لودريان للخروج من ثنائية فرنجية - أزعور إلى مرشح ثالث للرئاسة اللبنانية

يلقى دعماً من الخماسية ويؤيد التلاقي لتفادي «أزمة الثقة» بالحوار

بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
TT

لودريان للخروج من ثنائية فرنجية - أزعور إلى مرشح ثالث للرئاسة اللبنانية

بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)

الجديد في الجولة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان على القيادات السياسية اللبنانية ورؤساء الكتل النيابية والنواب المستقلين لإخراج الاستحقاق الرئاسي من دوامة المراوحة القاتلة، يكمن في أنه أطلق، للمرة الأولى، إشارة نحو البحث عن مرشح ثالث لرئاسة الجمهورية من خارج ثنائية المرشحَيْن؛ رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية، والوزير السابق جهاد أزعور، بذريعة أن أحداً منهما لا يحظى بتأييد الغالبية النيابية للوصول إلى سدّة الرئاسة الأولى.

وبرغم أن لودريان أكد، في لقاءاته المتنقلة التي اختتمها بلقاءٍ ثانٍ جمعه برئيس المجلس النيابي نبيه بري، أنه على تنسيق تام مع الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية التي تضم، إضافة إلى فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، فإن محاولته لإخراج المنافسة الرئاسية من ثنائية فرنجية - أزعور لمصلحة مرشح ثالث يعود للنواب اختياره، قوبلت باعتراض من بري و«محور الممانعة» (حزب الله وحلفائه) كون اقتراحه شكّل مفاجأة لهما، ولم يسبق له أن استمزج رأي رئيس البرلمان به، عندما التقاه في مستهل جولته على الأطراف المعنية بانتخاب الرئيس، في مقابل مبادرة قوى المعارضة، ومعها النواب المنتمون إلى «قوى التغيير» والآخرون من المستقلين الذين هم على مسافة من «محور الممانعة» إلى تأييد اقتراحه بلا أي تحفّظ.

فالموفد الفرنسي، وإن كان لم يتمكن من تسجيل الخرق المطلوب لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم نظراً لمقاومة اقتراحه من قبل «محور الممانعة»، يبقى من السابق لأوانه التعامل مع اقتراحه على أنه سُحب من التداول وكأنه لم يكن، وبالتالي لا بد من التريُّث ريثما يصدر البيان المرتقب لوزراء خارجية الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية الثلاثاء المقبل لتقويم حصيلة اللقاءات التي عقدها لودريان، الذي سيبقى يتابع الملف اللبناني رغم المهمة التي أوكلها إليه الرئيس إيمانويل ماكرون برئاسته وكالة التنمية الفرنسية في مشروع العلا في السعودية.

تريث بري

وكشفت المصادر النيابية أن بري يفضّل التريُّث في حسم موقفه من دعوته للحوار إلى ما بعد صدور البيان عن وزراء خارجية الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية، وقالت إنها لم تُفاجأ برد فعله رفض اقتراح لودريان، وهو لا يزال يتمسك بدعم فرنجية، وهذا ما ينسحب على موقف حليفه «حزب الله» الذي أبلغه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إلى فرنجية عندما التقاه في بنشعي، شمال لبنان.

وأكدت المصادر نفسها أن اقتراح لودريان لم يكن بمبادرة فردية منه، وإنما جاء بالتنسيق مع اللجنة الخماسية التي أجمعت، في ضوء تواصلها معه، على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية من خارج الاصطفافات السياسية، ولا يشكل تحدّياً لأي فريق، ولا يكرّس الانقسام العمودي في البلد، ويكون على مسافة واحدة من الجميع.

ورأت أن اللجنة الخماسية على تناغم في تعاطيها في الملف الرئاسي، على خلاف ما تردّد بأنها على تباين، وهذا ما خلص إليه النائب في «اللقاء الديمقراطي»، وائل أبو فاعور، لدى انتقاله إلى باريس واجتماعه بالمستشار في رئاسة مجلس الوزراء السعودي نزار العلولا، في حضور السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن المملكة العربية السعودية تبدي كل تعاون لمساعدة اللبنانيين لإخراج انتخاب الرئيس من التأزُّم، وإن كانت تنأى بنفسها عن التدخل في مسألة الدعوة للحوار وأسماء المرشحين.

السفير السعودي

أما على صعيد اللقاء الذي استضافه السفير السعودي، البخاري، وجمع فيه نواب السُّنّة على اختلاف انتماءاتهم السياسية مع لودريان في حضور مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان، فأكدت مصادر مقرّبة من المجتمعين لـ«الشرق الأوسط» أن أهمية اللقاء يكمن في أن البخاري أتاح للموفد الفرنسي الاطلاع على موقفهم، لأن السعودية هي الأقدر على جمعهم، كونها تقف على مسافة واحدة من المدعوين.

وقالت المصادر إن البخاري افتتح اللقاء، الذي سبقته خلوة جمعته ولودريان والمفتي دريان، بتأكيده أن السعودية، ومعها الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية، تُجمع على أن للبنان مصلحة في انتخاب الرئيس، لأنه من غير الجائز أن يستمر تدحرجه من سيئ إلى أسوأ، وهناك ضرورة لإعادة انتظام مؤسساته الدستورية كخطوة لا بد منها للتلاقي مع المجتمع الدولي الذي يُبدي كل استعداد لمساعدته، شرط أن يبادر إلى تحقيق ما تعهّد به من إصلاحات.

وكشفت أن البخاري قال للودريان إن النواب يسألون عن مدى صحة ما نُقل على لسانه أن هناك ضرورة للبحث عن خيار ثالث، لأن المرشحَيْن فرنجية وأزعور يواجهان صعوبة في حصولهما على تأييد الأكثرية النيابية المطلوبة لانتخاب أحدهما رئيساً للجمهورية.

ومع أن لودريان أجاب بدبلوماسية على سؤال البخاري بتأكيده أنه لا يتدخل في الأسماء ولا يسمح لنفسه بترجيح كفة مرشح على آخر لأن القرار يعود أولاً وأخيراً إلى النواب الذين من واجبهم إنهاء الشغور الرئاسي، فإنه سرعان ما بادر إلى مصارحتهم بأن جلسة الانتخاب الأخيرة التي عُقدت في 14 يونيو (حزيران) الماضي دلّت على أن هناك صعوبة أمام فرنجية وأزعور في تأمين الأكثرية لانتخاب أحدهما.

السفير السعودي وليد بخاري مستقبلاً النواب السنة والمفتي دريان ولودريان في منزله (الشرق الأوسط)

ونقل النواب عن لودريان قوله إنه ينصح النواب بالتلاقي للانتقال من ثنائية فرنجية - أزعور إلى الخطة «ب» التي تفتح الباب أمام البحث عن خيار ثالث، ويعود للنواب القرار النهائي، وهذا يتطلب منهم التواصل، سواء من خلال عقد جلسات عمل أو نقاشات أو مشاورات، لأن مجرد لفظ كلمة حوار يقابل باستياء من اللبنانيين الذي يسألون؛ ما الجدوى من الحوار طالما أن الحوارات السابقة اتخذت مجموعة من التوصيات والقرارات التي لم تُنفّذ وبقيت حبراً على ورق؟!

وعليه، فإن الموقف من الحوار جدد الانقسام بين النواب المنتمين إلى محور الممانعة كونهم من مؤيديه كشرط لانتخاب الرئيس، وبين معارضيه ممن خبروا عن كثب ما آلت إليه الحوارات السابقة بامتناع «حزب الله» عن الالتزام بما تعهّد به.

نواب المعارضة

وفي هذا السياق، شدد نواب المعارضة على ضرورة انتخاب الرئيس، على خلفية أنه من غير الجائز ربطه بالحوار لئلا يتحول إلى عُرف يستقوي به البعض على الدستور، وقد يطالب هؤلاء لاحقاً بالحوار كشرط لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة أو بتعيين قائد للجيش أو حاكم لمصرف لبنان، ما يشكّل مخالفة للدستور وانقلاباً عليه، فيما ركّز المفتي دريان على احترام الدستور والالتزام باتفاق الطائف وعدم مقاطعة النواب لجلسة انتخاب الرئيس.

لذلك، فإن لودريان، كما يقول النواب، جدد دعوته للبحث في الخيار الثالث لانتخاب الرئيس، وهذا ما دعا إليه في مستهل لقاءاته، إضافة إلى أنه حثّ النواب على التلاقي لمناقشة هذا الخيار ولا مانع لديه من الاستعاضة عنه بلقاءات واجتماعات عمل ونقاشات، لأنه من غير الجائز عدم إيجاد صيغة للتواصل كأساس للبحث في إخراج الرئاسة من ثنائية فرنجية - أزعور، وصولاً للتوافق على اسم الرئيس، و«نحن من جانبنا لن نتدخل في أسماء المرشحين، ونتفهم وجهة نظر المعارضة برفضها الحوار، لأن التجارب السابقة في هذا الخصوص لم تكن مشجعة، وكانت وراء أزمة ثقة تولّدت لدى اللبنانيين من الحوار».


مقالات ذات صلة

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير
المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

فُتِحَت قنوات التواصل بين لبنان والحكومة السورية المؤقتة، ونَقَل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام» إلى لبنان بأنه لا مشكلة مع الدولة اللبنانية

يوسف دياب

إيران «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا

طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)
طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)
TT

إيران «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا

طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)
طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)

أكدت إيران، الاثنين، أنه «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا بعد سقوط حكم الرئيس بشار الأسد الذي كان حليفاً كبيراً لطهران. وأوضح الناطق باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي، اليوم الاثنين: «ليس لدينا اتصال مباشر مع السلطة الحاكمة في سوريا».

وفي سياق متصل، أكدت إيران، اليوم الاثنين، دعمها سيادة سوريا، مشددة على أن هذا البلد يجب ألا يصبح «ملاذاً للإرهاب». وقال بقائي: «موقفنا المبدئي حول سوريا في غاية الوضوح: المحافظة على سيادة سوريا وسلامة أراضيها، على أن يقرر الشعب في سوريا مستقبله من دون تدخل أجنبي مدمر»، مضيفاً أن سوريا يجب ألا تصبح «ملاذاً آمناً للإرهاب».

وكان بقائي قد صرح أول من أمس أن وجود المستشارين الإيرانيين في سوريا، جرى منذ البداية «بهدف تقديم الدعم للجيش السوري في حربه ضد الإرهاب، والحؤول دون توسع نطاق الفلتان الأمني إلى الجوار السوري والمنطقة برمتها»، وأضاف أن «قرار إجلاء القوات الاستشارية أيضاً كان إجراءً مسؤولاً، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الأمنية والعسكرية والسياسية التي تسود هذا البلد والمنطقة».