الدين القومي الأميركي يتجاوز 33 تريليون دولار للمرة الأولى

وسط تعثر الكونغرس في إيجاد مخرج لتمويل الحكومة قبل 30 سبتمبر

تفاقم الجدل حول الديون هذا العام وتخللته مواجهة طويلة في الكونغرس حول رفع سقف الاقتراض (رويترز)
تفاقم الجدل حول الديون هذا العام وتخللته مواجهة طويلة في الكونغرس حول رفع سقف الاقتراض (رويترز)
TT

الدين القومي الأميركي يتجاوز 33 تريليون دولار للمرة الأولى

تفاقم الجدل حول الديون هذا العام وتخللته مواجهة طويلة في الكونغرس حول رفع سقف الاقتراض (رويترز)
تفاقم الجدل حول الديون هذا العام وتخللته مواجهة طويلة في الكونغرس حول رفع سقف الاقتراض (رويترز)

تجاوز إجمالي الدين القومي الأميركي 33 تريليون دولار للمرة الأولى، مما يوفر تذكيراً صارخا بالمسار المالي الهش للبلاد في وقت تواجه واشنطن احتمال إغلاق الحكومة هذا الشهر وسط صراع آخر حول الإنفاق الفيدرالي.

وأشارت وزارة الخزانة إلى هذا الأمر في تقريرها اليومي الذي يوضح بالتفصيل الموازنة العامة. وجاء ذلك في وقت بدا فيه أن الكونغرس يتعثر في جهوده لتمويل الحكومة قبل الثلاثين من سبتمبر (أيلول) وهو الموعد النهائي لإيجاد مخرج للتمويل. وما لم يتمكن الكونغرس من تمرير عشرات مشاريع قوانين الاعتمادات أو الموافقة على تمديد قصير الأجل للتمويل الفيدرالي عند المستويات الحالية، فستواجه الولايات المتحدة أول إغلاق حكومي لها منذ عام 2019.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، نظر الجمهوريون في مجلس النواب في اقتراح قصير الأجل من شأنه خفض الإنفاق لمعظم الوكالات الفيدرالية وإحياء مبادرات حدودية صعبة في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب لتمديد التمويل حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول). لكن الخطة لم يكن لديها أمل كبير في كسر الجمود في الكابيتول هيل (مقر الكونغرس)، حيث لا يزال الجمهوريون منقسمين بشأن مطالبهم ومن غير المرجح أن يدعم الديمقراطيون أي حل وسط يتوصلون إليه فيما بينهم، وفق صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

وازداد الجدل حول الديون هذا العام، وتخللته مواجهة ممتدة حول رفع سقف الاقتراض في البلاد.

وانتهت تلك المعركة باتفاق بين الحزبين لتعليق حد الديون لمدة عامين وخفض الإنفاق الفيدرالي بمقدار 1.5 تريليون دولار على مدى عقد من الزمن عن طريق تجميد بعض التمويل الذي كان من المتوقع أن يزداد العام المقبل، ثم الحد من الإنفاق إلى نمو بنسبة 1 في المائة في عام 2025. لكن الدين في طريقه إلى بلوغ أعلى من 50 تريليون دولار بحلول نهاية العقد، حتى بعد أخذ تخفيضات الإنفاق التي تم تمريرها حديثاً في الاعتبار، مع تزايد الفائدة على الديون وتكلفة برامج شبكة الأمان الاجتماعي في البلاد.

لكن تباطؤ نمو الدين الوطني لا يزال أمراً شاقاً.

ومن المتوقع أن تكون بعض برامج الإنفاق الفيدرالية التي تم تمريرها خلال إدارة الرئيس جو بايدن أكثر تكلفة مما كان متوقعاً في السابق. وكان من المقدر سابقاً أن يكلف قانون خفض التضخم لعام 2022 حوالي 400 مليار دولار على مدى عقد من الزمان، ولكن وفقا لتقديرات نموذج موازنة بن وارتون بجامعة بنسلفانيا، فقد يكلف أكثر من تريليون دولار بفعل الطلب القوي على الإعفاءات الضريبية السخية للطاقة النظيفة في القانون، وفق «نيويورك تايمز».

ولا تزال برامج الإغاثة في عصر الوباء تكلف أموال الحكومة الفيدرالية. وقالت دائرة الإيرادات الداخلية الأسبوع الماضي إن مطالبات الاحتفاظ بالائتمان للموظفين، وهي ميزة ضريبية كان من المتوقع في الأصل أن تكلف حوالي 55 مليار دولار، كلفت الحكومة الفيدرالية حتى الآن 230 مليار دولار.

وفي الوقت نفسه، قوبلت العديد من محاولات بايدن لزيادة الإيرادات من خلال التغييرات الضريبية، بمعارضة كبيرة.

ففي أواخر عام 2022، أرجأت دائرة الإيرادات الداخلية لمدة عام واحد سياسة ضريبية جديدة تتطلب من مستخدمي المحافظ الرقمية ومنصات التجارة الإلكترونية البدء في الإبلاغ عن المعاملات الصغيرة للوكالة. وكان من المتوقع أن تجمع هذه السياسة حوالي 8 مليارات دولار من الإيرادات الضريبية الإضافية على مدى عقد من الزمان.


مقالات ذات صلة

«الشرق رياضة»... منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية

رياضة عالمية «الشرق رياضة» تقدم تقارير مفصلة ومُحدثة بشكل مستمر حول آخر تطورات الأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

«الشرق رياضة»... منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية

أطلقت «الشرق للأخبار» في عام 2022، إحدى أبرز خدماتها المتخصصة في مجال الرياضة تحت اسم «الشرق رياضة»، وهي منصة متكاملة تُقدّم تغطية شاملة للأحداث الرياضية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي متفائل بشأن الاقتصاد الألماني

أعرب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورغه برنده، عن ثقته بالتنمية الاقتصادية في ألمانيا على الرغم من الانكماش الاقتصادي الحالي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يتحدث خلال زيارة لمصنع في تشيستر (رويترز)

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه واثق بجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة إلى بريطانيا في الأسابيع والأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عمال يرصُّون أجولة من السكر لشحنها في ميناء بولاية غوجارات الهندية (رويترز)

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

أظهرت بيانات أن مؤشر أسعار الغذاء العالمية قفز في سبتمبر (أيلول) مسجلاً أكبر زيادة له في 18 شهراً بدعم من ارتفاع أسعار السكر.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد ماسح أحذية يتعامل مع أحد الزبائن أمام محطة طوكيو المركزية بالعاصمة اليابانية (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء الياباني يطلب رسمياً إعداد حزمة تحفيز

أصدر رئيس الوزراء الياباني الجديد تعليمات رسمية لوزرائه يوم الجمعة بإعداد حزمة اقتصادية جديدة لتخفيف الضربة التي تتعرض لها الأسر نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

التضخم يظهر بوضوح على موائد المصريين

امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
امرأة تتسوق في أحد متاجر العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

«مافيش بيض يا ماما على الفطار... أو حتى خضار... جبنة وعيش بس؟».

هكذا أبدى الطفل يوسف اندهاشه من المائدة التي كانت في يوم من الأيام تمتلئ بأنواع كثيرة من الطعام الصحي. لكن الأم ردت بتلقائية: «البيضة مش كل يوم، (البيضة) بقت بـ7 جنيه، والجبنة فيها فيتامينات اللبن».

تستطيع أن تشعر بتضخم الأسعار في مصر بمجرد أن تجلس على مائدة إفطار أو غداء أو عشاء، إذ تقلص عدد الأصناف بدرجة كبيرة. كما انعكس هذا على موائد المطاعم أيضاً، التي بدأت هي الأخرى في تقليل الأصناف والأحجام، لتخفيض الأسعار نسبياً أو ثباتها على الأقل، من خلال «عروض موسمية» لفترة محدودة.

ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى 26.2 في المائة في أغسطس (آب) من 25.7 في المائة في يوليو (تموز). حسبما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.

ويعني ارتفاع معدل التضخم بنسبة 26 في المائة أن الأسعار ترتفع بأكثر من الربع على إجمالي المصروفات سنوياً، وهو ما لم ينعكس على معدلات الأجور في مصر بنفس النسبة.

وهذا ما حاولت الأم إيصاله لابنها البالغ 10 سنوات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتفاع الأسعار قلص عدد أصناف الطعام، وبالتالي الفيتامينات التي يجب أن تقدَّم للطفل في هذه السن... ودائماً ما يشتكون من هذا.. لذلك اضطررت إلى أن ألجأ إلى أصناف (الأكل الكدّابة)! للتغلب على هذه الشكوى... هذا كل ما أستطيع أن أفعله!».

اشتهر في مصر خلال الفترة الحالية بعض الأكلات المسماة «الوجبات الكدّابة»، للتغلب على ارتفاع الأسعار، مثل «البانيه الكدَّاب»، وهو عبارة عن كمية صغيرة من الفراخ البانيه يُزاد حجمها بخلطها بالبطاطس المسلوقة والدقيق، لتعطي مذاقاً مقارباً للفراخ البانيه؛ وباقي الأصناف المرتفعة في الأسعار تقلَّد على نفس المنوال. ولجأت الأمهات إليها مؤخراً للتغلب على ارتفاع الأسعار بعد زيادة «شكوى الأولاد من ساندويتشات زملائهم في المدرسة»، وفقاً لأم الطفل يوسف، الأربعينية، خريجة التجارة.

بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين في إجمالي الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9 في المائة.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع مجموعة الخضراوات بنسبة 14.3 في المائة، ومجموعة خدمات النقل بنسبة 14.9 في المائة، ومجموعة خدمات البريد بنسبة 6 في المائة، ومجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.1 في المائة، ومجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 2.8 في المائة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 1.4 في المائة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 0.9 في المائة، ومجموعة المياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 1.7 في المائة، ومجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.2 في المائة.

وانخفض الجنيه المصري أمام الدولار من 30.91 جنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى نحو 48.5 جنيه، بتراجع نحو 60 في المائة، وهو ما سمح باتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.

ونتيجة لذلك، رفعت الحكومة أسعار عدد كبير من المنتجات المدعومة للسيطرة على عجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

ومع اعتزام الحكومة استمرار رفع الأسعار أو بالأحرى رفع الدعم من السلع المدعومة، حتى نهاية عام 2025، من المتوقع أن يبقى التضخم بعيداً عن نطاق البنك المركزي المصري المستهدَف عند 7 في المائة (+/- 2 في المائة).

ومن المقرر أن يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أرقام التضخم لشهر أغسطس يوم الخميس المقبل.

وتتوقع مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن يظل معدل التضخم السنوي في مصر ثابتاً في النصف الثاني من العام الجاري، بمتوسط 27 في المائة على أساس سنوي، نتيجة الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء والوقود والمنتجات الغذائية. متوقعةً تراجع المعدل السنوي للتضخم إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير (شباط) 2025.

وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها الأخير، الإبقاء على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض دون تغيير عند 27.25 و 28.25 في المائة بالترتيب، وهذا ما يزيد قليلاً على معدل التضخم السنوي المسجل لشهر أغسطس الماضي.

وتنعكس معدلات التضخم ليس على موائد المصريين فقط، بل على أعمالهم أيضاً، فقد أظهر مؤشر «بارومتر الأعمال»، التابع للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنه «لا تزال التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم تتصدر قائمة المعوقات بالنسبة لجميع الشركات خلال الربع الثاني من العام الجاري، يليها في المرتبة الثانية الارتفاع المستمر في تكاليف الطاقة والمياه، والذي يمثل عبئاً إضافياً على الشركات خصوصاً في ظل توجهات الحكومة لرفع دعم الطاقة كلياً».