرتقب للجنة الخماسية، وبالتالي، لن يبادر إلى حرق المراحل بغية تسجيل نقطة في مرمى المعارضة، كونه يتطلع لأن يكون الحوار جامعاً ولا يقتصر الحضور على الكتل النيابية المنتمية إلى محور الممانعة التي ما زالت على موقفها بتأييدها ترشيح فرنجية للرئاسة، وإن كان سيطعّم بمشاركة كتلتي «اللقاء الديمقراطي» و«لبنان المستقل»، وإنما من موقع الاختلاف في مقاربتهما للملف الرئاسي، ولا سيما أنه يعتقد أن دعوته للحوار تبقى حاضرة بامتياز في ضوء تجاوب لودريان مع وجهة نظره.


مقالات ذات صلة

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

المشرق العربي نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي تحذيراً جديداً لإخلاء نحو 25 منطقة في جنوب لبنان وطالب السكان بالتوجه فوراً إلى شمال نهر الأولي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد اللهب وسحب الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة «تشعل» الضاحية الجنوبية لبيروت

شن الطيران الإسرائيلي غارات عنيفة، ليل السبت-الأحد، على الضاحية الجنوببة لبيروت أدت إلى ارتفاع كرات ضخمة من اللهب من المواقع المستهدفة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي تغلق نفقاً وبنية تحتية لـ«حزب الله» في جنوب لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يغلق نفقاً طوله نحو 250 متراً عثر عليه جنوب لبنان

قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه دمر نفقاً طوله نحو 250 متراً في منطقة جنوب لبنان، عثر بداخله على وسائل قتالية وأماكن إعاشة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، الأحد، تحذيراً جديداً لإخلاء نحو 25 منطقة في جنوب لبنان، وطالب السكان بالتوجه فوراً إلى شمال نهر الأولي.

وحذّر أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في منشور على منصة «إكس»، اللبنانيين من التوجه جنوباً «أي تحرك لجهة الجنوب يُعرّض حياتكم إلى الخطر. سوف نخبركم عن الوقت المناسب والآمن للعودة إلى منازلكم»، وفقاً لوكالة «رويترز».

وسبق أن أصدر الجيش الإسرائيلي عدة بيانات يدعو فيها سكان جنوب لبنان لإخلاء منازلهم والتحرك باتجاه شمال نهر الأولي، بالتزامن مع توسيع عملياته في لبنان، فيما أطلق عليه اسم «سهام الشمال».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعد معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله»، وحدثت اشتباكات مباشرة بين عناصر «حزب الله» اللبناني وقوات إسرائيلية حاولت التوغل جنوب لبنان.