سر «الأوميغا 3»... هل هناك دهون صحية؟

يعتبر لحم السلمون غنياً بـ«الأوميغا 3» (أرشيفية- رويترز)
يعتبر لحم السلمون غنياً بـ«الأوميغا 3» (أرشيفية- رويترز)
TT

سر «الأوميغا 3»... هل هناك دهون صحية؟

يعتبر لحم السلمون غنياً بـ«الأوميغا 3» (أرشيفية- رويترز)
يعتبر لحم السلمون غنياً بـ«الأوميغا 3» (أرشيفية- رويترز)

تُعد الدهون محل جدل في النقاشات المتعلقة بالنظام الغذائي. ففي الوقت الذي بدأت فيه حركة «التخلص من الدهون» في الثمانينات، فاجأ نظام «الكيتو» كثيرين بأن الأنظمة الغذائية عالية الدهون ليست كارثة.

وعدّ موقع «يو إس توداي» أن الدهون متأصلة في النظام الغذائي الأميركي على وجه التحديد؛ إذ إنها موجود في زيت القلي، والأسماك والخضراوات التي نأكلها (مثل الأفوكادو). كما أنها جزء أساسي من نظام غذائي صحي، وهي ضرورية للطاقة ووظيفة الخلايا وإنتاج الهرمونات وامتصاص العناصر الغذائية.

ويقر اختصاصي التغذية كريس موهر بأن ليس كل الدهون متساوية؛ لكن الدهون بشكل عام ضرورية لنظامنا الغذائي. وفقاً لموهر، فإن الدهون «الأكثر صحة» هي تلك التي نحتاجها ولكننا لا نحصل في كثير من الأحيان على ما يكفي منها (أوميغا 3).

وتعد «الأوميغا 3» دهوناً متعددة غير مشبعة، وهي من العناصر الغذائية الأساسية، ما يعني أن أجسامنا لا تصنعها بمفردها. ولكن وفقاً لدراسة مبنية على المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية، فإن 68 في المائة من البالغين وأكثر من 95 في المائة من الأطفال يستهلكون أقل من الكمية الموصَى بها.

توجد «أوميغا 3» بشكل شائع في الأسماك، على الرغم من أنه يمكنك أيضاً الحصول عليها من الخضراوات الورقية الداكنة وبذور الكتان وبذور القنب والجوز. وتعد «أوميغا 6» -وهي نوع آخر من الدهون المتعددة غير المشبعة- ضرورية أيضاً؛ لكن موهر يقول إنه ليس لدينا مشكلة في إدراجها في نظامنا الغذائي؛ لأنها موجودة في كثير من زيوت الطهي وزبدة الجوز والبيض.

ويضيف الخبير الغذائي أننا نحصل على توازن في مصادر الدهون؛ فوفقاً للمبادئ التوجيهية الغذائية للأميركيين، يجب أن تشكل الدهون ما بين 20 و35 في المائة من السعرات الحرارية اليومية التي نتناولها، وأقل من 10 في المائة منها يأتي من الدهون المشبعة.

تنص الإرشادات أيضاً على تجنب الدهون المتحولة، التي من المعروف أنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني.

يقول موهر: «إن تناول كثير من بعض أنواع الدهون قد لا يكون أفضل بالنسبة لنا، في حين أن البعض الآخر رائع». ويتابع: «هناك بعض الفروق الدقيقة، ليس فقط من حيث الكمية ولكن أيضاً من حيث جودة الدهون التي نتناولها».

هناك 4 أنواع رئيسية من الدهون: الدهون المتحولة، والدهون المشبعة، ونوعان من الدهون غير المشبعة.

الدهون المتحولة: توجد عادة على شكل زيت مهدرج جزئياً، والمعروف أنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني.

الدهون المشبعة: توجد بشكل شائع في الأشكال الصلبة، مثل اللحوم والزبدة وزيت جوز الهند.

الدهون الأحادية غير المشبعة: خيار أكثر صحة للقلب، مقارنة بزيادة مستويات الكولسترول «الجيد».

الدهون المتعددة غير المشبعة: تحتوي على أحماض «أوميغا 3» الدهنية المفيدة وأحماض «أوميغا 6» الدهنية.

ما هي فوائد «الأوميغا 3»؟

تدعم أحماض «أوميغا 3» الدهنية صحة القلب، وقد تساعد أيضاً في تقليل خطر الإصابة بالسرطان والأمراض المعرفية وأمراض العيون. ووفقاً لموهر، فإن نقص «أوميغا 3» يمكن أن يظهر على شكل جفاف الجلد وشعر هش. وأظهرت الدراسات أيضاً وجود علاقة بالمزاج؛ حيث تتمتع «أوميغا 3» بخصائص مضادة للالتهابات قد تخفف من الاكتئاب.

توصي المبادئ التوجيهية الغذائية للأميركيين بتناول ما لا يقل عن 8 أونصات من المأكولات البحرية أسبوعياً، للبالغين الذين يستهلكون نظاماً غذائياً يحتوي على 2000 سعرة حرارية. ويُنصح الحوامل والمرضعات بتناول ما بين 8 و12 أونصة من الأسماك منخفضة الزئبق أسبوعياً، لتحقيق فوائد تنموية للطفل. حصة واحدة نحو 4 أوقيات من السمك.

وتعد الأسماك المصدر الأكثر شيوعاً لـ«الأوميغا 3»، ويعتبر سمك السلمون والتونة من الأطعمة المفضلة المجربة؛ لكن موهر يوصي بتجربة الرنجة والسردين والأنشوجة أيضاً. يمكنك أيضاً الحصول على بعض من الخضراوات الورقية والزيوت النباتية والمكسرات وبذور الكتان وزيت بذور الكتان.

بالنسبة لأولئك الذين لا يستهلكون ما يكفي من الأسماك، يوصي موهر بالبحث في مكملات «أوميغا 3» التي لا تقل عن 500 ملّيغرام. بالنسبة لأولئك الذين لا يتناولون الأسماك، تحقق من مكمل زيت الطحالب؛ حيث تحصل الأسماك أيضاً على محتوى «أوميغا 3».

هل الدهون المشبعة سيئة؟

يعتقد غالبية الناس أن الدهون المشبعة تزيد من نسبة كولسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (الكولسترول السيئ)، واحتمالات الإصابة بأمراض القلب. لكن بعض الدراسات الحديثة تتحدى تلك المبادئ، وتشير إلى أن هناك صلة أقل مما كان يعتقد سابقاً بين الدهون المشبعة وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

ووفقاً لموهر، فإن الدهون المشبعة هي «قطعة واحدة من اللغز» عندما يتعلق الأمر بمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. يقول موهر إنه في كثير من الأحيان عندما يُطلب من الناس تقليل الدهون المشبعة في وجباتهم الغذائية، فإنهم بدلاً من ذلك يزيدون من تناولهم للكربوهيدرات المكررة، مثل السكريات المضافة.

ويقول موهر إن هذا قد يخفض البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، ولكنه سيخفض أيضاً كولسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (الكولسترول الجيد) ويرفع الدهون الثلاثية. قد يكون من الأفضل استخدام الدهون غير المشبعة بدلًا من الدهون المشبعة في النظام الغذائي، بدلاً من التركيز فقط على تقليل الدهون المشبعة.


مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي قد يتنبأ بتفاقم أمراض الرئة قبل أسبوع من ظهور الأعراض

صحتك الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بدقة بحدوث تفاقم في الأعراض قبل ما يصل إلى 7 أيام من بدء ظهورها (رويترز)

الذكاء الاصطناعي قد يتنبأ بتفاقم أمراض الرئة قبل أسبوع من ظهور الأعراض

كشفت دراسة أن تحليل عينات البول باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يتنبأ بتعرض المصابين بالانسداد الرئوي المزمن لتفاقم أعراض مرضهم، قبل أسبوع من ظهور الأعراض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تدخل المغذيات الهوائية إلى أجسامنا عن طريق امتصاصها من خلال شبكات من الأوعية الدموية الدقيقة (أرشيفية - أ.ف.ب)

أجسامنا تمتص الفيتامينات من الهواء... ماذا نعرف عن «المغذيات الجوية»؟

يستنشق الإنسان نحو 9 آلاف لتر من الهواء يومياً و438 مليون لتر في العمر، ومن بينها مغذيات جوية. فماذا نعرف عنها؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك «نوفمبر»... شهر التوعية بسرطان الفم

«نوفمبر»... شهر التوعية بسرطان الفم

الذكاء الاصطناعي لرصد سرطانات الشفاه واللسان والخد.

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)

العوامل المؤثرة على الأعراض الداخلية والخارجية للصدمات النفسية

العوامل المؤثرة على الأعراض الداخلية والخارجية للصدمات النفسية
TT

العوامل المؤثرة على الأعراض الداخلية والخارجية للصدمات النفسية

العوامل المؤثرة على الأعراض الداخلية والخارجية للصدمات النفسية

من المعروف أن الأحداث الحياتية المؤلمة في مرحلة الطفولة تتسبب في مشاكل نفسية معقدة لاحقاً. لكن تأثير هذه الأحداث يختلف باختلاف العوامل المحيطة بها، ولذا تُعد دراسة هذه العوامل وأثرها على نفسية الطفل، سواء توقيت حدوثها أم أعراضها الداخلية والخارجية أم رد فعل الأسرة في التعامل معها، مهمة؛ لأنها توفر نوعاً من العلاج المبكر لهذه الصدمات.

لهذا الهدف، قام الباحثون في مستشفى بوسطن بالولايات المتحدة، في أحدث دراسة طولية لهم نُشرت في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، بمجلة علم نفس التواصل Communications Psychology بإلقاء الضوء على عوامل محددة يمكن أن تؤثر على ظهور مشاكل الصحة النفسية بعد الأحداث الحياتية الصعبة.

أعراض داخلية وخارجية

ركز العلماء على نوعين مختلفين من أعراض التجارب النفسية المَرضية وهما:

الأعراض الداخلية Internalizing symptoms، التي تقوم بتوجيه الضيق والغضب والحزن إلى الداخل، مثل القلق والاكتئاب والانسحاب الاجتماعي والألم النفسي الجسدي.

الأعراض الخارجية externalizing symptoms التي تقوم بتوجيه مشاعر الغضب إلى الخارج في شكل سلوكيات سلبية، مثل العدوان والاندفاع وفرط النشاط ومقاومة السلطة.

قام الباحثون بعمل استبيان لـ456 من الآباء، وطلبوا منهم استكمال الاستبيانات في مراحل زمنية مختلفة، وتحديداً عندما كان أطفالهم في مرحلة الرضاعة، ثم عندما كانوا في عمر 2 و3 و5 و7 سنوات؛ للحصول على معلومات حول الأحداث المأساوية والصدمات النفسية التي مرت بها العائلة أو الأطفال، مثل موت عزيز أو كارثة طبيعية أو فترة مَرضية صعبة، على الطفل أو أحد أفراد العائلة.

وشملت الأسئلة أيضاً طريقة رد فعل الأسرة على هذه الأحداث، ومدى قدرتها على الصمود في وجه الشدائد، وجرى سؤالهم عن طبيعة الأعراض التي كان الأطفال يُظهِرونها.

أحداث الطفولة المؤلمة

*مرحلة الطفولة المبكرة. وجد الباحثون أن الأحداث المؤلمة التي مر بها الأطفال في الطفولة المبكرة (الفترة العمرية من سن 1-2 وحتى 2-3 سنوات) ظهرت بوضوح في شكل أعراض داخلية، مثل الاكتئاب والانسحاب الاجتماعي على الإناث فقط. وفي المقابل لم يُظهِر الأطفال الذكور، الذين شاركوا في الدراسة، أعراضاً داخلية كبيرة بالقدر نفسه، عندما تعرضوا للأحداث نفسها تقريباً في السنوات الأولى من حياتهم.

* مرحلة الطفولة المتوسطة. (من عمر 5 -7 سنوات) لاحظ الباحثون ارتباط كل من الأعراض الداخلية والخارجية بعدد أكبر من الأحداث المؤلمة، عن تلك التي كانت في الطفولة المبكرة في كل مرحلة زمنية، بغض النظر عن الجنس. وكان لتوقيت حدوث هذه الأحداث دور مهم في ظهور الأعراض.

عوامل ظهور الأمراض النفسية

أظهرت نتائج الدراسة وجود ثلاثة عوامل تؤثر بشكل كبير على ظهور الأمراض النفسية في مرحلة الطفولة، بعد الأحداث الحياتية المؤلمة. وتشمل هذه العوامل: توقيت وقوع الأحداث، سواء في الطفولة المبكرة أم المتوسطة، وأيضاً نوعية هذه الأحداث شخصية أم عامة، وأخيراً طريقة تعامل الأسرة مع الحادث المؤلم.

وجد الباحثون أن اختلاف الأعراض، داخلية أم خارجية، كان تبعاً لنوعية الحادث، حيث كان التعرض لصدمة شخصية مرتبطاً بأعراض داخلية أكبر، في حين ارتبط كل من التجارب المؤلمة الشخصية والعامة بأعراض خارجية أكبر.

وبالنسبة لدور العائلة أسهم التماسك الأسري والقدرة على مواجهة الصعوبات الحياتية المختلفة وشعور الطفل بقدرة الأسرة على السيطرة على الأمور، في تقليل خطر ظهور الأعراض الداخلية لشعور الطفل بالأمان النفسي، على الرغم من وجود الصدمات.

في النهاية، قال الباحثون إن الدراية بالعوامل المحيطة بالصدمة النفسية تلعب دوراً مهماً في علاج الأطفال، وأكدوا ضرورة نشر التوعية النفسية، وتوضيح الدور الكبير للأسرة في حماية الطفل من الصدمات النفسية.